الأحد 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

فاريتي ليس الأول ... وفوكس ليس الأخير!

الأحد 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par عبداللطيف مهنا

يرعى الغرب «إسرائيله» منذ أن اختلقها وانشأها في قلب الوطن العربي. العلاقة بينهما عضوية، علاقة القاعدة المتقدمة بالمركز، وهي أصلاً كانت بالنسبة له وتظل دوراً ووظيفة في خدمة مصالحه في المنطقة واستهدافات مشروعه الاستعماري التاريخي المتجدد في بلادنا وجوارها. هذه حقائق غدت من المسلمات التي من الصعب أن يجادل فيها مجادل. والرعاية هذه بات من المعروف أنها المتعددة الأوجه، تبدأ من الرغيف ولا تنتهي بالصاروخ ، مع توفير مظلة الحماية الدائمة لها، وأيضاً المتعددة الأوجه، والتي أيضاً، تبدأ بالالتزام بأمنها، وضمان وجودها المفتعل، وحتى خلع العصمة عليها بجعلها بمنأى عن المسائلة والمحاسبة مهما ارتكبت من جرائم، أو إعفائها من طائلة خرقها لكل ما اصطلحت البشرية على تسمية بالمبادئ والأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، وإبقائها في حل مما توافقت عليه الإنسانية كشرعة كونية تلزمها. هذه كلها أمور باتت الأقرب إلى الثوابت في السياسة الدولية التي يكاد الغرب وحده يديرها في هذه الحقبة غير السوية من تاريخ البشرية. ليس هذا فحسب، فلقد عوّد الغرب نفسه على الغفران لمدللته هذه متوالية إساءاتها العديدة له نفسه. هنا نحن لسنا بصدد الكلام عن ما تعرف بسياسة الكيل بمكيالين، أي إجازته لها، كما جرت عادته، ما لا يجيزه للآخرين اللذين هم غيره وغيرها، ولا عن عدم إخضاعها لمقاييسه الخاصة في علاقاته الدولية الخادمة لمصالحه وحده، كما يفعل عادةً مع سواها، لكنما نعني غفرانه الدائم لإساءاتها الكثر لهذه المصالح، وتجاوزه السهل عن تجاوزاتها لقوانينه التي استنها لنفسه والتي كثيراً ما ترتكبها في عقد داره. وإذ نتحدث عن الغرب، فليس من الضرورة التفاصيل، أو اختصاره في الولايات المتحدة الأميركية، التي قد تختصره بشكل أو بأخر في هذه الحقبة الكونية، وإنما يجوز لنا التعميم لضآلة التفاوت بين هذه التفاصيل.

تتجسس على ربيبها وولي نعمتها فيسامحها ويكاد يتستر على فعلتها ويبررها. الأمثلة هنا عديدة ومعروفة، وتكفينا الإشارة فحسب الى الجاسوس بولارد. تسحق مواطنة أميركية تتضامن مع الفلسطينيين ضد الاحتلال بالجرافة في رفح المحتلة فلا تكتفي واشنطن بالصمت وإنما تتواطأ مع قتلة مواطنتها على لف المسألة وتناسيها. ويمكن هنا، العودة القهقرى حتى حادثة مذبحة السفينة الحربية الأميركية ليبرتي الشهيرة قبل عقود خلت، التي بات من الثابت أنها كانت قد ارتكبتها عامدةً ضد حلفائها القادمين لمساعدتها تجسسياً في عدوانها المعروف على مصر عبد الناصر، ذلك عندما رأت أن في ارتكابها ما يخدم عدوانها وتفاصيل ذلك باتت معروفة. تزوّر جوازات اكثر حلفائها وداً وتعاطفاً مع عدوانيتها وتستخدمها في ارتكاب جرائمها الدولية الطابع ، كحادثة اغتيال القائد الفلسطيني الشهيد المبحوح المعروفة في دبي لتطوى المسألة بهدوء وفي زمن قياسي. يوفر لها غربها آخر ما لديه من أسرار التكنولوجيا وأسلحة الموت، فلا تكتفي بما يوفره لها وتتلصص على ما لا يوفره فتسرقه فيتجاوز عن فعائلها ولا يحاسبها. تسّرب ما يعطيه لها من الأسرار التكنولوجية المحذورة حتى على بعض الأطلسيين لاعدائه، أو منافسيه الدوليين، ابتغاء نسج العلاقات المستقبلية معهم تحسباً للمتغيرات في الموازين الدولية، كما هو الحال فيما كان منها مع الصين والهند، ولا تخشى منه لوماً ... ودائماً اللوبيات الصهيونية جاهزة في كل عواصم الغرب للذود عن «إسرائيلها» وتحويل خطاياها إلى مآثر وجب أن تشكر عليها.

كل هذا أصبح في حكم ما اعتدناه من الغرب حيال «إسرائيله»، وقد نستطرد فنضيف إليه، بأنه اليوم قد بدأ يغير قوانينه حتى لا يضطر لملاحقة مجرمي الحرب «الإسرائيليين» في غدوهم ورواحهم إليه، أو لأن يتحايل لتهريبهم حتى لا تضفر بهم عدالته، بينما يستن كل يوم جديد القوانين أو يلوي أعناقها لتضييق الخناق على مواطنيه من أصل عربي، الذين غدوا اليوم فيه من هم في حكم المشتبه بهم حتى تثبت برائتهم.

آخر ما يمكن التوقف عنده، هو حكاية وزير الحرب البريطاني وليم فوكس وصديقه الشخصي ومستشاره الأمني «الموسادي» آدم فاريتي. ربما ليس من جديد في الحكاية التي كثيراً ما تكررت في الغرب المتصهين، اللهم إلا في كونها واحدة من آخرها. رسمياً، الوزير استقال بسبب من تهمة مالية، وهي اصطحاب مستشاره الأمني معه في إحدى جولاتها على نفقة الدولة. أما المستشار فوفق ما كشفته الفضيحة، فعميل «للموساد» ويتلقى منه راتباً لقاء عملة مستشاراً لصديقه الوزير، والتهمة، كما وصفتها صحيفة «ميل أون صندي» هي «استخدام نفوذه للاطلاع على معلومات سرية حول القوات البريطانية في أفغانستان، وكانت هذه المعلومات لدوافع أمنية وتجارية، ووصلت لجهات بينها الصناعات العسكرية «الإسرائيلية»».

إذن نحن هذه المرة أيضاً أمام ذات الحكاية «الإسرائيلية» مع ذات الغرب الربيب والعراب والضامن، الرجل يتجسس على بلاده لصالح «إسرائيليه»، وليس عليها فحسب، بل وعلى الأطلسي، أو الغرب بأجمعه في ورطته الأفغانية، بالإضافة إلى أنه يتقاضى أموالاً من الولايات المتحدة لتعزيزه نفوذها في داخل حليفها الرئيسي تاريخياً بريطانيا. وربما كتغطية ينشط في جمع المعلومات ضد إيران ليبيع نتيجة نشاطه هذا إلى بلاده خدمةً لصالح «إسرائيل» وليس لها، ذلك عبر تزويد المخابرات البريطانية بمعلومات مما جمعه قيل أن هذه قد وصفتها بالمتأخرة، والتي نعتقد أنها من الممكن أن تكون «إسرائيليه» المصدر ... ويتوسط بين سيرلانكا و«إسرائيل» لعقد صفقات الأسلحة ... والأهم صلته الوثيقة باللوبي الصهيوني البريطاني ، أو «بايكوم» وفق مسماه المحلي.

.. وليم فوكس المستقيل لن يكون الأخير، كما أن آدم فاريتي المتعدد الشمائل ليس الأول في سياق مثل هذه العلاقة العضوية بين الغرب و«إسرائيله» أو ثكنته المتقدمة في بلادنا، وستكون في الأيام القادمة مساحة مسلية لكل من سيتابع ما سوف يبذل هناك لدفن حكايتهما وإيداعها رهن غياهب النسيان مثلما كان حال ما سبقها من حكايات هذا الغرب مع هذه المدللة ... وستظل مشكلتنا هنا كعرب كامنة، ومن أسف، في انتظار الإجابة على سؤال لم تتم الإجابة عليه بعد، وهو : إلى متى سنظل نستمرئ دفن رؤوسنا في التراب حتى لا نرى عدونا الرئيس ونكتفي بالتأشير فحسب على تفصيله «الإسرائيلي»؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 43 / 2165480

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165480 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010