الأحد 30 أيار (مايو) 2010

الشيطان يحاضر في الفضيلة.....؟

الأحد 30 أيار (مايو) 2010 par أيمن اللبدي

الأسطول المتجه اليوم لكسر الحصار عن قطاع غزة وعن القضية الفلسطينية نجح دون شك، ولا يحتاج من هو على متن هذه السفن أن يخطو خارجها خطوة واحدة لكي يحقق نجاحاً، إنها تماماً مثل النجاح الذي حققه أمين عام المقاومة اللبنانية في خطابه الأخير بالذات حول السفن والبحار، فهو لا يحتاج أن يثبت ذلك عملياً حتى ولو بصاروخ واحد من عنده، والسبب في هذين النجاحين ليس فقط قوة التحدي التي فرضت نفسها على العالم أجمع، قبل أن تفرضه على المشروع الصهيوني المترنح هذه الأيام تحت ضغط المقاومة وعنادها، بل السبب الخفي هو كمية الإيمان المشحون بقوة الحق في مواجهة صلف الغرور والتبجح الباقي في هذا المشروع.

أخذ سماحة الأمين العام وقته في ترديد الأسباب الثلاثة التي تعمل ضد المشروع الصهيوني، نقلاً عن سيدة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أمام لوبي الصهيونية في الولايات المتحدة «إيباك »، وهو الكلام نفسه الذي بات يتردد على ألسنة كثير من المفكرين والاستراتيجيين الذين يصفون أنفسهم عادة بمؤيدي «إسرائيل»، والراغبين في إنقاذ الدب المهووس بانفلات عضلاته وانفتالها حتى ساعة متأخرة من مساء أمس، وقبل أن يخوض معركتي 2006 و2008 مسجلاً الفشل الذريع، لكن سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله ترك السبب الرابع لمجريات خطابه مكتفياً بسرده وتاركاً الباب لتتبعه، إنه السبب الذي عدّد في سياقه طرازانات الكيان الورقية من نتينياهو وحتى أشكنازي.

السبب الرابع هو حقيقة تاريخية أيضاً لا يمكن القفز، عنها وخاصة في مصير المشاريع التي تسير عكس عجلة التاريخ، عندما تفقد هذه المشاريع عناصرها البشرية اللامعة وصاحبة الخبرة الطويلة في كيفية قيامها بالاحتيال لتنفيذ لصوصيتها تلك، ففي الكيان الصهيوني ذهب حزب البهلوانية وحلقاته في «المعراخ »، مثلما ذهبت الثعالب الكبيرة من بن غوريون وحتى أشكول وأبا إيبان وحتى رابين الذي اغتالته حالة الصلف نفسها، واليوم على قوى المقاومة – مثلما هي تفعل الآن- أن تضع في حساباتها تلامذة هم ساقطون في كل الدروس وأثبتوا فشلهم عن جدارة بالميدان، ولذا فإن معادلة أساسية في المواجهة أصبحت خارج الحساب اليوم والمعركة تدور مع آلة فقدت حرفية تشغيلها وكسرها أصبح مسألة وقت.

عندما يحاضر القتلة في الفضائل، ويتحدث الشيطان باستخدام قاموس الأخلاق، تصبح المسألة نكتة حقيقية، وعندما يصف أشقياء الكيان الصهيوني وثيقة مؤتمر متابعة معاهدة منع الانتشار النووي مؤخراً، بالنفاق، فهي مسألة تحقق المزيد من عنصر المفارقة، عندما تأتي من كيان مغتصب قائم على أساس «نفاق فعلي» في قرار من دول أعطته حقوق لا يستحق أياً منها، و تقوم بالصمت عن اختراقه وضربه عرض الحائط عشرات القرارات التالية التي تعترض على منسوب النازية والهمجية في أفعاله وإجراءاته اليومية، ضد شعوب المنطقة بأسرها، المعتمدة على سياسات لا تستثني جغرافيا ولا قوانين ولا علاقات ولا شرائع في المكائد والفتن ونصب عدة شغلها الدموية، وبكل أجناس الأفعال المشينة من أول التجسس على دول تعتبرها حليفة كما في أمريكا، إلى تزوير جوازات سفرها، وحتى السمسرة على تقنياتها وبيع أسرار بيوتها!

سواء امتلكت «إسرائيل» قنابل نووية أم لا، وسواء استطاعت حتى الساعة أن تستغل حماية الكثيرين ممن لا تتورع عن توصيفهم بالنفاق أو غيره من أصدقائها، فإن المصير الحقيقي لهذا المشروع المفلس بات يقترب من نهاية كابوسه الثقيل، والبشارة أنه لا يحتاج نووي إيراني ولا باكستاني لكنسه، لأنه بات يأكل نفسه تدريجياً في معادلة «النار» التي ستأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله، فالمشروع الذي قام وتغذى دوماً على العدوان والغطرسة والتنكيل، سيصبح فاقداً لقيمته التي وضعت له ووضعها لنفسه تحت هذا العنوان، عندما لا يستطيع بسبب فخ « العجز» الذي بات يسجله منذ العام 2006 تراكمياً، ولا يضير أن يسمى ذلك باب «ردع العدوان »، لأن هذه التسميات التي تفتح شهية التحليل الاستراتيجي من أول «التوازن » وحتى نهاية « الحصار»، كلها في نهاية الأمر توصيف لحالة حقيقية قائمة باتت تهدد وجود ومستقبل وكيان هذا المشروع الفاشل.

ربما تستطيع دببة «إسرائيل » مواصلة غاراتها على غزة المحاصرة اليوم، على اعتبار أنها أضعف حالات حصارها التي تحاصرها فعلياً، ولكن دببة قطبية من وزن هذا الكيان لا يستطيع أن يبقى حياً فقط بافتراس الفراشات، وأزمة العدو أزمة حقيقية وليست فصلاً في التعمية والخداع هذه المرة، وإذا أراد حلفاء «إسرائيل » إنقاذها من مصيرها المحتوم، فإن أفضل شيء يفعلونه هو التمهيد لسحبها من هذه الخارطة في هذا الإقليم في أسرع وقت ممكن لأنها لم تعد فقط هماً ثقيلاً بالنسبة لهم، بل أصبحت تقترب من تشكيل كارثة حقيقية لهم ولشعوبهم ولمستقبل مصالحهم في هذا العالم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 116 / 2178541

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2178541 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40