الأحد 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

ماذا أخذت «إسرائيل» منا في المقابل؟

الأحد 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par محمد سيف الدولة

نقلت لنا وسائل الإعلام الأسبوع الماضي ثلاثة أنباء سارة تمس مصر :

الأول كان هو نجاح صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل جلعاد شاليط تحت رعاية مصرية كاملة، والثاني هو تقديم «إسرائيل» اعتذار رسمي لمصر عن حادثة قتل الجنود المصريين على الحدود بعد امتناعها عن ذلك لأكثر من شهرين، والثالث هو سماح «إسرائيل» بزيادة قواتنا في سيناء بمقدار كتيبة أي حوالى 1000 جندي إضافي عن تلك الأعداد المسموح لنا بها بموجب معاهدة السلام بهدف إحكام السيطرة الأمنية على سيناء بما سيعود بالفائدة على أمن «إسرائيل».

***

ورغم أن كلها أنباء سارة لما تعكسه من تحسن في دور مصر الإقليمي قياساً على دورها في ظل مبارك، إلا أنها لم ترتق بعد إلى مرتبة الأدوار الإقليمية الكبرى التي تليق بحجم مصر الطبيعي خاصة وان هناك بعض الملاحظات على الأحداث الثلاثة المذكورة :

فعلى الرغم مما ستضفيه صفقة الأسرى من سعادة بالغة على حياة 1000 أسرة فلسطينية، إلا انه لا زال في السجون «الإسرائيلية» 6000 أسير فلسطيني.

كما أن «إسرائيل» قادرة في أي وقت على أسر واعتقال ومطاردة أي عدد تريده من الفلسطينيين.

وللعلم فان في شهر أغسطس الماضي وحده قامت باعتقال 250 فلسطيني.

هذا بالإضافة إلى ما سربته بعض الصحف العبرية برفض القيادة «الإسرائيلية» بالتعهد بعدم التعرض للأسرى المفرج عنهم بالاغتيال والتصفية أو بالاعتقال مرة أخرى.

وللتذكرة فان عدد المواطنين العرب الذين اعتقلتهم «إسرائيل» منذ 1948 حتى الآن بلغ 800 ألف أسير مقابل ما يقرب من 1000 أسير «إسرائيلي» من كافة الأنظمة العربية عن نفس المدة.

وأخيراً علينا أن نتذكر أن كل فلسطين لا تزال أسيرة الاحتلال الصهيوني، وبالتالي علينا ألا نبالغ في الاحتفال، وعلينا بعد أن نفرح قليلاً أن نعود على الفور لمواصلة النضال ضد هذا الكيان اللعين.

***

أما فيما يتعلق بالاعتذار «الإسرائيلي» لمصر عن حادثة الحدود، فهو اعتذار تحيطه الريبة والشك.

فلقد نقلت لنا بعض وسائل الإعلام الغربية والعبرية انه تم تحت الضغط الأمريكي في إطار جهود متعددة وكثيفة أخرى لتحضير الساحة الإقليمية إلى عدوان محتمل على إيران.

وأيضاً قالوا إن الاعتذار جاء لتخفيف حدة الاحتقان الشعبي في مصر ضد «إسرائيل» بعد حادث الحدود لما يمكن أن ينعكس سلبياً على نتائج الانتخابات البرلمانية لغير صالح أمريكا و«إسرائيل» و«كامب ديفيد».

كما أن الاعتذار جاء ليغلق هذا الملف بالضبة والمفتاح، مع وجود ضمانات مصرية بالامتناع عن المطالبة بأي تعويضات أو القيام بأي مطاردات جنائية دولية ضد القادة «الإسرائيليين» على وزن تلك التي اتخذت ضدهم في بريطانيا بعد العدوان على غزة عام 2008.

وذلك على النقيض من السلوك الصهيوني المنهجي بحتمية القصاص والأخذ بالثأر لأي قتيل «إسرائيلي»، وليس أدل على ذلك ما حدث لسليمان خاطر في محبسه.

وأخيراً هو اعتذار قد يقبله الدبلوماسيون أو الحكام، ولكنه على وجه اليقين لن يشفي غليل غالبية المصريين.

***

أما فيما يتعلق بسماح «إسرائيل» بزيادة قواتنا بمقدار 1000 جندي مصري فقط، فهو لم يحل المعضلة الكبرى والرئيسية في المعاهدة وهي تجريد ثلثي سيناء المجاورة لـ «إسرائيل» من القوات بما يجعلها عرضة على الدوام لخطر عدوان صهيوني جديد مماثل لما حدث في عام 1956 و1967.

***

ولكن على كل حال قد تكون رغم كل ذلك مكاسب جيدة على طريقة المثل القائل ان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. نعم قد تكون كذلك بالفعل.

إلا إذا ...

إلا إذا وهذا هو مربط الفرس أن تكون الإدارة المصرية قد قدمت التزامات معينة لـ «إسرائيل» مقابل خدماتها المذكورة، التزامات لا نعلم عنها شيئاً ولم يعلن عنها احد ولم ترد لنا في ثنايا هذه الأخبار السارة المعلنة.

ومصدر هذا القلق هو انه ليس من المنطقي أن تقوم «إسرائيل» التي نعلمها جيداً بتقديم ثلاث تنازلات دفعة واحدة للمجلس العسكري قبل شهرين من الانتخابات البرلمانية التي قد تأتي بما لا تشتهيه «إسرائيل» وأمريكا.

وبقول آخر لماذا تتنازل «إسرائيل» للإدارة المصرية الحالية التي ستنتهي ولايتها جزئياً أو كلياً خلال بضعة شهور؟

ألم يكن من الأحوط أن تنتظر لترى ما ستسفر عنه الانتخابات وإلى من سيؤول حكم مصر قبل أن تقدم ما قدمته؟

وهو ما يطرح سؤالاً مشروعاً ومنطقياً هو ماذا أخذت «إسرائيل» في المقابل؟

هل أخذت وعوداً بسياسات والتزامات استراتيجية طويلة الأمد، بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات؟

وهو ما يعني، إن صدق، أن حكام مصر القادمين والمنتخبين برلمانيا ورئاسياً سيستلمون السلطة منقوصة ومخصوماً منها ملف العلاقات المصرية «الإسرائيلية» وربما ملفات أخرى لا نعلمها، هم يعلمونها.

سنرى ....



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178114

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2178114 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40