الخميس 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

لماذا نترك الأسرى؟

الخميس 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par أمجد عرار

قرار جامعة الدول العربية عقد اجتماع استثنائي لمجلسها على مستوى المندوبين اليوم (الخميس)، لبحث إضراب الأسرى عن الطعام، جاء متأخراً جداً، كما أنه لم يأت بناء على توجّه ذاتي منها، بل بناء على طلب فلسطيني.

لسنا ضد أي نشاط أو تحرّك لخدمة قضية الأسرى العادلة، لكننا لا نعوّل كثيراً على أي قرار يتخذ على سبيل رفع العتب. فبعد أن مضى على الإضراب قرابة أسبوعين، تتحدّث الجامعة عن اجتماع سيناقش ورقة عمل تتضمن خطة تحرك عربية على الساحة الدولية. نحاول بلا جدوى أن نجبر أنفسنا على التعامل بإطلاقية مع المقولة الاستدراكية التي حفظناها غيباً لكثرة تأخّرنا «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»، ذلك أن موضوع الأسرى ليس قارباً يجدّف على بحر سنوات، بل مصير يمشي بين ألغام الدقائق والثواني.

عندما يمر أسبوعان على الأسرى بلا طعام، فإن الخطر على الحياة يطرق أبواب المرضى بينهم، فهل يحتمل الأمر بحثاً لمناقشة خطة عمل، ثم وضع خطة للتحرّك عادة ما تبقى في الأدراج؟ نحن نعلم أن «خطة التحرّك» وفق المعتاد دبلوماسياً، قد تأخذ مزيداً من الأيام وربما الأسابيع، في حين أن كل دقيقة، بل كل ثانية، تمر على الأسير المضرب عن الطعام توازي سنة، وإن كان مريضاً فإنه يدخل مرحلة الخطر، وفي مرحلة متقدّمة قد تحمل أي دقيقة مشروع شهيد.

لا ندري لماذا صمتت الجامعة أسبوعين لتقرر البدء بالتحرك الآن، فالأسرى يكرّرون كل يوم، منذ أكثر من شهر، أنهم على وشك الإعلان عن برنامج خطوات احتجاجية في إطار خطوات نضالية أساسها التصدي لغطرسة الاحتلال الذي لا يكتفي باضطهادهم والسعي إلى تفريغهم من مضمونهم النضالي، واللجوء لأساليب القهر والإذلال. لقد حوّل حياتهم إلى جحيم لأنه يتعامل معهم كمعزولين عن العالم ولا يشعر بهم أحد، وهو يسعى إلى استغلال الدعم المطلق من كل جهات النفاق لإخراج عربتهم عن سكة النضال الوطني.

على العموم ليس هذا الإضراب الأول الذي يخوضه الأسرى للمطالبة بالحد الأدنى لحقهم في الحياة الكريمة، فقد خاضوا قبل هذه الخطوة إضرابات متكررة ولا تكاد تمر بضعة أشهر أو سنة على الأكثر، إلا ويخوضون إضراباً عن الطعام أو أي شكل من أشكال الاحتجاج. لذلك فإن من أهم الموجبات الوطنية والقومية والدينية والإنسانية والأخلاقية ألا يترك الأسرى وحيدين في هذه المعركة مثلما سبق أن تركهم اتفاق أوسلو خلف القضبان.

لم تمر معارك الجوع على العموم بلا ثمن، فقد قضى بعض الأسرى نحبهم خلالها ومنهم من ينتظر، ولم يلتفت إليهم العالم. وإن كانوا حققوا انتصارات وحسّنوا من ظروف اعتقالهم، فذاك لأن إدارات سجون الاحتلال يئست من محاولات كسر الإضرابات، واضطرت إلى التفاوض مع الأسرى وتحقيق مطالبهم أو الجزء الأكبر منها، لكن بعد أن تنهكهم الإضرابات وتنعكس على صحتهم وتترك آثاراً لا تمحى، بل إن بعضهم وافته المنية بعد التحرر، من آثار معاناة الاعتقال.

من المهم أن نبقى نكرر أن قضية الأسرى قضية القضايا، ومساندتهم في إضرابهم عن الطعام لا تحتمل أي تأخير، خاصة إذا ذكّرنا أن استشهاد أسرى من المرضى، بات أمراً يمكن حدوثه في أية لحظة، ولا ينبغي السماح بالوصول إلى مرحلة نقول فيها عندما يستشهد أسرى : لقد «فات الأوان».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2165551

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

35 من الزوار الآن

2165551 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 35


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010