الثلاثاء 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

فلسطين والطريق القصير لبلوغ التحرير!

الثلاثاء 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par د.امديرس القادري

احتاج الشعب الفلسطيني إلى قرابة عقدين من الزمن ليكتشف وعلى أرض الواقع بأنّ المفاوضات، والمراهنة على السلام وما كان يرافقها من جهود سياسية دبلوماسية قد ذهبت أدراج الرياح، فهذا العدو لا يزال يزداد إصراراً ومع إشراقه كل صباح على رفض الاعتراف بحدود الرابع من حزيران 67، ويتبجّح قادته على أنّهم لا يملكون أراض لتقديمها للطرف الفلسطيني، وعليه فالاستيطان سوف يتواصل ولن يتوقف حتى يتم الإجهاز على أوسع مساحات أخرى جديدة عبر الاستيلاء عليها وبالقوة من أصحابها الشرعيين.

الآن يقوم الطرف الفلسطيني المنخرط في هذه العملية السياسية العبثية بترقّب ما سوف تسفر عنه «هجمة» أيلول واستحقاقها، والتي شهدت تتويجها بالخطاب الذي ألقاه رئيس المنظمة والسلطة أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والذي تمحور حول المطالبة بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين، وعلى أمل أن يكون في ذلك ما يكسر الجمود الذي انتهت إليه جهود التفاوض، والتي أعلن هذا الطرف أنّه لا يرفض العودة إليها، وأنّه لا يسعى لرفع «الشرعية» عن الكيان الصهيوني، وإنّما يشترط وقف النشاطات الاستيطانية وتحديد مرجعية دولية ضامنة لمسارها وما يمكن أن يتمخّض عنها من نتائج.

انطلاقاً من معرفتنا بعدونا فنحن أقرب إلى التمسك بالرأي الذي يدلل على أنّ الفشل الذي انتهت إليه كل الجهود التي نبعت من اتفاق أوسلو السيئ، هو أيضاً ما ينتظر أيلول وكل المراهنات التي قامت عليه، فأيلول وكل شهور السنة الباقية مرشّحة للاصطدام بصخرة الفشل التي لا يتردد عدونا الصهيوني على وضعها في بداية كل طريق يمكن أن يؤدي إلى انفراج ولو بسيط، لأنّها ستلحق أذى وضرر بالأهداف الإستراتيجية، وبالمطامع التآمرية القريبة والبعيدة المدى التي يخطط لها ويحلم بها.

وعليه ففلسطين القضية والمأساة التي يرفض العالم الوقوف الصادق والقوي إلى جانب عدالتها، أصبحت وللأسف معلّقة على شمّاعة هذه الجهود السياسية والدبلوماسية والتي غالباً ما يكون عدونا هو الرابح والمستفيد منها، وها هي السنوات تمضي بلا تحرير، وبلا دولة حتى على أقل من ربع مساحتها التاريخية التي تم اغتصابها، فإلى متى سوف يستمر هذا الحال؟ وإلى متى سيبقى شعبنا يدفع ثمن هذا الانحياز الدولي الأعمى الذي يواصل الوقوف مع القاتل المجرم بل ويمدّه بكل الاحتياجات اللازمة للإمعان البشع في ارتكاب كل ما يتناقض وحقوق الإنسان في العيش والحياة؟!.

فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى تعيش واقع الاحتلال، والاحتلال لن ينتهي إلاّ بمشروع تحرير، وهذا التحرير لن يتحقق إلاّ عبر إستراتيجية يخدمها ويقودها نهج تكتيكي صحيح، هذا ما أثبتته كل الشعوب التي قاومت وقاتلت محتلّيها حتى يتم طردهم من أجل الفوز الفعلي بالحرية والاستقلال وحق تقرير المصير.

وعليه وبعد البناء على ما سبق وانطلاقاً من كل التفاصيل الكامنة في الموضوعي والذاتي، اللذان يشكلان الجناحان الضروريان لتحليق كل ثورة نحو أهدافها، فإننا نرى بأنّ بارقة الأمل الفلسطينية معلّقة أولاً وعاشراً في العودة الجادة والصادقة إلى الكفاح المسلح ومن قبل كل الفصائل الوطنية التي لا تزال تعلن عن تمسكها الإستراتيجي بالمقاومة نهجاً وطريقاً يفضي نحو التحرير الفعلي والناجز، وها هي غزة الحرة التي ليست سوى محافظة من محافظات الوطن الفلسطيني يمكن أن تتحول في أية لحظة إلى قاعدة، وإلى عمق جيوعسكري لازم وضروري لهذه العودة.

هذا هو الواجب الفلسطيني الذي يجب النهوض به، وإعادة الاعتبار إليه، وبعد أن تتوفر له كل أشكال الحماية السياسية، والتنظيمية، والميدانية العسكرية التي لا بد أن يكون الشعب والجماهير جاهزين ليكونوا الحاضنة التي ستتولى توفير كل متطلبات الدعم والإسناد والتواصل له، هذه الولادة التي لا بد أن تأتي من رحم المعاناة الفلسطينية من المؤكد أنّها ستلقى كامل الاحتضان العربي والإسلامي خصوصاً ونحن نعيش في هذه المرحلة الانتقالية من أحداث الانتفاضة والغليان الشعبي الذي بات يعرف بالربيع العربي وبكل ما له وما عليه وحتى هذه اللحظة المصيرية التي تمرّ بها الأمة جمعاء.

التاريخ يقول أنّ الأنظمة وجيوشها التي تقاعست وفشلت في إنقاذ فلسطين سنة 48، ودفعت ثمناً باهظاً لنكسة حزيران 67، والتي تحقق لها تحطيم خط بارليف والانتصار الجزئي في حرب رمضان 73، كل ذلك يجعلنا نؤكّد أنّ هذا الزلزال الذي نتج عن الربيع العربي لا بد وأن ينتهي إلى أنظمة جديدة ومتقدمة على كل الأصعدة عن تلك التي سادت في الماضي المندثر، هذه الأنظمة لا يمكن أن نتوقع منها التهاون بواجبها اتجاه مشروع التحرير الوطني الفلسطيني والذي لا بد أن تشكّل أراضي 67 مرحلته الأولى لأنّ في ذلك ما قد يمحو قليلاً من عار الهزائم التي لحقت بها.

هذا هو المحك الذي يجب أن تختبر على صعيده ومن جديد كل البرامج التي تتبناها الفصائل الوطنية الفلسطينية، وهذا وإن حصل فإنّه سيلقى في انتظاره وضعاً عربياً وإسلامياً لم يكن ليخطر على بال أحد، هذا هو الطريق القصير الذي سيجبر العالم على أن يتغير، وهذا هو الطريق القصير الذي سيفرض على المشروع الصهيوني أن يتراجع ويندحر، وكمرحلة أولى على طريق تحريرها وعودتها كاملة من النهر وإلى البحر، وبعكس ذلك فلننتظر عقوداً أخرى من الدبلوماسية العبثية!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2166012

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2166012 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010