الثلاثاء 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

من أجل إرضاء «إسرائيل»

الثلاثاء 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par د. فايز رشيد

معروف عن القضاء البريطاني، نزاهته وعدالته تاريخياً، لكن هذا التراث القضائي العريق قابل للتعديل من أجل عيون قادة «إسرائيل»، فقد صادقت الحكومة البريطانية مؤخراً على تعديل قانون يسمح باعتقال مجرمي حرب في العالم، حتى لو لم يرتكبوا جرائمهم على الأراضي البريطانية. ويهدف التعديل إلى إعفاء مجرمي الحرب «الإسرائيليين» من سياسيين وعسكريين من القبض عليهم في بريطانيا. ويقضي التعديل الجديد للقانون : بأن يتم الاعتقال فقط في حال كان هناك تأكيد تام وغير قابل للشك، بأنه ستقدم ضد المشتكى عليه لائحة اتهام، بمعنى أن الاعتقال لا يكون فورياً بمجرد تقديم دعاوى ووصول الشخص المعني إلى بريطانيا.

باختصار : فإن التعديل يقضي بتقديم الوثائق والأدلة الثبوتية على المشتكى عليه، وبعد ذلك يتم القبض عليه، وهذه مسألة معقدة من الناحية الإجرائية، فمثلاً وجود شخص في منصب وزير الدفاع في «إسرائيل» التي ترتكب قواتها مجازر، كما حدث في قانا وفي العدوان الأخير على قطاع غزة، وكذلك تستعمل أسلحةً محرمة دولياً، ألا تعتبر هذه شواهد قانونية وأدلة على تجريم الشخص/ الأشخاص المسؤولين عن هذه المجازر؟ ثم السؤال الثاني : من أين تستطيع الجهة المدّعية جلب وثائق وأدلة تؤكد أن الشخص المعني هو أحد المسؤولين عن مجزرة معينة، باستثناء الأدلة العامة والشواهد على الفضائيات والتحقيق الميداني على الأرض؟ والسؤال الثالث : لماذا تكتفي محكمة الجرائم الدولية بالشواهد القانونية المشار اليها في تجريم رؤساء وقادة دولة أخرى، وفوراً يتم إصدار مذكرة اعتقال بحقه وحق مسؤولين آخرين في الدولة المعنية كما حدث وعلى سبيل المثال لا الحصر في حالة الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس ليبيا الأسبق معمر القذافي وابنه ومسؤولين آخرين؟ ولماذا الحالة «الإسرائيلية» تختلف عن المثالين الأخيرين؟

لسنا بحاجة إلى ذكاء خارق لمعرفة الدوافع وراء تعديل القانون البريطاني، فقد وعد وزير الخارجية في الحكومة السابقة بتعديل القوانين كي لا يتم اعتقال مسؤولين «إسرائيليين» في بريطانيا. هذا بالطبع إلى جانب تؤاطو الشرطة البريطانية مع المسؤولين «الإسرائيليين»، فمن أجل أن لا يتم اعتقال مسؤول «إسرائيلي»، كانت تجري نصيحته بعدم الخروج من الطائرة التي أقلته إلى لندن في مطار هيثرو، وهذه حوادث سبق وأن جرت في بريطانيا، أو مثلاً كان يجري تنبيه المسؤولين «الإسرائيليين» قبل سفرهم إلى المملكة المتحدة بعدم السفر كما حدث مع وزيرة الخارجية «الإسرائيلية» السابقة تسيبي ليفني، التي اضطرت إلى إلغاء سفرها (بعد تنبيهها) إلى بريطانيا! ومثلاً ومثلاً ... إلى آخر ما في هذا المسلسل من شواهد على التؤاطو البريطاني مع «إسرائيل».

بريطانيا ليست وحدها التي قامت بتعديل قوانينها، فقبل شهر تقريباً وعدت إسبانيا بتعديل قوانينها، أيضاً وعدت بلجيكا وغيرهما من الدول الأوروبية، تماماً مثلما وافقت هذه الدول سابقاً على قانون (غيسو) وبموجبه يتعرض للاعتقال والمحاكمة كل من يشكك من المؤرخين والباحثين والمسؤولين والكتاب وغيرهم (مهما كانت جنسياتهم) في الرواية الصهيو- «إسرائيلية» لما يسمى بـ «الهولوكوست». لقد سبق وأن حورب مؤرخون وكتّاب أوروبيون بسبب تشكيكهم بالأضاليل «الإسرائيلية»، وأوردوا في كتبهم حقائق علمية دامغة عن استحالة التعظيم والتهويل في الرواية «الإسرائيلية» عن «الهولوكوست»، ورغم ذلك اعتقلوا وطردوا من وظائفهم، وصودرت كتبهم ومُنع الناشرون من طباعتها أو إعادة إصدارها وغاب هؤلاء عن الإعلام بعد أن كانوا من نجومه!

التهمة جاهزة تماماً لمن يتجرؤون على انتقاد «إسرائيل» ومواقفها، العداء للسامية، هذه التهمة تبدأ في ترديدها أجهزة إعلامية تابعة لـ «إسرائيل» وللحركة الصهيونية وأخرى غربية مرتبطة بها، وتحركها منظمات غربية هي الأخرى قوية ومسموعة، حتى لا يلبث من قام بانتقاد «إسرائيل» أن يرى نفسه معزولاً وكأنه مجرم ارتكب جرائم كبرى.

آن الآوان لتخليص العالم من التهمة «الإسرائيلية» الجاهزة، ومن الأضاليل والأساطير الصهيونية (كما سمّاها الفليسوف الفرنسي روجيه غارودي). بدلاً من ذلك تلجأ الدول إلى تغيير قوانينها من أجل عيون القادة «الإسرائيليين» رغم ارتكابهم سابقاً وحالياً واستعدادهم مستقبلاً للاستمرار في المزيد من ارتكاب الجرائم في دولة الإرهاب، ضد الآخرين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2165946

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165946 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010