السبت 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

من القرار 194 إلى المقعد!

السبت 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par د.امديرس القادري

المراهنون على المفاوضات، والسلام، والحلول الدبلوماسية من الجانب الفلسطيني رفعوا عالياً الرقم 194 والذي يتوقعون له أن يكون رقماً لدولة فلسطين الموعودة والتي ينتظرون الاعتراف بعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة وذلك على أساس ما سوف تنجلي عنه مناقشات مجلس الأمن التي بدأت في وسط هذا الأسبوع، وعليه فإن هذه الأطراف تعيش حالة من الترقب الشديد بانتظار القرار الذي سوف يصدر لتحقيق الحلم في الحصول على هذا الرقم الذي سيرتبط بمقعد فلسطين الدولة.

شاءت الصدف أن يكون لهذا الرقم جانب آخر من الرمزية والدلالة، فقبل 63 سنة وفي 11 كانون الأول/ ديسمبر من عام 1948 اتخذت الجمعية العمومية للأمم المتحدة القرار رقم 194 والخاص بالصراع العربي الفلسطيني - «الإسرائيلي»، وكان البند 11 هو الأكثر شهرة في ذاك القرار التاريخي لأنه تناول قضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس وقاعدة حق العودة وفي أقرب وقت ممكن، رفضت «إسرائيل» القرار، وفشلت الأمم المتحدة في اتخاذ التدابير اللازمة للتنفيذ، وظل الفلسطيني طوال هذه العقود يعيش الحلم بالعودة.

وهكذا فقد امتدت وطالت الفترة الزمنية بين الرقم «القرار» وبين الرقم «المقعد» الذي تملأ السلطة الوطنية الدنيا ضجيجاً من أجله الآن وعبر أرجائها الأربعة، القرار كان يعطينا حقاً مكتسباً واضحاً لا لبس فيه وبعد أن حاز على تأييد 35 صوتاً، مقابل 15 صوتاً ضد وامتناع ثمانية أصوات، المضحك والمبكي في ذات الوقت أن الدول العربية الأعضاء في الأمم المتحدة آنذاك كانت ضد القرار وهي مصر، العراق، لبنان، السعودية، سوريا، واليمن.

أما اليوم فإن هذه السلطة تتوسل وتستجدي العالم لتفوز «بغنيمة» مقعد لن يكون له في النهاية أي تأثير على قضايا التحرير والعودة، بل لقد أثبتت بعض وجهات النظر القانونية أن هذا المقعد سوف يكون من ورائه خسائر إستراتيجية ضارة بكل عناوين هذا الصراع الرئيسية، وقد يصبح مصيدة سياسية دبلوماسية داخل الأمم المتحدة وجمعيتها العمومية إذا ما تمت الموافقة عليه برقم جديد، لأنه سوف يشطب جميع أرقام القرارات السابقة، والتي سوف تدخل إلى حساب توفير في البنك الدولي للخطابات القديمة أي بمعنى أنها ستكون أرقام ميتة غير مفعلة، وبالتالي فهي ساقطة ولاغية بحكم التقادم الزمني، وهكذا فلن يبقى لنا بناء على ذلك غير المقعد!

فهل لا يزال في العمر بقية لكي يتمكن الرئيس أبو مازن وباقي أعضاء الفريق من الكهول والعجزة من الاستمتاع بالجلوس على المقعد الأزرق؟ الله وحده أعلم لأن ذلك يبقى في علم الغيب، وإن كانت المعطيات المرتبطة بالموقف الأمريكي وسيل التهديدات التي أرسلتها لهذه السلطة تشير إلى العكس، وبالتالي فإن عليهم عدم الذهاب بعيداً في أحلامهم النرجسية بناء على ما يظهر في الأفق والذي يوحي ويشير إلى أنه لا يوجد مقعد أزرق ولا بطيخ أحمر!.

إن متابعة سيل التعليقات التي نشرتها الصحافة «الإسرائيلية» بعد أن انفض السامر في الجمعية العمومية، تقودنا وبلا أدنى شك إلى ضرورة مواصلة التمسك بكل الحقائق التي رضعناها ومنذ نعومة أظافرنا عن هذا الكيان الصهيوني لأنها هي الأصدق، فلن يكون بيننا وبينهم سلام وحلول سياسية وحتى قيام الساعة، إنهم وبعد عقدين من العبث التفاوضي الذي حققوا من ورائه الكثير من الأهداف والإنجازات، يطالبون اليوم بإغلاق بسطة ما يسمى بعملية السلام، ولا يمانعون في أن تبقى الحرب أبدية، فليس عندهم لا دولة ولا مقعد ليعطوه للشعب الفلسطيني، لا شيء عندهم يقدمونه سوى التفاوض الهزلي الأبدي للاستمرار في امتصاص ما تبقى في داخل حبة الليمون الفلسطينية.

وعليه، فالأرض ستبقى محتلة ومغتصبة، وبناء المستعمرات سيستمر، والتهويد لن يتوقف، والقدس ستبقى عاصمة أبدية ولن يتنازلوا عن متر واحد من أراضيها، وحق العودة في نظرهم ليس سوى وهم وخرافة، وهكذا وبعد إمعان النظر في هذه الأوضاع فهل يعتبر الحصول على مقعد في الأمم المتحدة مسألة ذات قيمة ؟!.

كل المحللين المخضرمين في هذا الكيان الفاشي والعنصري أجمعوا وبعد خطابات الجمعية الماضية على أن الرئيس أبو مازن تحدث من المريخ، والمجرم نتنياهو من فينوس، ولن يكون بين الطرفين أو بين من سيأتون من بعدهم سوى الصراع ونزيف الدم الذي لا يمكن أن يتوقف إلا بعد فناء أحد الطرفين، وعليه فإن النشوة التي أصابت كل المتحمسين للمقعد من الطرف الفلسطيني سريعاً سينتهي مفعولها، وسوف ينسى كل الذين رقصوا وصفقوا للخطاب «التاريخي»، ولن يكون بعد فرح الكوميديا سوى العودة إلى مكابدة الألم الذي أدمن عليه شعبنا الصابر والصامد، هذه هي الأوضاع التي نرى أنها ستسود في الزمن القادم بيننا وبين عدونا، حتى ترتفع من جديد راية الثورة والجهاد والمقاومة، على أيدي الرجال الذين لا تعرف قبضاتهم سوى القبض على البنادق والمرابطة على الثغور في الخنادق، ولتبقى المقاعد للنساء القواعد!!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165832

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2165832 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010