السبت 29 أيار (مايو) 2010

حوار ثقافي أبأس من حوار المصالحة السياسي!

السبت 29 أيار (مايو) 2010 par رشاد أبو شاور

التقى في دمشق يوم الإثنين 24 أيّار (مايو) الجاري ثلاثة (اتحادات) كتّاب فلسطينيّة للحوار و..سعيا إلى (توحيد) الاتحاد، أو إيجاد صيغة توحيديّة ..لن تتحقق!

إذا شئنا الدقّة فالمتحاوران اتحادان - كانا اتحادا واحد في سالف الدهر..انشّق لأسباب سياسيّة - ومشروع اتحاد ثالث لا يمكن وصفه بثالثة الأثافي التي يستقرّ عليها دست الحركة الأدبيّة الفلسطينيّة، وهو تجمّع برز قبل بضعة أشهر في قطاع غزّة!
اتحاد الكتّاب الفلسطينيين تأسس في كنف منظمة التحرير الفلسطينيّة إبّان زمن المؤسس الأستاذ أحمد الشقيري، وعقد مؤتمره الأوّل في غزة عام66، بحضور عدد قليل هم ألمع كتّاب وشعراء فلسطين آنذاك، أذكر منهم الشعراء والكتّاب الأساتذة: عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) ، هارون هاشم رشيد، معين بسيسو، القاصة سميرة عزّام، الروائي غسان كنفاني، الروائي جبرا إبراهيم جبرا...

بعد هزيمة حزيران (يونيو) 67، وانطلاقة المقاومة، بدأ الكتّاب الفلسطينيّون يتدفقون للالتحاق بها، والعمل في أجهزة الفصائل الإعلاميّة، وكونهم يلتقون لأوّل مرّة في مكان واحد، العاصمة الأردنيّة عمّان، اقترحوا على أنفسهم أن يتجمعوا في إطار واحد كتّابا وصحافيين، ومن هنا بدأت فكرة تشكيل اتحاد الكتّاب والصحافيين، ليرث اتحاد الكتّاب، انسجاما مع حقبة جديدة فصائليّة، ومنظمة تحرير بهيمنة فتحاويّة، وكان أن عقد الاتحاد مؤتمره الأوّل في بيروت عام 72.

منذ تأسيسه عانى الاتحاد من: الفصائليّة وهيمنتها، وعمليات تزوير العضوية، وتتبيعه سياسيّا للقيادة المتنفذة سياسيا.. وهو ما أدى إلى انشقاقه بعد الخروج من بيروت والاقتتال الفلسطيني عام 1983، ومن ثمّ العودة إلى (الوحدة) في كنف الهيمنة السياسيّة إيّاها.

بعد أوسلو انشقّ الاتحاد، فمن (عادوا) إلى غزة - أريحا.. أولاً، اعتبروا أنهم الاتحاد، وأن ما بعد (أوسلو) وزمن السلطة يفارق ما مضى، فالجماعة باتوا في الوطن، وخلّفوا وراءهم كل فلسطينيي الشتات والمنافي واللجوء كما لو أنهم حُمولة زائدة مُحرجة مُكلفة!

وهكذا صار للفلسطينيين اتحاد في (الداخل) واتحاد في (الخارج) ..مع تجاهل كتّاب فلسطين الـ 48 الذين لا يبعدون مكانيا عن كتّاب اتحاد رام الله سوى دقائق سفرا، ويمكن رؤيتهم أحيانا بالعين المجردّة في قراهم ومدنهم التي تقع على مرمى النظر!
لا أريد أن أذكّر بأن بعضنا، نحن كتّاب الشتات والداخل وداخل الداخل (48)، وأنا في مقدمتهم، عمل على تشكيل تجمّع للكتّاب والأدباء الفلسطينيين (في العالم) - حيث أن الثقافة توحدنا، وإن كانت الحدود تباعد بيننا وتحرمنا من الالتقاء - مع الابتعاد عن الصراع على التنافس على تمثيل اتحاد الكتّاب والصحافيين الفلسطينيين.

إذا كان الفلسطينيون بخاصة، والعرب المتابعون، قد ملّوا حفلات توقيع السلطة وحماس على الاتفاقيات في مكّة، وصنعاء، والقاهرة، و..من بعد إدارة الظهر لكل ما اتفق الجانبان عليه، فإن (حوارات) الاتحادين داخلاً وخارجا مثّلت حالةً باهتة تليق بالسخرية أكثر من السخرية بالحوارات (الأخوية) بين قيادتي السلطة وحماس!

من جديد يعود الكتّاب وأشباههم وظلالهم للحوار، ولكن هذه المرّة بزيادة وفد جديد يمثّل (اتحاد) كتّاب حماس في قطاع غزّة!
في دمشق سينوب اثنان من كتّاب حماس عن (اتحادهم) في غزّة بسبب عدم تمكّن الوفد الموعود من مغادرة القطاع للمشاركة في الحوارات بين الأطراف الثلاثة!

قبل هيمنة حماس على القطاع كان هناك فرع لاتحاد الكتّاب يشكّل امتدادا للاتحاد في رام الله، وكان يضّم عددا من الكتّاب والشعراء اللامعين، ناهيك عن كتّاب يزكيهم انتماؤهم لفتح وغيرها (بالتوافق) لتقاسم الهيئة القيادية التي هي بغالبها لفتح، كما جرت العادة في الاتحادات والمنظمات الشعبيّة!

عندما قرأت أسماء أعضاء اتحاد حماس، عرفت أنهم بأكثريتهم أساتذة جامعيون، يحملون شهادات الدكتوراه في الشريعة وعلوم الدين، كالعادة من جامعة (أم درمان) في السودان، وتبيّن لي أن أبرز شعراء وكتّاب القطاع قد انفضوا عن هذا الاتحاد: الشاعر باسم النبريص، الروائي غريب عسقلاني، الروائي خضر محجز و..غيرهم، وأعتذر للبقية ..فتأملوا!

رغم أن قبضة الفصائل ضعفت، إلاّ أنه يوجد من يستقوي بما تبقى لها من سطوة، ويمشّي أموره مستظلاً بها، ثمّ ها نحن نرى كيف أن فصيلاً يشكّل اتحادا مستغلاً هيمنته على القطاع، ويطالب بالاعتراف به، لتتسع دائرة (الحوار) بين أطراف ستتسع أكثر عندما يطالب آخرون بانضمامهم إلى وفود المتحاورين: اتحاد للجهاد، للشعبيّة، للديمقراطيّة، لحزب الشعب، للفلسطينيّة، للنضال، للصاعقة، للقيادة العامة -أرجو أن لا أكون قد نسيت أي طرف !- و..للمستقلين، ولم لا؟! ناهيك عن فرع الاتحاد بقيادة فتح، والذي لن تقوم له قائمة ما دامت حماس تهيمن على القطاع (ولكن ليس بالتي هي أحسن)! .

المشهد الثقافي الفلسطيني بدلاً من أن يكون رافعة، يأخذ مكانه في ذيل الحالة السياسية، وها نحن نتفرّج عليه بما يثيره من حزن وسخرية، كونه ظلا ً للمشهد السياسي البائس الممزّق لوحدة الشعب، والذي أضعف القضيّة، وغيب الصورة الكفاحية لشعبنا الفلسطيني، ويتسبب بالحيرة والأسف لملايين العرب الذين آمنوا دائما بعروبة فلسطين.

المتحاورون في دمشق لن يصلوا إلى نتيجة، فهم ينطلقون من خلفيات متناقضة، بعيدا عن مهمات الحركة الثقافية ودور المثقف..وهو ما عهدناه في مراحل نضالية زاهية، هي أبعد ما تكون عمّا يهيمن على حياتنا راهنا...

أوّد هنا أن أوضّح بأنني قاطعت هذا (الحوار) الذي لا حوار ثقافياً فيه، وأنني بعثت برسالة أوضح فيها موقفي، وموقف آخرين يشاركونني الرأي، وهؤلاء لهم طريق آخر ينسجم مع مكانتهم، وعلى دور يحرصون عليه.

ملاحظة: لم أذكر أسماء (أعضاء) الوفود (المتحاورة)، ليس تجاهلاً، ولكن حتى لا يبدو أنني أسخر من بعضهم، فبعض من حضروا هم كتّاب لهم حضورهم الأدبي المحترم...



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165247

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165247 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010