الاثنين 26 أيلول (سبتمبر) 2011

الرئيس باراك نتنياهو

الاثنين 26 أيلول (سبتمبر) 2011 par روبرت فيسك

كنت هناك على طريق الآلام أتحدث إلى رجل في منتصف العمر يرتدي تي شيرت أحمر ويضع سجادة الصلاة تحت ذراعه اليسرى. سألته عن رؤيته لخطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما فإذا به يبتسم ابتسامة عريضة كأنه قد فطن إلى ما توقعت أن يرد به، وقال: «ماذا تتوقع؟».. قلت في نفسي تخمين صحيح.

كانت صحيفة «هآرتس» «الإسرائيلية» قد تحدثت هذا الأسبوع عن خطاب «الرئيس باراك نتنياهو» (المدافع عن «إسرائيل» في الجمعية العامة للأمم المتحدة)، حينما قالت إن وزير الخارجية «الإسرائيلي» العنصري ليبرمان قال إنه كان سيوقع على خطاب الرئيس الأمريكي بكلتا يديه. لقد فكرت ملياً في القدس.. فإن أوباما يسعى حقاً للانتخابات، ولكن انتخابات «الكنيست الإسرائيلي».

لكن ما كان يدهشك في شوارع القدس هو الشعور الكئيب بالتسليم. وكانت الصحف «الإسرائيلية» قد حذرت من اندلاع عنف جماعي، لكن الحشود التي ظهرت لأداء صلاة الفجر في المسجد الأقصى وضعت ببساطة سجاجيدها على الطريق السريع المتاخم للبوابة الدمشقية للمسجد.

قد يحركهم استخدام الولايات المتحدة لحق النقض «الفيتو» ولكن أشك. ما شاهدته في القدس كان أشبه بما شاهدته في العراق عقب نشر صور التعذيب في سجن أبوغريب، حيث كان الأمريكيون حريصين على أن تكون عدد الصور المنشورة محدودة؛ خشية رد فعل العراقيين، إلا أنني كنت في بغداد في هذا اليوم ولم يعبر أحد عن أي شكل من أشكال الغضب الاستثنائي. وأدركت على الفور أن العراقيين جميعاً يعرفون سجن أبوغريب جيداً، فهم الذين تعرضوا للتعذيب فيه.

فمن قبل شاهد الفلسطينيون القبول الأمريكي للاحتلال «الإسرائيلي»، أطول احتلال في العالم، بل إنهم يعرفون كل شيء عن عذابات هذا القبول. فالغربيون وحدهم هم الذين يشعرون بالرعب من مشاهد التعذيب والنفاق الأمريكي لـ «إسرائيل».

الفلسطينيون تقبلوا حتى السيادة «الإسرائيلية» على صلاة الفجر، فلا يجوز لأحد أصغر من 50 عاماً أن يصلى داخل ساحات الأقصى، وبالتالي يصلي الكثيرون خارج المسجد. وعلى الحاجز الحديدي، لم يطلب مني الشرطي حتى بطاقتي الصحفية.. فقط انتفض وسحب الحاجز جانباً بينما طواقم القنوات التليفزيونية تصور الجنود «الإسرائيليين» وبنادقهم وهرواتهم وهم غير مبالين تماماً بهذه الكاميرات، وهو أمر يشير بشكل أكبر إلى عدوانيتهم وتعجرفهم إذ إن رجال الشرطة المسلحين عادة ما يرفضون الكاميرات.

كذلك الحال بالنسبة للمستوطنين في الضفة الغربية الذين يخفون وجههم خلف الأوشحة وهم يهاجمون الفلسطينيين ويكتبون على جدران المسجد في القصرة على بعد 30 ميلاً من الضفة الغربية باللغة العبرية «محمد خنزير».

أيضاً الجدار «الإسرائيلي» الهائل والبغيض والذي يشق طريقه بصعوبة بين الأراضي والذي يؤذي أعين كل فلسطيني و«إسرائيلي» يراها. الغريب أننا كغربيين توقفنا عن الحديث عن هذا الأمر والتنديد به.

انتهت بعد ذلك الصلاة في الأقصى، حيث كانت الشرطة مستعدة للعودة وأصحاب المتاجر والأكشاك بدأوا يفتحون متاجرهم. أتت سيدة فلسطينية وبدأت تفترش ملابس أطفال وأحذية بلاستيكية على طاولتها، وحينها أتاها جندي «إسرائيلي» يطالبها بنقل صناديقها ثلاثة أقدام من الشارع.

لم يكن هناك أي سبب يبدو أنه كان متململ المزاج، إلا أن السيدة العجوز بدأت تصرخ بالعربية: «الأمر كله انتهى» وهي تقصد على ما يبدو أن الأمر كله انتهى بالنسبة للفلسطينيين أو ربما «الإسرائيليين»، ثم ضحك الجندي وكرر كلماتها بالعربية : «نعم انتهى كل شيء».

ثم ذهب بعد ذلك ليعنف المرأة ويركل صناديقها بينما كانت هي تصيح أثناء مرور مجموعة من السياح يتابعون جميعهم المشهد، ولكنهم تابعوا السير دون أن يتدخلوا كما لو أن هذا المشهد البائس هو جزء طبيعي من الحياة في القدس.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165532

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165532 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010