الأحد 25 أيلول (سبتمبر) 2011

حركة «فتح» .. هل كانت ثورة أم مؤامرة كبرى؟ (3/5)

الأحد 25 أيلول (سبتمبر) 2011 par حسن خليل

استطاعت حركة «فتح» أن تطلق الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية المسلحة في ليل الفاتح من شهر يناير (كانون الثاني) عام 1965 بعد أن قامت إحدى مجموعاتها المسلحة بتفجير أجزاء من المنشآت التحويلية في نفق عيلبون على نهر الأردن، حيث قامت «إسرائيل» بتحويل مياه النهر إلى الأراضي المحتلة غربي نهر الأردن لصالحها وحدها دون تنسيق مع كل من سوريا والأردن، ما جعل الرئيس المصري جمال عبد الناصر يدعو إلى عقد القمة العربية الأولى في 13/1/1964 في عهد ثورة 23 يوليو المصرية في القاهرة، وفيها تقرر العمل العربي لإفشال المشاريع الصهيونية التي تهدد المصالح العربية، كما تقرر إبراز الكيان الفلسطيني بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني، وذلك بتكليف المناضل الفلسطيني المشهور المحامي أحمد الشقيري بالقيام بتلك المهمة التي أدت إلى تحويل الشعب الفلسطيني المشرد من لاجئين ممزقين إلى كيان سياسي موحد.

وقد أرادت قيادة حركة «فتح» بذلك أن تضع القادة العرب أمام الأمر الواقع وإحراجهم أمام الشعوب العربية وفي مقدمتها شعب فلسطين، وكان ذلك العمل سبباً في حدوث أزمة مع القيادة العربية الموحدة بقيادة الفريق علي علي عامر (لا صلة له بالمشير عبد الحكيم عامر) كما اعتبرها جمال عبد الناصر معادية له، ما جعل حركة القوميين العرب تشن هجوماً شديداً عليها كما أطلقت اتهامات كثيرة ضد حركة «فتح» وانتمائها السياسي وولائها للعربية السعودية واتهمتها بالسير في ركاب الأمريكان.

لكن حركة «فتح» التي انطلقت تحت اسم «العاصفة» عدة شهور تجنباً لتعرضها لمخاطر غير محسوبة، لتفصح عن حقيقتها بعد أن ترسخت أقدامها، بينما تقزمت أمام عملها هذا العديد من المنظمات الصغيرة.

وبعد نكبة حرب الأيام الستة في 5/ 6/ 1967 دفعت بعض الدول العربية إلى إنشاء منظمات تسير في ركابها كالصاعقة التابعة للبعث العراقي، فإذا بالساحة الفلسطينية تشهد ميلاد العديد من المنظمات بعد تشظي الجبهة الشعبية بديلة حركة القوميين العرب، وأهم تلك المنظمات عدا حركة «فتح» : الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية القيادة العامة، الجبهة الديمقراطية، الصاعقة، الجبهة العربية، الحزب الشيوعي، جبهة النضال الشعبي، جبهة تحرير فلسطين ..إلخ؛ ما أدى إلى تمزق الجهد النضالي الفلسطيني وإحداث بلبلة في صفوف الثورة الفلسطينية وحدوث تجاوزات سلبية أساءت إلى سمعة الثورة. ولا شك أن قيادة حركة «فتح» قد ارتكبت خطايا فادحة حين سمحت بقيام تلك المنظمات، وكان يجب كما قال الثائر أمين عام جبهة التحرير الجزائرية فايد أحمد، حين نصح قيادة «فتح» في منزل الأخ المناضل أحمد وافي بعمَّان، أن تمرروا العديد من الرؤوس على مقصلة توحيد الصف، لكن ياسر عرفات كان يتباهى بليونة حركة «فتح» وديمقراطيتها التاريخية رغم أنها قد ألحقت الكثير من الأخطار والمصائب في الثورة الفلسطينية عبر مسيرتها الطويلة.

أما حركة «فتح» فلقد عمدت مسيرتها الشجاعة بمئات الشهداء في معركة الكرامة يوم 21/ 3/ 1968 وانتصارها التاريخي بمشاركة فاعلة من الجيش العربي الأردني بقيادة الفريق مشهور حديثة، ما جعل العاهل الأردني يقول - وهو واقف على دبابة «إسرائيلية» في الساحة الهاشمية فرحاً بذلك النصر الأول على «إسرائيل» - : «كلنا فدائيون». كما حققت «فتح» نصراً جزئياً في معارك غور الصافي جنوب البحر الميت.

لقد كان على رأس قادة «فتح» رجال شجعان مؤمنون بقضيتهم، ربما كانت لهم أخطاء لكنهم قادوا المسيرة دون أن يهابوا الموت، ومن هؤلاء الرجال المهندسون ياسر عرفات وعبد الفتاح حمود وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار وخليل الوزير وصلاح خلف وأبو علي إياد (وليد نمر) وممدوح صيدم ومن ورائهم قيادات شجاعة وقد تساقطوا الواحد تلو الآخر من قبل ومن بعد، وبقي يقود المسيرة قادة أصاب بعضهم الخور والتخاذل بينما ارتعشت سيقان بعض آخر واختاروا طريق التفاوض بإرادة مهزوزة وعزم ضعيف، وتخلوا عن إيمانهم والتفت من حولهم فئة المترفين المتبرجزين، وبينها العديد بل الكثير من المتسلقين. وشيئاً فشيئاً وأمام خصم قوي خبيث راحوا يتنازلون عن الكثير من الأهداف المقدسة بينما الدولارات تنهال عليهم، فضاعت الوحدة الوطنية ومعها أضاعوا القدس والأرض وعودة اللاجئين، ونسوا أن حركة «فتح» إنما قامت بالدرجة الأولى من أجل عودة اللاجئين.

ولا أدري كيف تم إقناع ياسر عرفات بـ «اتفاق أوسلو» الذي لم يذكر شيئاً عن اللاجئين والقدس والمياه والدولة والحدود؟! لمجرد أنه تعرض للضغوط والتهميش بسبب موقفه المؤيد لصدام حسين في احتلال العراق يوم 2/ 8/ 1990 فقد توازنه وجرى للخروج من «بوابة أوسلو» بكل سلبياتها، والمضحك أنه كان يقول لمعارضي أوسلو : إذا كنتم ترفضونها لعدة مآخذ وسلبيات، فأنا آخذ عليها عشرات السلبيات لكن علينا أن نناضل معاً من أجل التخلص من تلك الخطايا والأخطاء.

هذا ما قاله للأخ المهندس صخر (يحيى) حبش رحمه الله، وللأخوة محمد غنيم وعبَّاس زكي واللواء محمد جهاد!! ونسي أنه يتعامل مع بني يهود وهو جالس في حماهم، لكنه مجنون بحب المظاهر حيث صار يستقبله زعماء العالم كرئيس مشهور، وسرعان ما دفع ثمن كل هذه الخدعة الكبرى حياته رحمه الله!!

[**وللحديث بقية ..*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2176597

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2176597 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40