الأحد 25 أيلول (سبتمبر) 2011

القتال بالملح

الأحد 25 أيلول (سبتمبر) 2011 par يوسف أبو لوز

لم يطلب المهاتما غاندي لا دولة ولا استقلالاً من الاستبداد البريطاني الذي كان يربض على صدر الهند في النصف الأول من القرن العشرين، قرن وحيد القرن، أو قرن الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.

كان «الروح العظيمة» يقاوم بالملح والصيام وحتى الصيام عن الكلام، لكن حكايته النضالية ظلت بيضاء مثل لون الملح ولون إزاره الخفيف على بدنه النحيل.

لم يذهب إلى هيئة أمم أو عصبة أمم أو مجلس أمن. ذهب فقط إلى طعامه النباتي ومغزله منتمياً إلى الفقراء والمضطهدين والمظلومين إلى أن جعل التاج البريطاني يتآكل بثقافة المقاومة. الثقافة الأخلاقية أولاً وأخيراً، بل كانت ثقافة غاندي تنهض على عمود فقري فلسفي لو جازت العبارة، وقد تكون ثقافة مستقاة من خلفيته التربوية والعائلية، هو الذي ترك رأس المال يتدحرج من بيت العائلة أو يسقط من صورة العائلة.

لم يضع يده في يد مجرم أو قاتل أو محتل.

كانت الهند تمنعه من ذلك. ضميره وقلبه وأخلاقه كانت رادعاً لأي انكسار أو سقوط قد يفضي به إلى هاوية.

لم يتنازل ولم يتراجع ولم ينم في فندق من خمسة نجوم. نجمته الوحيدة كانت الحرية.

كانت السلطة بالنسبة إليه هي سلطة الثقافة التي يؤمن بها إلى حد الموت، وبالفعل، مات غاندي وهو بطل وأيقونة ورمز.

طريق الحرية التي مشى عليها لم تكن مرصوفة بالأوسمة والسجاد الأحمر. كان يدخل السجن ليخرج منه أكثر صلابة، وأكثر ثقة بقضيته وأشد إيماناً بعدالة ما يفعل.

ذلك هو مربط الفرس كما يقولون، القضية.

كان غاندي يحمل قضية ولم تكن قضيته تحمله.

قضيته لم تجعل منه زعيماً إلا في حدود الإيمان والثقة بما يفعله، هذه الثقة التي اعطاها له الفقراء والمنبوذون والمستعبدون، أولئك الذين قاتل من أجلهم. قاتل بهم وأصر على قتاله «اللاعنفي» إلى أن ذوَّب حديد التاج.

هل يمكن اعتبار المهاتما غاندي أمثولة أو نموذجاً أو خلاصة إيمانية إنسانية حرة يمكن أن يستفيد منها كل من يركض وراء سراب؟

رجال الملح وحدهم يعرفون الجواب.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2179087

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2179087 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40