الخميس 27 أيار (مايو) 2010

عجباً لك أبا مازن!!.

بقلم سماك العبوشي
الخميس 27 أيار (مايو) 2010

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي الرئيس أبا مازن المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد ...

لا تنفك - سيدي الرئيس – بين الحين والآخر من ترديد قناعاتك الشخصية التي تشبثت بها على الملأ وعبر القنوات الفضائية، تلك القناعات التي حفظناها عن ظهر قلب والمتمثلة بخيار التفاوض واعتبارك إياه حلاً أوحداً للقضية الفلسطينية، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، فلقد دأبت في الفترة الأخيرة تجدد رفضك القاطع لخيار طالما لجأت إليه شعوب أرض ابتليت مثلنا باحتلال أراضيها، فيما تجتهد أنت برفضك ذاك الخيار جملة وتفصيلاً وتنكره على أبناء شعبك الجريح، ولعل آخر تأكيداتك وقناعاتك تلك ما كنت قد صرحت بها مؤخراً عبر قناة فرانس 24 منوهاً وبإصرار عن رفضك التام لخيار العمل المسلح ضد “إسرائيل” لتحقيق مكاسب سياسية للفلسطينيين!!.

سيدي الرئيس...

لقد بتنا على دراية تامة من أمر عشقك للسلام من جانب، وكرهك وبغضك للقتال ومقتك لسفك الدماء من جانب آخر، ولا تظنن أننا لا نشاطرك ذاك التوجه والهاجس، فنحن أمة سلام على الدوام – كما تعلم -، وتحيتنا هي السلام، لكننا نرى في عدونا غير ما تراه، فنحن :

أولاً ... لا نطمئن لنوايا عدونا فيما نجلس إليه عرايا وسيوفنا مكسورة وملقاة خلف أظهرنا فيما، هو جالس أمامنا بكامل ثيابه وهندامه العسكري متمنطقاً بسلاحه!!.

ثانياً ... لنا من القرائن والحجج ما جعلنا نرى صواب نهجنا وتخوفنا ذاك، تلك القرائن والأدلة منها ما تلمسناه بأيدينا، ومنها ما ذكره قرآننا المجيد، أما ما تلمسناه وخبرناه على أرض الواقع فيتمثل بنقضهم العهود والمواثيق منذ انطلاق قطار أوسلو حتى يومنا هذا، والنتيجة كما تراها اليوم!!، وأما ما حفظناه من شواهد التاريخ الغابر وما نقلته إلينا آيات الله البينات التي تشير إلى أن يهود قد جبلوا على نقض العهود وفسخ المواثيق، فما حافظوا يوماً على عهد قطعوه على أنفسهم ولا التزموا بميثاق مع أنبياء الله ورسله، ومنهم تحديداً نبينا المصطفى “صلى الله عليه وسلم” كما جاء في محكم آيات الله تعالى : “الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ”، الانفال 56.

سيدي الرئيس الكريم ...

ومن هذه القرائن المذكورة آنفاً، وإزاء إصرارك سيدي على تشبثك “الغريب !!” بخيار سلام ما جلب لنا إلا الخزي والعار والشقاء!!، فإنني لا أجد بدً من أن أتساءل بمرارة كبيرة:

1. متى ستعي حقيقة توجهات قادة “إسرائيل” الرافضة لفكرة السلام معنا!!؟.

2. متى ستدرك تفاهة فكرة إمكانية تخليهم عن أرض يعتبرونها أرض آبائهم وأجدادهم تحت مسمى “يهودا والسامره”!؟.

3. ألا من نهاية منطقية لأحلام السلام تلك التي تتبناها والتي لا طائل منها!؟.

4. أما أدركت بعد كل ما تلمست من عبثهم ومكرهم بأن قادة يهود إنما يراهنون على عامل الزمن في توسيع رقعتهم الجغرافية وتغيير ديمغرافية مدن الضفة الغربية لاسيما منها القدس لتصبح فيما بعد أمراً واقعاً مفروضاً يصعب تجاوزه أو إيجاد حل له!؟.

5. أما مر على مسامعك يوماً فلسفتهم التي يؤمنون بها ويراهنون عليها والتي كان قد رددها بن غوريون من أن “الكبار سيموتون والصغار سينسون”!؟.

6. وإذا كنت قد ابتدأت برحلة مساعي ذاك السلام بشعر أسود فاحم ، فها هو قد شاب شعر رأسك وأنت مازلت لم تغادر المحطة الأولى لقطار سلامك مع العدو بعد!؟.

7. وإذا كنت على استعداد تام لذاك الانتظار طويل الأجل لتحقيق ذاك السلام وإقامة دولة فلسطين الموعودة، فما - والحالة هذه - ذنب أجيال من فلسطين قد طال انتظارهم وإياك في محطة سفرك الأولى نحو تحقيق ذاك الحلم!!، حيث رحل منهم من رحل عن هذه الدنيا بعد أن فـُتّ في عضدهم ذاك الانتظار الممل!!؟.

سيدي الرئيس أبا مازن ...

قد تجيبني بالقول من أنك مضطر للتشبث بخيار السلام مع العدو “لأسباب كثيرة منها عدم توازن القوى بيننا وبينهم !!”، فأجيبك قائلاً، فليكن خيار السلم إذن ما دمت تشبثاً به هكذا، غير أن أن هناك شروطاً لتحقيق السلام مع العدو لابد من توفرها لعل أهمها:

أولاً ... ألا تظهر للعدو بمظهر الضعيف أمامه بما تتمسك به وتردده على الدوام بألا خيار أمامك إلا خيار المفاوضات، وتذكر جيداً بأن ذاك إنما سيزيد من صلف العدو وعناده على فرض ما يراه مناسباً، فالعدو يبني تكتيكات ما يمارسه وفق ما يشم من ريح ضعفك!!.

ثانياً ... أن تتحلى بمقدار من المكر والدهاء السياسي - فالحرب خدعة كما يقول رسولنا الأعظم محمد “صلى الله عليه وسلم” ونحن في حالة حرب -، فتظهر خياراً وتبطن آخر، وخيارك الظاهر معروف للقاصي والداني، أما خيار الباطن فإنه يكمن في إفساح المجال لشباب ورجال يحملون وجهة نظر أخرى بالتعامل وفق ما يرون من أجل إزعاج العدو وإرباكه وتكدير خاطره وإفهامه بأن الأرض تغلي من تحت أقدامهم ، وأن هناك من يتحرق شوقاً للقائهم في مواجهات برغم اختلال توازن القوى، وذاك مصداق لما جاء في محكم آيات الله البينات ... بسم الله الرحمن الرحيم ... “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ” ... سورة الأنفال الآية 60.

ثالثاً ... أيعقل أن تجنح للسَلـْم تماماً فيما عدوك مازال بكامل استعداده العسكري ودهائه ومراوغته، فجنحك للسلام ذاك في ظل مكابرة العدو تلك وغطرسته وتدليسه وعبثه إنما يعد منك انتحاراً سياسياً، ومضيعة للجهد والوقت الوطني، وتلاعباً في مصير أجيال أبناء شعب فلسطين!!، ... كما جاء في محكم آيات الله البينات ... بسم الله الرحمن الرحيم: “وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.”. سورة الأنفال الآية 61!!.

ختاماً سيدي الرئيس ...

تذكر ما يقوله المثل الألماني الشهير : إذا أردت سلاماً طويلاً فهيئ مدافعك أولاً، وهذا لعمري يتوافق والآية الكريمة “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ” ... سورة الأنفال الآية 60، وهذا والله يتناقض وما تؤمن وتتمسك به!!.

والله من وراء القصد فيما أكتب فيه.

والسلام عليكم سيدي الرئيس أبا مازن.
سماك العبوشي

simakali@yahoo.com

26 أيار 2010



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2178417

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178417 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40