الجمعة 16 أيلول (سبتمبر) 2011

الثورة المصرية تنزع «قداسة» كامب ديفيد

الجمعة 16 أيلول (سبتمبر) 2011

فاجأنا السيد عصام شرف رئيس الوزراء المصري بتصريحاته التي ادلى بها يوم امس ووصف فيها «معاهدة السلام» بين مصر و«إسرائيل» (كامب ديفيد) بأنها ليست مقدسة، وأنها قابلة للتعديل، ولكنه لم يضف كلمة «الإلغاء».

السيد شرف يحاول، وهو الذي اختارته ثورة ميدان التحرير وشبابها لتولي منصبه هذا، التماهي مع مشاعر الشعب المصري المتأججة ضد «إسرائيل» بعد استشهاد خمسة جنود مصريين اغتالتهم القوات «الإسرائيلية» على ارض سيناء قرب الحدود المصرية مع قطاع غزة، أثناء مطاردتها لمجموعة اتهمتها بالوقوف خلف عملية الهجوم على «إسرائيليين» قرب ميناء «ايلات».

نعم «اتفاقيات كامب ديفيد» ليست مقدسة، مثلها مثل كل المعاهدات الدولية المماثلة، وقابلة ليس فقط للتعديل وإنما الإلغاء، فالأمر يتعلق بمدى قوة أو ضعف الأطراف الموقعة عليها، ونحن نتحدث هنا عن الطرفين المصري و«الإسرائيلي» الموقعين على المعاهدة قبل ثلاثين عاماً على الأقل.

عندما جرى فرض هذه الاتفاقية على مصر في عهد السادات عام 1979، كانت في موقف الأضعف، فقد كانت خارجة لتوها من حرب، والرئيس السادات أراد ان ينقل البندقية من كتف الاتحاد السوفييتي الى الكتف الأمريكي، آملاً في مساعدات أمريكية ضخمة، ورخاء اقتصادي بالتالي، وفعلاً حصل على مساعدة أمريكية عسكرية واقتصادية في حدود ملياري دولار سنوياً.

«إسرائيل» لم تلتزم ببنود الاتفاقية جميعاً، وعملت على انتهاكها اكثر من مرة، وبطرق مذلة، ليس بقتل جنود مصريين وانتهاك السيادة المصرية في سيناء فقط، وإنما أيضاً بشن حروب على الدول العربية، خاصة لبنان وقطاع غزة لإحراج القيادة والشعب المصري معاً واستفزاز مشاعرهما الإسلامية والعربية.

الآن تغيرت الصورة، وبدأت الموازين تتغير، ليس داخل مصر فقط، وإنما في منطقة «الشرق الأوسط» برمتها، بفضل الثورات الشعبية التي أطاحت، وفي طريقها أن تطيح، بأنظمة ديكتاتورية قمعية فاسدة، ابتداء من تونس ومصر ومروراً باليمن وانتهاء بسورية.

الشعب المصري استعاد زمام المبادرة، واستطاع ان يتخلص من نظامه الديكتاتوري، الذي رضخ للابتزازات والانتهاكات «الإسرائيلية» لسيادته وكرامته الوطنيتين طوال الأربعين عاماً الماضية، وباع الغاز والنفط «للإسرائيليين» بأسعار مخجلة في تدنيها بالمقارنة مع الأسعار العالمية، وأصبح من حقه ان يضغط من اجل تعديل «اتفاقات كامب ديفيد»، بل وحتى إلغائها في حال استمرت «إسرائيل» بعدم الالتزام بها، ومواصلة انتهاكها.

اقتحام الآلاف من الثوار المصريين للسفارة «الإسرائيلية» في القاهرة وبعثرة محتوياتها، وإنزال العلم وحرقه، ورفع العلم المصري مكانه، تلخص حقيقة مشاعر الشعب المصري تجاه هذه المعاهدة التي كان التطبيع والتبادل الدبلوماسي احد ابرز املاءاتها.

حكومة السيد عصام شرف التي لم تصر على الاعتذار «الإسرائيلي» الصريح والواضح عن قتل الجنود المصريين بدم بارد، واكتفت بقبول الأسف، والمشاركة الشكلية في لجنة تحقيق لم تحقق حتى الآن في الجريمة، هذه الحكومة مطالبة بقرن الأقوال حول تعديل «معاهدة كامب ديفيد» بالأفعال، وبما يؤدي الى عودة السيادة والقوات المصرية الى ارض سيناء بشكل طبيعي مثل أي أراض مصرية أخرى، احتراماً للشعب المصري ومشاعره الوطنية الصادقة، وتجسيداً للتغيير الديمقراطي المشرف الذي فرضته دماء شهداء ثورة المصريين.

- [**رأي صحيفة «القدس العربي» اللندنية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2178220

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2178220 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40