الخميس 8 أيلول (سبتمبر) 2011

ليبيا ليست معياراً

الخميس 8 أيلول (سبتمبر) 2011 par حسام كنفاني

بعد انتصار الثورة في ليبيا، نسبياً، بفعل التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي، وبدعم من أغلبية الدول العربية، بدأ الحديث واسعاً عن عمليات تسليح الانتفاضات التي تشهدها بعض الدول العربية، خصوصاً في سوريا واليمن، آخذة في الاعتبار تجربة المجلس الانتقالي الليبي، قائد الثورة المسلحة ضد نظام العقيد الفار معمر القذافي، الذي دفع معارضيه إلى السلاح بعدما أمعن في استخدام أنواع العنف كافة.

غير أن ليبيا لا يمكن ان تكون معياراً لحركة الشعب العربي، الذي استطاع في تونس ومصر خصوصاً أن يثبت أن حركته السلمية قادرة على صنع المعجزات، التي تمثّلت بإزاحة زين العابدين بن علي وحسني مبارك عن حكمهما الذي استمر أكثر من 25 عاماً. كما أن اليمنيين قدموا أنموذجاً صادماً لكل من يعرف التركيبة في البلاد وطبيعة حمل السلاح هناك. فالثوار اليمنيون بقوا على تمسكهم بسلمية حركتهم، ولا يزالون حتى اللحظة، رغم محاولات البعض، من داخل الثورة وخارجها، إقحام السلاح كعنصر في معارضة الرئيس علي عبد الله صالح، على غرار تشكيل لجان حماية الثوار في تعز، والتي لاقت اعتراضاً واسعاً من الثوار أنفسهم.

الثوار اليمنيون يدركون أن أي محاولة لجرّهم إلى حمل السلاح، المتوفر بكثرة، هي خسارة لهم قبل أي طرف آخر. وهو أساساً ما يريده نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وسعى إليه في أكثر من مناسبة. غير أنه لا يزال إلى الآن عاجزاً عن تحقيق مآربه، وبالتالي فإن ثوار اليمن يسيرون على الدرب الصحيح، حتى وإن طال الطريق لتحقيقها.

في سوريا أيضاً الوضع نفسه، فالنظام من اليوم الأول عمد إلى إضفاء صفة مسلحة على الانتفاضة الشعبية، ليقول إن استخدام السلاح جاء ردة فعل وليس النظام هو البادئ بالفعل.

وعلى غرار المشهد اليمني، بدأت تخرج أصوات من داخل المنتفضين السوريين تدعو إلى استخدام السلاح. ولا يفشي المرء سراً حين يؤكد أن هناك عمليات تسلّح فعلاً بدأت بين أفراد الشعب، وأن هناك محاولات لشراء بعض الأسلحة. ورغم أن التسلّح المقصود هو أسلحة فردية وبنادق صيد في الغالب تهدف إلى الدفاع عن النفس، إلا أن مثل هذا الأمر يقوي حجة النظام وروايته، ويدفعه إلى الإمعان في استخدام القوة.

بين سوريا واليمن من جهة وليبيا من جهة أخرى فوارق كبيرة، لعل أبرزها الموقع والدور والموارد، وبالتالي فإن الدعوات التي تطلب التدخّل الدولي لن تلقى الصدى نفسه، إضافة إلى أن النموذج الليبي لا يمكن أن يُتخذ مثالاً يحتذى، لا سيما أن أي شبهات خارجية قد تنسف الثورة وأهدافها من أساسها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2178822

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2178822 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40