الثلاثاء 30 آب (أغسطس) 2011

«إسرائيل» وسرقة الأرض

الثلاثاء 30 آب (أغسطس) 2011 par أمجد عرار

آخر صرعات «إسرائيل» في السيطرة على أراضي الفلسطينيين تأجير خمسين دونماً من الأرض في شمال الضفة الغربية، مقابل «شيكل» واحد، أي أقل من ربع دولار. المستأجر ضابط «إسرائيلي» لم تفسّر المصادر «الإسرائيلية» سر اختياره بالذات لهذه «المكرمة» من الأرض الفلسطينية، ربما تكون مكافأة له على ما فعله بالفلسطينيين من قتل وتنكيل واعتقال. والمؤجّر «حارس أملاك الغائبين»، وهي مؤسسة تشبه الوكالة اليهودية، وظيفتها وضع اليد على أملاك الفلسطينيين الذين هجّروا منها أو هجروها قسراً ووجدوا أنفسهم خارج وطنهم لاجئين ونازحين ومهجّرين.

منذ إقامتها قبل ما يزيد على ستة عقود، لم تترك «إسرائيل» طريقة إلا واستخدمتها لنهب الأرض الفلسطينية، فإذا كان الاحتلال هو الاستيلاء المباشر على فلسطين الوطن، فإن هذا الاحتلال أنشأ العديد من الأدوات التي تعطي نهب الأرض أشكالاً من التغطية على عملية لا وصف لها سوى اللصوصية والاغتصاب الذي لا شرعية له في الأرض ولا في السماء.

الوكالة اليهودية من أقدم المؤسسات التي أنشأتها الحركة الصهيونية في سياق اللبنات الأولى لمشروع اغتصاب فلسطين تمهيداً لإقامة دولة المشروع الاستراتيجي «من الفرات إلى النيل». هذه الوكالة، باعتبارها من الأدوات الأولى للمشروع الصهيوني، تعمل على نحو خادع يوحي للعالم، وربما تحضيراً لظروف معيّنة، بأنها تشتري الأراضي من الفلسطينيين بصورة «قانونية». صحيح إنه في بعض الأحيان تجد بعض ضعاف النفوس وعديمي الانتماء الذين يبيعون لها أرضاً أو منازل، لكن هؤلاء قلّة قليلة وما تستولي عليه الوكالة بهذه الطريقة، قطرة من بحر النهب اللصوصي الذي تقوم به.

لقد تبين في كثير من الحالات، وهذا هو «الشائع»، أن الوكالة اليهودية يكفيها أن يبيع لها أحد ضعاف النفوس قطعة صغيرة، لكي تزوّر في المساحات والأبعاد وتستولي على جبل كامل. وفي بعض الحالات قتل فلسطينيون ممن رفضوا بيع أرضهم، وتم تبصيم أصابعهم على «عقود البيع»، وهم أموات.

القدس وحدها قضية شاهدة على أكبر عملية تزوير تاريخي تتولاها العديد من المؤسسات الاستيطانية التهويدية ذات الامتدادات الداخلية والخارجية. ويكفي الاطلاع على غيض من فيض مما في جعبة بعض المحامين الموكّلين بقضايا نهب المنازل والأملاك المقدسية، للوقوف على بعض من المدى الذي وصلت إليه عملية تهويد المدينة التي لن تمر فترة طويلة قبل أن يقضي الاحتلال على آخر معالمها الوطنية والتاريخية والدينية.

في كل الأحوال والحالات، فإن فلسطين ليست صفقة عقارية، بل هي قضية وطن وشعب وهوية، قضية قومية وأممية وإنسانية، قضية مبدئية وأخلاقية، فردية وجماعية، ماديّة وروحية. ستبقى رهن مسار صراعي محكوم بموازين القوى.

وإذا بقي هذا الجرح مفتوحاً، فلا ضمانة لبقاء الأمة العربية ذاتها، وإذا وجدنا انفسنا منتشين ب «الربيع العربي»، فإن علينا أن لا ننسى أن أوراق الشجر تتساقط في الخريف.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2165448

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165448 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010