الاثنين 29 آب (أغسطس) 2011

حذار من مصائد «الناتو» و«الموساد»!

الاثنين 29 آب (أغسطس) 2011 par د. محمد صادق الحسيني

رحم الله رئيس علماء المسلمين في الجزائر والقائد الجهادي الكبير في ثورة المليون شهيد عبد الحميد بن باديس والذي ينقل عنه انه قال: «والله لو طلبت مني فرنسا ان اقول لا اله إلا الله لرفضت ...»!

استحضر هذا الكلام اليوم وامامي في لوحة اخبار الانترنيت «الشيطانية» عناوين من صحيفة «القدس العربي» تقلق الكثيرين ممن قلبهم على ابناء الصحوة الاسلامية الممتدة من ضفاف المحيط الأطلسي الى سواحل المحيط الهندي منها على سبيل المثال لا الحصر :

ـ مراسل «يديعوت احرونوت» العبرية تسور شيزاف من طرابلس الغرب : الثوار استقبلوني بحرارة ...

ـ وتحته عنوان فرعي اخطر : معارض ليبي لصحيفة «هآرتس» : سنعمل على وضع حد لتهريب الاسلحة الى قطاع غز ....

ـ وتحته عنوان فرعي ثالث : شركات سياحية «إسرائيلية» بدأت بالتحضيرات لتنظيم زيارات الى الجماهيرية ....

اكتب لكم هذا وقلبي من جهة يكاد يتفطر ألماً من اخبار اخطر تصلنا عما يعد لهذه الأمة من مخططات جهنمية، ولكن من جهة اخرى يكاد يطير فرحاً من اخبار مشرقة تحدثنا عن غد واعد ينتظر هذه الأمة العظيمة.

لم ارد من خلال نقل العناوين المذكورة اعلاها ان احمل اخوتي الليبيين من الثوار الشرفاء من رجالات القائد الثائر عمر المختار، ما يجري على ارضهم من حروب مخابراتية واستنزافية لمواردهم سيكشف الزمن ما هو اخطر مما نسمعه او نقرأه الآن، كما اعرف بالمقابل بان اعداد حفظة القرآن في ليبيا والقابضين على دينهم وقيمهم كالجمر... ربما هم الاكثر من سائر اقطار الوطن العربي والاسلامي بالمقارنة مع عدد السكان وان ازاحة حكم الطاغية عن صدورهم ليس بالامر البسيط او اليسير، وانه هو من فتح أصلاً الباب على مصراعيه للتدخلات الأجنبية الى الساحة الليبية الشريفة و...لكن بالمقابل فان الحديث الشريف يقول «المؤمن كيس فطن» وحديث آخر يقول : «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»! اذ يكفي ان تتذكروا عراق الأمس القريب وراهنه العجيب!

ثم تعالوا سوية لنقرأ ماذا يقول عوديد عيران رئيس ابحاث الأمن القومي «الإسرائيلي» في بحثه ذي العنوان الاستشراقي المشبوه أصلاً : «الغرب والربيع العربي» : «لا بد للغرب ومن اجل امتصاص نسغ الثورة واحتوائها من توفير رافعة اقتصادية على غرار ما جرى في دول شرق أوروبا وبالتالي اصطياد هذه الثورات حتى يتحقق نموذج التغيير كما حصل في تلك البلاد بما يطمئننا وحتى لا تأخذ اليقظة العربية مداها وبذلك نحول العرب الى عربة في قطار الغرب من الناحية القيمية والسياسية».

نعم لا شك لدي ولأمثالي من الحريصين على عدم جرح مشاعر الثوار الحقيقيين بأن ما يجري في الوطن العربي الإسلامي الكبير من أقصاه الى أقصاه إنما هو صحوة ضمير ووجدان ووعي وذاكرة يحاول الشعب العربي ان يتشبث من خلالها بكل ما أوتي من قوة بتلابيب حراكه من اجل انجاز مهمة القيام على الطغيان والفساد والاستبداد بنجاح وباستقلالية قرار والعين مصوبة على فلسطين!

ولهذا السبب بالذات ثمة ثورة رجعية مضادة وقراصنة متعددو الأسماء والأشكال والعناوين بعضهم قادم من وراء البحار البعيدة وبعضهم من أبناء جلدتنا للأسف الشديد يقودهم ناظم واحد هو الحكومة العالمية الخفية للمال ولرجال الأعمال من سراق الهيكل وناهبي ثروات الشعوب والأمم قد يبدأون من مجموعات «بيلدين بيرغ» الصهيونية العالمية ولا ينتهون عند اعتاب قصور وكلاء البترودولار «العربي» و«المسلم» المتحركة ميولهم واتجاهاتهم حسب بندول البورصات العالمية التي تؤمن مصالح ومنافع تيجانهم وعروشهم او احلام بعضهم الإمبراطورية التي باتت متناغمة مع عملية قرصنة العصر الكبرى الآنفة الذكر!

أقول هذا وأنبه له واحذر منه إخواني وأخواتي ممن يمسكون بالقلم اليوم ويهيمون في الدفاع عن «ضرورات» الاستعانة بالأطلسي وغير الأطلسي بحجة أن الحاكم الطاغية لم يترك لنا مجالاً للدفاع عن أنفسنا سلمياً، أو بذريعة أن الحاكم قد أصبح هو المشكلة وليس جزءاً من الحل عندما يتباطأ بالإصلاح أو يخادع به من اجل كسب الوقت، لأسألكم بالله عليكم ما الفرق بين هذه الاستعانة واستعانة «العراقيين» بالغزو المتعدد الجنسيات لبلادهم؟!

ألا نسمع اليوم صرخات حكام متورطين في بيع العراق وكتاب روجوا لصوابية غزوه وزعماء عراقيين ركبوا دباباته واعطوا إحداثيات قصف منشآت بلادهم وهم اليوم يترحمون على أيام ما قبل الغزو؟!

أما أنا فلا أترحم البتة لا على طاغية سابق ولا على طاغية يرحل الآن، لكنني أدين وأشفق على بطانة احتلال أولى وبطانة احتلال جديدة كلاهما من دعاة ومروجي الاستقواء بالخارج أو «الانتداب الديمقراطي» الذي استصرخه الزعيم وليد جنبلاط يوماً بسبب «التخلي» والتيه الذي يبدو انه لا يزال يواكبه كظله يدفعه مع كل يوم جديد الى عملية «تخل» جديدة بسبب عدم شفائه من المرض الأصلي والأساس ألا وهو الرهان على غير هوية أهله الموحدين والنظر الدائم الى ما وراء البحار وانتظار حبال النجاة التي يرميها إليه والى غيره مرة جيفري فيلتمان ومرة إحدى «السينات» العربية وأخرى «تاء» الأطلسي التائهة في رمال الصحوة العربية والإسلامية الكبرى!

ثمة من يريد أن يضع نداء العدالة والحريات بوجه بوصلة الدفاع عن فلسطين وصيانة المقاومة والمقاومين، وثمة من سولت له نفسه أن ماله وإمبراطوريته الإعلامية والدعائية يمكن ان يستخدمها للإيقاع بين المهمتين منخرطاً في حروب الفتن المذهبية والطائفية المتنقلة، لأولئك وهؤلاء نقول أن صوت الحرية والعدالة لا يمكن أن يخرج من فوهات بنادق الناتو، وتبقى فلسطين هي القبلة السياسية دوروا معها حيث دارت وما النجاة إلا بها وإلا فان عار التاريخ سيظل يلاحقكم مهما صرفتم من أموال باسم الدفاع عن الحريات الزائفة، ذلك أن من يتآمر أو يتغافل عن أسر فلسطين فانه هو من يتآمر على الحريات والعدالة مهما رفع من شعارات خادعة وجذابة!!

فحذار حذار يا عرب ويا مسلمون مما ينتظرنا من امتحان واختبار قاس يختلط فيه الحق بالباطل وهو من سمات عصر الفتن الكبرى وتذكروا المجاهدين الأوائل ومنهم عبد الحميد بن باديس وارفضوا أي طلب يقدم إليكم منهم أياً كانت «صوابيته الظاهرة» لأنه غالباً ما يكون كلام حق يراد به باطل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165569

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

34 من الزوار الآن

2165569 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 34


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010