السبت 27 آب (أغسطس) 2011

أخيراً تحرك الوجدان الصامت

السبت 27 آب (أغسطس) 2011 par د. عبد العزيز المقالح

لأن الأحداث المتعاقبة أنستنا بسخونتها وجدّتها قضايانا الأساسية التي لا تقل سخونة، فإن الأعداء الذين يجيدون الصيد في الماء العكر لن يجدوا أفضل من هذه الأيام لمواصلة عدوانهم السافر والمستمر، واستغلال كل لحظة من انشغالات الأمة بمتابعة أحداثها المستجدة. ولا أشك في أن الكيان الصهيوني هو أخطر المستفيدين والمستغلين لهذه الانشغالات العربية، وما يقوم به في غزة والقدس وفي سائر الأرض الفلسطينية سوى الدليل الأوضح على هذا الاستغلال المشين، وعلى انصرافنا الكامل والتام عن متابعة همومنا الكبيرة التي كانت في حقيقة الأمر جزءاً لا يتجزأ من أسباب المعاناة وعواملها، وهي التي أوصلت أوضاع الأقطار العربية إلى ما هي عليه.

وما يلفت الانتباه أن كبار المراقبين والمحللين للأوضاع العربية من داخل الوطن العربي وخارجه، يقفون في هذه اللحظة الرمادية في حالة من الاختلاف العميق على ما سوف تسفر عنه المستجدات في الساحة العربية، وما سيصدر عنها من تداعيات ومواقف، ويتركز الأمل في أن تتحول المواجهات الداخلية الراهنة إلى مواجهات حقيقية مع العدو التاريخي أيضاً الذي لم يعرف من الأنظمة العربية التقليدية غير الشجب والإدانة في الظاهر، والقبول وربما الاستحسان في الباطن، ما جعل الإنسان العربي يشعر بحالة من الهوان وانكسار الكرامة، فانطلق مع أول صوت للتغيير معلناً رفضه لما هو كائن، ولحالات الاستسلام المهينة لأعداء الأمة والانحراف عن المسار الصحيح الذي يحفظ للأمة كرامتها ويجعلها مرفوعة الرأس غير قابلة تحت أي اعتبار مخططات التفتيت والانشقاق.

لقد اختلف المشهد في كثير من الأقطار العربية، لكنه في فلسطين لم يختلف عما كان عليه، وكل يوم، بل كل ساعة تحمل الأخبار مزيداً من مشاهد الإجرام المتواصل على الناس والأرض والمقدسات، فضلاً عن التوسع في بناء المستوطنات، حيث بلغ الأمر في الأيام القليلة الماضية، ما يشبه إعلان حالة الحرب على غزة، وكأن هذا العدو العنصري المتعطش إلى الدم والقمع لا يرى في كل ما يحدث في الأقطار العربية سوى عوامل تشجيع لا عوامل خوف مما ينتظر العالم أن تسفر عنه من متغيرات قد تشكّل الزحف الهادر بعد أن تفرغ الأقطار العربية من أداء مهمتها في تصفية عملاء هذا الكيان وحراس أمنه، وفي البوادر الرائعة التي يعبر عنها الشارع العربي في مصر، ما يؤكد حقيقة أن الغد سوف يكون مختلفاً عن الأمس، وأن الجموع التي كانت مكمّمة ومكبّلة قد تحررت من قيودها وصارت قادرة على التعبير والفعل معاً، وصار الشعب حاضراً في المعادلة السياسية الوطنية والقومية.

وفي هذا الذي يحدث في الشارع العربي في مصر ما يشكل رداً مقنعاً على تلك التساؤلات التي واكبت انتفاضة الميادين، وما رافقها من صمت إزاء القضايا القومية والهموم المشتركة التي كانت وما تزال تؤرق الوجدان الصامت لأبناء الأمة من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب.

والسؤال هو: متى يدرك الكيان الصهيوني وحكومته الضالعة في الإجرام أن سنوات المهادنة والصمت على قتل الشعب الفلسطيني وترويعه قد أوشكت أن تغيب، لتبدأ سنوات المواجهة والمحاسبة وتحرير الإرادة وتحويل الصراع من أجندة الجامعة العربية وأنظمة دولها إلى أجندة في يد الشعب العربي وجماهيره التي شبعت وعوداً وذاقت من الهوان ما يكفي؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165442

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165442 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010