الجمعة 26 آب (أغسطس) 2011

القدس.. رمز لقضية أمة

الجمعة 26 آب (أغسطس) 2011 par عبد معروف

«يوم القدس العالمي» حدث يتجدد فيه تمسك الأمة بعروبة المدينة المقدسة وضرورة العمل من أجل تحريرها من حراب الاحتلال. وفي هذه المناسبة التي تصادف يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك كل عام، تقام الاحتفالات والمؤتمرات والمظاهرات في مختلف أنحاء العالم تمسكاً بحرية المدينة المقدسة وتنديداً بممارسات الاحتلال «الإسرائيلي».

تتعرض مدينة القدس المحتلة اليوم لأخطار كثيرة ومتعددة وتعتبر السياسة الاستيطانية «الإسرائيلية» في مدينة بيت المقدس أشد هذه الأخطار على الإطلاق، خاصة وأن هدف الاحتلال في طمس معالم القدس العربية وتحويلها إلى عاصمة يهودية تقطنها أغلبية ساحقة من اليهود، مع أقلية فلسطينية معزولة تمكن السيطرة عليها. ‏ويلاحظ المراقب للممارسات «الإسرائيلية» في القدس الهجمة الاستيطانية المحمومة فوق أرض فلسطين بشكل عام وأرض القدس بشكل خاص، ويلاحظ بشكل لافت للنظر أن القدس منذ احتلالها عام 1967 والى يومنا هذا كانت تقع في المرتبة الأولى بين الأولويات الاستيطانية في المشروع الصهيوني العام. ‏ومن السهل أن ترى كيف أن كل القوى والرموز الصهيونية تتسابق في طرح تصوراتها الاستيطانية في القدس والعمل على تطويرها دون كلل أو ملل، وتبدو القدس على أنها المشروع التنافسي الأول بين قوى الاستيطان الصهيوني المختلفة، وحكومات الاحتلال تنظر إلى القدس على أنها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني، وتالياً الاستيطان فيها يجب ألا يكون محل بحث واعتراض من أي طرف كان.

ولا شك بأن ما أوردته التقارير من مدينة القدس حول تدريبات يقوم بها الجيش «الإسرائيلي» من عصابات من المستوطنين تحضيراً لاقتحام المسجد الأقصى المبارك بآلاف من وحدات الجيش الصهيوني، بالتزامن مع مخطط صهيوني خطير لإقامة أنفاق أرضية تربط بين حارة الشرف المصادرة في البلدة القديمة بالقدس - والتي يسميها الاحتلال زوراً وبهتاناً بحارة اليهود - وبين ساحة البراق والمسجد الأقصى.

وأمام هذا الخطر المحدق الذي تتعرض له مدينة القدس المحتلة، حذّرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث، من تهويدٍ متدرج تنفذه سلطات الاحتلال لمنطقة باب الخليل، أحد أبواب البلدة القديمة في القدس من الجهة الغربية.

بذلك، تعيش مدينة القدس اليوم كما كانت تعيش منذ اللحظات الأولى للاحتلال عام 1948 لمخاطر محدقة، وتشكل من خلالها قضية القضايا وعنوان لكرامة أمة تتعرض للاحتلال والعدوان والسيطرة ونهب الثروات.

لكن القدس ليست كل القضية، لكنها عنوانها ورمزها، وقضية القدس ليست حدثاً عادياً في تاريخ أمة، بل هي قضية احتلال واغتصاب لأرض قتل وشرد شعبها بالقوة والإرهاب، وتشكل القدس عنواناً من عناوينها، وتشكل رمزاً لقضية انفجرت منذ العام 1948 ولم تستطع كافة القرارات الدولية، ولا كل جولات المفاوضات أن تحرر شبراً منها، لأن العدو الذي يسيطر على الأرض بقوة البطش والعدوان لا يمكن له أن يفهم إلا لغة القوة والقتال في إطار وطني يعمل من أجل تحرير الأرض وبناء المجتمع الديمقراطي.

يمر «يوم القدس العالمي» لهذا العام في وقت تتزاحم فيه الأحداث على الساحة الفلسطينية بالتزامن مع الحراك الشعبي العربي الذي أسقط أنظمة ويعيد خلط الأوراق في مرحلة لا تختلف كثيراً عن سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي رغم محالات الولايات المتحدة الأمريكية الاصطياد في «الماء العكر» لتأمين مصالحها الأمنية والاقتصادية.

وتأتي عملية «إيلات» البطولية، وما تبعها من عدوان وحشي «إسرائيلي» على قطاع غزة واستعداد قوى المقاومة للرد والقتال، لتعيد الأضواء باتجاه الساحة الفلسطينية، ولتؤكد مجدداً أن الاحتلال «الإسرائيلي» لم يتراجع ولن يتراجع عن سياسته العدوانية اتجاه الشعب الفلسطيني، ومازال هذا الاحتلال يمارس كل أنواع القتل والبطش والعدوان في حرب إبادة حقيقية ضد الشعب الفلسطيني في وقت تحشد القيادة الفلسطينية كل امكانياتها لإنجاح مساعيها بالتوجه إلى الأمم المتحدة لكسب الاعتراف الدولي بالدول الفلسطينية.

ففي الوقت الذي تتخذ القيادة الفلسطينية من السلام خياراً استراتيجياً، تتخذ الحكومة «الإسرائيلية» من سياسة القتل والتدمير والعدوان خياراً استراتيجياً لا رجعة عنه، ذلك لأن العدوان هو من طبيعة هذا الاحتلال وبنيته ولا يستطيع تحقيق أهدافه إلا من خلال المجازر وحروب الإبادة التي لم يمارسها في فلسطين فحسب بل أيضاً في لبنان ومصر وسوريا والأردن ولنا في صفحات التاريخ براهين لا يمكن تجاوزها.

لا شك بأن مشروع الاحتلال «الإسرائيلي» في تهويد القدس وطمس معالمها العربية مآله الفشل، أولا بسبب الرفض العام الذي يواجهه المشروع الصهيوني في فلسطين وإن كانت الأمة تعيش اليوم (واليوم فقط) حالة العجز والإرباك والضياع لمرحلة من الزمن ،وثانياً لأن دور المقاومة الموجهة ضد الاحتلال لم يمكن لها إلا أن تتواصل وتستمر بكل أنواعها وثالثاً بسبب لأزمة الكيان الصهيوني وعدم قدرته على إقامة دولة من شعوب مجمعة وسط محيط من العرب بالإضافة إلى عامل الفشل البارز في أزمة الهوية الذي دلل عليه بانطلاق النقاش العمومي لدى المحتل الصهيوني وعلى وسائل إعلامه حول إمكانية عيش «إسرائيل» أكثر من هذا الأمد، «مما نتج عنه جواب مفاده أن «إسرائيل» فقدت هويتها وأيضاً بوصلتها في فعل الاحتلال مما سيؤدي حتماً إلى زوالها».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165323

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165323 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010