الخميس 4 آب (أغسطس) 2011

الأزمة تعصف بـ «إسرائيل»

الخميس 4 آب (أغسطس) 2011 par د. فايز رشيد

خيام احتجاج، مظاهرات، ومظاهرة ضخمة أمام «الكنيست»، انتقال هذه الاحتجاجات من «تل أبيب» إلى مدن «إسرائيلية» أخرى.... بسبب أزمة ارتفاع أسعار وغلاء أجور الشقق السكنية... بالأمس كانت اعتصامات العمال والأطباء بهدف رفع الأجور ومقاطعة لبعض السلع التي ازداد ثمنها. بتشجيع من جمعية حماية المستهلك كل هذه المظاهر وأخرى شبيهة غيرها تعصف بالشارع «الإسرائيلي». وتتزايد وفقاً للتقارير الاقتصادية بوتائر متسارعة، الأمر الذي تفوح منه رائحة تعميق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الدولة الصهيونية.

وانعكاسات ذلك اجتماعياً من خلال تعميق هذه الأزمات، وطبقياً بازدياد الفوارق الطبقية بين الفقراء والأغنياء، وما يعنيه ذلك من اضمحلال تدريجي للطبقة الوسطى، وما يستتبع ذلك من مظاهر اقتصادية واجتماعية أخرى. حصيلتها الأساسية أزمة سياسية، فالسياسة وفقاً للتعريف الفلسفي هي اقتصاد مكثف، الأمر الذي يشي بتأثيراته الكبيرة على شكل الائتلاف الحكومي الحالي في الدولة الصهيونية بزعامة نتنياهو.

«إسرائيل» تنزعج من وصفها بأنها إحدى دول العالم الثالث، هي تطرح نفسها باعتبارها إحدى القوى الكبرى على الصعيد الدولي. بالتالي فالأزمة التي تعصف بها حالياً هي تكرار لسيناريو الأزمات في هذه البلدان العالم ثالثية. بالطبع قد يقول قائل: إن الأزمات الاقتصادية تعصف بدول كبرى. لكن الدول الكبرى قادرة بميزانياتها الضخمة وأدواتها الإنتاجية على حل جزء من أزماتها، لكن الدول النامية تفتقد للعناصر الاقتصادية الكافية بإخراجها من أزماتها. «إسرائيل» حتى اللحظة ومن أجل سد الاحتياجات في ميزانيتها تتلقى دعماً أمريكياً بما يقارب 3 مليارات دولاراً سنوياً، وكذلك دعماً اقتصادياً أوروبياً.

ستانلي فيشر محافظ المصرف المركزي «الإسرائيلي» يحاول التخفيف من حدة الأزمة من خلال القول بأن «إسرائيل» تمكنت من تجاوز المرحلة الأصعب في الأزمة المالية العالمية، ووفقاً له أيضاً فإن نسب النمو والتصدير فيها عادت إلى النمو بشكل مريح. الخبراء الاقتصاديون في «إسرائيل» يكذبون محافظ المصرف المركزي من خلال ارتفاع أسعار السلع وارتفاع أسعار الإسكان بنسبة 40% خلال العامين الماضيين. وخوفاً من انهيار قطاع الإسكان (وهذا وارد) وهو الذي سيهز الاقتصاد الصهيوني شدد البنك المركزي من إجراءات الرهن العقاري بالبنوك ورفع نسبة الفائدة الأساسية عشر مرات لتصل إلى 3.25% في محاولة لزيادة تكلفة ائتمان الإسكان. ليس متوقعاً أن يؤدي ذلك إلى منع انهيار هذا القطاع وتعميق الأزمة، حتى ولو من خلال (الخطوات المركزة) على المدى القصير التي وعد نتنياهو باتخاذها لمساعدة الشباب «الإسرائيليين» على استئجار أو شراء الوحدات السكنية، وبتشجيع الاستيطان في الضفة الغربية فكثير من «الإسرائيليين» لا يحبذون السكن في المستوطنات لاعتبارات كثيرة.

صحيفة (هآرتس) «الإسرائيلية» وفي عددها الصادر الأحد الماضي عكست المخاوف بشأن أزمة اقتصادية في «إسرائيل» لأسباب عديدة منها: إمكانية إعلان دولة فلسطينية في الأمم المتحدة، ومنها أيضاً انخفاض مؤشرات التداول في البورصة خلال الأشهر الأخيرة، أيضاً منها أن «إسرائيل» تعتمد على الصادرات. ومؤشرات الدول المستوردة منها ومثلاً الولايات المتحدة في تناقص. فمؤشر البورصة الأمريكية (وول ستريت) يشهد انخفاضاً ملحوظاً بسبب قلق المستثمرين من بيانات اقتصادية غير مشجعة، إضافة إلى العجز الحكومي الاقتصادي الضخم، وارتفاع نسبة البطالة. ومن الأسباب أيضاً تصاعد أزمة الديون اليونانية ومخاوف من امتداد ذلك إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي. الحصيلة انخفاض الاستيراد في هذه الدول من «إسرائيل» نتيجة للركود الاقتصادي الذي تتعرض له، وهو ما يؤثر سلبياً على الشركات المصنعة «الإسرائيلية».

أيضاً علينا أن نأخذ بعين الاعتبار ما يلي: الاحتياجات المالية الضخمة للتسليح «الإسرائيلي» وكذلك للأمن، العدوان والاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا أيضاً يلقي بثقله الكبير على الاقتصاد «الإسرائيلي»، ثم الثمن الذي تدفعه الحكومة للأحزاب الدينية واليمينية الأخرى من أجل مشاركتها في الائتلاف الحكومي، وهذا يكلف الاقتصاد «الإسرائيلي» مبالغ باهظة، فاشتراطات هذه الأحزاب على الحكومة كثيرة وغالية الثمن.

«إسرائيل» وفي السنوات الأخيرة لجأت إلى اقتطاع مبالغ ضخمة من قطاعات التأمين، الطبابة والصحة، والتدريس وغيرها من أجل سد بعض العجز في ميزانيتها، أيضاً ميزانية الاستيطان «الإسرائيلي». لقد لجأت الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة في العشر سنوات الأخيرة إلى دعم الخصخصة على حساب القطاع العام.

ولأن الأزمة الاقتصادية في «إسرائيل» بهذه الدرجة ستكون لها مظاهرها السياسية التي قد تطيح بحكومة الائتلاف الحالي بزعامة نتنياهو وقد تؤدي إلى انتخابات جديدة وإلى إعادة في حجم قوة الأحزاب في «الكنيست» بالمعنى الاجتماعي ستتفاقم الأزمات الاجتماعية نحو المزيد من الفقر للقطاع الأكبر في الشارع «الإسرائيلي»، إضافة إلى تسارع وتيرة النمو باتجاه اليمينية الدينية، والفاشية في «إسرائيل» على المدى القريب المنظور.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2165475

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165475 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010