الثلاثاء 21 حزيران (يونيو) 2011

بالأسماء والوقائع .. أهل التطبيع (الحلقة الثانية عشر)

تحقيق وتوثيق : شفيق أحمد علي
الثلاثاء 21 حزيران (يونيو) 2011

ما هو السر الذي يقول علي سالم إنه حدث أثناء زيارة السادات إلى «إسرائيل» واتفقت كل وكالات الأنباء على إخفائه؟

رئيس المخابرات المصرية الأسبق يفضح ادعاءات علي سالم حول الاتصالات السرية التي أجراها السادات قبل زيارته إلى «إسرائيل».

وفي الوقت الذي كانت فيها الطائرات «الإسرائيلية» تقصف غزة بقنابل الفوسفور. كان علي سالم يقصف الفلسطينيين بقنابل الأكاذيب قائلاً : «حماس» ترى أن مصر أرضاً فلسطينية ويجب تحريرها من المصريين.

[**رئيس المخابرات الأسبق يفضح ادعاءات علي سالم حول الاتصالات السرية مع «إسرائيل»*]

مازلت أحدثكم عن أشهر سمسار للتطبيع والتركيع في مصر. مازلت أحدثكم عن الخبير العسكري، والجنرال الكمسري، وقارئ الكف الشهير، السمسار «علي سالم».

عفواً، هو في الحقيقة ليس سمساراً، ولا زماراً، ولا بوقاً «فقط» للتطبيع والتركيع والتبعية، هو متعدد الجلود والهوية، وهو أيضاً، أثناء العدوان «الإسرائيلي» على غزة، فعل ما لم يخطر على بال الصهاينة أنفسهم .. فهل تعرف ماذا فعل علي سالم وقتها؟

نعلم أن العدوان الصهيوني على غزة، والذي أسمته «إسرائيل» وقتها «بعملية الرصاص المصبوب»، بدأ ظهر السبت 27/12/2008، وفي اليوم التالي لبدء للعدوان، أي صباح الأحد 28/12/2008 صدرت جريدة «الأهرام» وعلى صفحتها الأولى عنوان بالخط العريض يقول: (مجزرة «إسرائيلية» في غزة 230 شهيداً و700 مصاب فلسطيني في عدوان همجي تزامن أمس، مع خروج الأطفال من المدارس).

وفي اليوم التالي، نشرت «الأهرام» أيضاً تصريحاً للوزيرة «الإسرائيلية» تسيبي ليفني، التي كانت وقتها وزيرة لخارجية العدو، تطلب فيه: (إلقاء المسؤولية على «حماس» بدلاً من «إسرائيل») بدعوى أن حركة «حماس» (تضرب جنوب «إسرائيل» بالصواريخ) .. هذا ما قالته الوزيرة «ليفني» وقتها ونشرته «الأهرام» صباح الاثنين 29/12/2008.

وعلى الفور، لبى علي سالم نداء وزيرة العدوان، وكتب مقالاً مثيراً للقرف والغثيان، نشره خامس أيام المجزرة، وتحديداً في الأربعاء 31/12/2008 على صفحات جريدة «الشرق الأوسط»، وقال فيه ما لم يخطر على بال الوزيرة الصهيونية نفسها .. فهل تعرف ماذا كتب؟

[**مجزرة غزة*]

لحظة من فضلك : الأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. مقاله المذكور منشور بعنوان : (حماس .. ماذا بعد؟).

وفيه : لم يجرؤ علي سالم أن يكتب كلمة إدانة واحدة، لما وصفته جريدة «الأهرام» يومها بـ (المجزرة، وبالعدوان الهمجي) الذي ارتكبته «إسرائيل» ضد أشقائنا الفلسطينيين.

وفي المقال أيضاً : لم يكتف علي سالم بتحميل مسؤولية هذا العدوان لحركة «حماس» كما طلب أولياء نعمته، بدعوى، وبنص كلماته، أن: («حماس» تمطر جنوب «إسرائيل» بالصواريخ) كأن «إسرائيل» لا تحتل فلسطين ولا تقتل الفلسطينيين قبل الأكل وبعده.

وفي المقال أيضاً : لم يكتف علي سالم بالسخرية من استغاثات الفلسطينيين الذين طالبوا الرئيس مبارك يومها بفتح معبر رفح، جازماً في مقاله بأن من يطلقون هذه الاستغاثات (لديهم قدرات عالية على تزييف الكلمات الرديئة، وطلائها بمعان إنسانية رفيعة تخدع التعساء) .. تخيلوا.

لم يكتف علي سالم بكل ذلك وغيره، لكنه من فرط «التصهين»، تطوع في نفس مقاله المنشور بجريدة «الشرق الأوسط»، خامس أيام العدوان، وقال حرفياً : (قادة «حماس» يرون أن مصر أرض فلسطينية ويجب تحريرها من المصريين) .. هكذا قال علي سالم نصاً في نفس مقاله، من دون أن يذكر طبعاً كعادته، ومن فرط موضوعيته، اسم أو تاريخ الجريدة أو المجلة، أو اسم الكتاب، أو اسم الكتاب، أو اسم المصدر، أو المرجع الذي استند إليه وهو يكذب قائلاً : (قادة «حماس» يرون أن مصر أرض فلسطينية) .. وأن قادة «حماس» يريدون (تحرير مصر من المصريين) .. إلى هذا الحد وصل «تصهين» علي سالم وتحريضه ضد أعضاء حركة «حماس» وهم تحت الحصار وتحت القصف «الإسرائيلي» ووطنهم محتل. إلى هذا الحد، وفي الوقت الذي كانت فيه الطائرات «الإسرائيلية» تقصف أشقاءنا الفلسطينيين بقنابل الفوسفور الحارقة كان علي سالم، يقصفهم هو الآخر بقنابل الأكاذيب الفاجرة، لكي يثبت لأولياء نعمته أنه صهيوني أكثر من الصهاينة.

وإمعاناً في التصهين : تمادى علي سالم في افترائه وتحريضه ضد أشقائنا الفلسطينيين إلى حد اتهامه لهم وهم تحت القصف، ومن دون دليل (بقتل أحد الضباط المصريين، وبتحطيم جدار الحدود بين مصر وقطاع غزة) .. هكذا قال علي سالم من دون خجل في نفس المقال الذي نشره بجريدة «الشرق الأوسط» صباح الأربعاء 31/12/2008 أي وهم مازالوا تحت القصف الصهيوني بكل أنواع الأسلحة في خامس أيام العدوان .. في حين أن التقرير الذي بعث به أشرف سويلم مراسل التلفزيون المصري من رفح ثالث أيام العدوان، أي يوم 29/12/2008 جاء فيه ما يلي نصاً: (وكان القصف «الإسرائيلي» للحدود قد تسبب في انهيار أجزاء من الجدار الذي كانت مصر قد أقامته بينها وبين قطاع غزة، مما أدى إلى اقتحام بعض الفلسطينيين إلى الجانب المصري هرباً من القصف «الإسرائيلي» .. واضطرت قوات حرس الحدود المصرية إلى إطلاق النار فوق رؤوس الفلسطينيين الذين لجأوا إلى الجانب المصري هرباً من القصف «الإسرائيلي»، مما أدى إلى استشهاد أحد الضباط المصريين، تضاربت الأقوال حول مصدر النيران التي أدت إلى استشهاده) .. هل سمعتم، مراسل التلفزيون المصري كشاهد عيان من رفح موقع الحدث يقول نصاً: (تضاربت الأقوال حول مصدر النيران التي أدت إلى استشهاد الضابط المصري) .. لكن المتصهين الكبير علي سالم (كشاهد عيان من حي المهندسين). من فرط أمانته، سبق الكل وقرأ الكف، وقطع على الفور بأن الفلسطينيين هم الذين قتلوا الضابط المصري .. على عكس ما قاله والشريط موجود أشرف سويلم، في تقريره من رفح .. وهو لا يختلف كثيراً عن التقرير الذي بثته أيضاً، «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، ونشرته يومها صحفنا كلها وأكدت فيه أن القصف «الإسرائيلي» هو الذي أدى إلى (كسر وانهيار أجزاء من السور الحدودي الذي يفصل بين مصر وغزة، وأدى أيضاً إلى تدفق الفلسطينيين إلى الجانب المصري، هرباً من القصف «الإسرائيلي» الذي أودى حتى الآن بحياة 300 فلسطيني وإصابة أكثر من ألف آخرين).

[**اعتراف «إسرائيل»*]

وفي التفاصيل، قال الخبر بالحرف : (قدمت الحكومة «الإسرائيلية» أمس، الاثنين، اعتذاراً رسمياً لمصر عن إصابة عدد لاحظ كلمة عدد من المصريين في رفح المصرية قرب الحدود بسبب القصف أثناء العمليات العسكرية «الإسرائيلية» في رفح الفلسطينية، صرح بذلك السفير حسام زكي المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، مشيراً إلى أن شالوم كوهين سفير «إسرائيل» في القاهرة، قدم الاعتذار بتكليف من حكومته للخارجية المصرية) .. وبعدها، لم يفتح علي سالم فمه، لا هو ولا غيره من المطبعين .. فهل تعرف لماذا؟

لحظة من فضلك : الأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. دماء المصريين عنده خيار وفقوس .. بدليل أنه وأمثاله المتصهينين، في الوقت الذي ملأوا فيه العالم صراخاً وتحريضاً واتهاماً للفلسطينيين بانتهاك الحدود المصرية، وبقتل أحد الضباط المصريين، من دون دليل .. لم يفتح أحد منهم فمه منذ 20/11/2004 وحتى الآن .. ولماذا هذا التاريخ بالذات. لأنه اليوم الأسود الذي بشرتنا فيه جريدة «الأهرام» على الريق، بخبر قيام الجيش «الإسرائيلي» (بقتل ثلاثة جنود مصريين على الحدود، هم عامر أبو بكر عامر، وهاني علي صبحي، ومحمد عبد الفتاح علي).

ولأن أحداً وقتها لم يفتح فمه في وجه «إسرائيل»، لا الرئيس مبارك ولا المطبعين، فقد كررتها «إسرائيل»، وصدرت «الأهرام» ثانياً في السبت 3/6/2006 وعلى صفحتها الأولى وبالخط العريض خبراً جديداً عنوانه: (القوات «الإسرائيلية» تقتل شرطيين مصريين بالأمن المركزي) .. وإن كانت شبكة «بي. بي. سي» البريطانية للأخبار قد قالت على موقعها الإلكتروني في الجمعة 2/6/2006 أنهما (ضابطان) وليسا شرطيين.

أقول : حتى حينما كررت «إسرائيل» جريمتها وقتلت أبناءنا من جديد على الحدود المصرية، قفزت الانتقائية، وخرس علي سالم وأمثاله، ولم يفتح أحد منهم فمه من يومها وحتى الآن .. ذلك لأن دماء المصريين عند المتصهينين .. «عزيزة» ويتحتم القصاص لها، إن سالت برصاصات فلسطينية .. و«رخيصة» .. لا تستحق الوقوف عندها، إن سالت برصاصات «إسرائيلية».

وإمعاناً في التصهين (والانتقائية) لم يطالب علي سالم حتى الآن بالقصاص من «إسرائيل» .. لا على قتلها للضباط والجنود المصريين، ولا على انتهاكها وقصفها للحدود المصرية أثناء عدوانها على غزة .. وليس هذا بالطبع هو حال علي سالم فقط .. عبد المنعم سعيد هو الآخر قام ويقوم بالواجب، شأنه في ذلك شأن كل المتصهينين.

[**التهديدات الصهيونية*]

لحظة من فضلك : الأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. وفي مقال فاضح منشور في جريدة «الشرق الأوسط» بعنوان «العرب والقنبلة الذرية» في 16/5/2010 تطوع الخبير العسكري والجنرال الكمسري علي سالم بقراءة الكف، واغتصب لنفسه الحق في التحدث باسمنا «جميعاً» وكتب بالحرف: (ما نراه جميعاً، هو أن إيران تسعى للحصول على القنبلة الذرية لتهديد العرب وليس «إسرائيل») ... وهو طبعاً ما سمعناه ونسمعه كل يوم من «إسرائيل»، ويردده خلفها علي سالم وأمثاله من أبواق التصهين والأمركة، من دون أن يفتح أحد منهم فمه بكلمة واحدة حتى الآن، عن المئتي قنبلة نووية التي قالت الصحف المصرية وغير المصرية إن «إسرائيل» تمتلكها فعلاً .. ومن دون أن يفتح أحد منهم فمه حينما هددت «إسرائيل» سوريا فعلاً، لا قولاً، ونشرت التهديد العديد على المواقع الإلكترونية والصحف الأجنبية ومنها جريدة «صنداي تايمز» البريطانية، ونقلته عنها جريدة «الشروق» المصرية في 19/4/2010 التي نشرت الخبر على صفحتها الأولى بعنوان: («إسرائيل» تهدد بإعادة سوريا للعصر الحجري).

ومن باب التذكرة لمن باعوا الذاكرة أو «أمركوها» .. هذه أيضاً جريدة «الأهالي» الناطقة بلسان «حزب التجمع»، وتحديداً عدد الأربعاء 28/8/1996 مازال يحتفظ على صفحته الخامسة بتهديد أوقح قال فيه نتنياهو، الذي هو الآن رئيساً لوزراء «إسرائيل»: (لن نترك الجولان ولا غير الجولان، ونستطيع أن نمسح سوريا من على الخريطة) .. كيف؟ بقنابلها النووية طبعاً.

والأخطر، هو أن علي سالم يتناسى أن «إسرائيل» لم تهدد سوريا فقط .. لكنها، وبشهادة الرئيس مبارك نفسه، تهدد مصر أيضاً .. نعم «إسرائيل»، تهدد (بإعادة احتلال سيناء) .. هذا ما قاله الرئيس مبارك بعظمة لسانه، ضمن الشهادة الخطيرة، التي يتناساها المتصهينون، والتي جاءت في الحديث الذي أدلى به الرئيس مبارك للقناة الأولى بالتلفزيون «الإسرائيلي»، ونشرتها جرائدنا الحكومية الثلاث، «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية»، يوم الأربعاء 13 مايو/ أيار عام 2009 وهو الحديث الذي شرح فيه مبارك بوضوح كيف أن إفيدور ليبرمان، الذي هو الآن وزير خارجية «إسرائيل»، لم يكتف بالتطاول على الرئيس مبارك شخصياً، ولا بالتهديد بتدمير السد العالي، وإنما هدد أيضاً، ووفقاً لنص كلمات مبارك نفسه بأن «إسرائيل» ستعيد احتلال سيناء مرة أخرى، وفي ذلك قال مبارك نصاً في ذات الحديث: (آخر تصريح لليبرمان قال فيه «إسرائيل» هتاخد سينا تاني .. ولن تعطي شيئاً للفلسطينيين، إلا بالحرب) ... وبعد كل ذلك يستمر علي سالم وأمثاله في التطبيع .. هل هناك أكثر من ذلك تصهين وتركيع؟

أيضاً : في 18/5/2010 كتب علي سالم مقالاً بجريدة «روز اليوسف» أفتى فيه نصاً بأن : (الكتابات الصحفية تموت عندما ننتهي من قراءتها).. وفي مقال آخر، منشور بنفس جريدة «روز اليوسف» في 15/8/2010 قال علي سالم أيضاً وبصيغة فرمانية لا تقبل النقاش : (لا يوجد ما يسمى بالرسالة في مهن عديدة منها الصحافة والإعلام والفن) .. وفي نفس الوقت، يقول إنه «داعية سلام» .. أليست الدعوة للسلام «رسالة». ثم : لماذا يعمل سيادته بالكتابة الصحفية مادام قد قطع بأنها تموت عندما ننتهي من قراءتها. وكيف نصدق أنه «داعية سلام» كما يقول، وهو الذي سبق أن قطع في جريدة «روز اليوسف» بأن (الكتابات الصحفية التي يدعو من خلالها للسلام تموت عندما ننتهي من قراءتها) .. هل يعني ذلك أنه يكذب نفسه بنفسه ويعترف بأن الحكاية ليست سوى سبوبة و«شغل سمسرة»؟

[**ندوة نجيب محفوظ*]

لحظة من فضلك : في أرشيفي الخاص لعلي سالم أكثر من ملف، أحدها اسمه «شغل سمسرة» .. ومن هذا الملف اخترت لكم هذه الفضيحة على سبيل «العينة» :

(في ندوة نجيب محفوظ التي عقدها في فندق سوفونيل المعادي يوم الأحد 8/7/1999 تقدم شخص غير مطروق عند أهل الندوة، وقال لعمنا نجيب محفوظ : السفير «الإسرائيلي» في القاهرة يستأذن في أن يحضر هذه الندوة .. فقال الأستاذ نجيب : أخشى أن يكون في حضور سعادة السفير «الإسرائيلي» ما يسبب الضيق والضرر لأحد رواد الندوة، وهذا ما لا أحبه ولا أستطيعه.

وفي ندوة الأربعاء بفندق شبرد ظهر نفس الشخص ثانياً ولكن من بعيد، وفوجئ الحاضرون بالأستاذ علي سالم ينادي عليه بمنتهي الرقة قائلاً : تعال يا موتي .. موتي ده ولد ناقد مسرحي «إسرائيلي»، «تقدمي عظيم» وترجم لي بعض مسرحياتي وترجم كمان مية وخمسين مسرحية مصرية. وأقبل موتي على الندوة مستبشراً، ومن دون مقدمات، قال موتي لنجيب محفوظ : مجموعة من اليسار «الإسرائيلي» الذين حضروا مؤتمر كوبنهاغن في فندق ماريوت بالقاهرة، يريدون التشرف بلقائكم يا أستاذ نجيب .. فنظر الأستاذ نجيب إلى صديقه السيناريست حسين عبد الجواد وسأله : تتضايق لو الناس دول حضروا الندوة؟ فأجاب حسين على الفور : طبعاً أتضايق .. فتدخل علي سالم في الحوار ثانياً من دون مبرر، وقال لحسين عبد الجواد : خلاص .. ما بتحبش «الإسرائيلي»، أقعد جنب اللي جنبي، وبكرة يبقى ما فيش أي بروبلم).

لحظة من فضلك : للإنصاف : لا يقتصر دور سماسرة الكيان الصهيوني في مصر على «تسويق» الصهاينة القتلة، أو الدفاع عن التطبيع معهم، أو عن دعمهم بالبترول والغاز المصري، أو تبرير الجرائم التي يرتكبوها يومياً ضد أشقائنا في فلسطين المحتلة .. لكن هؤلاء السماسرة، لا يتورعون أيضاً عن اقتراف أي شيء وكل شيء بما في ذلك تزيف التاريخ .. وعلى سبيل «العينة» .. هذه واحدة من تلك الجرائم التي لا أعرف إن كان علي سالم قد اقترفها عمداً أم جهلاً .. هذه واحدة من تلك الجرائم التي وصل فيها تجرؤ علي سالم إلى حد تزوير دور المخابرات المصرية في الاتصالات السرية، التي أجراها السادات مع «الإسرائيليين» قبل سفره إلى الكيان الصهيوني، وهي الاتصالات التي ادعى فيها علي سالم زوراً بجريدة «روز اليوسف» في 5/4/2010 أن السادات أرسل حسن التهامي لمقابلة موشي ديان سراً في المملكة المغربية، وأرسل معه الوزير «كمال حسن علي» رئيس المخابرات المصرية وقتها، ليقول السادات لـ «الإسرائيليين» إن (قراره بالذهاب إلى «إسرائيل» اشتركت المخابرات المصرية في صنعه). هكذا كتب علي سالم بالحرف، وهي معلومة لم يذكر علي سالم كعادته المصدر الذي استند إليه في ذكرها، أو من أين أتى بها. هل قرأ الكف، أم شق صدر السادات. ثم : ما هو الهدف الحقيقي لعلي سالم من ترويجه لهذا الادعاء .. هل يهدف منه تكذيب السادات الذي تباهى في العديد من الخطب والتصريحات وفي كتابة «البحث عن الذات» بأن قرار سفره لـ «إسرائيل» كان قراراً فردياً، هبط عليه هكذا نصاً وهو يحلق بطائرته في السماء عائداً من زيارة صديقه «شاوشيسكو» دكتاتور رومانيا، وبالتالي لم تشاركه المخابرات أو غير المخابرات في «صنع» هذا القرار. هل قرأ علي سالم الكف وعرف أن السادات أراد أن يقول لـ «الإسرائيليين» معلومة كاذبة. وهل يروج علي سالم إلى أن جهاز المخابرات المصرية شارك في صنع قرار سفر السادات لـ «إسرائيل» ليعلق في رقبة هذا الجهاز العظيم الذي نفخر ونعتز به، أي سلبيات أو انتقادات صاحبت هذا القرار؟ من يقرأ مذكرات المرحوم «كمال حسن علي» الذي كان وقتها رئيساً للمخابرات المصرية، سيعرف أنه سافر مع حسن التهامي إلى دولة المغرب بتكليف من السادات، من دون أن يعلم أنه ذاهب لمقابلة موشي ديان، ومن دون أن يعرف لماذا هو أصلاً ذاهب إلى المغرب .. ومن لا يصدق أو يفتح فمه دهشة، يقرأ شهادة الوزير كمال حسن علي حول حجم وطبيعة الدور الذي لعبه رئيس مخابراتنا وقتها في هذه الاتصالات وفي صنع قرار سفر السادات إلى «إسرائيل» .. من لا يصدق، يفتح صفحة (59) من مذكرات المرحوم كمال حسن علي المعنونة (محاربون ومفاوضون) والتي صدرت قبل وفاته عن مركز «الأهرام» للترجمة والنشر عام 1986 ويقرأ فيها ما قاله الرجل الذي كان وقتها رئيساً للمخابرات المصرية ..

[**شهادة كمال حسن علي*]

يقول كمال حسن علي نصاً : (كان ذلك في صيف 1977 وكان جو القاهرة وقتها خانقاً، وكنت لم استمتع لظروف العمل بأي أجازة صيفية منذ عام 1967 وفي هذا الصيف قررت أن أحصل على إجازة لمدة 15 يوماً اقضيها بالإسكندرية، وفعلاً توجهت مع عائلتي إلى الإسكندرية يوم الأربعاء وبدأت الإجازة، وإذا بالرئيس السادات يطلبني تليفونياً صباح الخميس ليخطرني بأن هناك مهمة عاجلة خارج الوطن وأن حسن التهامي سوف يشاركني فيها، ولذلك يجب أن أتوجه للقاهرة فوراً في نفس يوم الخميس لكي أستقل الطائرة يوم الجمعة مع حسن التهامي الذي سيخبرني بالمهمة أثناء الرحلة .. وكانت المغرب هي الجهة التي سنتوجه إليها، هكذا قال لي الرئيس السادات، وكنت وقتها رئيساً لجهاز المخابرات العامة المصرية، وبالفعل توجهت إلى مطار القاهرة في الموعد المحدد، وركبت مع حسن التهامي إحدى طائرات رئاسة الجمهورية .. وحسن التهامي زميل لي وتخرج في نفس دفعتي في الكلية الحربية عام 1942 وفي الطائرة المتجهة بنا إلى المغرب توقعت أن يبادر حسن التهامي بإبلاغي بالمهمة التي نسافر معاً من أجلها، ولكن لم يفعل .. حاولت أن استفسر عن الموضوع، لكن التهامي أرجاني إلى ما بعد الوصول .. ووصلنا مدينة الرباط، وكان علينا أن نتوجه منها إلى مدينة أفران المغربية حيث المقر الصيفي للملك الحسن، ملك المغرب .. وفي مدينة أفران نزلنا في قصر الضيافة المواجه للقصر الملكي، وكان الجو بديعاً وممتعاً، ولم أشأ أن أكرر سؤالي لحسن التهامي عن طبيعة المهمة التي جئنا من أجلها، تاركاً له تقدير الوقت الذي يرغب هو إبلاغي فيه بالمهمة التي جئنا إلى المغرب من أجلها، على الرغم من تلهفي لمعرفة طبيعة هذه المهمة، وعلى الرغم من محاولاتي الشخصية لاستنتاجها.

وفي صباح اليوم التالي قابلنا الملك الحسن الذي توجه معنا صاعداً إلى داخل القصر .. وفي أثناء صعودنا لسلم القصر، سأل الملك الأخ حسن التهامي عما إذا كان يود أن يكون اللقاء ثنائياً، أو كما أسماه الملك «تيتاتيت» أو أن يكون عاماً .. وقال التهامي إنه يرى أن يكون اللقاء منفرداً، وأن يقتصر عليه فقط، من دون أن أشارك فيه، ودخلنا قاعة كبيرة لم يكن فيها سوى شخصين يوحي منظرهما بأنهما من دولة أوربية، أو من فرنسا بالذات، ولكن وجه أحدهما أحسست أنه مألوف لي، أو على الأقل سبق أن شاهدت صورته .. وبعد أن تصافحنا جميعاً أخذني الملك الحسن معه خارج القاعة تاركين حسن التهامي وحده مع الضيفين .. وبمجرد أن غادرت القصر الملكي إلى قصر الضيافة، قفزت إلى ذهني صورة فوتوغرافية كنت شاهدتها لأحد هذين الضيفين، رجحت أنه أحد الشخصيات «الإسرائيلية» التي نحتفظ لها بملف في المخابرات العامة المصرية .. ولكن ذاكرتي لم تسعفني باسمه .. كان ذلك الشخص هو ديفيد كيمحي أحد قادة المخابرات «الإسرائيلية» وهنا أستأذنكم في ملاحظة من عندي، الملاحظة تقول إن ديفيد كيمحي هذا، والذي هو أحد قادة المخابرات «الإسرائيلية» كما يقول المرحوم كمال حسن علي في كتابه، هو حالياً أحد قادة ما يسمي بحركة «السلام الآن» في «إسرائيل»، وشريك لعلي سالم وعبد المنعم سعيد في ما يسمونه «جماعة كوبنهاغن» .. ولديفيد كيمحي أيضاً كتاب خطير أسمه «الخيار الأخير» صدرت طبعته الأولى عام 1992 وترجمته إلى العربية «مكتبة بيسان» في بيروت .. وفي هذا الكتاب المهم، اعترف كيمحي صفحة (9) بأهمية التطبيع القصوى لـ «إسرائيل»، لتسهيل التجسس وما أسماه «معرفة العناصر المتنوعة للمجتمع المصري من دون معوقات» هكذا نصاً .. وعلى صفحة (56) قال كيمحي بوقاحة: ««إسرائيل» هزمت مصر في حرب أكتوبر 1973 والسادات لم يوقع معنا اتفاقية السلام إلا بعد أن أصبح الجيش «الإسرائيلي» على بعد 70 ميلاً من القاهرة» .. وعلى صفحة (323) من نفس الكتاب، قال كيمحي صراحة إنهم «يكرهون إطلاق تعبير الأرض المحتلة على فلسطين، لأنه يعني أنها ليست أرضهم» .. وعلى نفس الصفحة قال كيمحي نصاً: «أي يهودي يعرف التوراة لا يعتبر يهودا والسامرا أي الضفة وغزة أرضاً أجنبية أو ليست أرضنا، وعندما نصلي نتجه بصالاتنا نحو أورشليم التي وردت هي الأخرى في التوراة أكثر من ستمئة مرة» .. انتهت الملاحظة، حول حقيقة ديفيد كيمحي كنموذج أو كعينة لشركاء علي سالم وعبد المنعم سعيد في ما يسمونه بحركة «السلام الآن» في «إسرائيل»، والذي قال رئيس المخابرات المصرية الأسبق كمال حسن علي إن حسن التهامي منفرداً، جلس معه هو وشخص آخر .. أما هذا الشخص الآخر، فيمضي كمال حسن في كتابه، قائلاً بالحرف الواحد: (الشخص الثاني الذي كان مع ديفيد كيمحي، والذي طلب حسن التهامي أن يجلس معهما منفرداً وفي عدم حضوري، هو موشي ديان وزير الحرب «الإسرائيلي»، وقد حضر ديان إلى الاجتماع يومها وهو يضع شارباً مستعاراً تحت انفه، ويرتدي من باب التنكر أيضاً نظارة وباروكة من الشعر الطويل .. وبعد انتهاء لقاء حسن التهامي بالشخصين الغامضين حضر إلى قصر الضيافة المغربي وسألته عن الموضوع، وكنت أتوقع رده، فقد قال إنه موضوع يتعلق بصفقة سلاح فرنسية، واستغربت أن يكون هناك تعتيم على هذه المهمة إلى هذه الدرجة، أي حتى على رئيس المخابرات المصرية نفسه، ولكنني لمعرفتي بشخصية حسن التهامي، لم أستبعد مثل هذا التصرف، ولم أشأ أن أفرض نفسي على الموضوع، وآثرت أن استفسر عن التفاصيل من الرئيس السادات شخصياً .. وعندما عدنا إلى الإسكندرية، توجهت لمقابلة الرئيس السادات وقصصت عليه ما حدث من حسن التهامي واستنتاجاتي تجاه ما حدث، فما كان من الرئيس السادات إلا أن انفجر كعادته ضاحكاً حتى كاد أن يستلقي على ظهره).

انتهت شهادة الفريق كمال حسن علي الرئيس الأسبق لواحدة من أهم المؤسسات التي نفخر ونعتز بها وهي المخابرات العامة المصرية نقلتها لكم حرفياً من صفحة (59) من كتابة (محاربون ومفاوضون) الذي صدر عام 1986 عن مركز «الأهرام» للترجمة والنشر.

[**طلب من سوزان مبارك نصف مليون جنيه جائزة*]

لحظة من فضلك : الأستاذ علي سالم، أو إيلي سالم، أو علي خنفس، سمه ما شئت .. فاتني أن أحيطك علماً في البداية، أنه رغم كل هذا التصهين والهوان، يشعر بأن ما حصل عليه حتى الآن، ثمناً لارتمائه تحت أقدام الصهاينة والأمريكان، ضئيل وينم عن التحقير والامتهان، رغم أنه يسبح بحمدهما على الريق وفي كل مكان .. لهذا، راح علناً وبلا حياء، يتسول المزيد من الثمن والجوائز، وبدأ تسوله بالسيدة سوزان مبارك، ولمن لا يصدق، ها هو في مقاله المنشور على صفحات جريدة «روز اليوسف» في 17/9/2007 يقول حرفياً : (يوجد في مصر معهد لدراسات السلام التابع لحركة السيدة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام .. فأين جوائز المعهد التي يخصصها من أجل تأكيد وتحقيق أهدافه .. إن حصول شخص واحد في مصر على جائزة الدولة للسلام، حتى لو كانت بنصف مليون جنيه، أمر سيلفت نظر العالم كله، وأعترف بأنني أطمع في هذه الجائزة) .. نصف مليون جنيه يطالب بها علي سالم لنفسه، ليأكل كرواسون وسندوتشات شاورمة، بينما الجوعى والمرضى والعاطلون يفترشون الرصيف أمام مجلس الشعب، بعد ثلاثين عاماً من اتفاقية السلام مع «إسرائيل»، التي أوهموا المصريين بأنها ستجلب عليهم الرخاء والرفاهية .. نصف مليون جنيه يطالب بها علي سالم لنفسه، نظير تفرغه لتبرير كل جرائم الصهاينة والأمريكان وتعليقها في رقبة «حماس» و«حزب الله» وسوريا وإيران، فضلاً عن فرد الملاءة لمن ينتقد أمريكا و«إسرائيل» ووصفه بالتخلف والتطرف والسفالة، والانحطاط، والخلل العقلي .. ولما لم يسأل أحد في علي سالم، عاد يتسول من جديد وكتب على نفس صفحات جريدة «روز اليوسف» في 8/12/2008 ما نصه : (قلبي يحدثني أن هيئة اليونسكو سوف تخصص جوائز لدعاة السلام في «الشرق الأوسط»، وأنا في انتظار هذه الجائزة التي ستأتيني حتماً). لم يجرؤ علي سالم أن يقول صراحة إن هذه الجائزة ستأتيه (حتماً) بفضل الصهاينة والأمريكان الذين قال الرئيس مبارك إنهم عرضوا عليه جائزة نوبل مقابل سفره إلى «إسرائيل» ورفض .. فهل يستعصي عليهم ما هو أقل من جائزة نوبل؟

عموماً، رغم مرور أكثر من عامين على استجداء علي سالم للأمريكان، خيبوا أمله، ولم يمنحوه حتى الآن جائزة اليونسكو التي قال إنها ستأتيه «حتماً» كداعية سلام.

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية، وينشر بترتيب مع وكالة «الأهرام» للصحافة.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165810

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165810 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010