الأربعاء 15 حزيران (يونيو) 2011

برلسكوني الأفضل لـ «إسرائيل»

الأربعاء 15 حزيران (يونيو) 2011 par أمجد عرار

كنا نظن أن لقاء بنيامين نتنياهو وسيلفيو بيرلسكوني في العاصمة الإيطالية روما، ينطوي على انسجام يرقى إلى درجة التطابق الكامل، إلى أن ذهب نتنياهو بعيداً في تغزّله بمضيفه وصديقه، بسبب انضمامه إلى الموقف «الإسرائيلي» الرافض لذهاب السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية. غزل نتنياهو الذي اصطحب معه إلى روما تسعة وزراء ليوقّعوا ثماني اتفاقات متعددة الأغراض، وصل حد وصف برلسكوني بأنه صديق كبير لـ «الشعب» اليهودي، واعتبره أفضل لـ «إسرائيل» منه شخصياً (أي من نتنياهو). لكن برلسكوني الذي لم يكن أقل قدرة في التغزّل، وهو الخبير، راح يصف «إسرائيل» بأنها «الديمقراطية الوحيدة الحقيقية في منطقة «الشرق الأوسط»»، لا بل «نصح» الدول العربية بالاقتداء بالنموذج «الإسرائيلي».

التطابق السياسي بدا واضحاً في موقف الرجلين الرافض لقبول فلسطين دولة في الأمم المتحدة، وإصرارهما على المفاوضات بين السلطة و«إسرائيل» بعيداً عن الأمم المتحدة، ولم يقل لنا أي منهما كيف يمكن لمفاوضات أن تنجح في ما فشلت فيه طوال عشرين عاماً، وكشفت أن «إسرائيل» لا ترى في هذه المفاوضات سوى وسيلة لتفريغ الفلسطينيين من ثوابتهم الوطنية وتحالفاتهم المجدية، وتجريدهم من ثقافة المقاومة الهادفة إلى تصحيح الخلل في موازين القوى، وفي الوقت ذاته تسويق نفسها بوصفها راغبة بالسلام، وبالتالي استخدام هذه الدائرة التفاوضية المفرّغة كجسر اختراق لمناطق عصيّة أو متردّدة. وهي تجد في أمريكا وأوروبا من يساعدها ويمهّد لها الطريق لتحقيق هذه الأهداف، الأمر الذي نلمسه بوضوح في تناغم المواقف الصادرة عن هذه الأطراف، وبخاصة تكرار الدعوات إلى أيّ حكومة فلسطينية مقبلة بأن تعترف بـ «إسرائيل»، وتنبذ ما يسمى «الإرهاب»، وتلتزم الاتفاقات الموقّعة التي لم تنفّذها «إسرائيل».

بهذا المعنى، قد يكون برلسكوني أفضل من نتنياهو لـ «إسرائيل»، لكن المهم أن يكون برلسكوني أفضل لإيطاليا مما هو الآن، لا سيما أنه يواجه نكسة جديدة في الاستفتاءات الداخلية حول العودة إلى الطاقة النووية وخصخصة المياه وحصانته القضائية. وبعد هزيمته في الانتخابات البلدية، تلقى صفعة من الأغلبية الساحقة من الإيطاليين بما وصل إلى 96% صوّتت لمصلحة إبطال قوانين حكومة برلوسكوني. وإذا أضيفت إلى هذه التحديات مواجهة برلسكوني لثلاث محاكمات فضائحية، فإنه قد يكون يكتب نهايته السياسية في إيطاليا.

لم يكن نتنياهو معنياً بهذه الوقائع، وهو يتغزّل بصديقه بقدر ما هو معني بمصلحة «إسرائيل»، وإلا لما تجاهل إرادة 96% من الشعب الإيطالي قالوا (لا) كبيرة في وجه برلسكوني.

هذا هو المعيار السياسي لـ «إسرائيل» في التعاطي مع العالم، فالأفضل هو من يكون أفضل لها لا لشعبه، والسيّئ هو من يرفض سياساتها وعدوانيتها، ويأبى الانحناء أمامها حتى لو كان يحظى بشرعية كاسحة في بلده.

وإذا كان نتنياهو معجباً إلى هذه الدرجة ببرلسكوني وأفضليته لـ «إسرائيل»، فإن بإمكانه أن يجنّسه «إسرائيلياً» ويستقطبه لخوض مغامرة سياسية جديدة في ساحة ربما ترى فيه ما لا يراه الشعب الإيطالي، أو تغفر له ما لا يقبله الإيطاليون. لقد أفلس الرجل في بلاده، وخسر حتى معقله مدينة ميلانو التي عاقبته عبر صناديق الاقتراع، وبات يهيئ نفسه لأن يكون متواضعاً، ويكتفي برئاسة نادي «إي سي ميلان»، إذا لم يخسر هذه القلعة الأخيرة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2178526

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2178526 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40