الأربعاء 15 حزيران (يونيو) 2011

بالأسماء والوقائع .. أهل التطبيع (الحلقة السادسة)

تحقيق وتوثيق : شفيق أحمد علي
الأربعاء 15 حزيران (يونيو) 2011

من سرقة الفراخ .. إلى خدمة الصهاينة، أنيس منصور يقول : أمي علمتني الكذب .. وابن خالتي علمني السرقة، ويقول : المصريون شعب من الحمير، و«الإسرائيليون» حكماء وعباقرة.

ويقول : ادفع لأي مصري يبيع لك مصر وأختي كانت تسرق لي السكر والسمنة من زوجة أبيها.

ويقول : السادات هددني بأن يضع في جيبي قطعة حشيش ويدخلني السجن بالقانون.

وعقب وفاة عبد الناصر .. أنيس منصور يكتب مولولاً : كيف الحياة بعدك يا جمال؟ يوم ندفنك سندفن معك أعز وأغلى سنوات مصر ولن نشعر بخسارتك إلا عندما تتلبد السحب ونبحث عن الذي يواجه ويوجه.

والمتحدث باسم السفارة «الإسرائيلية» في القاهرة يصف أنيس منصور «بفرن نكت» ويشكره لأن كتاباته «تبث الكراهية لعهد عبد الناصر».

الكاتب، والنكتجي، والمطبع المشهور أنيس منصور .. مضحك السادات ونابش القبور، له كتاب صدر عام 2002 في سلسلة القراءة للجميع، اسمه (عاشوا في حياتي) .. وهو غير كتابه (البقية في حياتي) الذي صدر عن دار الشروق عام 1911. وعلى صفحة (680) من هذا الكتاب المسمى (عاشوا في حياتي) .. قال كبير المطبعيين والمطبلين أنيس منصور : (أكثر الناس لا يقفون على أقدامهم، وإنما يقفون على ذيولهم مثلما يقف حيوان «الكانجرو» على ذيله .. وذيلي هو تاريخي).

[**أنيس منصور كتب بكائية عبد الناصر ثم أصدر كتاباً هاجمه بشدة*]

من باب التذكرة لمن باعوا الذاكرة أو«صهينوها» .. تعالوا إلى «ذيل» أنيس منصور .. تعالوا إلى تاريخه .. لكي نعرف مثلاً : لماذا نهش أنيس منصور لحم أمه وهي في القبر، وقال على صفحة (182) وما بعدها، من كتابه الفضيحة «البقية في حياتي» إنها كانت تكذب (ولم تطلب مني يوماً أن أتوضأ، أو أصلي، ولا حتى أن أصوم .. وكانت تطلب مني أن أكذب مثلها) .. ولم يكتف أنيس منصور بذلك، لكنه أيضاً على صفحة (78) من مجلة «أكتوبر» الصادرة في 12/9/1999 وصف أمه التي توفت عام 1971 في مقال شهير بما لا يمكن أن تتصف به أم طبيعية، قائلاً بالحرف: (أمي كانت تضربني وحدي من دون بقية أشقائي .. إما لأسباب تافهة جداً، أو بلا أسباب .. وكان صفعها الدائم لي على وجهي وبقسوة .. نوعاً من «التنشيط» لأصابع يديها) ... وفي الوقت نفسه، لم يذكر أنيس منصور سبباً واحداً يجعلنا نصدق اتهامه لأمه بأنها كانت مثل أصدقائه الصهاينة والأمريكان، تكيل بمكيالين، وتضربه وحده من دون بقية أشقائه .. أو أنها كانت تضربه لمجرد «نشيط» أصابعها.

من أول السطر: أقول، تعالوا إلى تاريخ «النكتجي» المشهور أنيس منصور، لكي نعرف تفصيلاً كل ذلك وغيره .. ونعرف أيضاً لماذا لم تكن أمه تضحك على نكته .. ولماذا كانت لا تناديه باسم «أنيس» .. ولماذا قرر والده إدخاله مدرسة «الكونستبلات» التابعة للبوليس .. ولماذا قال له مأمور المركز: (ما تبقاش طري كده زى البنات) .. وحينما عمل بالصحافة، لماذا اختار لنفسه اسم امرأة، وبدأ حياته الصحفية محرراً لأخبار الموضة والمطبخ.

تعالوا نعرف أيضاً، لماذا يتغزل أنيس منصور حالياً في «الإسرائيليين»، قتلة الأطفال، رغم أنه زمان قال نصاً : (اليهود كلاب، ووحوش، ولصوص، وأعداء، وحقراء، وسفلة، وحثالة البشر) ... نعم، هكذا زمان، وبالحرف الواحد، وصف أنيس منصور أصدقاءه الآن، على صفحة (73) من كتابه القديم «الحائط والدموع» .. أما لماذا نسب أنيس منصور هذه الصفات لليهود جميعاً، وليس فقط لتلك العصابة «الإسرائيلية» التي تقتل العرب وتحتل الأراضي العربية .. فعلى صفحة (58) من كتابه نفسه «الحائط والدموع» يقول أنيس منصور نصاً: (لأن كل يهودي يعتبر «إسرائيلياً»، وذلك بمقتضى القانون الذي أصدره «الإسرائيليون»، ويسمونه قانون العودة إلى «إسرائيل»، والذي ينص بوضوح على أن كل يهودي في أي مكان في العالم هو «إسرائيلي» الجنسية، وفي استطاعته أن يكتسب الجنسية «الإسرائيلية» إذا طلبها، وليس من الضروري أن يسافر إلى «إسرائيل» أو يقيم فيها ليحصل على جنسيتها، ولأن اليهودي «إسرائيلي» في أي مكان، فهو يدفع الضريبة المطلوبة منه دائماً دعماً لـ «إسرائيل»، والواجب علينا أن نلعنه، وأن نقاطعه، وألا نفرق بين «الإسرائيلي» وبين من يدعم «إسرائيل») هذا هو اليهودي عند أنيس منصور كما جاء على صفحة (58) من كتابه القديم «الحائط والدموع» .. أما الصهيوني فهو أيضاً، عند أنيس منصور، وتحديداً على صفحة (38) من كتابه «وجع في قلب «إسرائيل»» ليس بالضرورة يهودياً، وإنما هو نصاً: (من يطالب بوطن لليهود ويدعمه) مادياً أو معنوياً أو طبعاً بالتطبيع، وتصدير الغاز، ومشاركة «الإسرائيليين» في حصار الفلسطينيين وإضعافهم.

وعليه، أي أنيس منصور بالضبط نصدق: الذي قال زمان، صفحة (73) من كتابه «الحائط والدموع» أن («الإسرائيليين» كلاب، ووحوش، ولصوص، وأعداء، وحقراء، وسفلة، وحثالة البشر) ... أم الذي يقول الآن إنهم (خبراء وحكماء وعباقرة) وليسوا قتلة ولصوصاً ويحتلون الأراضي العربية .. وما الذي جد بالضبط حتى يتغزل أنيس منصور هكذا في «الإسرائيليين» .. هل تغيرت «إسرائيل» وتاريخها البغيض .. أم أن أنيس منصور هو الذي غير جلده من النقيض إلى النقيض.

[**أندية الروتاري*]

من أول السطر : لكي نعرف كل هذا وغيره .. أكرر، تعالوا إلى «ذيل» أنيس منصور .. تعالوا عبر هذه الحلقات، نقلب في أوراق تاريخه القريب والبعيد، ليس فقط لكي نعرف كيف تحول من النقيض إلى النقيض .. وإنما لكي نعرف أيضاً، ومثلاً، ما المبلغ الذي دفعه أيام زمان ليصبح عضواً قديماً في نادي الروتاري .. ونعرف أيضاً، حقيقة أندية الروتاري وعلاقتها بالصهيونية العالمية .. ونقرأ أيضاً، النص الحرفي لفتوى الأزهر التي تحظر على المسلمين الانضمام لهذه النوادي .. ونعرف أيضاً، ما السبب الحقيقي الذي جعل صحيفة «يديعوت أحرونوت» «الإسرائيلية» تمنح أنيس منصور لقب (أنيس الصهاينة، وجليس القيادات الصهيونية) ... وهل حقاً قام أنيس منصور في زمن السادات بدور «مخابراتي» متستراً خلف دوره ككاتب مشهور .. أم لماذا بالضبط قال أول سفير لـ «إسرائيل» بالقاهرة واسمه إلياهو بن اليسار في مذكراته التي نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» «الإسرائيلية» في 29 سبتمبر/ أيلول عام 1991 أن (قناة الاتصال السري بين «إسرائيل» والسادات قبل اغتياله، كانت هي أنيس منصور)؟ وإذا كان الأمر كذلك، ما بالضبط حقيقة علاقة أنيس منصور بالمخابرات «الإسرائيلية» .. خصوصاً أنه في مقاله المنشور بجريدة «الأهرام»، في الخامس عشر من أغسطس/ آب عام 1991 قطع بأن هناك نوعاً من الصحافيين والأدباء أسماهم (أدباء المخابرات) .. وفي المقال نفسه، هاجم أنيس منصور بعض الأدباء والكتاب والصحافيين المصريين، وقال إن (مخابرات العراق وسوريا والاتحاد السوفييتي تتولاهم وترعاهم) .ز وقبلها بعشر سنوات تقريباً، وعلى صفحات جريدة «الأهرام» نفسها كان أنيس منصور، في 8/9/1981 قد قال أيضاً إن (المجلس الأعلى للصحافة لابد وأن يكون قادراً على عقاب الصحافيين والمفكرين والكتاب، الذين باعوا أقلامهم للعرب أعداء مصر، لأنها دعارة فكرية).

وبما أن الكاتب المشهور أنيس منصور قد أعطى لنفسه الحق في اتهام غيرة من الأدباء والكتاب والصحافيين المصريين (بالدعارة) الفكرية، وبأنهم باعوا أقلامهم (للعرب أعداء مصر) .. وبأن المخابرات الفلانية ترعاهم، وأنهم يعملون لمصلحة هذه المخابرات أو غيرها .. فلماذا إذن نستبعد اتهام أنيس منصور بهذه الاتهامات نفسها؟ لماذا نستبعد أن يكون أنيس منصور هو الآخر مجرباً لهذه «الرعاية» المخابراتية التي يتهم بها غيره؟ ولماذا نستبعد أن تكون مخابرات أمريكا أو «إسرائيل» أو غير «إسرائيل»، ترعاه هو الآخر، وترعى غيره من أبواق الأمركة والتطبيع مع الكيان الصهيوني؟ هل لدي أنيس منصور ما يقطع بأن مخابرات العراق، أو سوريا، أو الاتحاد السوفييتي كما يقول، هي فقط المنوطة برعاية الأدباء المصريين، أو غير المصريين؟ وما دليله القاطع على ذلك؟ أنيس منصور يقول في المقال نفسه، أن في مصر أدباء، وطلاباً، وصحافيين (مأجورين) لحساب بعض الدول العربية وغير العربية، ودليله في ذلك هو أن (آراءهم تتفق مع أراء هذه البلدان، وتروج لدعاويهم) هكذا نصاً.

وبالمنطق نفسه، والقياس نفسه .. هل من حقنا أن نتهم أنيس منصور وأمثاله المطبعين، بأنهم هم أيضاً (مأجورون) لحساب أمريكا و«إسرائيل»، خصوصاً وأن (آراءهم تتفق بالفعل مع أراء الصهاينة والأمريكان) ويروجون، للتطبيع والتركيع ودعاوى التبعية والهوان؟

أقول: تعالوا إلى تاريخ أنيس منصور .. تعالوا إلى أصله وفصله، منذ أن تعلم زمان سرقة الفراخ، وحتى أصبح كاتباً شهيراً يصف الشعب المصري على صفحات جريدة «الشرق الأوسط» «السعودية» في 1/4/2009 بأنه (شعب من الحمير). من دون أن يكترث أحد الصبية أو الكبار ممن يرتزقون بالكلام عن (سمعة مصر والمصريين). ويطالبه بالاعتذار.

كاتب واحد فقط غضب لإهانة الشعب المصري، هو الفتى الموهوب المحترم «بلال فضل» الذي كتب في عموده المتميز على صفحات جريدة «المصري اليوم» في 11/10/2009 (ماذا سيحدث لو زل قلم كاتب معارض، شاباً كان أو كهلاً، ووصف الشعب المصري بأنه شعب من الحمير؟ بالطبع ستنتفض كل الأقلام والأبواق الحكومية لتهدر دمه وتقصف قلمه، لكنها عملت مش واخدة بالها عندما كتب الكاتب الكبير أنيس منصور في عموده اليومي بصحيفة «الشرق الأوسط»، يوم الأول من إبريل/ نيسان الماضي أن «قاضي القضاة العز بن عبد السلام ركب حماره ووقف على حدود مصر، هو نيابة عن العلماء، وحماره نيابة عن الشعب المصري» .. بل وافتخر أنيس منصور بإعادة نشر هذه الجملة التي سبق أن أغضبت منه الرئيس عبد الناصر، من دون أن يفكر في مراجعة نفسه أو الاعتذار للمصريين عما كتبه في حقهم، خاصة أن ما كتبه أنيس منصور ليس نقداً، بل شتيمة صريحة جماعية.

انتهى ما كتبه المتألق «بلال فضل» على صفحات جريدة «المصري اليوم» في 11/ 10/2009 و«المصري اليوم» كما نعلم جريدة واسعة الانتشار، وبالتالي لا يستطيع المرتزقة إياهم القول إنهم لم يقرؤوها .. وإن تجرأوا وقالوها .. فقد فضحهم أنيس منصور نفسه وسخر منهم ومن أمثالهم، وأعاد نشر نفس الوقاحات، وبنفس الكلمات ضد الشعب المصري في جريدة مصرية، حكومية، يمولها الشعب المصري وهي جريدة «الأهرام» في 29/4/2009.. أي بعد أقل من شهر فقط من إهانته للشعب المصري على صفحات «الشرق الأوسط» .. ومن وقتها وحتى الآن، لا أحد من أبواق الصهاينة والأمريكان، فتح فمه.

صحيح أن أنيس منصور لم يردعه أحد، حينما تفاخر يومها، أي يوم 29/4/2009 وقال في مقاله إياه على صفحات «الأهرام» إنه سبق أن نشر هذه الإهانة للمصريين على صفحات مجلة «الجيل» في بداية الستينات، لكنه اعترف في المقال نفسه بأن هذه الإهانة للشعب المصري أغضبت عبد الناصر وقتها، وعاقب عليها أنيس منصور بالفصل من رئاسة تحرير مجلة «الجيل» .. وهذا هو الفرق بين عبد الناصر وغيره.. وصحيح أن أنيس منصور اعترف أيضاً في ذات المقال، بأن صديقه أنور السادات قال له بعدها، بأنه يستحق «الشنق» على هذا المقال وليس الفصل فقط من رئاسة التحرير .. إلا أن الكاتب الصنديد أنيس منصور، عاد ونشر ثانياً وصفه للمصريين بأنهم شعب من «الحمير» في عهد الرئيس مبارك مرتين، لا مرة واحدة .. مرة على صفحات جريدة «الشرق الأوسط» في 1/4/2009 ومرة على صفحات جريدة «الأهرام» «المصرية» في 29/4/2009 لكن أحداً من مصاصي دماء الشعب المصري لم يفتح فمه حتى الآن .. حتى الرئيس مبارك ومن حوله سكتوا .. وكأنهم ليسوا من المصريين الذين أهانهم أنيس منصور ووصفهم بالحمير .. وبالمناسبة، أو قل، من باب التذكرة عمن باعوا الذاكرة أو أمركوها .. ليست هذه هي المرة الأولى التي يمارس فيها أنيس منصور بذاءاته ضد الشعب المصري أو ضد فنانيه وفناناته، بينما مرتزقة الحكومة وأبواقها يبلعون ألسنتهم.

من أول السطر: على سبيل العينة سأكتفي بمثالين فقط .. المثال الأول، هو ما كتبه أنيس منصور في ذلك المقال القديم الذي يؤكد أن جليطة أنيس منصور ليست بنت اليوم .. وهو المقال الذي كتبه أنيس زمان، في حق واحدة من أجمل ما فينا، صوتاً وصورة، ونفتقدها كثيراً هذا الأيام، وهي الفنانة عفاف راضي .. ذلك المقال الذي نشره أنيس منصور على صفحات «الأخبار» في الرابع من مارس/ آذار عام 1973 أي في عهد الرئيس السادات، وقال فيه نصاً وبالاسم: (عفاف راضي، صوتها الجميل يغفر لها أشياء كثيرة .. وجهها وجسمها، والتواء ساقيها، وطول قدميها .. وتشاء إرادة الله ألا تعطي الحنجرة الجميلة، لجسم جميل).

أما المثال الثاني، الذي تطاول فيه أنيس منصور على المصريين «جميعاً» من دون رادع .. فتاريخه يرجع إلى الاثنين 11/11/1991، أي حدث في زمن الرئيس مبارك أيضاً .. وفيه قال أنيس منصور على صفحات «الأهرام» بالحرف: (نحن بدائيون .. القطط والكلاب تتصرف أحسن منا، والكلاب أساتذتنا والمجتمع المصري مجتمع فلاحين والمصطبة من رموز الكسل والتنطع الريفي) .. وفي تعميم صهيوني مشبوه ومرفوض أصدر أنيس منصور في ذات المقال حكماً مطلقاً على كل التجار المصريين وليس بعضهم، قائلاً بالنص: (الغش التجاري أهم سمات التاجر المصري .. والإدارة في مصر جاهلة، والغش هو أهم معالم التجارة والصناعة والإدارة المصرية، وأهم معالم وأخلاقيات الصناعة، والزراعة، والتسويق، والتمويل، والاستثمار في مصر).

أما الصهاينة القتلة في كيان الاحتيال والاحتلال .. فهاهو أنيس الصهاينة في 31/6/1990 وكما رأينا منذ سطور، يصفهم بـ (الحكمة والعبقرية) بعد أن وصفهم زمان بـ (الكلاب والحقراء وحثالة البشر)؟

وهكذا أنيس منصور دائماً، من النقيض إلى النقيض .. طبقات «جلده» بلا حصر، ووجهه دائماً شطر القصر، وأسرع من يركب الموجة في كل هوجة وفي كل عصر .. هل تذكرون مثلاً، غزله زمان في التراب الذي كان يمشي عليه جمال عبد الناصر، هل تذكرون البكائية الشهيرة التي كتبها أنيس منصور بعد يومين فقط من وفاة عبد الناصر، على صفحات (الأخبار) وقال فيها يومها وهو يولول: (يوم ندفن جمال عبد الناصر سندفن أعز وأغلى سنوات مصر والأمة العربية .. كيف الحياة بعد جمال، سوف تجف الدموع .. ولكن لن نشعر بخسارة هذا الرجل، إلا في ما بعد .. عندما تتلبد السحب ونبحث عن الشمس .. وتظلم السماء ونبحث عن الضياء .. عندما نبحث عن الذي يواجه ويوجه .. الله معنا يعوضنا عن هذا المشعل الذي أضاء كثيراً وبشدة .. فانطفأ فجأة، وبسرعة) .. كل هذا الغزل تحول في زمن السادات وخليفته مبارك، إلى افتراءات واتهامات مرسلة ضد عبد الناصر ومنجزاته؟ كل هذا الغزل وغيره «بلعه» المطبعاتي المشهور أنيس منصور من فرط صدقه، وأصدر عام 1988 كتاباً أسماه «عبد الناصر المفتري علينا والمفتي عليه» .. وهو الكتاب الذي احتفت به «إسرائيل» طويلاً، وقال إسحاق موشيه المتحدث الرسمي السابق باسم السفارة «الإسرائيلية» في القاهرة، على صفحة (32) من كتابه «مصر في قلبي» إن (صديقي أنيس منصور أراد أن يحييني، فأهدى لي نسخة من هذا الكتاب، الذي يعتبر أخطر ما نشر في مصر عن عهد عبد الناصر وعن فساد وخواء وفجور وسخف البناء الذي أقامه عبد الناصر، ويبث الكراهية الشديدة لذلك العهد) هذا بعض ما قاله المتحدث الرسمي السابق للسفارة «الإسرائيلية» بالقاهرة عن كتاب أنيس منصور الذي يفتري فيه على العظيم عبد الناصر، عدو الصهاينة، والذي سبق لنفس أنيس منصور أن تغزل في التراب الذي كان يمشي عليه، فأي أنيس منصور نصدق، الذي تغزل في عبد الناصر زمان .. أم الذي يهاجمه الآن في كتابه إياه .. المضحك أن أنيس منصور، في مقدمة ذلك الكتاب المشبوه، أقسم بأغلظ الحلفانات بأن الرئيس حسني مبارك قال له نصاً: (أرجوك .. في عرضك .. أوقف مقالاتك ضد عبد الناصر، لأنها تسبب لي صداعاً) ورغم ذلك لم يوقفها .. فهل تعرف لماذا لم يستجب الكاتب «الصنديد» لتوسلات الرئيس مبارك شخصياً، وهو الذي يتمنى رضاءه، ولماذا لم يوقف مقالاته ضد عبد الناصر، بل وأصدرها في كتاب؟ وهل تعرف سر حرص أنيس منصور على أن يذكر ذلك في مقدمة كتابه؟ هل أراد أنيس منصور أن نفهم من ذلك، أنه كتب ما كتبه ويكتبه ضد عبد الناصر على غير إرادة الرئيس مبارك .. أم يريد أنيس منصور أن يبعد عن نفسه (بطحة) أنه يتهجم على عبد الناصر ويشوه إنجازاته إرضاء للرئيس مبارك، ولأمريكا، ولـ «إسرائيل»، خصوصاً وأنه لم يكتب حتى الآن كلمة نقد واحدة، لا ضد سياسات الرئيس مبارك، ولا ضد جرائم الصهاينة والأمريكان في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان والسودان وأفغانستان.

قبل الإجابة: تعالوا نقلب في بقية «أوراق» أنيس منصور، ونقرأ بعضاً مما كتبه في هذه الأوراق بخط يده .. ربما نعرف من هو بالضبط أنيس منصور الذي يحتل رأس قائمة أصدقاء «إسرائيل» في مصر؟ ولنبدأ أولاً بما كتبه أنيس في تلك الورقة «الفضيحة» .. ورقة أصله، وفصله، وكيف نشأ.

من أول السطر: هو: الابن التاسع لأبيه .. ورغم أن شهادة ميلاده تقول إن اسمه الثلاثي هو «أنيس محمد منصور» .. لكن أمه وأباه وأهل قريته كانوا ينادونه باسم «صلاح» .. هكذا قال أنيس منصور بعضمة لسانه على صفحة (58) من كتابه «البقية في حياتي» ولم يذكر السبب. وقال أيضاً، على صفحة (37) إن له أختاً أنجبتها أمه من غير أبيه، وأن هذه الأخت بتعبيره «حلوة» وأنه فكر يوماً في أن «يتزوجها» رغم أنها كانت كذابة وحرامية، أو بنص تعبيره: (كانت تكذب على زوجة أبيها، وتسرق لي منها الأرز والسكر والسمنة).

وقال أيضاً أنيس منصور، على نفس الصفحة، إن له أخوة آخرين غير أشقاء (لكني لا أراهم كثيراً، ولا يدور بيننا حديث، ولا يجيئون إلى بيتنا، ولا أعرف أين بيتهم، ولم أحاول أن أذهب إلى بيتهم، ولا أحد دعاني إلى ذلك).

ولمن لا يعرف: الكاتب المشهور أنيس منصور مولود في 18/8/1925 أي أنه في الخامسة والثمانين، إلا قليلاً .. أما قريته، فرغم أنه في كتابه «البقية في حياتي» الذي صدر عام 1991 سبق أن قال إن اسمها (كفر الباز) مركز السنبلاوين دقهلية .. قال على الغلاف الأخير لنفس الكتاب إن موطنه الحقيقي (مجهول) .. وبعدها بستة عشر عاماً تقريباً، وتحديداً في السبت 31/3/2007 عاد أنيس منصور وكتب بجريدة «الشرق الأوسط» أن قريته اسمها «نوب طريف» مركز السنبلاوين دقهلية، وليس «كفر الباز» كما قال من قبل في كتابه «البقية في حياتي» .. فأي القولين نصدق؟

وفي كتابه «نحن أولاد الغجر» قال أيضاً: (أنا في الحقيقة واحد من أبناء الغجر .. تنقلت طويلاً في الريف المصري .. كان والدي يعمل في أماكن كثيرة ونحن وراءه نجري ونلاحقه .. نتدحرج على الريف المصري وعلى أطراف المدن، ولا نثبت على أرض ) ... وعلى صفحة (94) من نفس كتابه «البقية في حياتي» قال أيضاً أنيس منصور صراحة إنه (شجرة منزوعة الجذور) .. أما لماذا، فلأن «جلد» أنيس منصور، كما يقول على الصفحة الثالثة من نفس الكتاب (مغطى بطبقة من العازل تجعلني لا أحس بأحد) حتى أمه، الست أم صلاح .. أما أمه الأكبر مصر، فسنرى بعد قليل كيف تاجر بها أنيس الصهاينة وجليسهم، وكيف «يطبل» لأعدائها، ويحط من شأنها .. ويفتري على أبنائها إلى الحد الذي قال فيه بالحرف: (ادفع لأي مصري .. يبيع لك مصر). هكذا كتب نصاً أنيس منصور في 28 فبراير/شباط عام 1982 من دون أن يحاسبه أحد حتى الآن .. وبما أن شهادة ميلاده تقول إنه (مصري) .. فبكم بالضبط باع هو مصر؟

من أول السطر: رغم أن أنيس منصور نفسه .. أقر على صفحتي (61 و206) من نفس كتابه «البقية في حياتي» بأنه فعلاً «كذاب» كما وصفته أمه لأبيه .. إلا أن جحوده جعله صفحة (15) لا يتورع عن أن ينهش لحم والدته وهي في القبر ويقول بالحرف الواحد: (أمي هي التي كانت تكذب) ... صحيح أن هذه ليست المرة الأولى التي ينهش فيها الكاتب المشهور أنيس منصور لحم أمه حيث سبق أن وصفها على صفحات مجلة «آخر ساعة| في 21/10/1986 بأنها (كانت مؤلمة وظالمة ومنبعاً للعذاب) ... وصحيح أن أنيس منصور لم يكتف بذلك، وإنما عاد كما قلت من قبل، ووصف أمه في مقال شهير على صفحة (78) من مجلة «أكتوبر» في 12/9/1999 بما لا يمكن أن تتصف به أم طبيعية قائلاً إنها (كانت تضربني وحدي من دون بقية أشقائي .. إما لأسباب تافهة جداً أو بلا أسباب .. وكان صفعها الدائم لي على وجهي وبقسوة نوعاً من «التنشيط» لأصابع يديها) هكذا نصاً .. لكن الصحيح أيضاً، هو أن كل من يقرأ اتهامات أنيس منصور لأمه التي توفيت عام 1971، لابد أن يسأل نفسه: هل هناك أم طبيعية تصفع ابنها على وجهه من أجل فقط «تنشيط» أصابع يديها؟ وهل هناك ابن طبيعي يتهم أمه بهذا الاتهام وهي في القبر ولا تستطيع أن تفضح كذبه؟ أنيس منصور فعلها .. وعلى مدى (243) صفحة، هي كل صفحات كتابه «البقية في حياتي» تفنن في التشهير بأمه تلميحاً وتصريحاً .. وكأنه في هذا الكتاب الفضيحة لا يريد أن يستعرض فقط قدرته على الجحود والافتراء والنكران .. وإنما يدعونا أيضاً إلى ألا نندهش من تسبيحه بحمد الصهاينة والأمريكان .. تأكيداً لانتمائه إلى هؤلاء الذين قال عنهم لويد جورج، وقت أن كان رئيساً لوزراء بريطانيا زمان: (إنهم على استعداد لسلخ جلود بطون أمهاتهم، ليصنعوا منها طبلة، يطبلون عليها لأي حاكم وأي سلطان، بشرط أن يدفع) ... وأغلب ظني أن أنيس منصور تعمد أن يفتري على أمه في كتابه «البقية في حياتي» .. لكي يقول لنا بوضوح وعلى بلاطة: إذا كنت قد فعلت كل ذلك بأمي .. فلماذا تندهشون إذن مما قلته في حق عبد الناصر بعد وفاته؟ ولماذا تندهشون أيضاً لوصفي للسادات بعد موته بالمتآمر؟

بالمناسبة: قد يتذكر بعضنا، أن أنيس منصور فاخر في مقالاته بأنه كان يرافق السادات لتسليته وإضحاكه بالنكت والنوادر المسلية، في كثير من جلساته ورحلاته وأثناء قيام السادات برياضة المشي التي كان يحرص عليها كثيراً .. لكن بعضنا، قد لا يتذكر أيضاً أن أنيس منصور سرعان ما تنكر للسادات، وبعد أقل من أسبوع من اغتياله، كتب أنيس مقالاً شهيراً على صفحات مجلة «أكتوبر» الذي كان يرأس تحريرها، تناسى فيه أن السادات «ولي نعمته» وراح يهاجمه وهو في القبر، بل ووصفه صراحة بالمتآمر .. ومن دون خجل، قال أنيس منصور في ذلك المقال إن السادات في أحد الأيام: (قال لي مهددا: يا أنيس .. أنا رئيس مصر وأستطيع أن أضع في جيبك قطعة حشيش وأدخلك السجن بالقانون؟) هكذا كتب نصاً أنيس منصور في حق السادات ودولته، التي كان يسميها دولة القانون، بعد أقل من أسبوع من اغتيال السادات، وكأنها رسالة إلى الرئيس مبارك وغيره، يقول فيها أنيس منصور للجميع: خمنوا إذاً المدى الذي يمكن أن أصل إليه في نبش القبور، وفي التشهير بالرئيس مبارك هو الآخر، تقرباً ممن سيجلس بعده على عرش مصر، حتى ولو كان ابنه جمال؟ هكذا يقول أنيس منصور في ما يبدو، للمندهشين من نبشه لقبر أمه.

[**أمه لم تكن تضحك لنكاته*]

أما المندهشون من أن أنيس منصور لم يكتب حتى الآن كلمة نقد واحدة في حق الرئيس حسني مبارك وسياساته، وكأن مبارك «معصوم» من الخطأ .. فيبدو أن أنيس منصور أراد أن يقول لهم بذلك، إن مبارك لن يكون عنده أعز من أمه، التي حملته في بطنها وأرضعته من ثديها .. ورغم ذلك تنكر لها ونهش لحمها على مدى صفحات كتابه الدامغ «البقية في حياتي» .. إلى الحد الذي قال فيه على صفحة (37) من نفس كتابه، إن حبه لخالته (أعمق وأكثر) من حبه لأمه، وإن ابن خالته الذي كان يعلمه حفظ القرآن الكريم علمه (سرقة البيض والدجاج من فوق السطوح، وسرقة المصاحف والكراريس من الكتاتيب والمدارس المجاورة).

وعلى امتداد صفحات نفس الكتاب، نبش أنيس منصور قبر أمه، وقال نصاً إنها: (كانت تكذب، وتبطش، وتراوغ، وشكاكة، ونكدية، وسادية، وظالمة .. وتضربه وحده من دون بقية أشقائه بلا سبب، أو لأسباب تافهة) هكذا نصاً .. وقال أيضاً أنيس منصور في نفس الكتاب إن أمه (كانت تضربه بيديها وقدميها، وبأي شيء قريب منها، وتتشاجر مع والده، وعالية الصوت، وعصبية المزاج، وتقرأ الفجان وتكره الجيران، وتتضايق إن زاروها، وتمنعه من التحدث مع أي جار، وأقاربها فقراء، وأكثرهم ثراء يركب الحمار، وأمه لا تحبهم وتحب الفلوس، وتحرمه من اللعب، وتحرمه من الخروج وتحرمه أيضاً من القراءة) .. وعلى صفحة (182) قال أنيس منصور أيضاً إن أمه (لم تطلب منه يوماً أن يصلي أو أن يصوم، وكانت تطلب منه أن يكذب وأن يتظاهر بالمرض .. وزملاؤه يضربونه، ويقولون له «يا ابن أمك» .ز وأمه تراه طرياً، ونكتجياً، ولا تضحكها النكت، ولا تريده أن يطلع أزهرياً، وإذا نادته تظاهر بأنه نائم .. وإذا نام يراها دائماً في منامه وهي تغرقه في النيل، أو تدوسه بأرجلها مثلما تدوس الصراصير .. أو تحبسه في قفص مع الفئران تحت السرير) ... تخيلوا .. كل ما سبق هو بعض ما قاله المطبعاتي المشهور أنيس منصور في حق أمه .. أما ما كتبه في حق أبيه الذي توفي عام 1947 فهو الأفدح.

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية، وينشر بترتيب مع وكالة «الأهرام» للصحافة.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2178281

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178281 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40