الجمعة 10 حزيران (يونيو) 2011

بالأسماء والوقائع .. أهل التطبيع (الحلقة الأولى)

تحقيق وتوثيق : شفيق أحمد علي
الجمعة 10 حزيران (يونيو) 2011

ما المقال الذي تسبب في تعيين مكرم محمد أحمد رئيساً لتحرير مجلة «المصور» وتسبب في فصل أحمد بهجت من رئاسة تحرير مجلة «الإذاعة والتلفزيون»؟

ولأنه فوق الحساب: نقابة الصحافيين عاقبت حسين سراج بسبب سفره إلى «إسرائيل» ومكرم محمد أحمد فعلها قبله أكثر من مرة ولم تعاقبه النقابة حتى الآن.

ومن فرط المساواة: الدكتورة هالة مصطفى عاقبتها النقابة لأنها استقبلت في مكتبها «إسرائيلياً» واحداً ومكرم محمد أحمد استقبل في مكتبه (12) صحفياً «إسرائيلياً»، ولم تعاقبه النقابة هو الآخر.

وفي وثيقة «إسرائيلية» فاضحة: سفارة العدو الصهيوني بالقاهرة تضع مكرم محمد أحمد، وأنيس منصور، وصلاح منتصر، وحسين سراج في قائمة (أصدقائها).

والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يقول لمكرم محمد أحمد: مصافحة «الإسرائيليين» معناها القبول بتطبيع العلاقات مع «إسرائيل» وهو أمر لا أوافق عليه.

وفي درس خصوصي .. عبدالمنعم سعيد يسخر من الأداء «الصحفي» لمكرم محمد أحمد ويقول له في صرامة : أسئلتك أطول من الإجابات.

[**عملاً بنصيحة صلاح عيسى: «تجريس» مكرم محمد أحمد*]

نبدأ «بالأستاذ» مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين المصريين حالياً ..

نبدأ بأول صحفي مصري قص شريط التطبيع زمان .. وعلى صفحات «الأهرام».

هل تعرفه جيداً؟! أنا شخصياً عضو في نقابة الصحافيين المصريين، وأعمل بالصحافة منذ أربعين عاماً تقريباً، ورغم ذلك لا أعرف عن «الأستاذ» مكرم هذا القدر الهائل من المكابرة والمراوغة، ولا أقول ضعف الذاكرة، الذي جعله دون خجل يقول للعزيز والكاتب الصحفي المتميز ماهر حسن ما سأقرأه لكم بعد قليل!!

أعرف فقط عن السيد النقيب أنه عصبي جداً .. وحكومي جداً .. و«تطبيعي» جداً .. وأن الرئيس السادات عينه رئيساً لمجلس إدارة «دار الهلال» ورئيساً لتحرير مجلة «المصور» في أعقاب مقال شهير تهجم فيه مكرم محمد أحمد، على رافضي التطبيع مع الصهاينة، قتلة أطفال بحر البقر.

وأعرف أيضاً، أن السادات في نفس اليوم، وفي أزهى عصور الديمقراطية إياها، فصل كاتبنا «النبيل» أحمد بهجت من رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون، لأنه كتب يومها مقالاً بديعاً رفض فيه التطبيع مع الصهاينة المحتلين.

[**اسبوعان في «إسرائيل»*]

ومن باب الإنصاف: أعرف أيضاً وأرجوك لا تضحك أن «الأستاذ» مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين المصريين حالياً، كان زملاؤه أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين، قد أصدروا في عام 1980 قراراً شهيراً بحظر التطبيع مع الصهاينة المحتلين إلا بعد عودة الحقوق العربية المغتصبة .. لكنه وهو القدوة من فرط احترامه لقرارات النقابة التي هو نقيبها، داس بحذائه على هذا القرار، وسافر إلى «إسرائيل» أكثر من مرة، قضى في إحداها أسبوعين كاملين هناك، أجرى خلالها حوارات متعددة مع عدد من الوزراء والقيادات الصهيونية، ومنها حوار شهير مع الإرهابي القاتل مناحم بيغن وقت أن كان رئيساً لوزراء الكيان الصهيوني، ونشر هذا الحوار قبل ستة عشر يوماً من جريمة افتتاح سفارة للصهاينة في القاهرة .. وتحديداً على الصفحة الثالثة من جريدة الأهرام في العاشر من فبراير/ شباط عام 1980 بعنوان (أسبوعان في «إسرائيل» حوار ساخن في مكتب بيغن رئيس الوزراء) .. بل وكما سنرى تفصيلاً بعد قليل، استقبل مكرم محمد أحمد في مكتبه بمجلة المصور، بعد أن أصبح رئيساً لتحريرها، أشخاصاً «إسرائيليين» .. ورغم ذلك لم تعاقبه النقابة الآن، مثلما عاقبت زملاءه الصحافيين الذين سافروا مثله إلى الكيان الصهيوني أو الذين التقوا مثله مع «إسرائيليين» في القاهرة، أو غير القاهرة.

وعليه: لم يعد أمامنا سوى أن نفعل مع السيد النقيب في زمن الحزب الوطني المنحل، ما كان يفعله المصريون زمان، في زمن «المماليك» البائد .. أي لم يعد أمامنا في ظل عجز النقابة عن محاسبة نقيبها الذي انتهك قراراتها، سوى أن نعاقبه نحن أدبياً لا تأديبياً بعقوبة «التجريس» .. عملاً بنصيحة الكاتب والمؤرخ الشهير صلاح عيسى، في مقاله المنشور بجريدة «المصري اليوم» صباح السبت 23/8/2008 بعنوان (التطبيع .. مسؤولية أدبية لا محاكمة تأديبية) .. ورغم أنني أختلف مع هذه النصيحة، أو هذه الفتوى، لكن ما باليد حيلة، إذا كان السيد النقيب على رأسه ريشة، ولم يتم التحقيق معه، بل ولم يبادر هو نفسه كقدوة ومن باب المساواة ويطلب من مجلس النقابة الذي يرأسه، أن يحيله هو الآخر إلى نفس لجنة التحقيق التي أحالوا إليها مثلاً، الصحفي حسين سراج لأنه سافر إلى «إسرائيل»، والتي انتهت إلى معاقبة حسين بالوقف عن ممارسة المهنة لمدة ثلاثة شهور، خصوصاً أن السيد النقيب فعلها هو الآخر قبل حسين سراج وسافر إلى «إسرائيل» أكثر من مرة، لا مرة واحدة .. ورغم ذلك، لم يبادر السيد النقيب ويطلب من مجلس النقابة أن يخضع لما خضع له زملاؤه وأن تحيله النقابة هو الآخر للتحقيق، أسوة بزميلته الدكتورة هالة مصطفى التي حققت معها النقابة، لأنها استقبلت سفير الكيان الصهيوني في مكتبها بجريدة «الأهرام»، وانتهى التحقيق معها بتوقيع عقوبة «الإنذار» عليها .. في حين أن السيد النقيب القدوة استقبل هو الآخر في مكتبه بمجلة المصور (اثني عشر) صحفياً «إسرائيلياً»، لا «إسرائيلياً» واحداً ولم تحقق معه النقابة حتى الآن .. فضلاً عن أن سفارة العدو الصهيوني في القاهرة تضعه منذ عام 1984 في (قائمة) المتصهينين المصريين، الذين تسميهم السفارة، في أوراقها الرسمية (بالأصدقاء) .. والقائمة منشورة مع هذه السطور، وهي صادرة عن السفارة «الإسرائيلية» بالقاهرة، ويعلوها شعار واسم السفارة باللغتين العبرية والإنجليزية .. ويظهر فيها اسم كل من مكرم محمد أحمد، وأنيس منصور، وصلاح منتصر، وحسين سراج، ضمن تلك القائمة الفضيحة، المكتوب في أعلاها نصاً، أنها تضم : (أسماء الأساتذة «الأصدقاء» المدعوين لحفل العيد القومي لدولة «إسرائيل» في 7 مايو/ أيار سنة 1984) هكذا بالحرف .. وهي الوثيقة أو القائمة التي كان شريف عبد المعطي غراب المحامي قد قدمها إلى لجنة التأديب بنقابة المحامين المصريين عام 1984 للتدليل على أنه ليس وحده الذي «يتعامل» مع السفارة «الإسرائيلية» في القاهرة، ورغم ذلك فصلته اللجنة من عضوية نقابة المحامين، مؤكدة أن ارتكاب أحد الأشخاص لجريمة «اللواط» مثلاً .. لا يبرر لشخص آخر ارتكاب نفس الجريمة.

المضحك، هو أن السيد النقيب مكرم محمد أحمد بعد كل ما سبق، قال في الحوار الذي أجراه معه العزيز «ماهر حسن» على صفحة (13) من جريدة «العربي الناصري» في 22/11/2009 أي قبل أيام قليلة من انتخابات النقيب الأخيرة .. في هذا الحوار سأله الزميل ماهر نصا: أستاذ مكرم .. لماذا تطاردك مع كل دورة انتخابية صفة أنك حكومي .. أو تطبيعي؟

وعلى الفور، قال له الأستاذ مكرم بعصبية : (نفسي حد يوجهلي كلاماً مقروناً بتواريخ ووقائع محددة كدليل على أنني حكومي أو تطبيعي .. نفسي حد يجيبلي مقالاً أتملق فيه الحكومة أو يحمل عبارات الثناء والتسبيح للنظام أو أدعو فيه للتطبيع .. ما يغيظني هو أن من يتهمني بذلك لم يجتهد في البحث عن ملفي .. اقرأوا كتاباتي قبل أن تتهموني، وأتحدى أن يأتي أحد بمقال لي يؤكد هذه الاتهامات).

وقبلها بعشرة أيام تقريباً، وتحديداً في الحلقة التي أذيعت مساء 13/11/2009 من برنامج «كلام مسؤول» الذي يقدمه الزميل محمد صلاح على شاشة التلفزيون المصري .. سأله الزميل صلاح: أستاذ مكرم .. ما رأيك في اتهامك بأنك مرشح الحكومة على منصب النقيب، وأنك مؤيد للتطبيع، خصوصاً أنك سافرت فعلاً إلى «إسرائيل»؟ فرد عليه الأستاذ مكرم قائلا: (دا أحد الأسباب اللي بتخليني أتنرفز وأتضايق، لأن المفروض اللي يقوللي كده، يقوللي أنا قريت لك المقال الفلاني بتحابي فيه الحكومة، أو بتروج فيه للتطبيع مع «إسرائيل»، ساعتها أنا هاضربله تعظيم سلام، لأنه دقق ونقب ووجه اتهامه على أساس صحيح) .. هكذا بوضوح قال الأستاذ مكرم محمد أحمد للزميل محمد صلاح، والنص الكامل للحوار موجود حتى الآن، على الموقع الإلكتروني للتلفزيون المصري المسمى «إيجي نيوز»!

ومن باب الإنصاف: وحتى لا «يتنرفز» السيد النقيب، أو يشعر «بالغيظ» لا سمح الله .. تعالوا نحقق له رغبته ونقول له كلاماً مقروناً بتواريخ ووقائع محددة .. لا ليضرب لنا «تعظيم سلام» كما يقول، ولكن لكي تروا بأنفسكم مدى ما يتمتع به نقيب الصحافيين من مكابرة ومراوغة، ولا أقول ضعف ذاكرة.

هو مثلاً، بعد أربع سنوات من القرار الذي صدر من الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين المصريين عام 1980 بحظر التطبيع مع «الإسرائيليين» .. نشرت مجلة «أكتوبر» في الأحد 29/4/1984 خبراً دامغاً، قالت فيه إن مكرم محمد أحمد وكان وقتها رئيساً لتحرير مجلة «المصور» (استقبل هذا الأسبوع في مكتبه، عدداً من «الإسرائيليين» أعضاء حركة السلام الآن «الإسرائيلية»، وهم: يورام بن بورات، وجانيت أميغاد، وموسى بن آرتس، ودادا بن شتريت) وقالت مجلة «أكتوبر» في نفس الخبر، إن شمعون شامير الذي كان وقتها رئيساً لوكر التجسس، المسمى بالمركز الأكاديمي «الإسرائيلي» في القاهرة (قد حضر اللقاء، وأثنى عليه).

[**لا أخاف من «الإسرائيليين»*]

والأستاذ مكرم أيضاً: وكما قلت منذ سطور، استقبل وفداً آخر مكوناً من (12) صحفياً «إسرائيلياً» في نفس مكتبه بمجلة «المصور» .. وتبريراً لذلك، وفي نفس الحوار الذي أجراه معه الزميل ماهر حسن ونشرته جريدة «العربي الناصري» في 30/11/1999 لم يجد مكرم محمد أحمد ما يبرر به انتهاكه الفج لقرار النقابة التي ينتمي إليها بعدم التطبيع، إلا كلاماً مضحكاً قال فيه ضمن ما قال: (أنا قابلت الصحافيين «الإسرائيليين»، لأنني لا أخاف منهم وموقفي هو الأقوى وموقفهم هو الأضعف، وأثناء نقاشي معهم، احتديت عليهم وصوتي ارتفع، لدرجة شعرت معها أن جدران غرفة مكتبي كانت تهتز).

أرجوك لا تضحك .. لأن الأستاذ مكرم أيضاً: في الحوار الذي أجرته معه جريدة «المصري اليوم» في 6/10/2007 حينما واجهته الجريدة بأنه انتهك قرار نقابة الصحافيين بعدم التطبيع مع «الإسرائيليين» وأجرى حواراً مع رئيس الوزراء الصهيوني مناحم بيغن، أعاد السيد النقيب من فرط المراوغة، نفس المبررات المضحكة وقال دون خجل: (أنا أفخر أن بيغن نقلوه من تحت يدي أثناء الحوار إلى غرفة الإنعاش!!) .. وكأن القضية هي: إلى أين بالضبط سينقلون مناحم بيغن من تحت يديه الليث الهصور مكرم محمد أحمد .. وليس مدى احترامه والتزامه بقرار عدم التطبيع مع الصهاينة القتلة.

[**موقف شيخ الأزهر*]

هذا في «شرع» الأستاذ مكرم محمد أحمد كما رأيتم .. أما في «شرع» الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، فمصافحة «الإسرائيليين»، مجرد المصافحة، وليس الجلوس إليهم أو الحوار معهم تعني: (القبول بتطبيع العلاقات مع «إسرائيل»، وهو أمر لا أقره، ولا أوافق عليه، إلا بعد أن تعيد «إسرائيل» للفلسطينيين حقوقهم المشروعة)، هكذا قال بالحرف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في حوار أجراه معه الأستاذ مكرم محمد أحمد نفسه، على صفحات جريدة «الأهرام» في السبت 10/7/2010 وهو طبعاً يفضح مدى المراوغة والتضليل، الذي وصل إليه النقيب «الجليل» في تبريره الهزيل، لعدم احترامه لقرار «الأغلبية» حتى وإن كان لا يوافق على هذه القرار .. هكذا تقول الديمقراطية التي يعظنا السيد النقيب قبل الأكل وبعده باحترام أبجدياتها، حتى ولو كانت على رأسه ريشة.

وبالمناسبة: الريشة التي على رأس «الأستاذ» مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين، لا تستوي مع الريشة التي مثلاً، على رأس الدكتور عبد المنعم سعيد وقت أن كان رئيساً لمجلس إدارة «الأهرام» وعضواً بلجنة جمال مبارك التي كانت تعرف بلجنة السياسات .. ذلك لأن الريش عندهم، حتى الريش، فيه «خيار وفقوس».

بدليل: أن الريشة التي كانت على رأس عبد المنعم سعيد، جعلته وقتها لا يمتثل للقرار الذي أصدره مجلس نقابة الصحافيين بإحالته للتحقيق بسبب سفره إلى «إسرائيل»، ولم يحضر هذا التحقيق حتى الآن، رغم أن القرار صدر في 5/8/1997 أي منذ ثلاثة عشر عاماً وزيادة .. لكن الريشة التي على رأس مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين، منعت النقابة من أن تحيله أصلاً للتحقيق، وهذا هو الفرق بين ريشة وريشة، في الحزب الواحد.

ومن باب الإنصاف: الريشة التي على رأس «الأستاذ» مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين، لم تمنع الدكتور عبد المنعم سعيد، قبل أن يسقط عن عرش «الأهرام» من أن يفرد يومي 29/5 و7/6/2010 ملاءتين، أقصد مقالين طويلين عريضين، مصحوبين بصورته البهية على صفحات جريدة «الأهرام» وقت أن كانت جريدة ملاكي له وبطانته، وراح يشد في هذين المقالين علناً أذن السيد النقيب مكرم محمد أحمد ويشرح له في المقالين، ليس فقط كيف يسبح بحمد الحكومة ظالمة أو مظلومة .. وإنما أيضاً لكي يقوم بتلقين السيد نقيب الصحافيين عبر صفحات «الأهرام»، درساً علنياً قاسياً في كيفية (الأداء «الصحفي» الأمثل) .. وتلك واحدة من مساخر هذا الزمن .. وإن كنت لا تصدق، ارجع إلى مقال الصحفي «الجهبذ» عبد المنعم سعيد، ذي الرأي «الصديد»، المنشور بجريدته «الأهرام» في الاثنين 7/6/2010 والذي كتبه تعليقاً على الحوار الذي أجراه النقيب مع الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار على صفحات «الأهرام» في السبت 22/5/2010 وستجد عبد المنعم سعيد في هذا المقال، لم يكتف بالدفاع عن جريمة الخصخصة التي تبيض لهم ذهباً لينهبوه دون حسيب أو رقيب .. ولم يكتف عبد المنعم سعيد بوصف كتابات مكرم محمد أحمد، نقيب الصحافيين بأنها تفتقر إلى (التدقيق الواجب) داعياً إياه وبالحرف إلى (ضبط التعبيرات والمفاهيم) في حواراته وفي أسئلته الصحفية القادمة .. لم يكتف عبد المنعم سعيد بكل ذلك، وإنما تعداه أيضاً، إلى الزجر «المهني» للأستاذ مكرم، واصماً أسئلته لوزير الاستثمار بأنها (كانت أطول من الإجابات وتحمل في ثناياها وجهات نظر بالية من زمن القطاع العام) وهي الوصمة التي جعلت السيد النقيب من فرط الرعب يسارع بكتابة مقال على صفحات «الأهرام» في 5/6/2010 يسترحم فيه الدكتور عبد المنعم سعيد قائلاً بالحرف: (أنا لم أكن يوماً من دراويش القطاع العام، وأعتبر نفسي صحفياً يخلص لقواعد وأصول مهنته) .. ورغم ذلك، لم يقتنع عبد المنعم سعيد، وعاد مجدداً يشرح لنقيب الصحافيين المصريين ما يجب مهنياً أن يقال وما لا يقال، قائلاً له في صرامة: (كلمات مثل «البعض» يقول كذا .. أو «الكثيرون» يطرحون كذا وقد جاءت هذه الكلمات في أسئلة النقيب للوزير لم تعد تليق بالصحافة المصرية، لان التقاليد الصحفية الآن تسند القول إما إلى شخص أو إلى جماعة بأسمائهم، والأصح أن تسنده إلى تقرير أصدرته جهة فيها ثقة، أو إلى استطلاع للرأي العام أجرته هيئة تعرف تقاليده الصحيحة) هكذا نصاً قال المرجع الصحفي العتيد عبد المنعم سعيد في مقاله المنشور بجريدة «الأهرام» في 7/6/2010 وقال فيه أيضاً وبكل صلف: (لا أقصد بهذا الكلام نقيبنا وحده، بل أقصد معه تقليداً بات شائعاً في صحافتنا وإعلامنا، ويرفع عنهما صفة التدقيق والحرص الواجب) .. على الملأ، وكما ترون، وبخنا جميعاً الأستاذ الجهبذ عبد المنعم سعيد، ذو الرأي «الصديد» ولم يوبخ نقيب الصحافيين وحده .. وإن كان سيادته في غمرة الوعظ والتوبيخ قد وقع فيما عابه علينا وعلى السيد النقيب من تعميم وعدم تحديد، ورفع عن إعلامنا وعن صحافتنا «كلها» ودون استثناء، (صفة التدقيق والحرص الواجب) .. ولم يقل «بعض» صحافتنا، أو «بعض» إعلامنا .. ولم يقل لنا أيضاً، من أين جاء بأن عدم التدقيق: (بات تقليداً شائعاً في صحافتنا وفي إعلامنا) كما يطلب من الآخرين أن يسندوا أقوالهم وأحكامهم إلى مراجع محددة.

[**درس قاسٍ*]

المضحك هو أن بوق الخصخصة والمصمصة في عظام الفقراء، الشهير بعبد المنعم سعيد، ذي الرأي «الصديد»، والذي أعطي للسيد نقيب الصحافيين عبر صفحات «الأهرام»، درساً قاسياً في الأداء الصحفي «الأمثل» .. هو بشهادة نقابة الصحافيين، صحفي «درجة ثالثة» .. بل ولم يلتزم بتلك الأصول المهنية التي يعظ بها غيره في كثير من أبحاثه وكتاباته .. وإذا كنت تريد التفاصيل، اقرأ الحلقة التي سنخصصها للدكتور عبد المنعم سعيد، وفيها أمثلة أخرى من «نكاته» البحثية والمهنية .. وفيها أيضاً كيف فاز بلقب مفتي التطبيع والتركيع، قبل أن يلقبوه بالمدافع الصنديد عن حكم رجال الأعمال والأنجال، مهما كان زاخراً بالفساد والاحتيال.

ومن باب الإنصاف: فاتني أن أذكر في البداية أنني أعرف أيضاً، أن نقيب الصحافيين المصريين إسمه في شهادة الميلاد هو «مكرم محمد أحمد حسبو» .. أما تاريخ ميلاده، فرغم أنه نقيب الصحافيين، أي شخصية عامة، إلا أن الموقع الإلكتروني للنقابة من فرط الشفافية ليس به معلومة واحدة عن نشأة السيد النقيب، أو دراسته، أو مسقط رأسه، أو تاريخ ميلاده .. وكأن مثل هذه المعلومات البديهية «عورة» أو أسرار حربية .. لهذا تطوعت بعض المواقع الإلكترونية وقالت إن النقيب مكرم محمد أحمد جاء إلى الدنيا في 25/6/1935 وبعض المواقع الأخرى قالت إنه بلديات الرئيس المخلوع حسني مبارك .. أي «منوفي» ومولود في 5/7/ 1935.

وأياً كان اليوم أو الشهر الذي جاء فيه نقيب الصحافيين المصريين إلى الدنيا .. إلا أن جميع المصادر اتفقت على أنه من مواليد 1935 أي أنه بلغ الخامسة والسبعين وزيادة.

وعلى ذكر الرئيس المخلوع: أعرف أيضاً مثل كثير من الصحافيين أن الأستاذ مكرم محمد أحمد هو والرئيس السابق حسني مبارك كانا يعلمان جيداً مدى تدني مرتبات الصحافيين المصريين، خصوصاً الشباب منهم، وبدلاً من أن يفي الأستاذ مكرم بوعوده الانتخابية ويرغم الحكومة بكل الطرق، بما فيها الإضراب، على تنفيذ وعده بإعادة هيكلة أجور الصحافيين بما يحقق العدالة وينسف الفارق الهائل بين مرتباتهم ومرتبات رؤساء التحرير الذين تعينهم الحكومة .. بدلاً من ذلك الحل الجذري الذي يحفظ للصحافيين كرامتهم، يستغل الأستاذ مكرم هذا التدني في المرتبات، ويقدم للصحافيين رشى انتخابية مفضوحة، كان يدعمه بها الرئيس المخلوع مع كل انتخابات نقابية في صورة زيادة شهرية لمرتبات الصحافيين، قفزت في المرة الأخيرة إلى مئتي جنيه شهرياً .. ومن فرط الأمانة، لا يسميها النقيب وحكومته رشى انتخابية، رغم أنها لا تأتي إلا مع كل انتخابات، وإنما يسمونها «بدل تكنولوجيا» .. تمنحه الحكومة وتمنعه متى رضيت عن الصحافيين أو غضبت عليهم.

وأعرف أيضاً، ويعرف معي الأستاذ مكرم نفسه، أنه ما كان له أن يفوز بمنصب النقيب، لولا هذه الرشى، ولولا هذا التدني في مرتبات الصحافيين، خصوصاً الشباب منهم، فضلاً طبعاً عن تكرار تعهده في كثير من كتاباته وجولاته الانتخابية، بأنه سيلتزم بقرار عدم التطبيع مع الصهاينة، ولن يسافر ثانياً إلى «إسرائيل» (حتى لو طلب منه ذلك الرئيس مبارك شخصياً)، هكذا قال مكرم محمد أحمد نصاً في حواره مع جريدة «العربي الناصري» في 22/11/2009 أي قبل أسبوعين من انتخابات النقيب الأخيرة .. ورغم ذلك فشل فشلاً مدوياً، في الفوز بمنصب نقيب الصحافيين المصريين من أول جولة أمام منافسه المستقل، الكاتب والباحث المحترم، ضياء رشوان نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ «الأهرام».

[**اعترف قبل الانتخابات أن محاورة الصهاينة لا تجدي*]

يبدو أن الأستاذ مكرم محمد أحمد قد أشفق بعدها على بقية المسؤولين «الإسرائيليين» من أن ينقلوهم هم أيضاً من تحت يديه إلى غرفة الإنعاش، لأنه بعدها عاد وأعلن رفضه إجراء أي حوارات صحفية جديدة مع نتنياهو أو مع أي مسؤول «إسرائيلي» آخر، وحرص أن يؤكد ذلك في أكثر من وسيلة إعلامية قبل أيام قليلة من انتخابات النقيب الأخيرة .. مرة قالها الأستاذ مكرم عبر شاشة التلفزيون للزميل جابر القرموطي في برنامجه «مانشيت» مساء 25/9/2009 متعللاً وبنص كلماته والشريط موجود إن (الحوار مع نتنياهو أو مع أي مسؤول «إسرائيلي» آخر لن يعني سوى سماع أسطوانات أعرفها جيداً) .. ومرة ثانية قالها للزميل ماهر حسن على صفحات جريدة «العربي الناصري» في 22/11/2009 ومرة ثالثة، وقبلها بيوم واحد، وتحديداً في 21/11/2009 قالها في الحوار الذي أجراه معه الزميل أحمد موسى ونشرته «الأهرام» على صفحة كاملة قبل أيام من انتخابات النقيب .. في هذا الحوار قال الأستاذ مكرم نصاً: (ما الفائدة إذا ذهبت إلى نتنياهو لإجراء حوار معه للصحافة المصرية؟ ما الذي سيتحقق للرأي العام المصري من هذا الحوار؟ هل سيأتي بجديد؟ على الإطلاق) .. هكذا فجأة وقبل الانتخابات النقابية بأيام قليلة، تذكر الأستاذ مكرم محمد أحمد مرشح الحكومة على منصب النقيب أن الحوار مع الصهاينة لن يأتي بجديد، ولن يعني سوى سماع أسطوانات يعرفها هو جيداً، وكأنه كان لا يعرف هذه الأسطوانات قبل إجرائه للحوار إياه مع مناحم بيغن .

[**مجلس النقابة مطالب بقراءة مقالات مكرم*]

أخذنا الكلام عن «الريشة» التي على رأس السيد نقيب الصحافيين المصريين مكرم محمد أحمد .. وكيف أنها لم تمنع الدكتور عبد المنعم سعيد من أن (يمد السيد النقيب على قدميه) علناً، وعلى صفحات جريدة «الأهرام». في حين أن نفس الريشة، منعت مجلس نقابة الصحافيين من أن يفتح فمه مع السيد النقيب ويحاسبه، مثل بقية زملائه، على انتهاكه لقرارات النقابة التي هو نقيبها بعدم التطبيع مع الصهاينة، حتى بعد أن راح في الفضائيات وعلى صفحات الصحف يضلل، ويكابر ويسخر من ذاكرة زملائه قائلاً دون خجل: (نفسي حد يوجهلي كلاماً مقروناً بتواريخ ووقائع محددة كدليل على أنني حكومي أو تطبيعي .. نفس حد يجيبلي مقالاً أتملق فيه الحكومة أو يحمل عبارات الثناء والتسبيح للنظام أو أدعو فيه للتطبيع .. اقرأوا كتاباتي قبل أن تتهموني، وأتحدى أن يأتي أحد بمقال لي يؤكد هذه الاتهامات).

هكذا نصاً قال الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين على الملأ .. هكذا نصاً قال الأستاذ مكرم بعضمة لسانه (اقرأوا كتاباتي) .. وإلى أن يتفضل مجلس نقابتنا الموقر، ويقرأ كتابات الأستاذ مكرم محمد أحمد .. إلى أن يتفضل المجلس وينفي عن نفسه تهمة أنه لا يقرأ، أو أنه بلا ذاكرة، أو أنه يكيل بمكيالين، أو أنه متواطئ .. إلى أن يتفضل المجلس ويواجه الأستاذ مكرم بوقائع وتواريخ محددة، أو يشكل لذلك لجنة «أمينة» .. إلى أن يتفضل المجلس ويفعلها .. سنفعلها نحن ونواجهه بما يتناساه، ولكن ..

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية، وينشر بترتيب مع وكالة «الأهرام» للصحافة.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 43 / 2176544

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2176544 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40