الاثنين 24 أيار (مايو) 2010

دراسةحول مسارات الصراع داخل فتح

الاثنين 24 أيار (مايو) 2010

حركة فتح والانشقاقات

مقدمة

استطاعت القيادة التاريخية لحركة فتح المحافظة على التيارات والتوازنات ا في داخل حركة فتح “أقصد هنا القيادات التي رحلت” ، أما القيادات التي بقيت وتسلمت مسؤليات قيادية في اطار اللجنة المركزية والمجلس الثوري في منتصف الثمانينات لم تكن جديرة بهذه المواقع لا تجربة ولا ثقافة ولا فكر هذا ما اثبتته التجربة والاحداث وما وصلت اليه حركة فتح الام من الاقتراب من قراءة بيان النعي لها ولذلك فشلت تلك القيادة في احتواء الأزمات وفشلت في وضع الجراحات اللازمة لعلاج الظواهر التي أصيب بها الجسد الحركي .وتعرضت حركة فتح منذ السنوات الأولى لإنطلاقتها لعمليات مختلفة من الاحتواءات من قبل الأنظمة العربية إلا أن تلك القيادة استطاعت أن تحافظ على توازن الأطر في داخلها وخاصة داحل اطار اللجنة المركزية حيث دخل التناقض العربي في داخل أعلى إطار للجنة المركزية وتعايش هذا الإطار مع النفوذ للأنظمة المختلفة داخل اطارها رغم أن حركة فتح من أدبياتها حينما قالت“لا نتدخل في الشؤون العربية مالم تتدخل في شؤوننا الداخلية” ، هذا الشعار الذي رفعته حركة فتح لم يعفيها من هجمة صارخة في داخل أطرها لاعتبارات تقودها طبيعة المشكلة الفلسطينية والتواجد الفلسطيني في الشاتات .

بطبيعة الحال لم تكتفي الأنظمة بالعبث في شؤون حركة فتح بل عملت على اضعافها أقصد ما تمثله حركة فتح من مبادئ وأهداف ومنطلقات لم تجد طريقها للتطبيق نتيجة الغزو والانشقاقات التي حملت شعارات وانتقادات حادة للجناح المهيمن في حركة فتح وسريعا ً ما وقعت تلك الانشقاقات في أحضان الأنظمة العربية وأصبحت مهماتها الرئيسية هي خدمة المصالح المرحلية لهذا النظام أو ذاك ومهما كانت المبررات من العوز والحاجة والتبني في ظل عالم من الغاب لكن لا يعفي هذا الإخوة المنشقين عن أطر حركة فتح من مسؤوليتهم عن المساهمة في اضعاف الكيانية الحركية التي ما سريعا ً استغلتها قوى متنفذة في حركة فتح وبدأت تطارد الشرفاء والمناضلين داخل أطر فتح الأم وتحاصرهم معنويا ً وماديا ً ووصلت الأمور إلى تشويه صورتهم تحت مبررر وحجة الانشقاق أو المنشقين حيث أصبح الانشقاق كما روج لها الإعلام لفتح الأم بأنها جريمة لا تقل وليست أخف من تهم الخيانة مع الموساد وغيره بل وأصبح بعد اتفاق أوسلو المتعاونين والعملاء محترمين في ظل اتفاقية أوسلو ولهم الرعاية والوظيفة والراتب أما المنشقين الذين لوثت سمعتهم ولو كانت مطالبهم تخضع لجانب الحق إلا أنهم بقوا منبوذين من قيادة فتح الأم.

أتت عملية التخلص من القيادات التاريخية في عملية مبرمجة للتخلص من التيارات النضالية في داخل حركة فتح وفتح المجال والطريق أمام تيار محدد لقيادة حركة فتح هذا هو التيار الذي قادنا إلى أوسلو وسريعا ً ما تخلص من الأب الروحي للقيادة التاريخية أبو عمار بشكل أو بآخر وهنا لسنا بصدد دراسة ووضع التحاليل لشخصية ياسر عرفات ومدى تحاوبها ومسؤوليتها عن تجربة أوسلو الفاشلة ، المهم أن حركة فتح وبعد المواجهة من النظام الأردني في أعقاب مبادرة روجرز والتي استمرت إلى عام 1971 تعرضت حركة فتح إلى بداية سلوك الانشقاق .

وسنسرد هنا الانشقاقات التي تعرضت لها حركة فتح في تتابع الأسباب الظاهرة والأسباب الظاهرة التي أدت إلى تلك الانشقاقات

الجزء الأول : انشقاق أبو نضال البنا بما يسمى “المجلس الثوري”عام 1973

حدث انشقاق أبو نضال البنا نتيجة غياب عدم تقييم التجربة في الأردن ودراستها ودراسة نتائجها ومقدماتها وكذلك قرار تحويل قوت العاصفة إلى جيش نظامي في إطار جيش التحرير الفلسطيني والغاء وانهاء جناح العاصفة وكان هناك احتمالين لإنشقاق أبو نضال البنا ومجموعة من المجلس الثوري هذه المبررات الواضحة للانشقاق التي ماكانت أن تحدث إلا أن لاقت دعم إقليمي من بعض الدول العربية

نبذة مختصرة عن انشقاق أبو نضال البنا والذي حمل اسم حركة فتح المجلس الثوري

1- نبذة عن أبو نضال

عمل في السعودية في أوائل الخمسينات استلم جهاز الرصد في عمان أبان وجود الثورة الفلسطينية هناك ثم انتقل إلى بغداد حيث مثل حركة فتح في العراق وكان عضو في المجلس الثوري لحركة فتح من تلامذة الشهيد أبو إياد ومن أصحابه أبو داوود ، قام أبو نضال باعتقال جميع قيادة حركة فتح الموجودة وكان منهم عيسي ابو الذنيين وابو جهاد ماضي كما قام باقتحام منزل ممثل حركة فتح السابق ابو جعفر صادق البحر واستطاع الاخير بعد ذلك المغادرة الي سوريا وبذلك تمكن ابو نضال من السيطرة علي الساحة العراقية بعد ان استطاع ابعاد الخصوم المحتملين له.

تأثر أبو نضال بالتجربة الصينية في عمله واعتبر أول مؤسس للتجربة الماوية في داخل حركة فتح على أثرها منحن الصين باخرة محملة بمختلف لصالحه عمل في لبنان على أساس أن تكون الساحة اللبنانية مركز لتواجده العسكري ، أرسى علاقات سرية مع كثير من الدول والأنظمة العربية ، اتسمت علاقاته مع بعض الأنظمة بعملية الابتزاز ومع بعض الأنظمة الأخرى بالمصالح والمنافع المشتركة ، ابتعد ولم تنفذ مجموعاته أي عملية ضد إسرائيل في فترة من الزمن رفع شعار “الثورة الإسلامية” ربما لقربه من إيران قام بتصفية العديد من كوادر حركة فتح اعتبر في ادبياتهم وثقافتهم “أن المبرر يعتبر جريمة” يحاسب عليها القائد والكادر كان له علاقة وطيدة مع بعض أعضاء المجلس الثوري مثل ناجي علوش وسميح ابو كوبك ومنير شفيق واحمد عبد الغفور نفذ بعض العمليات مثل سفارة فلسطين في باكستان واختطاف الملحق العسكري الأردني في بغداد في مقايضة مع النظام الأردني للإفراح عن أبو داوود المخطط لعملية اغتيال الملك حسين .

لقي أبو نضال مصرعه بعد انشقاقات داخلية واتعام ابن أخيه له بالعمالة وبعد رحلات من التنقل بين عاصمة وأخرى إلى أن استقر بعد خروجه من إيران في عام 2002 في العراق ولقي حتفه في عملية غامضة حيث تعرض تنظيم أبو نضال في احدى الدول العربية إلى هزة قوية في أوائل التسعينات أدت إلى مواجهات مسلحة وتصفيات طالت أكثر من 120 كادر وهروب بعض قيادات اللجنة المركزية من فتكه إلى الجزائر ودول أخرى .

وتبقى ظاهرة أبو نضال ونهايته سر من الأسرار نتمنى أن يتم الكشف عن هذا السر في الشهور أو السنوات القادمة بما يحمله هذا الانشقاق من أسرار واحتمالات لماذا كان هذا الانشقاق ومن المغذي الفعلي له سواء في داخل أطر حركة فتح أو من دول إقليمية وما هي الأدوار التي لعبها أو نضال وتنظيمه في ملاحقة كوادر حركة فتح الشرفاء وعلى رأسهم أبو إياد وأبو الهول حيث يتهم أبو نضال بأنه بشكل أو بآخر مارس عملية القتل لإنفراد القطب الواحد في داخل حركة فتح تمهيدا ً لإتفاق أوسلو .

في الجانب السياسي بدا ابو نضال يتهم القيادة الفلسطينية بالخروج عن مبادئ واهداف حركة فتح والسعي الي تسوية مع الاسرائيليين.

2- نص الرسالة التي وجهها ابونضال للرئيس حسني مبارك بتاريخ 11/10/99م(المصدر جريدة الزمان-قصة ابو نضال تغريد سعادة)

رسالة أبو نضال الي الرئيس المصري حسني مبارك:

السيد الرئيس

لقد لجأنا مضطرين الي المخاطبة المباشرة لسيادتكم بهذه الرسالة بعد ان أغلقت (القناة المعنية) بالعلاقة مع الحركة وسائل الاتصال بها، عقب قيامها باغلاق مكتب حركتنا في ايلول الماضي. وللاسف فقد رفضت استلام رسالة سابقة موجهة اليكم بحجة الانشغال وظروف التحضير للاستفتاء.

وامام ما اصابنا من الاضرار، وبعد ان استفتينا السبل لتصحيح وضع العلاقة، وجدنا لزاما علينا اللجوء اليكم لاننا نثق بالرئيس الذي تعلمنا منه رفض الغدر والتآمر والخيانة، ولنعرض بعض وقائع الازمة التي مرت بها العلاقة مع الهيئة المعنية.

ان الخطوة الاخيرة التي اقدمت عليها (القناة المعنية) في ايلول (سبتمبر) الماضي، باغلاق مكتب الحركة واعتقال عدد من الرفاق قد مثلت الذروة في سلسلة الاجراءات المتصاعدة منذ ما جري مساء 8 تموز (يوليو) عام 1998، تلك الاجراءات التي مورست بوسائل لم نرها ضرورية أو مبررة. آنذاك تمت مداهمة مكتب الحركة وعدد من البيوت، واستولت علي موجوداتها، وقامت باحتجاز عدد من الرفاق ونجحت في حمأة هذه الاجراءات في تجنيد العضو السابق في الحركة المدعو احمد الحلبي ثم بدأت بالافراج عن الرفاق تباعا ثم اعيد فتح المكتب من دون الايفاء بالتعهدات التي قطعت ومن بينها اعادة الوثائق والملفات ومن بينها عدم التدخل في مسار القضايا المالية المرفوعة للقضاء المصري بعد ان جمدت ارصدة الحركة البالغة 4 ملايين دولار.

وعلي مدار الفترة الفاصلة بين تموز (يوليو) 1998 وايلول (سبتمبر) 1999 وفيما عملنا بكل ما اوتينا من الصبر والحكمة لتجاوز الازمة وذيولها تم رصد الممارسات التالية:

ــ شنت حملة صحفية مستعينه بصحفيين موظفين لديها ولدي امن الدولة نعرفهم جيدا، مما فتح الباب لحرب نفسية تعرضت لها الحركة وعلاقتها بمصر من قبل الدوائر المعادية واستغلت ابواق اعلامية ليس لها عد أولها في تل ابيب ولا آخرها في البيت الابيض. ومسجل في هذا المقام لكم وللدبلوماسية المصرية كل الشكر والتقدير.

سحب جميع الأرصدة

ــ قدمت هذه القناة التسهيلات لايصال خمسة من الرفاق الي معتقل غزة.كما جري التنسيق مع أجهزة ليبيا وغيرها لاطباق الحصار علي الحركة وشرذمتها، وعملت علي تجنيد اثنين من الرفاق تحت ضغط الظرف الاستثنائي، والاختناق المالي الذي نجم عن قيام احمد الحلبي بسحب كل رصيد الساحة وقدرة سبعون الف دولار عبر احدي العواصم العربية ثم قامت بسحب مبلغ مقداره ثلاثمائة وخمسة وخمسون الف جنيه مصري مسجلة باسم احسان صالح رضوان خاصة بنفقات مكتب الحركة في القاهرة ثم قامت بارساله علي الفور الي معتقل غزة وهو يقيم الآن في رام الله وقد نجم عن هذا الحصار وضع بعض الرفاق تحت الامر الواقع وترحيلهم لمعتقل غزة كما جري الاستيلاء علي شقة ملك وسيارة في القاهرة يوجد بها وكالة تنازل رسمية من قبل احمد الحلبي تم سحبها من قبل القناه المعنية.

ــ اما الخاتمة الاخيرة لهذا المسلسل فقد كان اغلاق المكتب في ايلول واغلاق وسائل الاتصال وتجنيد رفيقين واعتقال الرفاق بالتزامن مع موعد الافراج عن الاموال المحتجزة وترحيل ثلاثة من الرفاق المعنيين بتمثيل الحركة ورعاية مصالحها. وهكذا كان رفض استلام رسالتكم المغلقة أخيرا ورغم تاكيداتنا بهم قبل قطع الاتصال بان الحقيقة مهما حاولنا اخفاءها ستظهر بعد حين، وان ما جري ما كان ليجري الا بعيدا عن سمع الرئيس ومعاونيه.... لماذا؟

ــ لاننا يا سيادة الرئيس نعيش هذه الثقة الراسخة ومستندين الي ان هذه العلاقة مع حركتنا قد انشئت بارادتكم والتي أسهم بانشائها المجاهد اللواء عبد السلام المحجوب الذي جمعتنا اليه زمالة نضالية منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما. لقد نشأت هذه العلاقة النقية بالتضحيات المشتركة بين عشرات الضباط المجاهدين من ابناء الجيش المصري الابي وقوي اهل فلسطبن ومناضليها وقد تبلغنا علي لسان سيادتكم وبواسطة اللواء المحجوب ان (مصر بلدكم فتحركوا بها من دون ان تحرجونا).... وبعد فاننا لا نرغب ان نثقل ونطيل في سرد هذه الوقائع والمعطيات التي نقف امامها بغاية الاستغراب، نجد ان الكثير من التساؤلات تمثل امامنا، فاذا توقفنا امام مجريات ونشاطات مكتب الامن الوقائي بقيادة محمد دحلان في القاهرة، اذ تبين بعد افتتاحه بشهرين انه اخذ في اجتذاب وتجنيد عدد من ابناء الوزراء وكبار الضباط، وكلنا يدرك ان ادارة عرفات قد ذهبت وانخرطت في مخطط تصفية العرب في فلسطين وسلمت لشروط مخطط التهويد ضمن منهج واضح بأدق التفاصيل فقد كان موقفكم المشرف بسؤال عرفات ما هي الدوافع والاسباب ولمصلحة من)؟ ان الاجابة لا تحتاج الي عناء البحث.

اما اذا نظرنا في الدائرة العربية فاننا نري ان الاجراءات التي اتخذت من قبلة بعضهم ضد حركة حماس تندرج في مخطط تصفية القضية والتضييق علي قوي أهل فلسطين ولا غرابة فيما نواجهه علي ايدي الحلف اليهودي ــ الامريكي مدركين ان هذا جزء من الواقع الذي تمر به والذي حول الاقطار العربية الي جزر متباعدة امام جماهير الامة في الوقت الذي تستباح الارض العربية لكل القوي المعادية تحت عناوين السلام المفروض بقوة العدوان والتجويع كما هي مزاعم العولمة وحقوق الانسان والاقليات المظللة وبيننا جيوش الدبلوماسيين والخبراء الأمريكان يستهلكون جل المساعدات الغير بريئة التي تقدم للدول النامية وتعيث فسادا في بناها الاقتصادية والسياسية. فقد بلغ عدد الموظفين في السفارة الأمريكية في القاهرة 384 وهذا رقم اسطوري بعملية القياس كما بلغ عدد الموظفين الذين يعملون في اطار المعونه الأمريكية المقدمة لمصر 3064 وهو رقم اسطوري يستهلك حجما كبيرا من هذه المعونة اضافة الي تسعة وثلاثين الف أمريكي في مصر لا يعلم احد مهمتهم.

اننا نحن نعيش هذه المسيرة من الصراع مع قوي الحلف المعادي، ويحدونا الامل والبشر بالموقف الجامع والواسع لجماهير امتنا في مواجهة التهويد او التطبيع او المعادلات الاستراتيجية الجديدة التي يجري العمل لفرضها بكل الوسائل، ونقف اجلالا لصمود امتنا كما نزجي التحية لاهلنا في ارض الكنانة من خلال سيادتكم وبعد ان قطعت مصر في عهدكم اشواطا مهمة في المجالين العربي والدولي، ومع ادراكنا كما اسلفنا لما تحمله مصر ونحن علي ثقة من ان استمرار هذا العهد سيمكن مصر من استرداد درورها الريادي والذي نتطلع لأن يندفع باتجاه تعزيز الموقف الصامد في سوريا ولان تمد مصر يدها بقوة للعراق الي جانب تعزيز الروابط القوية باهل فلسطين، لان تفتيت هذه الروابط لن يسهم قطعا بتحقيق ما حلمنا به او توفير ما تقتضيه مسؤولية الدفاع عن الامن القومي لامتنا..... وبرغم كل الاتفاقيات والمعاهدات المفروضة والتي نحرت المواطن العربي من الوريد الي الوريد. فان الصحوة والنهوض لن يبزغ الا من وسط هذا المخاض العسير والصبر الذي لا يلين.

ختاما لكم منا اسمي التحية والتقدير واننا لواثقون ان السيد الرئيس لن يسجل علي عهده ما حدث، آملين معالجة هذا الامر ورد الاموال والحقوق لان الكثير من اسر المجاهدين والمرضي وعشرات العائلات التي تقطعت بها السبيل بالانتظار

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وثورة حتي النصر

اخوكم ابو نضال

امين سر اللجنة المركزية لـ:

حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)

المجلس الثوري

التاريخ 2 رجب 1420

الموافق 11 /10/1999

3- عمليات أبو نضال

حصر العمليات التي قام بها أبو نضال البنا إلى لحظة وفاته استدراكا لما تم تقديمه في الجزء الأول من عمليات قا م بها أبو نضال والتي قل عددها والموجهة ضد إسرائيل وإقتصرت عملياته ضد منشآت عربية وفلسطينية ودولية .

تعدى عدد العمليات التي نفذها تنظيم ابو نضال المائة عملية ، استهدفت 16 عملية فقط اهدافا اسرائيلية ، مقابل 15 عملية ضد مصالح للدول العربية ، اما الـ 69 عملية الباقية فقد استهدفت اشخاصا ومصالح فلسطينية ، وامتدت تلك العمليات على رقعة تعدت العشرين دولة ، وبلغ عدد ضحايا تلك العمليات نحو 900 شخص ما بين قتيل وجريح من ابرزها :

- اغتيال ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية في لندن وباريس وروما ومدريد وبروكسل والكويت وتفجير مكاتب المنظمة في اسلام اباد مما اسفر عن مقتل اربعة اشخاص.

- عملية خطف رهائن في فندق “سميراميس” في دمشق عام 1976 اسفرت عن سقوط خمسة قتلى .

- اعتداء على فندق “انتركونتيننتال” في عمان عام 1976 قتل فيه ثمانية اشخاص .

- هجوم بالقنابل على مجموعة يهود في بلجيكا يوقع قتيلا في يوليو 1980 .

- انفجار قنبلة امام معبد يهودي في شارع كوبرنيك في باريس اكتوبر 1980 يسفر عن مقتل اربعة اشخاص وجرح ثلاثين آخرين .

- هجوم على معبد يهودي في فيينا في اغسطس 1981 يؤدي الى سقوط قتيلين و17 جريحا.

- محاولة اغتيال سفير اسرائيل في لندن شلومو ارغوف في يونيو 1982 وقد اتخذتها اسرائيل ذريعة في اجتياح الجيش الاسرائيلي للبنان .

- هجوم في شارع روزييه في باريس في اغسطس 1982 يوقع ستة قتلى و22 جريحا.

- اعتداء في يونيو على مطار فرانكفورت يؤدي لمقتل ثلاثة اشخاص واصيب 74 آخرون بجروح .

- اعتداءان متزامنان في مطاري روما وفيينا ضد مكاتب شركة العال الاسرائيلية في 27 ديسمير 1985 يوقعان عشرين قتيلا (16 في روما بينهم احد المنفذين واربعة في فيينا بينهم احد المنفذين) اضافة الى مائة جريح.

- مجموعة مسلحة تفتح النار في سبتمبر 1986 على معبد نيفي شالوم اليهودي في اسطنبول يسفر عن سقوط 24 قتيلا .

- هجوم خاطف على سفينة يونانية في يوليو 1988 يؤدي لمقتل تسعة اشخاص ، حيث اطلق كوماندوز من ثلاثة افراد النار من اسلحة آلية ثم فروا على متن زورق سريع .

- اختطاف طائرة مدنية مصرية في عام 1986 في عملية راح ضحيتها 61 راكبا.ً

واضافة الى العمليات السابقة ، فان بعض التقارير تشير الى مسئولية ابو نضال وجماعته عن العديد من العمليات الاخرى ، ابرزها ما كشف عنه احد مساعدي ابي نضال بشان مسئولية التنظيم على تفجير إسقاط الطائرة الأمريكية “بان اميركان” فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية العام 1988 ، والذي اتهم فيه مواطنان ليبيان . ( المصدر : شبكة المعلومات العربية )

الجزء الثاني : حركة فتح والانشقاقات وبيان النعي

بوادر انشقاق ثاني بعد الخروج من عمّان ( منظمة أيلول الأسود ) :

- مقدمة الجزء الثاني :

بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من الأردن في صيف 1971 وبعد معركة حوصرت فيها قوات الثورة الفلسطينية في أحراش عجلون ودبّين توجهت قوات الثورة الفلسطينية ونتيجة متغيرات إقليمية وميدانية أجبرت قوات الثورة إلى التوجه إلى الساحة السورية كنقطة إرتكازية أولى متوجهة في الأساس إلى الجنوب اللبناني ولأن سوريا قد فرضت قيود على العمل الفدائي الفلسطيني من الجبهة السورية .

بعد الخروج من الأردن نادت كثير من الأصوات في داخل حركة فتح وفي مؤتمرها وخاصة في عام 1972 على إعادة تقييم تجربة الثورة الفلسطينية وحركة فتح في الساحة الأردنية وتقييم الوضع التنظيمي والسياسي والقتالي والآليات التي استخدمت والسلبيات في التجربة التي أدت إلى خروج الثورة الفلسطينية من أكبر جبهة مواجهة مع العدو الصهيوني .

امام تلك الأصوات حدث تباينات في مواقف أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح وخاصة عندما أصدر قائد قوات الثورة الفلسطينية قرارا بإلغاء جناح العاصفة ودمج قوات الثورة الفلسطينية مع قوات جيش التحرير الفلسطيني بالإضافة إلى أن الصراع في اللجنة المركزية بلغ ذروته مع إستخدام بعض القيادات صلاحياتها المادية لكي تحاصر وتحسم الأمر مع جهة الصراع الأخرى في داخلها .

ابو إياد الشخصية المحترمة في داخل اللجنة المركزية ووفي داخل أطر حركة فتح وكوادرها تعرض لتوع من الضغوط ومحاولة الإبتزاز والتهميش ولكن أبو إياد له من القاعدة الفتحاوية المناضلة ما يستطيع به مواجهة الصراع مع الآخرين ولذلك أتت فكرة إنشاء منظمة أيلول الأسود نسبة لما حدث لشعبنا الفلسطيني وثورتنا الفلسطينية على الساحة الأردنية هذا الهدف الأول ، أما الهدف الثاني أبو إياد أراد أن يثبت للآخرين داخل اللجنة المركزية انه ليس لقمة سائغة للأكل هو وكوادره وأنه قوة أساسية في وحدة حركة فتح وفي أدائها ليمثل مركز ثقل نضالي في داخل هذه الحركة أعتقد أن تلك الأسباب الأساسية التي دعت إلى إنشاء منظمة أيلول الأسود .

لقد حافظ أبو إياد على إبراز التقاليد والثقافة الفتحاوية في إطارات كادره أمام الإستهدافات المتعددة التي حاولت أن تغير الشكل والمفهوم النضالي للكادر الفتحاوي وكذلك بوادر إذابة التنظيم وإبراز تشكيلات أخرى مثل الميليشيا و الأجهزة المتعددة وأمام تشكيلات لمراكز القوى في الجيش كظاهرة أبو الزعيم مثلا .

- نبذة عن منظمة أيلول الأسود :

اسم أطلق على سلسلة المواجهات التي وقعت بين الجيش الأردني وقوات منظمة التحرير الفلسطينية بكافة فصائلها . وقد اندلعت المواجهات اثر ادعاء النظام الأردني بأن منظمة التحرير الفلسطينية تسعى لإقامة دولة ، وتوريط الأردن بمواجهة مع إسرائيل . شكلت مجازر أيلول بتطوراتها ، التي امتدت من الناحية العسكرية حتى مصادمات ( مجازر ) أحراش جرش في أيار 1971 ، نقطة فاصلة في العلاقات بين الطرفين . نتج عن هذه المجازر مصرع آلاف من الطرفين معظمهم من المدنيين الفلسطينيين . على اثر هذه المصادمات انتقلت منظمة التحرير إلى لبنان .

إذا منظمة أيلول الأسود هي منظمة فلسطينية كانت هي المسؤولة عن مقتل احد عشر رياضيا إسرائيليا في دورة الألعاب الاولمبية لعام 1972 في ميونخ بالمانيا، وإغتيال رئيس الوزراء الأردني وصفي التل في القاهرة في 1971 الذي حملته جماعة أيلول الأسود مسؤولية أحداث أيلول الأسود حيث كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع خلال أحداث شهر ايلول سبتمبر 1971، حين تصادم الجيش الأردني مع قوات منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت متمركزة آنذاك في الأردن، وطرد أفرادها على اثره من الأردن، وتشكلت على إثر ذلك هذه المنظمة.

مثلت عملية ميونخ التي على ما أعتقد تم تمويلها من خارج موازنة المالية المركزية لحركة فتح من أشهر العمليات التي قامت بها منظمة أيلول الأسود وكذلك عملية وصفي التل رئيس الوزراء الأردني ، ولاقت تلك العمليات تجاوبا من الكادر الفتحاوي الذي أعلن الولاء لتلك المنظمة ولقيادتها وكذلك كان لها ردود واسعة لدى الشارع العربي المؤيد للمقاومة الفلسطينية في إستخدام كافة الوسائل في مواجهة العدو الصهيوني ومواجهة المشاريع التي تسعى إليها بعض الأطراف في داخل منظمة التحرير وخارجها لفرضها على الرؤية السياسية على حركة النضال الوطني الفلسطيني .

- تفاصيل ومقدمات عملية ميونخ كما جاء في رواية أبو داوود :-

اكتسبت عملية ميونخ التي تبنّتها منظمة أيلول الأسود ، و التي أخذت اسمها من الأحداث الدامية في الأردن بين قوات منظمة التحرير و الجيش الأردني و التي انتهت بخروج الفدائيين الفلسطينيين من الأردن إلى لبنان ، التي كان قائدها الأبرز صلاح خلف (أبو أياد) ، أهمية كبيرة و أحدثت دوياً و صدى تردّد صداه في العمليات المخابراتية الكثيرة خلال أكثر من عقد في عواصم العالم المختلفة و التي كان من نتائجها المأساوية تلك الاغتيالات التي طالت مثقفين و سياسيين و دبلوماسيين فلسطينيين و عرب بذريعة مسئوليتهم عن تلك العملية و هو أمر غير صحيح .

و في صيف 1999م ، فجّر القائد العسكري الفلسطيني السابق محمد داود عودة (أبو داود) قنبلة غير عسكرية هذه المرة ، و هو المسؤول عن تفجيرات عسكرية كثيرة ، حين نشر كتابه (فلسطين من القدس إلى ميونخ) الذي يتحدّث فيه للصحافي الفرنسي جيل دو جونشية ، عن رحلته من مسقط رأسه في سلوان بالقرب من القدس إلى تخطيطه لعملية ميونخ ، و اعترافه بمسئوليته المباشرة عن تلك العملية ، التي أودت بحياة 11 رياضياً صهيونياً و رجل شرطة و طياراً ألمانيين ، و نافياً أي علاقة لآخرين ارتبطت أسماؤهم بمنظمة أيلول الأسود أو ميونخ بتلك المنظمة أو العملية أمثال أبو حسن سلامة الذي اغتيل في بيروت عام 1978م رغم أنه أصدر بياناً بمسؤولية المنظمة عن إحدى العمليات التي قام بها ، و كذلك أبو يوسف النجار الذي اغتيل في عملية ربيع فردان في بيروت 1972م و الذي أصدر بياناً أعلن مسؤولية منظمة أيلول الأسود عن اغتيال وصفي التل رئيس وزراء الأردن ، و حتى خليل الوزير الرجل الثاني في فتح الذي اغتالته المخابرات الصهيونية عام 1988 في تونس لم يكن له علاقة بمنظمة أيلول الأسود أو عملية ميونخ ، رغم أنه أصدر في إحدى المرات بياناً أعلن فيه مسؤولية أيلول الأسود عن عملية نفّذها رجال أبو جهاد في بانكوك ، و هذا كله على مسؤولية أبو داود ، بعد سنوات طويلة من الصمت .

و لدى الإعلان عن نشر الكتاب بالفرنسية ، و إعطاء أبو داود أحاديث عديدة للصحافة عن حقيقة ما حدث في ميونخ بالأسماء و المعلومات ، أعلنت (إسرائيل) عن عدم سماحها لأبي داود بالعودة إلى فلسطين ، و التي كان دخلها في ظروف سمحت فيها (إسرائيل) لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني بالدخول إلى غزة لعقد اجتماع حضر جلسته الافتتاحية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون و قرر المجلس إلغاء بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني كانت (إسرائيل) تشترط إلغاءها .

و لم تكن (إسرائيل) وحدها التي أثارها ما قاله أبو داود من معلومات جديدة عن عملية ميونخ ، فالأرجح أنها كانت تعرف الكثير من الحقائق عن تلك العملية و عن مسؤولية صلاح خلف (أبو أياد) و أبو داود عنها ، بل أعلنت فرنسا مثلاً بأن أبو داود شخص غير مرغوب فيه و منعته من دخول البلاد عندما دعته دار النشر (أن كاري ير) التي أصدرت كتابه (فلسطين : من القدس إلى ميونخ) للحضور إلى فرنسا احتفالاً بصدور الكتاب .

و أصدرت ألمانيا مذكرة توقيف بحق أبو داود لاعترافه بمسئوليته عن العملية التي جرت فصولها الرئيسية على أرضها . و المذكرة أصدرها المدعي العام في جمهورية بافاريا ألفريد فيك ، و لم تكن تلك المرة الأولى التي يحدث فيها هذا ، ففي عام 1977م أوقف أبو داود في باريس ، بموجب طلب تسليم من محكمة بافاريا ، و لكن السلطات الألمانية الفدرالية أبطلت ذلك الطلب في حينه و أبلغت فرنسا بذلك .

و كلا الموقفين (الإسرائيلي) و الألماني ، بعد نشر الكتاب و الزوابع التي خلقها ، لهما أسبابهما ، التي سنتوقف عندها بعد أن نعرف ما حدث في ميونخ حسب رواية أبو داود .

و استهجنت بعض الأوساط الفلسطينية ما ذكره أبو داود في مقابلاته الكثيرة ، عن رفاق السلاح السابقين و معظمهم رموز وطنية بارزة مثل أبو يوسف النجار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي اغتالته (إسرائيل) في نيسان 1972م . و حدث تنابذ إعلامي ، إن صح التعبير ، من مناضلين سابقين ، بحق أبو داود ، معتبرين أن (التاريخ لا يكتبه شخص واحد) ، و متهمينه بأنه يحاول التقليل من أدوار الآخرين .

و حظي أبو داود بتكريم بعض الجهات ، فمنح جائزة (فلسطين - محمود الهمشري) و الهمشري كما أشرنا ممثل منظمة التحرير الفلسطينية الذي اغتيل في فرنسا علم 1973م ، لسنة 1999م ، تكريماً له بعد نشر كتابه ، و أنشأت الجائزة جمعية التضامن العربية - الفرنسية و مجلة فرنسا - البلاد العربية ، بعد اغتيال الهمشري .

يقول أبو داود إنه كان موجوداً في 18/8/1972م في العاصمة التونسية ، مع أبي عمار و أبو يوسف النجار و أبو إياد ، في دارة وزير الخارجية التونسي محمد المصمودي الفخمة التي أعارها لهؤلاء ، حين كان هو في إجازة .

و سبب وجود أبو داود مع قادة الصف الأول أولئك ، هو أن العادة جرت أن يرافق أي وفد من اللجنة المركزي لحركة فتح حين يكون في زيارة لبلد آخر لإجراء محادثات سياسية أن يرافق الوفد واحد أو اثنان من المجلس الثوري لحركة فتح ، و أبو داود عضو في هذا المجلس الذي ينتخب من بين أعضائه ، قيادة حركة فتح .

و ذهب مع هؤلاء القادة إلى تونس تلبية لطلب صلاح خلف (أبو أياد) الذي قال له ستمضي معنا يومين أو ثلاثة ثم تتجه إلى ميونخ .. ! ، تلك المدينة الألمانية كان سيتم فيها افتتاح الألعاب الأولمبية في 26 آب .

و كان أبو داود و أبو أياد و محمود عباس (أبو مازن) ، فكّروا بالقيام بعملية مدوية للفت انتباه العالم للقضية الفلسطينية ، و كان التفكير بدأ بعملية خطف الرياضيين (الإسرائيليين) المشاركين في تلك الألعاب .

في البداية كان هناك تفكير للعمل ضد الموساد و أذرعه ، و لكن جاءت عملية قتل غسان كنفاني في 8/7/1972م ، لتحمل رسالة فهمها المسؤولون الفلسطينيون بأن الصهاينة يقتلون من يستطيعون الوصول إليه من القيادات الفلسطينية بغض النظر عن مهامه : عسكرية أم سياسية كما كانت مهمات غسان ، لتجعلهم يفكّرون بعمل كبير يقول للصهاينة إن الفلسطينيين يستطيعون الوصول إليهم في الخارج حيث يسرح و يمرح رجال الموساد و ليرضوا شعبهم الذي كان ينتظر منهم عملية ذات طابع ثأري على عمليات الاغتيال و على القصف الصهيوني المتزايد لقواعد الفدائيين في لبنان ، و كان هناك تقدير بأنه إذا لم يكن هناك مبادرة لعمل ثأري ، فستخسر فتح ، كبرى الفصائل الفلسطينية ، كثيراً جداً من رصيدها .

و كان هناك عدة اقتراحات ، مثل استهداف سفارات و قنصليات صهيونية ، و لكنها رفضت ، لتجنب الإحراجات مع الدول المضيفة لتلك السفارات و القنصليات ، و برزت فكرة ميونخ ، عندما رفضت اللجنة الأولمبية إشراك فريق فلسطيني في الأولمبياد العشرين في ميونخ ، فاقترح فخري العمري (أبو محمد) مساعد أبو إياد و الذي اغتيل معه لاحقاً ، بالدخول إلى القرية الأولمبية بدون إذن .

و عندما سأله أبو إياد :

- ماذا نفعل هناك ؟

أجابه فخري العمري :

- نحتجز الرياضيين (الإسرائيليين) .

فرد عليه أبو إياد :

- أنت مجنون .

و تدخّل أبو داود مؤيداً لفكرة فخري العمري ، على اعتبار أن الصهاينة لا يولون أية أهمية أو اعتباراً لأي شيء ، و لأن رياضييهم أصلاً عسكريون .

و لتعزيز فكرته قال أبو داود إن (المدرّبين و المعالجين و الرياضيين يأتون عملياً من مؤسسة أورد وينغايت التي تحمل اسم ذلك الضابط البريطاني سيئ السمعة الذي نظّم بين عامي 1973 - 1939 في فلسطين و بمساعدة الهجاناة قوات المغاوير التي خاض ضمنها أمثال ديان و ألون أولى معاركهم ضد جيل آبائنا ، و تحوي المؤسسة تجهيزات هائلة قرب البحر شمال تل أبيب ، و بحسب ما يوحيه اسمها ، يقوم بالمهمات الإدارية و التنظيمية فيها قدامى ضباط الاستخبارات أو ضباط فرق المغاوير الخاصة الذين ينتمون إلى كوادر الاحتياط في الجيش الصهيوني ، و تدرّب فيها كل الرياضات ، و يجري فيها بشكلٍ خاص إعداد المصارعين و أبطال الرماية) .

و يبدو أن أبو أياد اقتنع ، فطلب من أبي داود ، خلال جولته في مهام في أوروبا ، لشراء أسلحة ، أن يمر إلى ميونخ و يستطلع الأمر .. ! ، على أن يكلم أبو أياد أبا مازن ، المسؤول المالي في ذلك الحين ، كي يتم توفير ميزانية للعمل إذا تم الاتفاق عليه .

لدى وصوله إلى ميونخ ، بدأ أبو داود مهمته ، حصل على خريطة للمدينة و كتيبات خاصة بالأولمبياد و قائمة بأسماء الفنادق و خطط سير المترو و كتيبات أخرى بهذا الشأن ، و استقل المترو و ذهب إلى القرية الأولمبية شمال المدينة و استطلع الأمر و لكن كان العمل لا زال جارياً في القرية ، و بعدها بأيام قابل أبا أياد في أثينا ، فأخبره بموافقة أبي مازن مبدئياً على العملية و طلب منه دراسة الوضع من جديد .

و في هذه الأثناء ، جرت محاولة لاغتيال بسام أبو شريف رئيس تحرير مجلة الهدف ، المجلة المركزية للجبهة الشعبية بواسطة طرد مفخخ ، و كذلك جرت محاولة لاغتيال أنيس صايغ مدير مركز الأبحاث الفلسطيني ، و أسفرت المحاولتان عن إحداث تشوهات في الرجلين اللذين لم يكونا لهما أي علاقة بالعمل العسكري .

و مضت الخطة بالتبلور أكثر فأكثر ، و التقى أبو داود مع أبو أياد و فخري العمري في صوفيا عاصمة بلغاريا و ناقشوا من جديد أموراً تتعلق بالعملية المراد تنفيذها في ميونخ ، مثل البلاغ الذي سيسلّمه الفدائيون الذين سيحتجزون الرياضيين الصهاينة ، للسلطات الألمانية ، و القائمة التي ستضم أسماء معتقلين فلسطينيين في سجون (إسرائيل) للطلب بإطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح الرياضيين ، و تذليل العقبات بشأن جوازات السفر للذين سينفذون العملية و تأشيرات الدخول و الإقامة و تأمين وصول السلاح .

و تم الاتفاق مبدئياً على أن يكون يوسف نزال الملقب بـ (تشي) ، قائداً لفرقة الفدائيين الذين سينفّذون العملية ، يقول أبو داود عنه إنه (أحد ضباط العاصفة الشبان ، كنت التقيته مرة في نهاية 1971 ، عندما كنت قائد الشعبة 48 ، كانت قاعدته قرب النبطية في جنوب لبنان ، و كان من أولئك الذين يقومون بعمليات خلف الحدود مع (إسرائيل) ، و هو أصغر مني بعشر سنوات تقريباً ، و قد تدرّب على يد صديقي الراحل وليد أحمد نمر (أبو علي أياد) و كان يتبعه في الربيع السابق في تلال جرش و عجلون في الأردن ، و قد نجا من الكارثة النهائية ، مثله مثل عدد من الآخرين ، و أخيراً كان في عداد قادة الفدائيين الذين رأيتهم في بيروت ، بعد غارات الطيران الصهيوني القاتلة في شباط 1972 على جنوب لبنان ، و هم يتوسلون أبو أياد القيام بتنظيم شيء ما ، في مكان ما ، فيردّون بذلك الصاع صاعين ، و التحق منذ ذلك الوقت بمخيمنا الصغير شمال صيدا) .

و لكن كان هناك شيء سلبي لدى (تشي) كما رأى أبو داود ، و هو قصر قامته ، لأن الفدائيين الذين سينفّذون العملية عليهم تسلق سياج بطول مترين للدخول إلى القرية الأولمبية ، و احتجاز الرياضيين الصهاينة و بدء عملية المقايضة بأسرى في سجون الاحتلال .

و تبلورت خطوط تفصيلية للعملية : يدخل الفدائيون و هم يلبسون الملابس الرياضية عن طريق السياج ، كأنهم فرقة رياضية عائدة بعد سهرة ، و يقتحمون مقر البعثة الصهيونية و الرياضيون نيام ، و تم الاتفاق مبدئياً على أنه إذا كان عدد الرياضيين الصهاينة مع طاقم التدريب و الإدارة يصل إلى ثلاثين ، فإن عشرة رجال يكفون لتنفيذ المهمة التي لن تطول إلا عدة ساعات .

و كل ذلك تم بين أبو داود و فخري العمري و يوسف نزال (تشي) الذين التقوا في ميونخ و بدأوا بدراسة الوضع ميدانياً على الأرض . و بعد ذلك حدث لقاء بين أبو داود و أبو إياد في بيروت ، تم فيها وضع أبو إياد في صورة ما حدث ، و تم تجهيز جوازات سفر أردنية مزورة لدخول الفدائيين بها إلى ألمانيا ، و تم دراسة تفاصيل عملية التبادل المفترضة و تجهيز لائحة تضم مائتي أسير كان سيتم إضافة أسماء أسيرتين مغربيتين و فرنسيتين اعتقلن أثناء تهريبهن سلاحاً لصالح الجبهة الشعبية و كذلك كوزو أوكاموتو من الجيش الأحمر الياباني و الذي نفذ مع رفاق له عملية في مطار اللد ، و ستة من الضباط السوريين و اللبنانيين أسروا من جانب الكيان الصهيوني .

و باقتراح من أبي داود ، أضيفت للقائمة اسمي (أولركه ماينهوف) و (أندرياس بادر) ، من مجموعة (بادر ماينهوف) الراديكالية الألمانية ، المتعاطفة مع قضية الشعب الفلسطيني ، المحتجزان في السجون الألمانية . باعتقاد أن ذلك قد يشكّل ضغطاً على الحكومة الألمانية .

و أخبره أبو أياد بأنه سيوافيه في ألمانيا ، لوضع اللمسات الأخيرة على العملية و توصيل السلاح ، و بعد أيام ذهب الإثنان مع وفد فتح المركزي إلى تونس حيث مكثوا في منزل وزير الخارجية المصمودي ، كما أشرنا ، و من تونس غادر أبو داود إلى ميونخ .

و بدأ عمله في رصد و جمع المعلومات عن ما يجري في القرية الأولمبية و ما يتعلق بالبعثة الصهيونية ، و تحديد المبنى الذي ستنزل فيه البعثة . و لحقه أبو أياد في 24/8 ، و التقيا في فرانكفورت ، كان أبو أياد قد أدخل معه الأسلحة في حقيبتين مع امرأة اسمها جوليت ، و رجل فلسطيني اسمه علي أبو لبن ، مرت الأمور بسلام في المطار و بدون إثارة أية شبهة .

و كانت الأسلحة عبارة عن ستة كلاشكينوف و رشاشين من نوع كارل – غوستاف ، و تم الاتفاق على أنه بعد أن يعود أبو أياد و علي في اليوم التالي إلى بيروت ، سيعود علي على أول طيارة و معه قنابل يدوية .

و عاد أبو داود إلى ميونخ ، و أودع الأسلحة في الحقيبتين في خزائن الودائع في المحطة ، و كان يحرص على تغيير مكانهما كل 24 ساعة ، و وصلت حقيبة القنابل اليدوية ، و افتتحت الألعاب الأولمبية في 26/8 ، بينما كان أبو داود مستمراً في عمله و تمكن ، بمساعدة امرأة فلسطينية تتقن الألمانية من الدخول إلى القرية الأولمبية و رصد مكان البعثة الأولمبية عن كثب ، ثم تمكّن أيضاً من الدخول مع يوسف نزال و محمد مصالحة الذين سيقودان مجموعة الفدائيين ، و الأكثر من هذا خدمته الصدفة و الجرأة فدخلوا إلى مقر البعثة الصهيونية ، و اكتملت تفاصيل خطة احتجاز الرياضيين على أرض الواقع .

كان مع أبي داود في ميونخ يوسف نزال (تشي) و محمد مصالحة ، و اتصل أبو داود بعاطف بسيسو ، أحد مساعدي أبو إياد ، في بيروت طالباً منه إبلاغ فخري العمري بأن كل شيء جاهز ، و بأن يرسل الرجال الستة الآخرين ، منفردين إلى ميونخ .

عقد أبو داود اجتماعا مع يوسف نزال و محمد مصالحة اللذان لم يكونا يعرفان سوى الخطوط العريضة للمهمة ، و شدّد عليهما بعدم القيام بأي عمل انتقامي ضد الرياضيين الذين سيتم احتجازهم مثل القتل أو الجرح ، و بأن العملية هي سياسية و ليست عسكرية ، و الظهور أمام الرأي العام كمقاتلين متمالكين لأعصابهم ، و معاملة المحتجزين بشكلٍ جيد و التخفيف عنهم إذا لزم الأمر ، و التوضيح لهم بأن الفدائيين مجبرون على توثيق أيديهم بالحبال لأسباب أمنية ، و أن الهدف هو مبادلتهما بأسماء 236 أسيراً تضمنّتهم اللائحة النهائية .

و تم مناقشة أية أمور قد تطرأ ، فمن بين المحتجزين المفترضين ، هناك مصارعين و رجال أقوياء و آخرون تدرّبوا في الجيش ، و إن ذلك قد يستدعي استخدام العنف لضبطهم . و تم الاتفاق على عدم فتح النار إلا إذا كان خياراً أخيراً و وحيداً .

و ناقشوا تفاصيل المطالب و طلب الطائرة لنقلهم و الأسرى إلى بلد آخر ، و حدود التنازل عن المطالب و تم تعيين يوسف نزال مسؤولاً عسكرياً عن المجموعة ، أما محمد مصالحة فتم تعيينه مسؤولاً سياسياً عنها ، بعد أن لمس أبو داود لديه ، ما يسميه نضجاً سياسياً .

و يوم 4/9 وصل الستة الآخرون و نزلوا في فنادق متفرقة ، كان اتصالهم مع نزال و مصالحة فقط ، و لم يكونوا يعرفون عن أبي داود شيئاً ، كما اعتقد أبو داود ، الذي أكمل الاستعدادات فاشترى ملابس رياضية و جهّز آلات حادة و حبالاً و مؤونة طعام تكفي لثلاثة أيام و غير ذلك من مستلزمات العملية .

و تم توزيع الأسلحة التي جلبت من المحطة على الحقائب و كذلك المؤونة و غير ذلك ، و التقى أبو داود مع الجميع ، و قدّمه نزال و مصالحة على أنه رجل تشيلي يدعم القضية الفلسطينية ، و تم وضعهم في صورة المهمة المنتظرة و مناقشة مزيدٍ من التفاصيل .

و استمر اللقاء يوم 5/9 حتى الثانية و النصف فجراً ، و توجّه الجميع إلى القرية الأولمبية ، و لدى وصولهم ، و أبواب القرية مغلقة ، وصل أفراد من البعثة الأمريكية و هم ثملين ، و بدءوا في محاولة تسلق السياج ، و اختلط الفدائيون بالأمريكيين و ساعدوا بعضهم بعضاً على تسلق السياج ، بينما الجميع يضحك و يغني .

و يذكر أبو داود هنا مفاجأة أخرى ، غير مفاجأة مساعدة الأمريكان لهم بدون أن يدرون ، فبعد أن تسلّق الرجال السياج لم يبقَ من المجموعة غير فدائي واحد ، كان كبير الحجم مثل أبو داود ، و كان الإثنان يساعدان الآخرين كنقطتي ارتكاز لرفعهم ، و الآن جاء دور هذا الفدائي لكي يستخدم أبو داود كنقطة ارتكاز لتسلقه السياج ، و بعد أن نجح في ذلك و أصبح فوق السياج شكر أبو داود ذاكراً اسمه ، و معنى ذلك أنه كان يعرف طوال الوقت هوية أبو داود ، الذي قدّم للفدائيين بأنه رجل تشيلي مؤمن بالقضية الفلسطينية .

و فيما بعد قال أبو داود واصفاً ذلك المشهد (كان المنظر خيالياً أن ترى هؤلاء الأمريكيين ، الذين لا يشكّون بالطبع أنهم يساعدون مجموعة من فدائيي أيلول الأسود الفلسطينيين في الدخول إلى القرية الأولمبية ، يمدّون أياديهم هكذا يأخذون حقائبنا المليئة بالأسلحة و يضعونها على الجهة الأخرى من السياج) .

و في الساعة الرابعة فجراً ، غادر أبو داود مستقلاً سيارة إلى فندقه ، و أخذ يستمع إلى الراديو و يقلب المحطات ، و في الساعة الثامنة صباحاً أعلن عن نجاح خمسة مسلحين من التسلل إلى جناح البعثة الصهيونية و قتل واحداً و احتجز 13 آخرين .

ذهب أبو داود إلى القرية الرياضية ليكون على قربٍ من الأحداث ، و كان الجميع يستمعون إلى أجهزة الراديو و الألعاب مستمرة ، و تم نقل الخاطفين مع المخطوفين إلى المطار ، حيث كان بانتظار الجميع مذبحة شاركت فيها غولدا مئير رئيسة وزراء (إسرائيل) بتعنّتها ، حيث تم مهاجمة الجميع من الكوماندوز الألماني و تم قتل كلّ الرهائن و خمسة من الفدائيين و شرطي و طيار مروحية ألمانيين .

و هكذا انتهى أحد فصول عملية ميونخ التي أسماها الفلسطينيون عملية (أقرت و كفر برعم) على اسم القريتين المهجرتين في الجليل الفلسطيني ، الذي يعتبره كثير من الفلسطينيين ، بجماله الأخاذ ، قطعة من الجنة .. ! .

- بيان منظمة أيلول الأسود حول عملية اللد 1972:

في الساعة السابعة والنصف من مساء يوم 8/5/1972 وصلت إلى مطار اللد، بفلسطين المحتلة ، طائرة بوينع 707 تابعة لشركة سابينا البلجيكية والقادمة من بروكسل، حيث كانت مجموعة وليم نصار قد أتمت استيلاءها على الطائرة.

ولحظة إستقرار الطائرة على احد مدرجات المطار، أبلغ قائد المجموعة برج المطار باستيلاء مجموعة من منظمة أيلول الأسود على الطائرة، وابلغ البرج كذلك بطلب المنظمة اطلاق سراح مئة فدائي أسير خلال عشر ساعات والا ستقوم المجموعة بتفجير الطائرة بركابها، وتم ابلاغ البرج باسماء المطلوب إطلاق سراحهم.

قبل إنتهاء مهلة الإنذار بقليل، حضر إلى المطار مندوب الصليب الأحمر الدولي وطلب تمديد مهلة الإنذار ، وأعلن عن استعداد الصليب الأحمر للتوسط مع السلطات الإسرائيلية لتنفيذ شروط المنظمة.

وخلال هذه الفترة والفترة التي اعقبتها قام وزير دفاع العدو موشيه دايان ورئيس الأركان دافيد العازار وشمعون بيريس وزير المواصلات بالتفاوض مع مجموعتناعن طريق برج المطار ومكبرات الصوت ، الا أن قائد المجموعة أصر على تنفيذ كافة شروط المنظمة وشارك في المفاوضات عدد من كبار المسؤولين البلجيكيين.

قبيل الظهر طلب مندوبو الصليب الأحمر الدولي ، بعد عدة زيارات قاموا بها للطائرة ، السماح بادخال الطعام والماء إلى لطائرة ، وذلك إنتظارا لتنفيذ الشروط التي قدمها قائد المجموعة ، فتمت الموافقة على ذلك.

في الساعة الرابعة والنصف وصلت سيارات الطعام إلى الطائرة حيث تم فتح الأبواب ، ولدى دفع صناديق الطعام بواسطة السيارة المخصصة لذلك إندفع الجنود الذين يرتدون ملابس العمال إلى داخل الطيرة واشتبكوا مع المجموعة فاستشهد بعض افراد المجموعة وجرح باقي أفرادها ، كما قتل وجرح عدد من جنود العدو . وهنا يهمنا أن نورد الحقائق التالية:

أولا: عندما اخترنا مطار اللد لهبوط الطائرة انما أردنا ان يكون التحدي على ارض الصراع على ارض فلسطين. وكان اسهل لنا ان نوجه الطائرة إلى أي مطار في المنطقة ونحجز ركابها ونقدم شروطنا، لكننا اردناها معركة تحدي فوق أرضنا الفلسطينية.

ثانيا: اننا نعتبر هذه المعركة معركة تحدي بين الأرادة الفلسطينية المتمثلة في المقاتل المفلسطيني الثوري وبين الإرادة الصهيونيو المتمثلة بالصهيوني المخادع والغازي والمغتصب. ولقد تمكنت إرادتنا من اقتياد وزير دفاع العدو وكبار المسؤولين الصهاينة إلى المطار ، اخضعناهم خلالها إلأى اقسى الظروف وتمكنا من اذلالهم على مدار أكثر من عشرين ساعة.

ثالثا: لقد طرأت على خطتنا ثغرة . الثغرة سببتها دوافع إنسانية عندما سمح ثوارنا ادخال الطعام والماء إلى ركاب الطائرة، وفي المرات القادمة لن تكون هناك ثغرات.

رابعا: شارك الصليب الأحمر الدولي في الخدعة ، ففي الوقت الذي كان يجب ان يقوم فيه بالإشراف كليا على ادخال الطعام والتأكد من شخصية العمال لممنع دخول الجنود والأسلحة إلى الطائرة تواطأ وتآمر وتم ادخال الجنود في ملابس العمال مع الطعام إلى الطائرة ، وهذا يفسر تدخلهم قبليل انتهاء فترة الأنذار وطلبهم تمديده، وكان أول شخص يقترب من الطائرة هو مندوب الصليب الأحمر ، وجميع من اقتربوا أو دخلوا الطائرة بعد ذلك كانوا برفقته. لهذا نحن نعتبر مندوبي الصليب الأحمر الدولي في القدس شركاء اصلاء في هذه الجريمة.

خامسا: اتصل بنا المسؤولون البلجيكيون كما شارك بعضهم في المفاوضات التي دارت مع مجموعة وليم نصار واكدوا ان شروطنا ستنفذ، وبدلا من العمل على تنفيذ هذه الشروط ساهموا في الخدعة وعملوا على نجاحها، لذلك نعتبر الحكومة البلجيكية شريكة أصيلة في الجريمة وسنتصرف وفقا لهذا الموقف.

سادسا : لقد أثبت أبطالنا، أفراد مجموعة وليم نصار، أنهم على اعلى مستوى إنساني، حين قبلوا تمديد مهلة الإنذار وحين قبلوا إدخال الماء والطعام إلى الطائرة حفاظا منهم على أرواح ركابها.

كما أثبت مناضلونا أنهم على أعلى مستوى من البطولة حين رفضوا الإستسلام وتصدوا لجنون العدو وقتلوا وجرحوا عددا من ضباطه وجنوده.

يا جاهير شعبنا الفلسطيني البطل.

يا جماهير أمتنا العربية العظيمة.

أننا ونحن نفقد بعض من خيرة أبناء شعبنا الفلسطيني ، نعاهدكم على المضي في طريق النضال الشاق الطويل، وسنستمر في توجيه اقسى الضربات إلى الامبريالية والصهيونية، مصالح وعملاء، وما الدم الطاهر إلا الدافع الأقوى لنا لنستمر في ثورتنا حتى تحقيق تحرير كامل ترابنا الفلسطيني.

عاش نضال شعبنا من أجل التحرير،

المجد والخلود لشهداء شعبنا وأمتنا.

* المصدر : الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1972 - بيروت 1975 ص 263.

بعد العمليات المتعددة التي قامت بها منظمة أيلول الأسود أحدثت تلك العمليات متغيرات أساسية في داخل اللجنة المركزية لحركة فتح وفي داخل أطرها ولإعتبارات إقليمية تمويلية وسياسية أعتبر أبو إياد الرجل الثاني في حركة فتح وفي الساحة الفلسطينية لما يكتسبه من قاعدة عريضة في أوساط كوادر حركة فتح وإحترام من الجماهير العربية وكان من أهم النتائج لتلك العمليات ، قامت دول أوروبا بطلب التنسيق والتعاون الأمني مع حركة فتح مثل ألمانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى استطاعت منظمة أيلول الأسود أن تخدم حركة فتح بالإعتراف الدولي والإعتراف بفعالية مؤسسات حركة فتح وفعلا تم إنجاز أمني وفر نوعا من النشاط بأجهزة الأمن الفلسطينية وبشكل مشروع في دول أوروبا وخاصة الأمن الموحد الذي سمي فيما بعد المخابرات العامة ومقابل نشاطات الموساد في أوروبا .

وبذلك أخمد الإنشقاق عن طريق التفهم المشترك لعناصر القوة في داخلا اللجنة المركزية لحركة فتح ومحافظة على وحدتها وبلا شك أن الإنجاز الذي حققته منظمة أيلول الأسود تم إستغلاله لمواقف مختلفة في داخل الإتجاهات في داخل اللجنة المركزية لحركة فتح .

بقي هذا التيار مستهدفا في بنيته وخاصة ان أفراد هذا التيار حافظوا على أصالتهم وبنيتهم الفتحاوية أمام الرياح الصاخبة على هذه الحركة وكوادرها ووحدتها وكانت الهجمة على هذا التيار إزدادت في ذروتها بعد عملية إغتيال الشهيد أبو جهاد وإغتيال الشهيد أبو إياد وأبو الهول والعمري مقدمة لتقديم تسوية هزلية ومأساوية للشعب الفلسطيني التي تبلورت في إتفاق اوسلو وعودة ما يسمى بسلطة الحكم الذاتي إلى قطاع غزة ومدن الضفة الغربية في ظل الإحتلال والحصار وكان هذا مطلبا للقضاء على الإنتفاضة الثانية للشعب الفلسطيني وكذلك توريط الشعب الفلطسطيني ومنظمة التحرير في إتفاقيات لها إنعكاسات خطيرة على واقع حركة النضال الوطني الفلسطيني وعلى الشعب الفلسطيني ونسيجه الإجتماعي وكان آخر ضحايا الإستهداف لقائد من قادة الأمن الموحد الشهيد عاطف بسيسو في فرنسا .

تعرضت حركة فتح لضربة قاسمة عندما قامت إسرائيل في أوئل السبعينات بعملية الفردان وكانت نتيجتها أن خسرت حركة فتح قادة من أهم رموز الحركة الوطنية الفلسطينية أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر .

الإغتيال الذي حدث لهؤلاء القادة أثر على مسيرة حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح وعلى مسيرتها وتوجهاتها ولو منح القدر هؤلاء القادة الحياة أعتقد أن حركة فتح لن تكون بهذه الأحوال من الناحية الإنضباطية والتنظيمية وكذلك بعد عملية الإغتيال دخلت حركة فتح في دهاليز التسوية السلمية عن عدم نضوج في فهم المرحلة حيث أن الواقع النضالي الفلسطيني في ذاك الوقت لا يسمح بالتعامل مع الأطروحات السياسية الدولية والتي كانت على حساب المقاومة وعلى مفاهيم حركة التحرر الوطني في الفترة من 73 إلى 78 حدثت تغيرات إستراتيجية في حركة فتح أثر صراعات فكرية وسياسية وتنظيمية أما على الجانب العسكري فبعد معركة العرقوب مع إسرائيل وما سمي فتح لاند وإجتياح 81 الذي كان مقدمة لإجتياح 82 في هذه الأثناء تعاملت حركة فتح عن طريق القنوات الخلفية مع جهات إسرائيلية مثل يوري أفنيري وقد سبق لذلك أن قبلت حركة فتح النقاط العشر التي أقرها المجلس الوطني بما يسمى الحل المرحلي وإقامة الدولة على أي جزء محرر إلا أنه أسيء لهذا المفهوم الوطني من عقد إتفاقيات ثنائية مع إسرائيل تحت نطاق حكم ذاتي بموجب وثيقة أوسلو وإتفاق أوسلو ومن هنا حدث إنقسام بين فصائل العمل الوطني التي انتقدت نهج أبو عمار السياسي .

تصاعدت الصراعات الفكرية والسياسية في أوساط حركة فتح إلى منهجين المنهج اليساري أو التقدمي والنهج التسووي وتصاعد ذلك على أوجه وخاصة بعد ظهور مظاهر البيرو قراطية والبرجوازية على كثير من الأوساط الفتحاوية والعسكرية والإنفراد بالقرارات الداخلية وكذلك السياسية ودكتاتورية التحكم في الأموال الحركية ، استمر هذا التصعيد بين الأطراف المختلفة بعد أن فقد التيار التقدمي مؤسس هذا التيار ماجد أبو شرار ومن أبرز وجوه التيار التقدمي سميح كويك قدري ، وأبو خالد العملة وسعيد مراغة أبو موسى وكثير من قيادات التنظيم والجيش ، مثل هؤلاء محور مدعومين بكوادر كثر من جناح العاصفة سابقا أما التيار المقابل أبو عمار ، أبو مازن ، أبو الأديب وهاني وخالد الحسن بالإضافة من القيادات العسكرية أبو الزعيم وغيره ، أما أبو إياد وأبو جهاد دفعتهم الحنكة التنظيمية والسياسية على أن لا يحسبا على هذا التيار أو ذاك حفاظا على فتح الأم .

الجزء الثالث: بوادر العدوان الصهيوني على الجنوب اللبناني ومقدماته

صرح رئيس المخابرات الإسرائيلية أن هناك معدات كبيرة وأسلحة ضخمة حازت عليها المقاومة الفلسطينية ومدافع مضادة للطائرات وصواريخ ويجب تدمير تلك البنية العسكرية ، طالب المندوب الأميركي فيليب حبيب قبل الإجتياح بيومين تراجع المقاومة على مسافة 20 كيلو متر من حدود شمال فلسطين ولم يكن مقتل السفير الإسرائيلي في لندن هو السبب الرئيسي في الإجتياح بل كان ذريعة .

لقد علم أبو عمار من مصادر إستخباراتية قبل الإجتياح بعدة شهور عن نية إسرائيل بضرب قواعد الثورة الفلسطينية وإجتثاثها وقال مناحيم بيجن أنه سيسحق الفلسطينيين على أثر ذلك توجه أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد لليبيا لطلب المساعدة العسكرية وأبلغوا القياداة الليبية عن نية إسرائيل بإجتياح الجنوب وقامت القيادة الليبية بتلبية طلبات الإخوة في القيادة الفلسطينية الساعة الثالثة والربع بعد ظهر يوم 4 يونيا 1982 الإجتياح الصهيوني للجنوب اللبناني ولسنا هنا بصدد ذكر تفاصيل الإجتياح والصمود الأسطوري لمدينة بيروت والضاحية وصمود مخيمات الفلسطينيين في جنوب لبنان في منطقة صور بالتحديد والدور الذي لعبه أبناء العاصفة هناك وأطفال الآر بي جي .

إلا أن المأخوذ على المواجهة مع إسرائيل من قبل قوات الثورة الفلسطينية أن غالبيتها كانت متجمهرة نحو المقرات وفي شوارع بيروت ولم تكن في مواقعها في الجنوب إلا النادر منها رغم علم القيادة الفلسطينية بالنية المبيته لإسرائيل لإجتياح الجنوب .

تمدد الهجوم الإسرائيلي عن ما هو معلن بمسافة 45 كيلو وتحييد تأثر الصواريخ الفلسطينية إلى أن وصل إلى ضواخي بيروت ومحاصرتها .

خرجت قوات الثورة الفلسطينية من بيروت نتيجة التفاعلات الداخلية للقوى اللبنانية والأحزاب كذلك ولم تستثمر القيادة الفلسطينية الصمود في داخل بيروت فخرجت قوات الثورة الفلسطينية في 30/8/1982 إلى عواصم عربية مختلفة أما أبو عمار فذهب إلى اليونان أولا وبعد الخروج من بيروت وافقت القيادة الفلسطينية على مبدأ التفاوض والموافقة على قرارات قمة فاس العربية .

بدأ الإنشقاق بتاريخ 9/5/1983 وكان له مقدماته وحججه التي طالب بها أبو موسى وأبو خالد العملة وأبو صالح وقدري وهي مطالب محقة في حد ذاتها نتيجة الفساد المستشري المالي والأمني والسياسي في صفوف الثورة الفلسطينية وكان من أهمها محاسبة الحاج إسماعيل على الإنسحاب الفوري وعدم مواجهته لقوات الغزو الصهيوني كذلك محاسبة فؤاد الشوبكي والتجاوزات المالية ، مراجعة شاملة للأداء السياسي والتنظيمي لحركة فتح محاسبة كل مظاهر الفساد المستشري من بيروقراطية وبرجوازية في صفوف الثورة الفلسطينية مطالب عادلة طالب بها المنشقين من أبو عمار وكان آخر هذه المطالبات في إحتفال إنطلاقة الثورة الفلسطينية في عدن حينما طالب أبو موسى من القيادة الفلسطينية وبحضور أبو عمار من أبو عمار وكان آخر هذه المطالبات في إحتفال إنطلاقة الثورة الفلسطينية في عدن حينما طالب أبو موسى من القيادة الفلسطينية وبحضور أبو عمار إتاحة الفرصة لمبدأ المحاسبة والتقييم وإختتم قوله (( اللهم قد بلغت فاشهد .. اللهم قد بلغت فاشهد )) ، فكان الرد أن الأخ أبو عمار قد أصدر قرارا بنقل هؤلاء إلى المقر الرئيسي في تونس في حين أن هؤلاء لم يلبوا تنفيذ هذا القرار لإعتبارات أمنية وتنظيمية .

أعلن الإنشقاق في 18/6/1983 قام أبو موسى بالإستيلاء على مواقع فتح في ثعلباية وتعنايل وقامت سوريا بطرد أبو عمار وأبو جهاد بتاريخ 24/6/1983 بعدما تعرض أبو عمار كما قبل لمحاولة إغتيال في دمشق .

رفض المنشقين دعوة وسلوك أبو عمار في إنتهاجه خيار التفاوض مع إسرائيل كذلك رفضوا تواجد قوات الثورة الفلسطينية بعيد عن خط المواجهة مع إسرائيل حينما وزعت في الدول العربية وكان لهؤلاء حجتهم بأن سوريا هي التي مازالت تحتفظ بأسس الصراع مع إسرائيل وكان لابد في ظل توازن في الساحة اللبنانية تواجد قوات الثورة الفلسطينية .

حاول أبو عمار الرجوع للساحة اللبنانية إلى الشمال اللبناني في 9/83 إلى أن خرج منها في 2/11/83 تحت حماية فرنسية مصرية بعد مواجهة في نهر البارد والبداوي مع قوات المنشقين التي سميت فتح الإنتفاضة وغادر أبو عمار متوجها إلى مصر في حين أن مصر في ذاك الوقت معزولة من منظومة الجامعة العربية بعد إتفاقية كامب ديفيد في 77 ووجود جبهة الصمود والتصدي واعتبرت خطوة أبو عمار خطوة تصعيدية محددة الخيارات والتوجهات هو إعطاء النظام المصري البراءة من الشرعية الفلسطينية لعقد إتفاقية كامب ديفيد .

ثانيا : أبو عمار حاول بتوجهه إلى القاهرة إعادة مصرإلى الجامعة العربية وإعادة مقرها أيضا من تونس إلى القاهرة .

ثالثا : حاول أبو عمار أن يطمئن محور أميركا أنه لن يخرج من تصور التفاوض والسلام الإستراتيجي مع إسرائيل كخيار .

عندما سؤل أبو عمار إلى أين تتجه ؟ .. قال من عنق الزجاجة إلى القدس ، ودخلت منظمة التحرير الفلسطينية في معركة تثبيت الوجود بقيادة أبو عمار تحت ما يسمى القرار الفلسطيني المستقل في حين أن القرار الفلسطيني لم يجد يوما إستقلالا منذ خروج قوات الثورة الفلسطينية من عمان وكان يعني أبو عمار بهذا الشعار هو خروجه من فك النظام السوري ولكن ماذا حدث خرج من فك النظام السوري ليقع في فك الحيتان الضخمة المنظرة للتسوية الغير عادلة للقضية الفلسطينية .

وإذا ما بحثنا بتجميع التراكمات التي حدثت بعد الخروج من بيروت فإننا نجد أن إتفاق أوسلو بدايته كانت بالتطمينات الأميركية والفرنسية والمصرية بأنه هناك أفق سياسي للحل وإعطاء شيء ما للفلسطينيين مقابل الإنسحاب من بيروت ولكن ماذا حدث ؟ .. أن منظمة التحرير الفلسطينية قد تخلت عن الكفاح المسلح وكذلك حركة فتح وفي إعلان القاهرة في 86 نبذ أبو عمار العنف والإرهاب والذي أعتبر بمثابة التنازل عن البندقية مما أثار حفيظة كثير من كوادر حركة فتح وخاصة كوادر الأمن الموحد حينما ذهبوا إلى أبو إياد ووجهوا له اللوم عندما وقف بجانب أبو عمار بالقاهرة وهو يعلن نبذ العنف وطالبوا أبو إياد بأخذ موقف تنظيمي وحركي من أبو عمار إلا أن أبو إياد غلبت عليه نزعة الوفاء والعاطفة تجاه أبو عمار حينما قال لهم لن أتخلى عن رفيق دربي .

وتسوقنا الأحداث التي توالت بعد كامب ديفيد والتراجعات المميتة للحركة الوطنية الفلسطينية والمأزق الذي وضعت فيه القوى المناضلة نتيجة إتفاق أوسلو الخبيث أن حركة فتح وكادرها وبناء على عملية الفرز على أثر الإنشقاق لمن خرجوا ولمن بقوا في داخل الأطر أن سلطة أوسلو أنشأت على مبدأ من معي ومن ضدي في داخل إطار حركة فتح ولذلك أستبعد الكثير من الكوادر الحية كمناطق فعل في التنظيم أو في السلطة ولذلك تضخمت مظاهر الفساد والبيروقراطية والبرجوازية والإنفلاشات القاتلة في أطر حركة فتح والانسلاخات على قاعدة الولاء اشخصي وظهور مراكز القوى أنشأت على مبدأ من معي ومن ضدي في داخل إطار حركة فتح ولذلك أستبعد الكثير من الكوادر الحية كمناطق فعل في التنظيم أو في السلطة ولذلك تضخمت مظاهر الفساد والبيروقراطية والبرجوازية والإنفلاشات القاتلة في أطر حركة فتح والانسلاخات على قاعدة الولاء اشخصي وظهور مراكز القوى إلى أن حوصر أبو عمار بعد أن قدم ما قدمه في سبيل السلام المزعوم وفي النهاية إغتالته أيدي من يدعون أنفسهم أصحاب نهج السلام والديمقراطية وإغتالته ليست الأيدي التي إعترضت على أبو عمار وعلى سلوكه السياسي في حقبة الثمانينات بل إغتالته أيادي بألوان مختلفة تحت قائمة المصالح المشتركة في التخلص من هذا الرئيس لحركة فتح وللمقاومة وبمجرد إغتيال أبو عمار تم إغتيال بزته العسكرية التي حافظ لباسها طوال حياته ولم يخلعها إلا وهو ميتا على متن الطائرة التي أقلته إلى باريس ولذلك على المستوى الدولي أسدلت قوى التآمر صفحة من صفحات النضال للشعب الفلسطيني المتمثلة ببزة أبو عمار العسكرية .

ومازالت حركة فتح تصارع الموت نتيجة الإختراقات الداخلية والمؤامرات الخارجية فهل ستستمر ديمومة حركة فتح أم سيسدل عليها الستار وتبقى صفحات في التاريخ ، هذا ما سيأتي به الجزء الرابع من هذه الدراسة .

الجزء الرابع: حركة فتح والإنشقاقات وبيان النعي

لم يسلم حال حركة فتح بعد انشقاق 1983 والحملة الإعلامية المسعورة من كلا الأطراف ، حيث تفرغت لكيل الاتهامات المتبادلة ، وبرز في تلك المرحلة كما قلت ما روج له إعلاميا القرار الوطني المستقل وكان هذا الإعلام يعني لكثير من الكوادر تحديد الخيار الأمريكي التفاوضي كنهج لحركة فتح ومنظمة التحرير عندما أعلنت النتظمة نبذ العنف في 1986 ، في هذا العقد من الزمن شهد تمرد أبو الزعيم في عام 1986 أيضا تحت دعم أردني وقام أبو عمار بفصل أبو الزعيم بعد أن شكل مركز قوى تهجم من خلاله على القيادة الفلسطينية بكلمات غير لائقة وتفتقر للأدب وقتلت حركة أبو الزعيم .

إلا أنه في المنفى تصاعدت مراكز القوى والتيارات في داخل حركة فتح وخاصة في جيش التحرير حيث عينت القيادات الموالية للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وتحت دائرة الولاء أعتبرت مكونات الجيش مقاطعات خاصة لقيادتها المتنفذة فيها وبرزت وجوه متنفذة لها رصيد هائل من السلبيات والممارسات الأخرى والتحكم في أموال الثورة مثل فؤاد الشبوكي ونتمنى له الخروج من المعتقل وعارف خطاب ، وخالد سلطان والجعيدي ، وعبد الرزاق المجايدة ،والأطرش في الجزائر وهذا يستثنى من القائمة لصدق ولائه لجناحه العاصفة ولشعبه الفلسطيني وبرز أيضا ً نصر يوسف وتزايدت حلقات الفساد في أوساط تلك القوات مما أنذر بتمرد لكثير من الكوادر والضباط في أماكن مختلفة مثل عدن وصنعاء والجزائر ، وأحيط القائد العام بكل تلك التجاوزات لقياداته التي استمرت على الحساب الشعب الفلسطيني والكادر الفتحاوي إلى ما بعد العودة للوطن وكان على ضوء معطيات وتمهيدات التمرد أن قام الرئيس أبو عمار في عام 1986 بحل قوات عدن وتشتيت كوادر حركة فتح على الأقاليم المختلفة .

وبلا شك أن حركة التمرد والانشقاق التي قادها أبو موسى وقدري أحدثت انهيار للتيار التقدمي في داخل حركة فتح الأم فلقد مورست ضد كل من كان ينادي بالإصلاح ومورست عمليات الإقصاء أو النقل أو قطع الراتب وهنا نسجل التقدير والاحترام للأخ ابو المعتصم رئيس الأركان الذي وقف حائلا ً دون إتمام عمليات كثيرة من الاقصاء لكوادر حركة فتح .

في تلك الآونة إلى أن استشهد الأخ أبو جهاد حاول أن يرمم ما أهلكه الدهر والأفعال في كوادر حركة فتح سواء داخل القوات أو خارجها مما مثل خطورة على مراكز قوى كثيرة في داخل الحركة وفي داخل الجيش حيث اعطى التعليمات بممارسة النشاطات التنظيمية لحركة فتح في داخل القوات وملاحقة العملاء والجواسيس في داخل القوات الذي تم الافراج عنهم في اجتياح الجنوب اللبناني عام 1982 في حين أن القائد العام أصدر أوامره بحذر النشاطات التنظيمية في داخل القوات وكذلك عدم ملاحقة العملاء والجواسيس على اعتبار أن هناك جهات مختصة تتابع ذلك ، كان هناك صرع بين منهجين أيضا ُ منهج التسوية ومنهج المقاومة الذي كان يدفع به الأخ أبو جهاد ، أما أبو اياد فلقد تعرض لعمليات غزو لأطره من مراكز قوى أخرى في داخل الحركة ومحاولة احداث انسلاخات وولاءات تبتعد عن ولائها لأبو اياد أو أبو الهول .

في تلك المرحلة إلى أن أستشهد أبو جهاد عام عام 1988 كان يعمل وبشكل دؤوب لوحدة الحركة ووحدة أنبائها سواء داخل الأطر أو خارجها ومحاولة استرجاع من ترك حركة فتح في الانشقاقات السابقة، وعمل عملا ً حيثيا ً على استقطاب كل فصائل العمل الوطني من أجل بلورة برنامج سياسي مقاوم لمنظمة التحرير الفلسطينية وهذا يتناقض مع البرنامج المعمول به لمنظمة التحرير ولحركة فتح واستشهد الرجل بعد أن استطاع أن يقطع مشوار طويل في تحقيق أهدافه ولكن الأجل لم يمهله والمتأمرون كانوا له بالمرصاد .

شهدت هذه المرحلة منذ 1983 إلى 1993 عدة ترجمات لواقع الكينونة الفلسطينية في ظل تلك القيادة المجلس الوطني في عمان وكما رفع شعار له القرار الوطني المستقل الذي حدث فيه انشقاقات في فصلئب منظمة التحرير مثل الجبهة الشعبية وجبهة التحرير والصاعقة وأناب عنه في هذا المؤتمر القوى المنسلخة والمنشقة ليتحقق النصاب القانوني للمجلس الوطني وأعتمد أيضا ً برنامج المرحلية والتفاوض وفتح القنوات الخلفية كذلك شهدت هذه المرحلة اعلان قيام دولة فلسطين في عام 1988 بعد استشهاد أبو جهاد بشهور قليلة والتي شهدت المرحلة بمحاصرة الانتفاضة وقطف بعض ثمارها قبل نضوج أهدافها .

شهدت هذه المرحلة أيضا مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991 بوفد أردني فلسطيني مشترك مثل الوفد الفلسطيني شخصيات وطنية من داخل الأرض المحتلة الذي انتهج في العرب شعار الأرض مقابل السلام .

شهدت هذه المرحلة مزيد من التنازلات القاتلة من منظمة التحرير الفلسطينية وكذلك من الموقف الرسمي العربي ، حيث برزت اتفاقية أوسلو في سبتمبر عام 1995 وتم تطبيقها في نوفمبر عام 1995 ، تلك الاتفاقية التي عملت عليها بعض الشخصيات في حركة فتح واللجنة المركزية بدون علم الإطار حيث استهجن أبو اللطف القيام بمثل هذه الخطوة ولم يعلم عنها شيئا ً وكذلك كثير من أعضاء اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكان مهندس تلك الاتفاقية من الطرف الفلسطيني أبو مازن وأبو علاء قريع والتي أتت ثمار اتصالات متعددة واجتماعات متكررة أخذت بنضوج فكرتها من خلال سنوات من الاتصالات من خلال القنوات الخلفية ولقد تم تطبيق اتفاقية أوسلو في نوفمبر عام 1995.

انتقلت بؤر الفساد والانحلال الفكري التي بنت وجودها على عملية فرز لكادر الحركة من خلال كيل الاتهامات وفبركة تقارير أمنية لكثير من الكوادر للحيلوة دون رجوعهم إلى الوطن وليتم الاستفراد بمصير حركة فتح من خلال تلك الوجوه التي ابتعدت عن أهداف ومبادئ الحركة وأدبياتها على قاعدة الولاء والاستزلام لدكتاتورية الفرد وما تبعها من مظاهر بيرقراطية وبرجوازية تضخمت وأفرزت مراكز قوى والتي أحدثت فيما بعد داخل الوطن انقسمات أفقية وعمودية في النسيج الاجتماعي الفلسطيني ومزيد من الإنهيارات لحركة التحرر الوطني الفلسطيني التي تبلورت في قمتها خسارة حركة فتح في الإنتخابات وخروج مؤسسات السلطة وهزيمتها في غزة ، تلك المؤسسات والأجهزة التي لم تبنى فتحاويا بل بنيت على قاعدة الولاء والإستزلام والراتب وتحركت بغطاء فتح لتلحق الهزيمة لهرم معنوي ومادي للشعب الفلسطيني والتي مازالت تحاول إستدراج حركة فتح وكوادرها لمنزلق خطير مرتبط ببرنامج سياسي أجنبي وكذلك أمني مما يهدد حركة التحرر الوطني برمتها في الوجود .

في عام 2002 وبعدما اشتد الحصار على أبو عمار وعلى الشعب الفلسطيني ظهرت بوادر تمرد وبوضوح من خلال محاولة سلب الصلاحيات من أبو عمار والتظاهر عليه بحجة الإصلاح وكان تمردا واضحا تغذيه جهات إقليمية ودولية إلا أن تلك المحاولة فشلت مرحليا لشدة حب الجماهير لأبو عمار ولرمزيته وتأجل هذا الإنقلاب والتمرد إلى ظروف سانحة لتنفيذه حيث كان يمكن أن ينتج عن المواجهة المباشرة حرب دموية بين المؤيدين والمعارضين مما يهدد بحرب أهلية تشمل الواقع الفلسطيني .

وبشكل أو بآخر تم التخلص من أبو عمار ورمزيته وبزته العسكرية المعبرة عن الكفاح المسلح ليتولى مقاليد السلطة والنفوذ في داخل حركة فتح التيار المتمرد سابقا الذي مازال يلعب بالأوراق السياسية ومستقبل الشعب الفلسطيني والذي يطالب الآن بتدويل قطاع غزة .

برزت أمام هذا التيار بعد إستشهاد أبو عمار تيارات كثيرة في أوساط حركة فتح وكوادرها تعارض سلوك التمرد والفلتان الأمني الذي قاد إلى إنهيار تنظيم حركة فتح سواء داخل الوطن أو خارجه ومحاصرة المؤسسات الفلسطينية وتجميد منظمة التحرير وقتل التنظيمات الشعبية خارج الوطن ومما شهدته الأيام بعد إستشهاد أبو عمار محاولة التخلص أيضا من الكوادر الموالية لأبو عمار ومن خلال قرارات خارجة عن النظام تم إستبدالها بقيادات أخرى تحت بند التجديد في حين أن هذا كما قلت يتنافى مع النظام والاسلوب الديمقراطي الذي حدده النظام بعقد المؤتمرات الحركية التي هي كفيلة بعملية التجديد والتفعيل من الأطر القاعدية إلى الأطر القيادية بما فيها اللجنة المركزية .

أبو ماهر حلس كادر حركي محافظ على النهج العرفاتي الذي لاقى محاولات للعزل والإقصاء من قوى التمرد ولكن قادته حنكته ووفاءه على أن لا ينصاع لعمليات الإستقطاب وبقي مقاتلا ومناضلا في ظل العواصف التي تعصف بحركة فتح من داخلها ومن خارجها .وكذلك بعض تشكيلات كتائب شهداء الاقصى الذين بقوا محافظين على شرف البندقية والانتماء ورفضوا الانجرار وراء الولاءات وبرامجها وارتباطها وما زالوا بوجهون بنادقهم نحو الاحتلال واعلنوا موقفهم الواضح المتمسك بنهج العاصفة لهم تقدير واحترام الشعب والكادر

خالد أبو هلال في الزمن الأغبر !! ( الزمن العكر )

عندما نريد أن نحاسب ظاهرة أو نقيمها هل نعتمد في التقييم والحكم على المقدمات أم النتائج إذا كنا نريد أن نحكم على النتائج فقط فسنكون ظالمين إنما المطلوب البحث في المقدمات وما ستسوقه من نتائج المقدمات أدت إلى إنحرافات سلوكية وسياسية في حركة فتح وأدت إلى كثير من الإنشقاقات تم تقديمها في هذه الدراسة في السابق ويأتي خالد أبو هلال ( فتح الياسر ) كنتاج واقع في الزمن الأغبر لحركة فتح فهل نلوم أبو هلال أم نلوم المقدمات التي صنعت عدة اشتقاقات وهل نحاكم أبو هلال أم نحاكم المقدمات لكي نتمكن من التصحيح إذا حاكمنا النتائج فنحن لسنا متجهين إلى عملية التصحيح ، إذا لابد من محاسبة المقدمات ومبرمجيها . واذا كان هناكحساب للمقدمات فلن توجد ظاهرة ابو هلال

فتح تعرضت لغزو وإغتصاب وإقصاء لمبادئها وأهدافها ومنطلقاتها ونظامها قبل أن تغتصب إرادة.

حركة فتح بعظمائها بشهدائها الذي يعرف تقديرها وتقديرهم أبناء حركة فتح الأوفياء ويقفوا إجلالا وإحتراما لقياداتهم التاريخية المحافظة على الخط الوطني هل يمكن تناول تلك الأسماء بأسلوب هابط هذه كارثة .

أبو عمار أصبح محل إبتزاز لكثير من الإنتهازيين الذين حاولوا وعملوا على حصاره وتقزيمه ، أبو عمار أصبح كل من يريد أن يستحوذ على عواطف الكوادر أن يلبس لباس أبو عمار وتاريخه الذي قدر عليه عندما قبل الشهادة على أن يتنازل عن أي شبر من فلسطين فهنا نحكم على النتائج أما الممارسات التي لا تكفي مجلدات لها لتقييم تجربة الثورة الفلسطينية نستطيع أن نقول أن حركة التحرر الوطني الفلسطيني لم تؤتي بنتائج ولم تحقق أهدافها إلى أن وصلت إلى مرحلة التفتت والإنسلاخات المتدرجة والإستدراجات المتكررة فالثورة الجزائرية لم يحدث فيها انسلاخات إلا بعد التحرير والثورة اليمنية لم يحدث فيها انسلاخات وانشقاقات الا بعد التحرير .

هل البكاء على الماضي أم نقف مؤيدين لانشقاقات تمول خارجيا بالتأكيد لا يوجد حركي متمسك بأخلاق هذه الحركة يمكن أن يساعد على ذلك بل عملية الانشقاقات المتكررة ساعدت التيار التسووي على تنفيذ برامجه وساعدته على القيام بعمليةإقصاء وحصار لكل المعارضين .

وبيان النعي نشهد أن حركة فتح قد تعرضت لكل مؤامرات الأشرار من داخلها وخارجها وعبث بها العابثون على المستوى الذاتي والإقليمي والدولي ولأنها أنبل ظاهرة وجدت في القرن العشرين ولأنها تعبر عن وجدان ومصالح وعواطف وحقوق الشعب الفسطيني والعربي في فلسطين ولذلك حركة فتح استهدفت من داخلها وفجرت من داخلها قبل أن يقتحم مرتبتها الآخرون .

ولذلك أي عملية إصلاح الآن لن تجدي مع القنابل التدميرية التي وجهت لحركة فتح في داخلها ولذلك أمام بيان النعي هناك الإصرار والإرادة على أن تبقى حركة التحرير الوطني الفلسطيني معبرة عن كل الشعب وهي التي تقود الشعب الفلسطيني بعيد عن الولاءات الفردية إذا خضعت للبيان الأول لجناح العاصفة وهذا هو بيان الإصلاح إذا كان هناك من يريد الإصلاح ويريد أن يضحي من أجل الله والوطن والشعب .

بسم الله الرحمن الرحيم

حركة التحرير الوطني الفلسطيني

“فتــــــــح”

بلاغ عسكري رقم ( 1 )

صادر عن القيادة العامة لقوات العاصفة

اتكالا منا على الله ، وإيمانا منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب ، وإيمانا منا بواجب الجهاد المقدس .. وإيمانا منا بموقف العربي الثائر من المحيط إلى الخليج وإيمانا منا بمؤازرة أحرار وشرفاء العالم ..لذلك فقد تحركت أجنحة من القوات الضاربة في ليلة الجمعة 13/12/1964 م وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبة منها كاملة ضمن الأرض المحتلة .. وعادت جميعها إلى معسكراتها سالمة ... وإننا لنحذر العدو من القيام بأية إجراءات ضد المدنيين الآمنين العرب أينما كانوا ... لان قواتنا سترد على الاعتداءات ممثلة .. وسنعتبر هذه الإجراءات من جرائم الحرب .. كما وأننا نحذر جميع الدول من التدخل لصالح العدو بأي شكل كان .. لان قواتنا سترد على هذا العمل بتعريض مصالح الدول للدمار أينما كانت ..

عاشت وحدة شعبنا

وعاش نضاله لاستعادة كرامته ووطنه

التاريخ 1/1/1965م

القيادة العامة لقوات العاصفة

- اعداد سميح خلف



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 480 / 2165668

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165668 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010