السبت 28 أيار (مايو) 2011

تعليق على خطاب أوباما

السبت 28 أيار (مايو) 2011 par د. عبد العزيز المقالح

لم يكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما موفقاً في خطابه الأخير الذي انتظرته جموع غفيرة في أجزاء كثيرة من العالم على أحر من الجمر. حسب ما يقوله أغلب المراقبين والمحللين السياسيين في الشرق والغرب، وفي الوطن العربي والعالم الإسلامي خاصة. فقد تمحور جوهر الخطاب المذكور حول ضمانة أمن الولايات المتحدة وضمانة أمن الكيان الصهيوني، ولم يقدم شيئاً يمكن التوقف عنده بالشأن المتصل بالقضايا العربية والإسلامية لاسيما ما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي كانت ولا تزال مركزاً حقيقياً للصراع ومصدراً للقلق الذي لا يسيطر على المنطقة العربية وحدها وإنما على مناطق كثيرة من العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة نفسها التي وضع حكامها أنفسهم في موضع المحامي والمدافع عن كيان القتلة ودعاة الإرهاب السياسي والنفسي.

وإذا كان الخطاب الأوبامي قد خلا من كل ما يبعث على الأمل في إيجاد عالم آمن ومستقر، فإنه قد أعاد إلى الأذهان مقولات أسلاف الرئيس أوباما، ومنهم كلينتون وجورج بوش الصغير، حول إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على حدود ما قبل 1967، مع إضافات صريحة في تصريحاته اللاحقة مع «اللوبي» الصهيوني في أمريكا تناقض هذا الوعد من خلال الإشارة إلى موافقة ضمنية من شأنها أن تكرس الاستيطان وتؤبده. وبدا في هذا المقطع من خطابه وكأنه يتكلم باسم رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني لا بلسان رئيس الولايات المتحدة، أو كأنه لم يجد في التحولات التي تشهدها المنطقة العربية سوى انتفاضات عابرة في مقدور دولته العظمى أن تسيطر عليها وتجعلها تسير في الاتجاه الذي لا يخدم هذه الدول ومصالحها، بل مصالح أمريكا و«إسرائيل».

وإن قليلاً من الأموال التي سيقدمها البيت الأبيض من الخزينة الأمريكية ومن البنك الدولي كفيلة بأن تضمن الهدوء للأقطار الثائرة وتعيدها إلى الحظيرة الأمريكية بسلام.

لقد كان الرئيس أوباما أكثر إدراكاً وتوازناً في خطاباته الأولى وأقرب إلى الموضوعية منه في هذا الخطاب الذي جاء في جزء منه ليقطع الطريق على محاولات التغيير التي طال انتظارها في الوطن العربي وفي محاولة مكشوفة لاحتوائها. والفارق يبدو كبيراً بين هذا الخطاب اللاهث والخطاب الذي ألقاه أوباما في جامعة القاهرة، ثم خطاب تنصيبه رئيساً، فقد ظهر - كما يقول أحد المعلقين الكبار - في هذا الخطاب الأخير مشوشاً مضطرباً ولا يتناسب مع واقع الغليان الذي يسود الأقطار العربية والإسلامية، وما سوف يسفر عنه هذا الغليان من أنظمة لن تكون بحالة من الأحوال سائرة في ركب ما يرسم لها البيت الأبيض من سياسات ومواقف، مهما كان السخاء في الوعود والرشى.

وإذ يقرن البعض بين خطاب الرئيس أوباما والانتخابات المقبلة، لا ينسى آخرون الإشارة إلى أن الدولة العظمى كانت قد بدأت تتصدع وتتجه نحو الانحدار منذ بداية الولاية الأولى للرئيس بوش الصغير، وأن تولي أوباما لم يوقف هذا الانحدار بل أخذت وتيرته في التسارع، ولعل اليوم الذي تصحو فيه البشرية على وصول هذه الدولة إلى الهاوية بات قريباً، ولن تساعد المسكنات المختلفة ولا افتعال المعارك والحروب حالة الاقتصاد المنهار الذي يعكس نفسه على أكثر من صعيد، ويجعل من سياسة البيت الأبيض وأخلاقياته انعكاساً لحالات مثيرة من القلق والتوتر والاضطراب.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165485

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165485 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010