الخميس 19 أيار (مايو) 2011

التعامل مع الأنظمة المعادية للثورة

الخميس 19 أيار (مايو) 2011 par د. علي محمد فخرو

عبر الشهرين الماضيين ظلً الكثيرون يحذٍّرون من إمكانيات ظهور أشكال من النشاطات المضادة للثورة العربية الكبرى المباركة التي تجتاح الوطن العربي كلٍّه.

إن التركيز على هذا الموضوع سبَبَه الكثير من العبر المستخلصة من تاريخ الثورات عبر تاريخ البشرية التي واجهت الفواجع والانتكاسات والتزوير. فالقوى التي تكنسها الثورات الناجحة أو تقلٍّص امتيازاتها او تجرح كبرياءها لن تهدأ أو تستكين طال الزمان أو قصر.

من بين القوى التي تحتاج إلى انتباه شديد هي بعض أنظمة الحكم العربية التي يشهد عليها تاريخها بأنها تملك حساسية مفرطة تجاه أي تغييرات مجتمعية جذرية شاملة تؤدٍّي إلى إخراج المجتمعات العربية من المحافظة المتخلٍّفة الجامدة أو تغيير الموازين في الحياة السياسية. وهي لا تقاوم التغييرات تلك في الأرض التي تحكمها، إذن لهان لأمر، لكنها تقاومها وتستشعر الخطر من حدوثها في كل أجزاء الوطن العربي. إنها تؤمن بأن رياح التغيير في أقصى الغرب العربي ستهبُّ، إن عاجلاً أو آجلاً، على أقصى الشرق العربي. بل إن بعض الأنظمة تصاب برعب ومخاوف هلوسة تؤدًّي إلى ارتكاب حماقات تضُّر بالأمة العربية جمعاء.

دعنا نذكر أنفسنا بمخاوف ومؤامرات البعض على الثورة العربية القومية في مصر إبًّان فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، على الوحدة المصرية السورية التي تكالبت عليها بعض القوى حتى دمًّرتها، على الثورة الفلسطينية التي حرفت مسارها وأهدافها حتى دخلت التيًّه الذي تعيشه حتى يومنا هذا، على شتًّى المقاومات العربية الباسلة في الجنوب اللبناني وفي غزًّة. في العراق. ويعرف الجميع كم من مال ومن جهود بذلها البعض لإجهاض الثورتين في مصر وتونس في أيامهما الأولى ولإجهاض كل حراك ثوري في بقية الأقطار العربية التي لا تزال تناضل من أجل إنجاح ثوراتها.

في الماضي تركُّز الإغواء على الضبًّاط والجيوش للمساعدة على حرف الثورات، إن لم يكن يؤيدها. وكانت السفارات للدول الاستعمارية الخائفة من المقرٍّ القومي العربي التحرري على استعداد للتعاون والتنسيق. فما الذي (ستتركُّز) عليه أنشطة من لا يريدون للثورة العربية الحالية أن تتًّسع وتشمل الوطن العربي كلًّه وأن تخرج هذه الأمٌة من ورطتها التاريخية التي عاشتها عبر العدٌّة عقود الماضية؟

في هذه المرًة سيكون التركيز على الديمقراطية، وسيكون الإغواء للديمقراطيين. لن يكون الهجوم على الإيديولوجية واستعمال الفهم المتخلف للدين الإسلامي لهزيمتها كما حدث في سنوات منتصف القرن الماضي. ستجري محاولات لأن تكون الديمقراطية، التي أرادها الشباب العرب الثائرون طريقاً لتغييرات حضارية كبرى، وديمقراطية جزئية، هشًّة، قابلة للانتكاس في أية لحظة، متعايشة مع نقائض الديمقراطية من مثل إعلاء الولاءات القبلية والعائلية والمذهبية على الولاء الوطني القومي العروبي الشامل، منفصلة عن التحرًّر والاستقلال، بل وخاضعة لإملاءات السفارات والعولمة.

لهذا سيبذل المال لتزوير الانتخابات ولشراء الأحزاب والإعلام التجاري القابل للاندماج في تلك اللعبة الجهنُّمية ولدعم اللاديمقراطيين لقيادة تلك الديمقراطية المظهرية. سيبذل الجهد الكبير لتحقيقها إما ديمقراطية بدون ديمقراطيين شرفاء عفيفي الذمًّة وإمُّا ديمقراطيون يلهثون وراء سراب الديمقراطية التي ينطبق عليها قول التي تأتي ولا تأتي.

شباب الثورات التي نجحت والتي إن شاء الله ستنجح مدعوًّون للاستعداد بين الحين والآخر لإخراج المسيرات والاعتصام المليونية لمطالبة حكوماتهم ومؤسساتهم المدنية للوقوف بحزم، بل وبقوة، أمام أي نظام سياسي يحاول النُّيل من صفاء ثوراتهم ومن تحقيق المطالب الديمقراطية الشاملة العادلة دون أيُ مساومة مع أيٌ كان من المخلُفين من الأعراب.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165551

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2165551 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 30


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010