الاثنين 16 أيار (مايو) 2011

الكتيبة الطلابية.. دع ألف زهرة تتفتح

الاثنين 16 أيار (مايو) 2011

[**بقلم / د.احمد جميل عزم*]

من حين لآخر، وعلى نحو متواتر، أفاجأ بمعلومات جديدة عن الكتيبة الطلابية التي وجدت في لبنان منتصف السبعينيات من القرن الماضي. أفاجأ بأسماء وقصص أعضاء كانوا في الكتيبة؛ أكاديميين في كبرى جامعات بريطانيا، ورئيس جامعة خليجية، وروائية، وقياديين في حزب الله، وناشر معروف.. إلخ.

مرت هذا الأسبوع ذكرى استشهاد أبو حسن (محمد بحيص) وحمدي (باسم سلطان التميمي) ومروان كيالي، في قبرص يوم عيد الحب، 14 شباط (فبراير) 1988، عندما كانوا ينفذون مهمة كلفهم بها خليل الوزير (أبو جهاد). ثلاثتهم كانوا جزءا من الكتيبة، أو قريبين منها. ليس تزامن ذكرى الاستشهاد مع انتصار الثورة المصرية ما يغري بالربط بين الحدثين، ولكن هناك أسباب موضوعية أكثر لذلك.

كانت الكتيبة تشكيلا داخل فتح، تأسس منتصف السبعينيات، انبثق عن تيار داخل الحركة يجتذبه فكر الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ. جمعت الكتيبة طلبة لبنانيين وفلسطينيين، واحتضنت مسيحيين وسنة وشيعة، بعضهم انتقل من أحزاب شيوعية وبعضهم نشأ في فتح. ميّز التيّار نفسه بمبدأين: رفض الانحرافات والمسلكيات الخاطئة في الثورة وباسمها، ورفض التبعية العمياء للاتحاد السوفيتي من قبل الأحزاب الشيوعية العربية، وما كان يعرف بالتيار اليساري في فتح. ولذلك، أكّد التيار على الفكرة الوطنية المستقلة، ورفض تشتيت ساحات النضال بدعوى الأممية النضالية العالمية. تجلّت أفكار ماو لديهم في «نظرية التناقضات» وتقسيمها إلى تناقض رئيس هو العدو الصهيوني، وثانوي هو أطراف الرجعية والانعزالية العربية. وفي هذا كتب منظّر التيار منير شفيق (أبو فادي) كتابه المرجعي «التناقض والممارسة في الثورة الفلسطينية». قادت هذه الفكرة الكتيبة إلى رفض التورط في الحرب الأهلية اللبنانية، وإلى التمترس في جنوب لبنان للتفرغ لمواجهة «إسرائيل».

جسّد خليل الوزير شعار فتح «دع ألف زهرة تتفتح في هذه الثورة»، ما يعني أن تجمع الحركة كل قوة خيّرة بوصلتها ضد التناقض الرئيس (إسرائيل)، بغض النظر عن الإيديولوجيا. لذا لم يزعجه تكوّن التيّار، وشجّع تواصلهم مع أنصار الإمام موسى الصدر، ودعمهم الثورة الإيرانية.

جسّد تمثّل الماوية البحث المضني عن منافذ فلسطين في كل مكان. ولذلك شجّع نجاح الثورة الإيرانية نهاية السبعينيات انتقال عدد من قيادات الكتيبة وتيارها إلى الفكر الإسلامي. اقتنع منير شفيق أنّ الإسلام قوة هائلة لتحريك الشارع، فتحوّل من المسيحية إلى الإسلام، بعد أن مرّ بالفكرين الشيوعي والعروبي. لم يتوقف خليل الوزير عن العلاقة المميزة مع هؤلاء الشباب حتى بعد تشكيلهم إطار «سرايا الجهاد الإسلامي - سجا»، إلى أن استشهد «الشباب» في ليماسول واستشهد الوزير.

انتقال أعمدة في التيّار للفكر الإسلامي أقصى مسيحيين وغير متدينين خارجه، ولكن الود لم يفسد بينهم. يحتاج هذا التحوّل للمزيد من الدراسة. أثبت قبول فتح بالتنوع، طالما البوصلة نحو فلسطين، وربما عكس البحث الدائب عن حليف دولي يقدّم السند ضد «إسرائيل»، والاستعداد الشعوري للتغير الفكري مقابل ذلك.

لو كان التيار والكتيبة عاملين حتى الآن، وهما يجمعان بعض أنقى من أنجبت الثورة الفلسطينية وحركة فتح، هل كان أعضاؤهما سيدرسون التجربة المصرية، ويلجؤون لها؟

آلية الائتلاف الواسع، الذي يترك للأفراد حرية اختيار الفكر والأيديولوجيا الخاص بهم، فكرة أساسية في حركة فتح، لا يبتعد عنها كثيرا نهج ثورتي شباب تونس ومصر الذي قاد للنصر.

لو كانت «الماكينية الفكرية - التنظيمية» في فتح تتميز بالحيوية اللازمة لالتقطت أنّ الحراك العربي الراهن له صلة عضوية مع فكرها الأساسي، ولطوّرت أدواتها للمقاومة. ولربما اطمأن الشباب النقي القلق المتنقل من الشيوعية إلى الماوية فالإسلاميّة إلى نهج الحركة الوطنية الجامعة، ولركنوا إلى أنّ عصر ما بعد الحداثة تتراجع فيه الايديولوجيا، وإلى أنّ ك قبل نصف قرن.

- **د. أحمد جميل عزم



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178353

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178353 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40