الثلاثاء 26 نيسان (أبريل) 2011

حمام عربي غير زاجل

الثلاثاء 26 نيسان (أبريل) 2011 par يوسف أبو لوز

ضاع نصف الخبر على لسان المذيع الذي كان يتحدث بايقاع سريع عن منع أحد البلدان العربية تربية الحمام الزاجل لأنه، أي هذا الحمام ينقل معلومات إلى المتظاهرين في بلدان عربية، وقبل هذا الخبر بأيام قليلة قال الشاعر السوري أدونيس المرشح أكثر من مرة لجائزة نوبل إن الحركات الانتفاضية التي نشاهدها اليوم في أكثر من عاصمة عربية هي حركات تمرّد، وفي رأيه ينبغي دعم هذا التمرّد، وقال إنه سعيد بما يجري في الشارع العربي الذي فاجأه بهذه الإرادة من دون أيديولوجيات تحركه، وبدا أدونيس الشاعر والمفكر في حديث على مدى نصف ساعة على إحدى الفضائيات العربية معلقاً سياسياً هذه المرة، لكن من دون أن يفرّط بقاعدته الفكرية الثابتة منذ نحو خمسين عاماً والتي تنطلق بشكل حاسم من ضرورة بناء دولة عربية مدنية، لم تقم منذ خمسة عشر قرناً على رغم أن العرب هم بناة الحضارة الأوائل ولديهم تاريخ طويل من التراكم الثقافي يؤهلهم لبناء مثل هذه الدولة، كما قال، وكالعادة، طرح صاحب الثابت والمتحول الذي كتب أغاني مهيار الدمشقي وهو شاب في الثلاثين من عمره وهو الآن في الثمانين .. أسئلة في حاجة دوماً إلى إجابات .. من مثل: لماذا العرب متأخرون؟

ربما أن الأمل الجميل الذي نما في قلب أدونيس بعدما رأى التمرّد في بعض العواصم العربية، قد أعاد إليه الثقة بهؤلاء العرب الذين كادوا أن ينقرضوا لولا عربة التونسي البوعزيزي الذي كان يبيع عليها الخضار، أكثر مما يبيع عليها الشعر والأمل.

لم يبشر أدونيس وغيره من الكثير من الشعراء والمفكرين والمثقفين العرب بالأمل، فهو كما قال أميل إلى التشاؤم في سنوات عمره التي شهدت تأرجح العالم العربي من اليسار إلى اليمين، ومن اليمين إلى اليسار .. «إلى الوسط كما قال محمود درويش شاهدتُ مشنقةً فقط ..».

لا أحد يلوم أدونيس وغير أدونيس على تشاؤمه الثقافي والفكري والوجودي في سنوات الرماد أو نهر الرماد كما أطلق عليه الشاعر اللبناني خليل حاوي، لا بل إن كاتباً كبيراً مثل إميل حبيبي مزج التفاؤل بالتشاؤم واخترع وصفاً ساخراً مضحكاً هو «المتشائل» في زمن عربي رمادي آنذاك، وهو كاتب فلسطيني، وتشاؤله، أيضاً فلسطيني.

ولكن .. ما علاقة كل ذلك بالحمام الزاجل؟

ربما، هو نوع آخر من تمرّد الطير ومنطق الطير .. التمرّد الذي أشار إليه أدونيس السعيد بالثورات العربية المتتالية حيث يتحول الحمام إلى طير غير زاجل .. والحيوان البشري يتحول أيضاً إلى كائن غير صامت .. والأخطر من ذلك غير مدجّن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 44 / 2165371

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165371 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010