الأحد 17 نيسان (أبريل) 2011

لا حلول وسط ..... في ليبيا

الأحد 17 نيسان (أبريل) 2011 par د. فايز رشيد

ما إن أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي راسموسين, في حديث له لمجلة (دير شبيجل) «أن لا حل عسكريًا للنزاع في ليبيا وأنه ينبغي البحث عن حل سياسي», حتى زادت جهود الوساطات،لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، فقد قامت مجموعة من القادة الأفارقة يقودها رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما بزيارة إلى ليبيا التقت خلالها الرئيس القذافي وأعلن ناطق رسمي باسم مجموعة الرؤساء أنها قدمت (خارطة طريق) قبلها القذافي، ورفضها الثوار في لقاء الوفد مع المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي.

وفي سابقة أخرى : التقي وزراء خارجية أوروبيون, ممثلاً عن المجلس الوطني الانتقالي الليبي, على رغم التباين في وجهات النظر داخل الاتحاد الأوروبي, حول الموقف الواجب اتخاذه حيال المعارضة الليبية، مع العلم أن كلاً من فرنسا وإيطاليا اعترفت بالمجلس ممثلاً وحيداً للشعب الليبي.

من المعروف أن أمين عام الأمم المتحدة كان قد أرسل مبعوثه الشخصي إلى ليبيا، وقد اجتمع بالطرفين من أجل المساعدة على وقف إطلاق النار، والذي بالمعنى العملي لم يتحقق.

من جانب ثانٍ، عقدت مجموعة الدول الخاصة بليبيا, اجتماع لها في العاصمة القطرية, الدوحة، للبحث في المسألة الليبية. (معروف أن قطر هي الدولة العربية الوحيدة التي تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي ممثلاً شرعياً لليبيا).الدول العشرين أصدرت بياناً دعت فيه العقيد القذافي الى التنحي من منصبه ومغادرة ليبيا.

كان من الواضح أنه وفي الأسبوعين الأخيرين (وفقاً للعديد من المراقبين) أن قوات الناتو تحاول إطالة الحرب في ليبيا, على طريق خلق حالة من التوازن بين الجانبين الليبيين، فهي حرصت أن لا تمكن القذافي من القضاء على الثوار، ولا هي أتاحت الفرصة للأخيرين لحسم الأمر، الأمر الذي يضع على الطاولة كل التصريحات الغربية المطالبة للقذافي بالتنحي! ويبين أنها فقط تصريحات. ومن الصعب على قوات الناتو تمكين الثوار من الإطاحة بالقذافي. هذا الوضع يطرح العديد من الأسئلة: هل تهدف الولايات المتحدة والناتو والدول الغربية عموماً إلى ممارسة أسلوب الابتزاز السياسي للطرفين، بتقديم المزيد من التنازلات المستقبلية لها؟ هل حقيقة يهدف الناتو إلى إقالة القذافي مثلما طلب أوباما مراراً وكلينتون وعديدون من دول الاتحاد الأوروبي من الرئيس الليبي ذلك؟ ما هي حقيقة الأهداف النهائية التي يسعى إليها الناتو؟. هذه الأسئلة تدورفي الأذهان, بما فيها أذهان الثوار.

هذه الأسئلة وغيرها أيضاً, تتقاطع بالضرورة مع جهود الوساطة على مستويات متعددة, تلك التي ظهرت مؤخراً لحل القضية الليبية الشائكة. الانتفاضة الليبية وعلى الرغم من بدايتها السلمية مثل شقيقاتها في تونس ومصر واليمن حالياً، إلا أنها وبعد القمع المسلح من قوات القذافي وتداعيات ذلك في ظهور انشقاقات للعديد من الكتائب العسكرية والقادة, الذين انفصلوا عن جيش القذافي وانضموا إلى الثورة، الأمر الذي سهّل للانتفاضة (وقد كانت مضطرة) للسير في المنحى العسكري التسليحي, وبخاصة اعتماد القذافي على كل ما يمتلكه من أسلحة ثقيلة في قمع الانتفاضة.

القذافي وبعد الخطوات العربية والدولية العديدة التي اتخذت حول الشأن الليبي : تجميد حضور ليبيا لاجتماعات جامعة الدول العربية، قرار مجلس الأمن 1973، قرار ملاحقة القذافي وأبنائه وأعوانه من الانتربول، إحالة جرائم الحرب التي ارتكبها ضد الليبيين الى المحكمة الجنائية الدولية، المناشدات الكثيرة له بالتنحي... كل هذه تجعل موقف القذافي ضعيفاً (حتى وإن امتلك الأسلحة الثقيلة)، بالتالي فهو قبل بخارطة الطريق التي اقترحها الرؤساء الأفارقة.

الثوار هم في الموقع الأقوى، ولذلك في اجتماعهم مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وافقوا على وقف إطلاق النار ولكن بشروط على القذافي الرضوخ لها. الأخير لم يقبل بالشروط. الثوار يبدون أيضاً في انتفاضتهم كمن لا يخسرون شيئاً غير قيودهم، وهم يدركون أن أية تسوية تتم مع القذافي (حتى وإن تخلى عن الرئاسة لأحد أبنائه أو أعوانه) فالأمر سيعني لهم إمكانية ملاحقتهم مستقبلاً (بالرغم من أن القذافي قد يتعهد بوقف ملاحقتهم)، بالتالي فهم حريصون على السير بالانتفاضة حتى نهاية الشوط ونجاح مطالبها وبخاصة أن نهراً من الدم أصبح يفصل بين الطرفين بعد قصف قوات القذافي للمدن الليبية ولسكانها المدنيين، وبخاصة أيضاً أن التسوية مع شخصية أبوية، سلطوية، دكتاتورية، معجبة بميزات الذات لديها، هي تسوية تكاد تكون مستحيلة, الأمر الذي يصب في مصلحة التحليل : بأن جهود التسوية لن تنجح في ليبيا، فمن الصعب ان لم يكن من المستحيل ايجاد حلول وسط في ليبيا أيا كانت امتدادات الصراع وطول مداه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 36 / 2165435

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165435 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010