السبت 16 نيسان (أبريل) 2011

«حماس» والسلفيّون : تحالف... وخصام

تقرير / قيس الصفدي
السبت 16 نيسان (أبريل) 2011

مثّلت جريمة قتل الناشط والصحافي الإيطالي فيتوريو أريغوني رداً عنيفاً من الجماعات السلفية المتشددة في غزة على محاولات «الترغيب والترهيب» من جانب حركة «حماس» لتصفية هذه الجماعات بالمواجهة الفكرية تارة، والعسكرية تارة أخرى.

هذه الجريمة ستعيد «نبش» العلاقة المتوترة بين «حماس»، التي تحكم قبضتها على قطاع غزة منذ حزيران 2007، والجماعات السلفية الجهادية، التي تخرّج الكثير من عناصرها من مدرسة «حماس»، ليصبحوا اليوم من ألد خصومها، لعدم سعيها إلى «تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية»، وفق ما يعتقدون.

ويعتقد مراقبون أن «حماس» ستأخذ الجريمة من منطلق التحدي لحكمها في غزة، وقد تلجأ إلى المواجهة العنيفة مع الجماعات السلفية المتشددة، بعد «فشل» برامج التوعية والإصلاح الفكري لعناصر هذه الجماعات.

وفي تطور لافت يؤشر إلى مواجهة مرتقبة بين حركة «حماس» والجماعات السلفية الجهادية، وجّه وزير الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة «حماس» صالح الرقب، دعوة شبه صريحة إلى الحكومة لـ «إعدام» قتلة أريغوني، بمطالبته «بإقامة الحكم الشرعي في من يقتل المسلمين، وغير المسلمين دون وجه حق».

لكن الجماعات السلفية الجهادية في غزة لا تشاطر حركة «حماس» رؤيتها الدينية، وتأخذ عليها فكرها الوسطي، وتقاعسها عن تطبيق الشريعة، ومهادنة الكفار. وعبّر مراقبون عن قلقهم من التسجيل المصور الذي ظهر من خلاله أريغوني معصوب العينين والدماء تنزف من وجهه، وما رافق التسجيل من «مفردات متطرفة»، شبيهة بما تستخدمه الجماعات السلفية في الخارج، وتأثير ذلك في حركة التضامن الدولي مع غزة.

ويبدو أن الجماعات السلفية الجهادية لم تنسَ «ثأرها» عند حركة «حماس»، منذ الضربة القاسية التي وجهتها الحركة إلى جماعة «جند أنصار الله»، وهي واحدة من بين نحو ست جماعات لا يربطها تنظيم واحد على النحو المعهود، لكنها متشابهة فكرياً وتتماهى مع فكر تنظيم «القاعدة» الدولي.

وتلقت الجماعات السلفية ضربة قاسية في آب 2009، عندما أطاحت حركة «حماس» «الإمارة الإسلامية في أكناف بيت المقدس»، التي أعلنتها جماعة «جند أنصار الله»، وأطاحت رأس أميرها المتشدد عبد اللطيف موسى، ونحو 20 من أنصاره.

كانت تلك آخر المواجهات المسلحة بين حركة «حماس» وجماعة سلفية جهادية في غزة، غير أن الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة «حماس» لم تتوقف منذ ذلك الحين عن تنفيذ عمليات اعتقالات عدة في أوساط السلفيين، لأسباب داخلية، وأخرى تتعلق بخرق ما تسميه «حماس» «التوافق الوطني»، وإطلاق صواريخ على بلدات «إسرائيلية».

وتتهم الجماعات السلفية أجهزة الأمن في غزة باعتقال عناصر سلفية متهمة بإطلاق صواريخ محلية الصنع على بلدات «إسرائيلية»، وأخرى متهمة بتفجيرات استهدفت مقاهي إنترنت وأماكن ترفيه شبابية وصالونات تجميل نسائية بدعوى أنها تمارس الرذيلة.

وليس هناك إحصاء دقيق لأعداد أنصار الجماعات السلفية المتشددة في غزة، إلا أن الظاهرة ملموسة، وتبدو واضحة للعيان. ويستدل سكان غزة على الكثيرين من أتباع الجماعات السلفية بمظهرهم الخارجي، إذ يطلقون لحاهم وشعورهم، ويرتدون «طاقية» سوداء على رؤوسهم، وكثير منهم يرتدي الزي الباكستاني، وهو عبارة عن بنطال فضفاض فوقه جلابية قصيرة تصل إلى أسفل الركبتين بقليل.

وقالت مصادر متطابقة إن ظهور ظاهرة الجماعات السلفية الجهادية وتناميها ارتبطا بقرار حركة «حماس» خوض الانتخابات التشريعية عام 2006، ورضاها الحكم بالقوانين الوضعية. وأضافت المصادر إن الظاهرة أخذت في التوسع والانتشار عقب سيطرة «حماس» على قطاع غزة في حزيران 2007 بعد إطاحتها غريمتها حركة «فتح» ذات التوجه المدني، إذ تعرضت الحركة الإسلامية لاتهامات من جماعات سلفية بالتقاعس عن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.

ووفقاً لتقرير صدر عن مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية في 29 آذار الماضي، فإن «نسبة كبيرة من السلفيين في غزة هم أعضاء سابقون في حركة «حماس»، خرجوا منها احتجاجاً على مشاركتها في الانتخابات، وعدم تطبيقها الشريعة، وموافقتها على وقف إطلاق النار مع «إسرائيل»».

وفيما يدعو السلفيون الى تطبيق الشريعة الإسلامية في قطاع غزة كمقدمة لإقامة إمارة إسلامية، يرون في المقابل أن (حماس) «تحارب شرع الله». وقال سلفيون إن «حماس» كان بمقدورها - إن أرادت - أن تعلن قيام إمارة إسلامية في غزة بعد طرد قوات «فتح» العلمانية، وإزالة المعوقات من طريقها، لكنها ارتضت الحكم بما لم ينزل الله».

ورفض النائب عن حركة «حماس» يحيى موسى هذه الاتهامات، مبدياً استخفافاً كبيراً بعناصر هذه الجماعات التي وصفها بـ «الجهل وعدم الإلمام بمقاصد الشريعة ومتطلبات العصر». وقال إنه لا يشعر بالقلق الكبير من تأثير هذه الجماعات رغم خطورة جريمة قتل المتضامن الإيطالي، مضيفاً إن «التطرف ليس سمة فلسطينية، والجماعات السلفية لا تمثّل ظاهرة».

وكثيراً ما تواجه حركة «حماس» اتهامات بالمساعدة على ظهور الجماعات السلفية المتشددة، بالأفكار التي بثتها في المجتمع لسنوات طويلة، وبعناصر تشرّبوا هذه الأفكار، وانقلبوا عليها والتحقوا بالسلفيين، بحثاً عن مزيد من التشدد والتطرف. غير أن موسى أبدى استغرابه من هذه الاتهامات، واصفاً حركة «حماس» بأنها «مدرسة الفكر الوسطي المعتدل».

- [**المصدر : صحيفة «الأخبار» اللبنانية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165450

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار عربية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165450 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010