الأربعاء 13 نيسان (أبريل) 2011

المساومة مرفوضة

الأربعاء 13 نيسان (أبريل) 2011 par د. محمد السعيد ادريس

بقدر ما تمثله دعوة فرض حظر جوي دولي على قطاع غزة من أهمية استراتيجية فائقة عربياً، بقدر ما تفرض هذه الدعوة من تحديات سياسية للموقف العربي من منظور قدرة العرب على فرض هذا المطلب الحيوي على مجلس الأمن، ومن منظور ما قد تفرضه من مساومات حرجة للعرب مع مطلب آخر لا يقل أهمية أو حيوية للشعب الفلسطيني، وهو المطلب الخاص بإصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها القادمة (سبتمبر/ أيلول 2011) يعلن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967.

أهمية الدعوة الفلسطينية لفرض منطقة حظر جوي دولي على قطاع غزة، يؤكدها موقف وزير الخارجية «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان الذي رفض علناً الهدنة التي تم التوصل إليها مع حركة «حماس» بوساطة من روبرت سيري منسق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، ووصف هدف إعادة الهدوء بأنه «خطأ فادح»، لأن ذلك سيؤدي من وجهة نظره إلى منح حركة «حماس» فرصة مواتية لتعزيز قوتها على نموذج «حزب الله»، مؤكداً على أن الهدف «الإسرائيلي» يجب ألا يكون إعادة الهدوء بل إسقاط سلطة «حماس»، من خلال عمليات عسكرية مكثفة تقضي على الحركة عسكرياً ومن ثم سياسياً.

موقف ليبرمان ليس الموقف الوحيد في القيادة «الإسرائيلية» السياسية والعسكرية، فهناك انقسام بين ثلاثة تيارات، الأول يرى أن تصعيد العنف ضد قطاع غزة إلى درجة عملية اجتياح كاملة يجب أن يكون الهدف، والثاني يكتفي بمواصلة الغارات الجوية ورفع درجتها والعودة إلى سياسة اغتيال قيادات «حماس»، أما الثالث فيؤيد التهدئة، وهو التيار الأضعف والمتردد، ما يعني أن الاتجاه الغالب هو رفض التهدئة ومواصلة الحرب على القطاع، ومن هنا تأتي أهمية دعوة جامعة الدول العربية لفرض منطقة حظر جوي دولي على قطاع غزة، فهي دعوة من شأنها احتواء هذه النزعة العدوانية «الإسرائيلية»، ومن شأنها أيضاً توفير المناخات اللازمة لتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية عن طريق إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية، استعداداً لمعركة إعلان الدولة في سبتمبر/ أيلول المقبل.

كل هذه الأهمية تتطلب توفير الجدية اللازمة من الجانب العربي، وهنا يجب عدم الركون فقط إلى دور الجامعة العربية، ولكن الدول العربية ومنظمات المجتمع المدني العربية والإعلام العربي مطالبون بأن يكونوا طرفاً أساسياً في هذه المعركة.

هي معركة فعلاً، سياسية وإعلامية، وقبلها هي معركة إرادة عربية مع المجتمع الدولي ومع الولايات المتحدة بصفة خاصة، استناداً إلى سابقة استجابة مجلس الأمن لمطلب جامعة الدول العربية بفرض حظر جوي دولي على الجماهيرية الليبية لحماية المدنيين المستهدفين من كتائب القذافي.

وهي معركة من منظور مدى قدرة الدبلوماسية العربية على إدارة أزمتين في وقت واحد، والفوز بهما. فالتحرك العربي يجب أن يكون مكثفاً في مجلس الأمن، وعلى كل المستويات.

العالم، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يمكن أن يساوما الجانب العربي في دعم أي من المطلبين، إما فرض الحظر على قطاع غزة والتضحية بإعلان الدولة، أو التراجع عن مطلب فرض الحظر والتركيز على مطلب إعلان الدولة.

هذه المساومة واردة ليس فقط نظرياً، بل وأيضاً عملياً، في حين أنها مساومة ظالمة وغير عادلة، فضلاً عن كونها يجب أن تكون مرفوضة عربياً، ولا بديل أمام العرب إلا كسب المعركتين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 67 / 2165930

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165930 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010