الثلاثاء 12 نيسان (أبريل) 2011

الجريمة الأسوأ الكاملة والخبيثة المتجددة

الثلاثاء 12 نيسان (أبريل) 2011 par راكان المجالي

أسوأ جريمة عرفها التاريخ الإنساني هي بلا شك جريمة اغتصاب فلسطين في العام 1948 وهي جريمة اكتملت كل أركان الشر فيها على مدى قرن من احتلال بريطاني ابتداء تحت تسمية انتداب مطلع العشرينيات من القرن الماضي إلى استخدمات القوة العسكرية لقهر الشعب الفلسطيني وإطلاق يد العصابات الصهيونية المسلحة ثم إطلاق موجات التخدير بدعوى الحرص على الحلول إلى كافة أشكال التآمر والممارسات والأساليب الخبيثة لتمرير حلقات المشروع الصهيوني مرحلة بعد مرحلة.

لقد اجتمع الحقد الصهيوني العنصري مع الكراهية السوداء التي تغمر الغرب تجاه أمتنا لتنفيذ الجريمة والتي اكتملت في العام 1967.. واستمر نهج ذبح فلسطين عبر المجازر والمحارق كما استمر عبر الحلول السياسية الوهمية والتي استخدمت كغطاء لتمرير الجريمة البشعة الكاملة، واختزلت القضية المقدسة للشعب الفلسطيني والأمة العربية في أكذوبة مفضوحة وهي التوصل إلى حل عبر المفاوضات التي هي جري وراء سراب خادع.

وأقصى درجات الصفاقة هذه الأيام هي استمرار الحديث عن استئناف المفاوضات وتحريك المسار الفلسطيني «الإسرائيلي»، والمفارقة أن ذلك يتصاحب علناً وعلى رؤوس الأشهاد مع تصعيد الحرب على غزة هذه الأيام وفتح أبواب جهنم التي كان يدعو لها شارون باستفزاز وطغيان يصفه ليبرمان بأنه كأس السم الذي يجب أن ينزعه الفلسطينيون بلا توقف ولا هوادة وتذكرني الجريمة الكاملة التي تنفذ في فلسطين بجريمة خبيثة حدثت في فرنسا.

ففي ملفات المحاكم الفرنسية حكاية مواطن عادي ارتكب ذات مرة جريمة قتل. زار عشيق امرأته في بيته وكسر رأسه بخمس رصاصات. ترك مسدسه بجانب القتيل. ترك أيضاً قبعته وبطاقته الشخصية... ذهب بعد ذلك إلى البيت وأخبر امرأته أنه قتل عشيقها وطلب منها أن تبلغ عنه الشرطة. بعد نصف ساعة كان المواطن يدلي بأقواله لوكيل النيابة.

لم يعترف له بجريمة القتل. لم يهتم بالأدلة القاطعة ضده بل جلس في مقعده هادئاً ولفت نظر وكيل النيابة إلى أن المرء لا يقتل أحداً ثم يترك مسدسه وقبعته وبطاقته الشخصية في مكان الحادث، وأن القاتل لا يدبر جريمته في الخفاء ثم يترك عنوانه للشرطة، وأي مواطن في العالم يستطيع أن يكون القاتل ما عداه هو شخصياً... بعد ذلك استراح في مقعده ولفت نظر وكيل النيابة إلى أن امرأته لم تكن على وفاق تام معه أو مع عشيقها، وأنه من المعقول أن يتصور المرء أن تلك السيدة ارتكبت جريمة القتل وتركت أشياء زوجها في مكان الحادث.

بعد ثلاثة شهور أثبتت المحكمة جريمة القتل على الزوجة البريئة.

لم يصدق أحد أن زوجها يقتل غريمه ثم يترك له بطاقته الشخصية. لم يصدق أحد أن القاتل الحقيقي يخلّف وراءه جميع هذه الأدلة القاطعة... كان من الواضح بالنسبة للقضاة أن الأمر كله دسيسة مفضوحة ضد الزوج الطيب القلب، وكان من الواضح بالذات أن الدسيسة مفضوحة جداً. بعد عشرين عاماً اعترف الزوج بلعبته البسيطة التي ضحك بها على ذقن العدالة وانتقم بها من غريمه وترك المحكمة تنتقم له من امرأته وخرج من المذبحة دون أن يصاب بخدش.

لماذا أحدثك عن القتلة واللصوص؟

لأني أريد أن أحدثك عن «إسرائيل»..

العالم كله يسمع أن «إسرائيل» تطالب بالمفاوضات معنا. العالم كله يعتقد أن ذلك يعني ببساطة أن «إسرائيل» ترغب في التفاهم معنا.. ونحن بدورنا نرفض المفاوضات رفضاً باتاً، والعالم يعتقد أن ذلك يعني ببساطة أننا نرفض التفاهم. المحكمة تضعنا في قفص الاتهام مقدماً باعتبارنا دعاة حرب. المحكمة تبرئ «إسرائيل» مقدماً باعتبارها داعية سلام.

لا أحد في الغرب الفاقد لوعيه وأخلاقه يريد أن يرى الجريمة الصارخة المفضوحة وهكذا يستمر التواطؤ والتحايل والخداع والطغيان وكل أشكال الشرور للاستمرار في تنفيذ الجريمة المتجددة يومياً على مدى قرن ليس فقط عبر المحارق اليومية والمجازر في غزة والضفة وإنما عبر مصادرة حقوق الإنسان الفلسطيني ومصادرة أرضه وإنكار وجوده ووطنه وحقه في الحياة الإنسانية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2181147

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2181147 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40