الاثنين 11 نيسان (أبريل) 2011

والتوى عنق جولدستون!!

الاثنين 11 نيسان (أبريل) 2011 par د. محمد الهرفي

ليس من حقنا كعرب أن نلوم الصهاينة على ما يفعلونه في سبيل الحفاظ على دولتهم المغتصبة؛ ولكن من واجبنا أن نفعل مثل ما يفعلون أو أحسن مما يفعلون من أجل أوطاننا ومستقبل أجيالنا، أما الاكتفاء بتوجيه التقدم لهم، وإلقاء اللوم على الأمريكان لأنها تساعدهم، فهذا لا قيمة له في ميزان حكم القوة الذي تمارسه «إسرائيل» منذ قيامها وحتى الآن.

الأمثلة كثيرة جداً على ممارسة الصهاينة لكل أنواع الضغوط بغية تحقيق أهدافهم وبدون الالتفات لأي قانون دولي أو أخلاقي؛ فهذه القوانين لا قيمة لها إذا كانت مانعة للصهاينة من تحقيق أهدافهم، وكان تراجع القاضي ريتشارد جولدستون رئيس لجنة التحقيق الدولية في الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب «الإسرائيلية» على غزة عن قراراته التي اتخذها بعد التحقيق في تلك الجرائم مثلا للضغوط التي مارستها «إسرائيل» ضده وضد أسرته، مع أن تقريره لم يكن منصفا كما يجب!!

هذا التراجع المخزي اعتبره وزير داخلية (إسرائيل) «قراراً شجاعاً» ودعا القاضي لزيارة «إسرائيل» والاطلاع على معاناة الشعب اليهودي من صواريخ «حماس»!!
وقد استجاب القاضي لهذه الدعوة، وزيادة على ذلك وعد الصهاينة بالسعي لإبطال تقريره... هل يمكنني أن أسأل: ماذا سيفعل العرب عامة والفلسطينيون خاصة إزاء هذا الموقف خاصة إذا أخذت في الحسبان مواقف الكثيرين منهم تجاه هذه الحرب؟!

الصهاينة لم يتوقفوا يوماً عن قتل الفلسطينيين داخل أرضهم أو خارجها غير عابئين بكل قوانين الأرض، وأيضا غير عابئين بالدول التي ينفذون جرائمهم فيها؛ ففي دبي قتلوا «المبحوح»، وفي سوريا «مغنية» وقبل بضعة أيام قتلوا الممثل المسرحي جوليانو ميرخمس في جنين لأنه كان يقف إلى جانب القضايا الفلسطينية، وسبق لهم قتل عدد من العلماء العرب في بلادهم وخارجها.. وفي السودان قامت طائرات «إسرائيلية» بقصف سيارة قرب بورتسودان ويقال إن اثنين ماتا فيها!!

قصة القتل كثيرة جدا ولكن المستغرب ردود الفعل الباهتة على كل تلك الأفعال الإجرامية!! الحكومة السودانية أشارت إلى الحادثة وكأنها وقعت خارج حدودها، ومثل سوريا ومصر وغيرهم.. وحدها «دبي» حاولت أن تقوم بعمل إيجابي، صحيح أنه لم يوصل لشيء عملي ولكنه كان الأفضل!!

أتساءل : هل يمكننا أن نلوم غيرنا على صمتهم على هذه الجرائم ما دمنا نمارس الدور نفسه أو نكاد؟! وأقول : هل يمكن لأي دولة عربية أن تتجرأ على ملاحقة صهيوني داخل «إسرائيل» أو قتله أو خطفه؟!!

أما الاستيطاني فحدث عنه ولا حرج!! الفلسطينيون يلومون أمريكا «صانعة السلام!!» ويعتبون على أوروبا لأنها لا تفعل شيئاً إيجابياً ولا تساعدهم على قيام دولتهم!!

ويتناسى هؤلاء أن بعضهم كان يبيع الاسمنت لليهود لبناء مستوطناتهم.. وأن بعضهم - كذلك - يحمي الصهاينة من أي اعتداء عليهم من أجل إيقاف بناء تلك المستوطنات!! أما حماية الأمن «الإسرائيلي» فحدث عنه ولا حرج!!

«إسرائيل» لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتقوم بها من أجل بقائها أو التستر على جرائمها؛ فقد ضغطت على إدارة «فيسبوك» لكي نغلق صفحة تحمل عنوان «الانتفاضة الفلسطينية الثالثة» تدعو الفلسطينيين للقيام بانتفاضة سلمية ضد الاحتلال وذلك يوم الجمعة 15 مايو القادم وكان لها ما أرادت تحت حجج واهية من إدارة الفيسبوك.. ولو أن كل عربي، وكل دولة عربية قاطعت هذا الموقع لبضعة أيام لتغير كل شيء.. لكن العرب لا تهمهم مصالحهم مثل ما تهم «إسرائيل».

نعرف أن «إسرائيل» دولة عنصرية إرهابية وأنها لا تنوي بالعرب جميعا أي خير، ولكن هذه المعرفة لا تساوي شيئا إذا لم يكن هناك عمل جاد لإعادة الصهاينة إلى جادة الصواب.

الصهاينة يعرفون أن الوضع العربي كان - في مجمله - لصالحهم، ومن أجل ذلك لم يكونوا يقيمون وزنا لأحد.. لكن هذا الوضع بدأ بالتغير تدريجيا وهذا ما أقلق رئيس وزرائهم كثيرا، وبدأت تصريحاته تعبر بوضوح عن هذا القلق، فهو لا يعرف من سيحكم البلاد التي تحررت من طواغيتها أو التي ستحرر لاحقا!! هل هم مثل سابقيهم أم لا؟! وهل سيتركونه يفعل ما يشاء أم أن لهم مواقف مغايرة قد تقضي على طموحات دولته؟! وبدأت رحلاته واتصالاته ومشاوراته لعله يجد ما يريحه.. أتمنى - بل وأتوقع - أن القادم لن يكون في مصلحة الصهاينة.. وأن القادمين يدركون أن العمل وحده هو من سيترك لهم وجودا في هذا العالم أما مرحلة الجعجعة فلم يعد لها وجود.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165918

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165918 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010