الاثنين 11 نيسان (أبريل) 2011

العدوان والهروب من المخاطر

الاثنين 11 نيسان (أبريل) 2011 par د. محمد السعيد ادريس

العدوان «الإسرائيلي» المتجدد على قطاع غزة طيلة الأيام القليلة الماضية لم يأت من فراغ، فهو عسكرياً، مجرد عمليات استباقية هدفها الترتيب لعدوان «استراتيجي» لإحداث تحول درامي في موازين القوى في القطاع يقضي، بدرجة كبيرة إن لم يكن نهائياً، على القدرات العسكرية للمقاومة، وإن حدث هذا تكون «إسرائيل» قد أنجزت ثلاثة أهداف، أولها بالطبع تصفية المقاومة في القطاع وإسقاط حكم حركة المقاومة الإسلامية «حماس» لتأمين حدودها الجنوبية، أما الهدف الثاني فهو إرباك ما يحدث الآن من جهود ترمي إلى تحقيق مصالحة وطنية فلسطينية بهدف إعادة ترتيب أوضاع البيت الفلسطيني، استعداداً لخوض معركة سياسية كبرى من أجل الحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية من الأمم المتحدة في الدورة المقبلة للجمعية العامة «سبتمبر/ أيلول المقبل».

إفشال المصالحة هدف ضروري، لكن الأهم منه هو إخراج حركة «حماس» نهائياً من المعادلة السياسية، وتأمين وضع سياسي أمام السلطة الفلسطينية من دون وجود من يمثلون ضغوطاً لإحياء خيار المقاومة، ولو مستقبلاً، أما الهدف الثالث، فهو استغلال الوضع الإقليمي والدولي المرتبك الآن بسبب تداعي الأحداث في المنطقة للتوسع الاستيطاني والتهويد، وإسقاط خيار الدولتين نهائياً .

هذه الأهداف الثلاثة يلخصها الجدل الدائر منذ أسابيع في أروقة صنع القرار السياسي «الإسرائيلي» بمشاركة القيادات العسكرية في ظل إدراك متسع لما يروج من أفكار ترى في التهدئة التي وافقت عليها التنظيمات الفلسطينية ضرراً مزدوجاً على «إسرائيل»، فهذه التهدئة تعطي لهذه التنظيمات فرصة مؤاتية لاستكمال بنيتها العسكرية لدرجة تجعلها في وضع يصعب تجاوزه كمتغير جديد في معادلة الصراع، ما يشكل تهديداً خطيراً على الأمن «الإسرائيلي»، كما أن التهدئة توفر من ناحية ثانية فرصاً مؤاتية لإنجاح مساعي المصالحة الوطنية التي قد تسفر في النهاية عن إيجاد واقع سياسي وتنظيمي جديد يعيد منظمات المقاومة إلى الضفة الغربية، ومن هناك يمكن تجديد مشروع المقاومة، ومن ثم إجهاض كل جهود التنسيق الأمني الذي جرى على مدى السنوات الماضية بين الأمن «الإسرائيلي» والسلطة الفلسطينية من أجل تجفيف منابع المقاومة في الضفة وتصفية خيارها نهائياً.

لهذه الأسباب أضحى الخيار العسكري قراراً مفروغاً منه بالنسبة لحكومة نتنياهو، وما يشغل السياسيين والعسكريين الآن هو حدود هذا الخيار، هل يجب أن يكون بمستوى عملية «الرصاص المصبوب» السابقة أو يزيد للقضاء نهائياً على البنية العسكرية والسياسية لحركة «حماس».

مصادقة «إسرائيل» على بناء 942 وحدة سكنية جديدة في مدينة القدس، المتزامنة مع العدوان المتجدد على قطاع غزة، والصمت الأمريكي على كل ذلك بالتزامن مع لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع رئيس الكيان شمعون بيريز في واشنطن، وعجز اللجنة الرباعية الدولية عن تقديم إجابات واضحة عن كل ما يخص توقف المفاوضات وشروط استئنافها .

العدوان الموسع على قطاع غزة تعتبره «إسرائيل» مخرجاً من مأزق يتأكد يوماً بعد يوم عبر مسارات ثلاثة هي أولاً تنامي قوة المقاومة داخل القطاع . وثانياً جدية جهود المصالحة الوطنية . وثالثها وهذا هو الجديد والأهم استباق تداعيات حالة التحول الجديدة في المناخ السياسي العربي، ولعل في تظاهرة محاصرة السفارة «الإسرائيلية» في القاهرة يوم الجمعة الماضي وإحراق العلم «الإسرائيلي» ما يؤكد جدية تلك المخاطر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2178173

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178173 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40