الجمعة 8 نيسان (أبريل) 2011

ما «الجديد» الذي يعرفه غولدستون؟

الجمعة 8 نيسان (أبريل) 2011

أثار القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون فرحة في «إسرائيل» وصدمة بين مؤيديه السابقين بمحاولته في مطلع هذا الشهر التراجع عن استنتاج التقرير الدولي الذي حمل اسمه، والذي اتهم «إسرائيل» بارتكاب جرائم حرب، وربما أيضاً جرائم ضد الانسانية، خلال عدوانها على قطاع غزة في عملية «الرصاص المصبوب». ومن بين الذين ردوا على غولدستون الصحافي الفلسطيني عبدالحكيم صلاح، الذي كتب مقالاً نشر في القسم الانجليزي في وكالة أنباء «معا» الفلسطينية وتناقلته مواقع عدة على الانترنت. يقول صلاح :

بدأ القاضي المتقاعد ريتشارد غولدستون عمود الرأي الذي نشره في الأول من ابريل/نيسان في صحيفة «واشنطن بوست» بالقول «نحن نعرف اليوم بشأن ماحدث في حرب غزة خلال 2008 - 2009 أكثر بكثير مما عرفناه عندما ترأست لجنة تقصي الحقائق التي عينها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والتي وضعت ما أصبح يعرف باسم تقرير «غولدستون»».

إلا أن الغريب في الأمر هو أنه لم يشر إطلاقاً في مقاله إلى المعلومات الجديدة التي توفرت.

وتابع غولدستون يقول : «لو عرفت في ذلك الحين ما أعرفه الآن، لكان التقرير وثيقة مختلفة».

وهنا أيضاً لم يعط حتى مثلاً واحداً يمكن أن يطعن في صحة نتائج تقريره .

فهل من الممكن أن القاضي الجنوب إفريقي يوحي بأنه لم يكن هناك أساس لجميع الادعاءات ال 400 بشأن سوء التصرف العملياتي خلال الهجوم العسكري الذي استمر 22 يوماً، وذلك على ضوء «الموارد الكبيرة التي خصصتها «إسرائيل» للتحقيق في تلك الادعاءات؟».

وهل من الممكن ان النسخة الجديدة لتقرير غولدستون التي يطالب بها البعض ستخلص إلى تحميل الضحايا الـ 29 من عائلة السموني مسؤولية ارسال اشارات خاطئة إلى الطائرات الآلية «الإسرائيلية»؟

كانت القوات «الإسرائيلية» قد جمعت عشرات الأفراد من عائلة السموني في بيت واحد خلال فترة ثلاثة أيام، بينما كان القتال يحتدم في شمال غزة. وفي اليوم الرابع، تعرض البيت الذي كان يؤوي العائلة الكبيرة لقصف جوي، مما أدى إلى تدميره.

وفي حديثه عن عائلة السموني، يتباهى غولدستون في مقاله بأن الضابط «الإسرائيلي» الذي أمر بشن الهجوم على العائلة يخضع للتحقيق. وقال : «على الرغم من أن طول مدة التحقيق محبط، إلا أنه يبدو أن هناك عملية ملائمة جارية، وأنا واثق من أنه إذا وجد ان الضابط كان مهملاً، فإن «إسرائيل» ستتصرف تبعاً لذلك».

اعذروني لهذه المقارنة، ولكن هذا كمثل تحقيق مع سائق شاحنة دهس مارة، فيحاول محاميه اقناع هيئة المحلفين بأنه لم يرهم يعبرون الطريق لأنه كان منشغلاً في التحدث إلى صديقته.

إن التحقيقات في «إسرائيل» لن تقرر أبداً أن الضابط مذنب بجرم قصف مدنيين عمداً. وفي أفضل الأحوال، قد يعتبر هذا الضابط مذنباً بتهمة الاهمال، و«تبعاً لذلك»، سيقتصر تصرف «إسرائيل» على اعتذار شفهي.

ولدى قراءة مقال غولدستون، علينا أن ننتظر حتى الفقرة السابعة لكي يكلف نفسه عناء لوم «إسرائيل» على أمر صغير واحد هو «عدم التعاون مع بعثة تقصي الحقائق» ولكان من الأفضل لو أنه لم يفعل ذلك. إذ إن عدم التعاون هذا جعل بعثة تقصي الحقائق غير قادرة على التحقق من أعداد كل من المدنيين والمقاتلين الذين قتلوا في غزة، وكذلك من عدد المنازل التي سويت بالأرض.

وفي سعيه للتعبير عن أسفه، وتعاطفه مع «إسرائيل» عقب الضرر المزعوم الذي لحق بها نتيجة للتقرير، يضرب الحقوقي الجنوب إفريقي على وتر يعجب «إسرائيل»، إذ يذكر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بضرورة إدانة الجريمة الوحشية التي ذهبت عائلة «إسرائيلية» ضحية لها في مستوطنة ايتمار.

أنا شخصياً أدين بقوة جريمة القتل هذه وأرفض أية محاولات لتبريرها، وقد سمعت العديد من الفلسطينيين يدينونها. ومع أن التحقيقات لم تستطع حتى الآن اثبات ان القاتل كان فلسطينياً، إلا أن قرى وسكاناً في الضفة الغربية تعرضوا لعقاب قاس على أيدي المستوطنين اليهود المتشددين، الذين احتلوا بصورة غير مشروعة أراضي معترفاً بها دولياً كملكيات فلسطينية، وكذلك على أيدي الحكومة «الإسرائيلية» التي لا تضيع أي وقت لكي تعلن عن أشغال بناء غير مشروعة جديدة.

أما رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو الذي وجد في مقال وتصريحات غولدستون فرصة جيدة لتحويل الانظار بعيداً عن الاتهامات الموجهة إليه بالفساد فقد سارع إلى دعوة الأمم المتحدة لكي «تلقي التقرير في صندوق زبالة التاريخ».

ولكن لا داعي لأن يتعب نتنياهو نفسه، لأن العديد من قرارات الأمم المتحدة الأكثر أهمية بشأن فلسطين قد انتهى بها الأمر في صندوق قمامة التاريخ.

«ببساطة»، حسب تعبير غولدستون في نهاية مقاله، اعتقد أن مسألة ما إذا كانت «إسرائيل» قد حققت في جرائم الحرب المفترضة في حين ان حركة «حماس» لم تحقق، لا يمكن أبداً أن تكون المعيار الدولي لاصدار حكم بشأن ما إذا كانت جرائم حرب قد ارتكبت أو لم ترتكب.

وكما قال اسلاف حكماء للبشرية منذ وقت طويل، «فإن صورة تساوي ألف كلمة». ولا يزال هناك آلاف من الصور التي تكشف عما حدث خلال الحرب على غزة. وأنا اتمنى رؤية نسخة جديدة من تقرير غولدستون، نسخة يمكن حسب كاتب التقرير الرئيسي إعادة كتابتها «على ضوء ما نعرفه الآن».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2178846

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

2178846 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 33


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40