السبت 2 نيسان (أبريل) 2011

عن «السلطة» و«الدولة» واتفاق أوسلو

السبت 2 نيسان (أبريل) 2011 par عوني صادق

تزايدت في الأسابيع الأخيرة تصريحات المسؤولين الفلسطينيين عن «حملة دبلوماسية» تقوم بها السلطة الفلسطينية استعداداً وتحضيراً لدورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، من أجل إقناع دول العالم بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967، والمطالبة على أساسه بإنهاء الاحتلال «الإسرائيلي» للضفة الغربية والقدس الشرقية. في مقابل هذه التصريحات هددت الحكومة «الإسرائيلية» باتخاذ خطوات أحادية الجانب إذا استجابت الأمم المتحدة لهذا المسعى من دون أن تكشف عن طبيعة الخطوات التي تنوي اتخاذها. وقالت صحيفة (هآرتس - 29/3/2011) إن الاتصالات «الإسرائيلية» مع الدول الكبرى جارية بهذا الخصوص. عضو الوفد الفلسطيني المفاوض، عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح)، محمد اشتية، قلل في تصريحات لإذاعة فلسطين، من أهمية التهديدات «الإسرائيلية» قائلاً : إن «إسرائيل دأبت على اتخاذ إجراءات أحادية منذ احتلالها الضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967 بمختلف الوسائل»، مؤكداً على أن الفلسطينيين «سيطلقون حملة دبلوماسية نشطة حتى سبتمبر/أيلول المقبل لإقناع دول العالم بضرورة اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية».

مثل تلك التصريحات كثرت مؤخراً على الجانبين، الفلسطيني و«الإسرائيلي»، ولم تستوقف أحداً، وهناك من نظر إليها كنوع من ملء الفراغ وصرف لنظر جمهور الطرفين عن الجمود السياسي السائد والمفاوضات المتوقفة. لكن حديثاً لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنا عميرة، لصحيفة (القدس العربي - 29/3/2011) حول الموضوع قال فيه : «لن تكون الأمور بعد سبتمبر/أيلول كما كانت قبله»، انطوى على «إضافة» وردت على لسانه لم ترد في كل التصريحات التي سبقته، لذلك استحقت التوقف عندها. ولكن قبل هذا التوقف قد يسأل سائل : لماذا أيلول بالذات؟ الجواب سهل للمتابع، وهو أن الإشارة إلى أيلول تنطوي على الإحالات التالية :

(1) موعد انتهاء الخطة الفلسطينية لما سمي «بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية».

(2) موعد انتهاء مهلة «مفاوضات السلام» التي حددتها اللجنة الرباعية بعام واحد من ستمبر/أيلول 2010 إلى سبتمبر/أيلول 2011.

(3) تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة خلال دورة 2011 في أيلول المقبل.

وحسب عميرة سيكون التحرك الفلسطيني لإعلان «الدولة الفلسطينية» من خلال الخطوات التالية : «التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، ونقل تقرير غولدستون، الخاص بغزة، من مجلس حقوق الإنسان إلى الجمعية العامة، إضافة إلى خطوات أخرى تخدم نفس الهدف». وأكد عميرة على أن «سبتمبر/أيلول هو الحد الزمني الذي تتمسك به القيادة الفلسطينية كحد نهائي، وبالتالي لن تكون الأمور بعد سبتمبر/أيلول كما كانت قبله».

من الواضح أن كل تلك الآمال بالاعتراف بالدولة وما يمكن أن يترتب عليها، كما يقول رموز السلطة الفلسطينية، تستند إلى أمل آخر، هو في الحقيقة وهم، يتمثل في أن تؤيد الولايات المتحدة مساعيهم ومطلبهم. وقد سبق لوزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، أن صرحت أكثر من مرة أن الولايات المتحدة لا تؤيد أية خطوات أحادية الجانب من أي من الطرفين. ولأن كل ما أقدمت عليه «إسرائيل» من إجراءات وقرارات منذ احتلالها الضفة الغربية والقدس الشرقية كانت خطوات أحادية الجانب، كما قال محمد اشتية، ولأنه سبق للإدارات الأمريكية أن سكتت عنها وتجاهلت الاحتجاجات الفلسطينية بشأنها، فإن مضمون تصريحات كلينتون ينصب في الحقيقة على الجانب الفلسطيني وحده، وهو ما ينبئ بأن إدارة أوباما لن توافق ولن تؤيد مسعى ومطلب الاعتراف بدولة فلسطينية تعلن من جانب واحد ولا توافق عليها «إسرائيل»، وهو أيضاً ما يجعل وهماً ما يبنى على وهم. أما تعهد أوباما فلا حاجة لمناقشة إلى أي حد يمكن الركون إليه، ويكفي التذكير بالفيتو الأمريكي المتعلق بالاستيطان قبل أسابيع.

تبقى «الإضافة» التي أشرنا إليها في حديث حنا عميرة لصحيفة «القدس العربي»، ووردت في عبارتين على لسانه. قال في الأولى عن مناقشات اللجنة التنفيذية : «هناك مقترحات مطروحة للنقاش من ضمنها تخلي السلطة عن التزاماتها وفق الاتفاقيات الموقعة والتي تنفذ من طرف واحد»، والطرف المقصود هو الطرف الفلسطيني بالطبع. وقال في الثانية إن تخلي السلطة عن هذه الالتزامات لا يعني حل السلطة، نافياً أن يكون هذا الحل مطروحاً لأن «الموضوع الرئيس هو تخليص السلطة من القيود التي تحول دون أن تكون نواة للدولة الفلسطينية . . .».

تمنيت، بل كدت أتصور، أن تكون السلطة جادة في التخلي عن التزاماتها في الاتفاقيات الموقعة، لأنني أفهم أن التخلي عن الالتزامات سيعني التخلي عن اتفاق أوسلو، وبالتالي حل السلطة. لكن سرعان ما تبينت أنني أسأت الفهم وأن النية تتجه إلى «تخليص السلطة» من القيود التي تحول دون أن تكون نواة للدولة الفلسطينية. ما هي تلك القيود ومن أين جاءت؟

معروف أن اتفاق أوسلو لم ينص على إقامة دولة فلسطينية، بل نص على «حكم ذاتي محدود»، وتحقيقاً لهذا الهدف ومنعه من أن يتحول إلى دولة كانت بنود الاتفاق الأخرى، ولم تخرج كل الاتفاقيات الموقعة عن ذلك. لهذا فإن التمسك بالسلطة يعني بالضرورة التمسك باتفاق أوسلو. ذلك من جهة، أما التخلص من القيود التي وضعها اتفاق أوسلو فلا يمكن أن يتم أو يتحقق من دون التخلي عن الاتفاق نفسه، من جهة أخرى. وعليه فإن من يريد ويسعى إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، عليه أولاً إسقاط اتفاق أوسلو، أو أنه سيظل يحرث في البحر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165549

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165549 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010