السبت 2 نيسان (أبريل) 2011

عن التهدئة الصورية

السبت 2 نيسان (أبريل) 2011 par حسام كنفاني

غريب أمر هذه “التهدئة” في قطاع غزة . الغرابة مستمدة من تعاطي الكيان مع هذا “الهدوء”، الذي لا تعترف به، فيما تتمسك الفصائل الفلسطينية به. لهذا فإن القوات “الإسرائيلية” تواصل ممارسة هواية القتل بدم بارد لقيادات المقاومة، على غرار ما حدث خلال اليومين الماضيين من تصفية لثلاثة من نشطاء “كتائب عز الدين القسام”، بينهم قيادي، ثم تتحدث في الوقت نفسه عن التهدئة.

في الأحوال العادية، من المفترض أن من شأن مثل هذا الاغتيال أن يشعل ما تسميه “إسرائيل” “الجبهة الجنوبية”، وأن تردّ المقاومة بعمليات نوعية وزخّات من الصواريخ على المستعمرات المحاذية للقطاع. هذا في الأحوال العادية، التي كانت سائدة قبل العدوان الأخير على قطاع غزة أواخر 2008، وأوائل العام 2009.

على هذا الأساس جاء تهديد “كتائب القسام” بعد الاغتيال الأخير، محذّراً من “عواقب الجريمة” . تحذير من الواضح أنه لا يحمل في ثناياه نوايا تصعيدية، كما هو حال التصريح “الإسرائيلي” الذي أعقب العملية، إذ اعتبر أن الاغتيال “لا يخرق التهدئة” . تصريحان يسيران في منحى واحد تقريباً . فلكل من “إسرائيل” و”حماس” اعتبارات تجعل منها حريصة على بقاء الوضع في القطاع على حال من المراوحة، لا تهدئة كاملة ولا تصعيد يجر إلى حرب .

“حماس” من جهتها لم تخرج بعد من تأثير عدوان “الرصاص المصهور”، حتى وإن راكمت قوّة عسكرية، غير أن عينها على القوة الشعبية، التي باتت مدركة أنها لم تعد كما كانت قبل انتخابات 2005 ،2006 إضافة إلى أن الآثار الناجمة عن العدوان لا تزال ماثلة في مناطق مختلف من القطاع . فرغم مرور أكثر من سنتين على الحرب “الإسرائيلية”، فإن الكثير من سكان غزّة لا يزالون خارج منازلهم، وشكواهم من الحركة الإسلامية في ازدياد . كما أن الحركة ليست في وارد خوض مواجهة عسكرية واسعة لسببين رئيسين، أولهما أنها باتت تتصرف كحركة حاكمة تأخذ البراغماتية حيزاً كبيراً من سياستها، وثانيهما أن أي حرب محلية من الممكن أن تجر إلى مواجهة إقليمية أرضيتها لا تزال غير جاهزة.

“إسرائيل” أيضاً لديها حساباتها، فإضافة إلى المخاوف من خسائر كبيرة في صفوف الجيش والمدنيين، وتأثر الجبهة الداخلية في أي حرب مقبلة، فإن دولة الاحتلال تسعى إلى عدم حرف أنظار الشعوب العربية عن ثوراتها الداخلية، التي تراقبها تل أبيب بمزيج من الفرح والقلق .

على هذا الأساس، فالتصعيد سيبقى في إطاره الضيّق، على الأقل في المرحلة الحالية، والتهدئة الصوريّة ستظلّ صامدة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165538

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165538 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010