السبت 2 نيسان (أبريل) 2011

جنود أمريكيون يقتلون «للتسلية»

السبت 2 نيسان (أبريل) 2011

في 21 مارس/ آذار الماضي، نشرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية بعض الصور المفزعة لجنود أمريكيين يمثّلون بجثث مدنيين أفغان بعد أن قتلوهم «من أجل التسلية». وأثار تقرير المجلة إدانات عبر العالم، فيما قدم الجيش الأمريكي اعتذاره. ولكن الناشطة والكاتبة والسياسية الأفغانية ملالي جويا تقول إن الأسف والاعتذار لا يكفيان، بل يجب محاكمة المسؤولين. وجويا كانت قد انتخبت نائبة في البرلمان عام 2005، ولكن الحكومة ألغت عضويتها عام 2007 بعدما نددت علانية بوجود «أمراء حرب» و«مجرمي حرب» في البرلمان الأفغاني. وهي من أبرز منتقدي الولايات المتحدة وحكومة الرئيس حامد قرضاي، وكثيرون في بلادها يلقبونها بـ «أشجع امرأة في أفغانستان».

في ما يلي كلمة كتبتها تعليقاً على تقرير «دير شبيغل»، نشرت في موقع «زي نت» وصحيفة «الغارديان» البريطانية، وجاء فيها :

الصور المحزنة والمثيرة للاشمئزاز التي نشرت في وسائل الإعلام تعرض أخيراً أمام الرأي العام العالمي الحقيقة المروعة بشأن الحرب في أفغانستان. وكل حملات العلاقات العامة التي حاولت تصوير هذه الحرب على أنها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان تبخرت في الهواء مع نشر هذه الصور التي يظهر فيها جنود أمريكيون بجانب قتلى وجثث مشوهة لمدنيين أفغان أبرياء.

ولابد لي من القول إن الأفغان لا يصدقون أن هذا التقرير يتعلق ببضعة جنود أشرار. نحن نعتقد أن الأعمال الوحشية لـ «فرق القتل» هذه إنما هي جزء ملازم للاحتلال العسكري. وإذا كانت هذه الصور جديدة، إلا أن قتل أبرياء ليس جديداً. فمثل هذه الجرائم بحق مدنيين أثارت العديد من الاحتجاجات في أفغانستان، وأثارت الكثير من مشاعر العداء للولايات المتحدة بين الأفغان العاديين.

وأنا لم أفاجأ بنفور وسائل الإعلام الرئيسة في الولايات المتحدة من نشر هذه الصور لـ «فرق قتل» أمريكية تمارس رياضة قتل أفغان. فهناك في الواقع جهد منسق لإبقاء الحقيقة في أفغانستان بعيدة عن الأنظار في الولايات المتحدة. وأفادت تقارير أيضاً أن قائد القوات الأمريكية الجنرال ديفيد بترايوس يولي أهمية كبيرة لـ «الحرب الإعلامية» الموجهة نحو الرأي العام، وأنه استناداً إلى هذه الاستراتيجية، حاولت وزارة الدفاع الأمريكية بجهد كبير إخفاء هذه الجرائم.

ومع أن بضعة من الجنود الذين ظهروا في هذه الصور قد أحيلوا إلى المحاكمة، إلا أنني أعتقد أن هذا ليس سوى محاولة لإخفاء انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق أوسع ارتكبتها الولايات المتحدة في أفغانستان. ويتعين عليهم أولاً أن يحاكموا أولئك المسؤولين عن قتل 65 امرأة وطفلاً في بلدة غازي أباد بولاية كونار في منتصف فبراير/ شباط الماضي، وقتل 150 مدنياً في ولاية قندوز في أكتوبر/ تشرين الأول 2009، وقتل أكثر من 140 مدنياً في بلدة بلابلوك في ولاية فرح في مايو/ أيار 2009، وقتل 100 طفل وامرأة في مدينة عزيز أباد بولاية هيرات في سبتمبر/ أيلول 2008، وجرائم أخرى أكثر بكثير اكتفت وزارة الدفاع الأمريكية بالتعبير عن «الأسف» لوقوعها ثم نسيت أمرها. أعتقد انه إذا كانت الولايات المتحدة صادقة حقاً، فإن أول من يجب أن يحاكموا لابد أن يكونوا مسؤولين أمريكيين كباراً، ابتداء من وزير الدفاع روبيرت غيتس والجنرال بترايوس.

وإذا كانت صور «فرق القتل» قد شكلت صدمة بالنسبة للكثيرين في أوروبا وأمريكا الشمالية، إلا أنها ليست في الواقع شيئاً جديداً بالنسبة للأفغان. فعلى مدى العقد الماضي، كنا نشهد حوادث لا تحصى قتلت خلالها قوات أمريكية وأطلسية أناساً أبرياء وكأنهم طيور. وعلى سبيل المثال، قتلوا حديثاً تسعة فتيان قصر في ولاية كونار، بينما كانوا يجمعون حطباً للتدفئة في الجبال. وفي منتصف فبراير/ شباط الماضي، وقعت واحدة من مجازر قتل المدنيين الأبرياء عندما قتلت قوات تقودها الولايات المتحدة 65 قروياً بريئاً، كان معظمهم نساء وأطفالاً. وفي هذه الواقعة كما في حالات عديدة أخرى، زعمت قوات حلف الأطلسي أنها لم تقتل سوى متمردين، على الرغم من إعلان السلطات المحلية أن الضحايا كانوا مدنيين. وفي محاولتهم لمنع نشر النبأ، ذهبوا إلى حد اعتقال صحافيين اثنين من «الجزيرة» حاولا زيارة موقع المجزرة لإعداد تقرير.

لقد سعت الولايات المتحدة وحلف الأطلسي بجهد لإخفاء مقتل هؤلاء المدنيين بادعائهما أن جميع القتلي هم إرهابيون أو متمردون. إلا أن الأفغان يعتبرون مثل هذه الأكاذيب صفعة ثانية وإهانة لأحبتهم الذين قتلوا بوحشية.

وعلى مدى سنوات، كان المسؤولون الأمريكيون المتعاقبون يقولون إنهم سيحمون المدنيين، وإنهم سيكونون أكثر حرصاً، ولكنهم في الواقع كانوا أكثر حرصاً فقط في محاولاتهم لطمس جرائمهم ومنع نشرها في وسائل الإعلام، وتبعاً لذلك، فإن العديد من أعمال القتل المرعبة لم يعلن عنها أي شيء. والولايات المتحدة وحلف الأطلسي، ومعهما مكتب بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان، يعلنون عادة إحصاءات بشأن القتلى المدنيين تقلل أعداد ضحايا قوات الاحتلال. إلا أن الحقيقة هي أن أعداد القتلى المدنيين أخذت ترتفع منذ أن أرسل الرئيس أوباما تعزيزات إضافية من القوات الأمريكية إلى أفغانستان. وهذه التعزيزات التي أطلق عليها اسم «الطفرة»، إنما أدت فقط إلى طفرة في العنف من قبل جميع الأطراف.

وقد ذهبت قوات الاحتلال إلى حد محاولة شراء عائلات ضحايا، إذ عرضت عليها 2000 دولار كتعويض عن مقتل كل فرد في عائلة. ومن الواضح أن أرواح الأفغان رخيصة بالنسبة للولايات المتحدة وحلف الأطلسي، ولكن مهما يكن مقدار المال الذي يعرضونه، فإننا لا نريد أموالهم الملطخة بالدماء.

وعندما تعرفون كل ذلك، وعندما ترون هذه الصور المرعبة لـ «فرق القتل»، فسوف تدركون بصورة أوضح لماذا انقلب الأفغان ضد الاحتلال. ونظام قرضاي، الذي يضم معظم أمراء الحرب الغاشمين سيئي السمعة المتجمعين تحت راية التحالف الشمالي، مكروه اليوم أكثر من أي وقت مضى، لأنه يحكم فقط عن طريق الترهيب، والفساد، وبمساعدة قوات الاحتلال . ولكن الشعب الأفغاني يستأهل أفضل من ذلك بكثير.

كل ذلك لا يعني أن الأفغان يتحولون إلى دعم ما يسمى «مقاومة» حركة طالبان الرجعية، التي تواصل هي أيضاً قتل أفغان أبرياء من خلال العمليات الانتحارية. بل إننا نشهد في الواقع، وفي ظروف صعبة جداً، تنامي مقاومة من نوع آخر، يقودها طلاب، ونساء وأناس فقراء عاديون من الأفغان. إنهم ينزلون إلى الشوارع للاحتجاج على المجازر بحق المدنيين، والمطالبة بإنهاء الحرب، ومثل هذه المظاهرات جرت مؤخراً في كابول، ومزار الشريف، وجلال أباد، وولايتي كونار وهرات، وفي أماكن أخرى في البلاد.

هذه المقاومة تستلهم الحركات الجارية في بلدان أخرى، مثل مصر وتونس. فنحن نريد «سلطة شعب» في أفغانستان أيضاً. ونحن طبعاً نحتاج إلى دعم وتضامن أنصار السلام حتى في بلدان الحلف الأطلسي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2181141

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2181141 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40