الجمعة 1 نيسان (أبريل) 2011

الوحدة الفلسطينية والخيار الأوحد

الجمعة 1 نيسان (أبريل) 2011 par د. محمد السعيد ادريس

في تزامن، عميق الدلالة، قامت أجهزة الأمن الفلسطينية في رام الله بمنع وصول أعداد كبيرة من المتظاهرين إلى منطقة حاجز مستوطنة “بيت أيل” شمال المدينة، كانوا في طريقهم للاحتجاج على إغلاق شارع القدس كجزء من فعاليات إحياء “يوم الأرض” (الأربعاء الماضي)، وفي الوقت نفسه كان محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية يعلن استعداده للمصالحة مع حركة “حماس”، حتى ولو لم توافق على قدومه إلى قطاع غزة، موضحاً أن المهم بالنسبة إليه هو تطبيق مبادرته الرامية إلى إجراء انتخابات عامة، وتشكيل حكومة من المستقلين للتحضير لإجراء هذه الانتخابات، ليس هذا فقط، بل أعلن أيضاً أنه مستعد للتضحية بالمساعدات الأمريكية التي تصل إلى 475 مليون دولار سنوياً في سبيل إعادة الوحدة، وأكد تعهده بتلبية مطالب حركة “حماس” في حال تمت المصالحة، مثل إطلاق المعتقلين، وإعادة فتح المؤسسات الخيرية التابعة للحركة .

كيف يمكن فهم منع المتظاهرين ضد الكيان، وبالتحديد ضد سياسة الاستيطان في الوقت الذي تعلن فيه السلطة إصرارها على رفض التفاوض مع الكيان من دون تعليق سياسة الاستيطان؟

كان الهدف من هذه التظاهرات هو العودة إلى جوهر مناسبة “يوم الأرض” الذي يتمثل بمقاومة الاحتلال، والانتقال من مراكز المدن إلى نقاط المواجهة مع جيش الاحتلال ومستوطنيه، وربما يكون هذا هو السبب المباشر لقيام الأمن الفلسطيني بمنع هذه التظاهرات، فالسلطة التي مازالت على التزاماتها بالتنسيق الأمني مع أجهزة الأمن الصهيونية، لن تسمح بالتظاهر ضد الاحتلال، خشية أن يتحول التظاهر إلى مواجهة دامية تكون دافعاً لاستعادة روح المقاومة مجدداً، ما يعني أن السلطة حريصة على أن يكون الصراع سياسياً فقط مع العدو، وعبر القنوات والمؤسسات الدولية وخاصة مجلس الأمن، حيث تخطط لخوض معركة سياسية في سبتمبر/ أيلول المقبل في الأمم المتحدة، من أجل المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 .

من هنا بالتحديد، يأتي حرص السلطة على حل الخلافات مع حركة “حماس” عبر أجندة أعدها لترميم البيت الفلسطيني من الداخل، استعداداً لهذه المعركة السياسية، فهو يريد أن يأخذ “حماس” معه على قاعدة التخلي عن خيار المقاومة والالتزام بالنضال السياسي، أي أنه يريد وحدة وطنية على قاعدة الالتزام بالنضال السياسي، في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة الاستيطان، وفي الوقت الذي يجري فيه ترشيح واحد من أبرز صقور المستوطنين وزعمائهم لرئاسة جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) المعني باجتثاث المقاومة نهائياً، وفي الوقت الذي تكثّف فيه الحكومة “الإسرائيلية” مساعيها للضغط على الدول الغربية لمنعها من دعم الجهد الفلسطيني لاعتراف الأمم المتحدة بفلسطين دولة مستقلة على حدود العام 1967 .

فوفقاً لأحدث تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الصادرة لمناسبة “يوم الأرض” فإن البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية ازداد بوتيرة عالية خلال العام الماضي، مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث تم بناء ما يزيد على 6764 وحدة سكنية عام 2010 في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة، ما شكّل زيادة عن العام 2009 الذي أقيمت فيه 1703 وحدات سكنية .

هذا التوسع الاستيطاني عام 2010 الذي شهد مواجهات سياسية بين السلطة وحكومة الكيان حول المفاوضات وسياسة التوسع الاستيطاني، يكشف أن حكومة الكيان لا تأبه بأي ضغوط سياسية فلسطينية لوقف الاستيطان والتوسع والتهويد، وجاء ترشيح يورام كوهين اليهودي المتطرف رئيساً لجهاز الأمن الداخلي أشبه بمكافأة لمستوطني الضفة الغربية، وتحفيزاً لسياسة التوسع الاستيطاني، حسب رأي اليساريين “الإسرائيليين” أنفسهم الذين يتحفظون على هذا الترشيح، ما يؤكد مدى عبثية سياسة الخيار السلمي الأوحد .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165274

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2165274 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010