الخميس 31 آذار (مارس) 2011

كتاب | «نفوذ لا مبرر له : دوايت إيزنهاور والمجمع الصناعي العسكري» (2-2)

الخميس 31 آذار (مارس) 2011

في الخطاب الأخير للرئيس الأمريكي دوايت ديفيد إيزنهار في 17 يناير/كانون الثاني في ،1961 حذّر أمريكا من خطر “المجمّع الصناعي العسكري”، وهو الاعتماد الثنائي الذي تطور خلال الحرب العالمية الثانية بين القاعدة الصناعية للولايات المتحدة وتركيبتها العسكرية .

وبالتزامن مع الذكرى الخمسين لخطاب إيزنهاور الوداعي، نشر الصحافي الأمريكي جيمس ليدبيتر كتاب “نفوذ لا مبرر له: دوايت إيزنهاور والمجمع الصناعي العسكري” في 268 صفحة من القطع المتوسط في “مطبعة جامعة ييل” في الولايات المتحدة، ويظهر كيف أن الحكومة والمقاولين العسكريين واقتصاد الدولة الشامل أصبحوا في حالة تلازم . وأن بعض التأثيرات التي جاءت لخدمة النظام العسكري كانت مفيدة مثل الهواتف المحمولة، والنظام العالمي لتحديد المواقع، والإنترنت، وتلسكوب هابل الفضائي . برأيه أثار المجمع “الصناعي العسكري” العديد من الأسئلة المؤلمة مثل: هل التأسيس العسكري الهائل يجعل سكان الولايات المتحدة في مأمن؟ ما مدى فهم التهديدات الأمنية التي تقودها دوافع صناعة الربح للمقاولين العسكريين؟ ما مدى تأثر السياسة الخارجية الأمريكية بمصالح المقاولين المالية؟

إن هذا الكتاب يعد من أهم الكتب التي تتناول بشكل تحليلي إحدى الأفكار الاقتصادية السياسية المهمة في الولايات المتحدة، ويتناول الروابط بين الجيش واقتصاده . كما يعرض الكاتب الكثير من التحليلات والآراء حول الأسباب التي دعت إيزنهاور إلى ذكر التحذير في خطاب الوداع، حيث وجد بعضهم أن تحذير إيزنهاور كان لأغراض سياسية الهدف منها التأثير في إدارة كينيدي، والبعض الآخر وجد أن خطاب إيزنهاور هو أفضل ما قدمه خلال سنوات ولايتيه، وذهب البعض إلى أنه لإدارة الفوضى الناشئة من الاعتماد الاستراتيجي على الأسلحة النووية .

في الفصل الخامس بعنوان “الخطاب”، يذكر الكاتب أنه كان هناك العديد من الروايات على كيفية ذكر إيزنهاور عبارة “المجمع الصناعي-العسكري” والغاية منها، ويجد أنّ ما لم يقله إيزنهاور يستحق الذكر أيضاً، فعلى الرغم من أنه كان متوافقاً مع فكرة تجار الموت، إلا أن الخطاب توقف قليلاً على أن الأسلحة والمقاولين العسكريين الآخرين يبدأون ويشجعون ويطيلون الحروب لتحقيق أرباح أكثر، بالأحرى المخاطر التي رآها إيزنهاور هي أكثر في مجال الديون التي خلقها الإنفاق العسكري وإلغاء الحرية الاقتصادية والفردية، وكل هذه الأفكار كانت مخاوف طويلة الأمد بالنسبة لإيزنهاور، وأخذت أهمية أكبر بعد أن غادر الرئاسة . ويشير الكاتب إلى أن العديد جاء إلى تبني فكرة أن الإنفاق العسكري حفز الاقتصاد الأمريكي، وأجبر السوفييت على استنزاف مصادرهم، وذلك لكي ينافسوهم . برأيه، تحذير إيزنهاور ركّز على الجانب السلبي من نظرية اقتصاد الحرب في أن المجمع الصناعي العسكري سيفلّس الولايات المتحدة .

يذكر الكاتب: “سرعان ما أنهى إيزنهاور الخطاب حتى بدأ المؤرخون والسياسيون يتجادلون حول المعنى الحقيقي للخطاب”، ويستعرض ما أثير من الأسئلة حول الأسباب التي دفعته إلى تحذير الأمريكيين في خطاب الوداع، وليس في الفترة الرئاسية له، كما يتوقف على كيفية القدرة على تجنب المجمّع الصناعي-العسكري .

[**ديمومة الخطاب*]

يجد الكاتب أنه جرت العديد من المحاولات للإجابة عن بعض الأسئلة التي ساهمت في ديمومة الخطاب ومبدأ المجمّع الصناعي العسكري . وإحدى المدارس الفكرية-حسبما يذكر الكاتب- تقول: “عندما تحدث إيزنهاور عن “السلام”، لم يكن يقصد إيقاف كل النشاط والتخطيط العسكري، وعندما تحدث عن نزع الأسلحة، لم يكن بنيته الإنقاص من الترسانة الأمريكية أو حتى إيقاف نموها” . ويشير إلى أن المجمع ازداد تعقيداً في الحرب الباردة، وأن هناك تناقضاً بين رغبة إيزنهاور - التي صّرح بها في شكل علني وخاص- في عالم مليء بالسلام، والحقيقة أن المجمع الصناعي العسكري نما على نحو كبير على مرأى من عينيه .

ويمضي الكاتب في حديثه عن الآراء التي فسّرت الخطاب ومنهم ما جاء في كتاب مخصّص لخطاب “الذرّة لأجل السلام” قدمته إيرا جيرنوس للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول ،1953 ذكرت: “إن خطابات إيزنهاور المسالمة كانت محاولة مقصودة منه لاسترضاء جمهور معين، وكذلك إدارة الفوضى الناشئة من اعتماد الإدارة الاستراتيجي على الأسلحة النووية، ووصفت أيضاً أن إيزنهاور كان مسكوناً بمأزق نووي، ولكي يحفظ السلام والأمن، أطلق العنان وعزز القوة العسكرية الأكثر إرباكاً في كل الأزمنة، كما وصفت ذهن إيزنهاور بأنه ساحة أورويلية نسبة إلى الكاتب جورج أوريل، وهذا التشبيه يشير إلى أسلوب قمعي وأساليب إعلامية غير لائقة تهدف إلى الهيمنة على الإنسان، وقف عليها كثيراً جورج أوريل في رواياته .، وهذا التشبيه جاء في إشارة إلى الحالة التي تخيّل فيها السلام في سياق الحرب الدائمة مع عدوّ لايهزم .

يتحدث الكاتب في الحديث أكثر عن كتّاب خطابات إيزنهاور، ويظهر بعض الاختلافات بينهم، إضافة إلى الطريقة التي كان إيزنهاور يتعامل فيها مع نصوص الخطابات . يرى الكاتب أن إيزنهاور ربما غيّر ببساطة ذهنه على مر الزمن بخصوص سؤال حاسم حول رجحان الترسانة النووية الكفة بين تأسيس عسكري يعمل على حماية الديمقراطية وآخر يهدّد الحرية، وهذا التفكير كان معروضاً من قبل جيوفري بيريت الذي قال: “خلال السنوات الثماني لإيزنهاور في البيت الأبيض، تغيّرت آراؤه عن الأسلحة النووية بشكل جذري، واعتبرها ممكنة الاستعمال في مجموعة كبيرة من الصراعات . لكن في عام 1961 وجد أنها لاتصلح لشيء تقريباً . حيث كان دورها الرئيسي في تشكيلها رادعاً للأسلحة النووية السوفييتية . وفي تلك الأثناء، أصبح إيزنهاور من المؤمنين بالحدّ من الأسلحة ومعاهدة حظر التجارب النووية” . ويشير أيضاً إلى أن أكثر التفسيرات تمرداً للخطاب، التي رأت أن الخطاب ليس تحذيراً من المجمّع الصناعي-العسكري على الإطلاق، وصاحب هذا التفسير هو مارتن ميدهيرست الذي حرّر وكتب تقريباً أكثر من مقال عن خطابات إيزنهاور، وفي مقالة له في 1994 ذكر مايلي: “على الرغم من الطريقة التي فسّر بها الجميع الخطاب الأخير لإيزنهاور، فإنه لم يكن يحمل أي تنبؤ مستقبلي، ذلك أن إيزنهاور في الحقيقة دائما ما آمن بالتعاون والتنسيق بين الصناعة والجيش” . واستند في رأيه بشكل كبير على حوار أجراه مع مساعد إيزنهاور المقرّب وكاتب خطاباته برايس هارلو، ويصوّر ميدهيرست أيضاً أن خطاب إيزنهاور الأخير كان هجوماً مقصوداً بشكل كبير على إدارة كينيدي القادمة .

يجد الكاتب أن مناقشة ميدهيرست استفزازية لكنها ربما ضيقة جداً في تركيزها على كينيدي، ويتحدث عن رسالة ويليام في 1985 إلى مكتبة إيزنهاور حيث يشير أن إيزنهاور شعر أن الديمقراطيين في الكونغرس والمقاولين العسكريين وضباط القوى الجوية كانوا على قدر كبير من الخطأ في سوء إدارة الإنفاق العسكري .

[**الاستجابات الأولى*]

يرى الكاتب أن المعنى الذي يمكن أن يأخذه الأمريكيون من خطاب إيزنهاور يعتمد بدرجة كبيرة على كيفية تقديمه في الصحافة . ويقدّم بعض الأمثلة من الصحف، ومنها على سبيل المثال ماكتبه والتر ليبمان في 18 يناير/كانون الثاني ،1961 الذي كان عموده الصحفي مقروءاً بشكل كبير تحت اسم “اليوم وغداً” وكتب: “إنّ خطاب إيزنهاور الأخير سيظل يتذكره الناس في الأيام القادمة ويقتبسون منه، وبالابتعاد عن القضايا التي تقسّم الأحزاب والتي كانت مادة لحملة انتخابية، فإنه توقف على سؤال لم يناقشه أحد من المسؤولين بشكل علني من قبل، والذي يشكّل أهمية كبرى على مستقبل الولايات المتحدة”، والذي كان بالطبع تأثير المجمع الصناعي العسكري .

وفي مؤتمر صحفي انعقد بعد يوم من الخطاب، سئل إيزنهاور 20 سؤالاً، أشارت كلها إلى مواضيع من الخطاب الأخير له، ويرى الكاتب لو أن المراسلين حينها اعتقدوا أن الحاجة إلى توازن أو إلى قتال مع الشيوعية كان الموضوع الرئيس لخطاب إيزنهاور، لسألوا عن ذلك، لكنهم رأوا أنه ليس هناك حاجة لسؤاله حول ذلك، وتركزت أسئلتهم حول مخاطر المجمع الصناعي العسكري على العملية الديمقراطية والحريات في الولايات المتحدة .

في الأسبوع الذي يليه، كتب جاك ريموند مراسل نيويورك تايمز في 22 يناير/كانون الثاني أن المجمّع الصناعي-العسكري عرّف العديد من العناصر التي لم يذكرها إيزنهاور بشكل خاص، بل وجد أنها ستأتي فيما بعد مع الفكرة التي تضمّنت استخدام الضباط العسكريين السابقين من قبل مقاولي الدفاع الرئيسيين، وحجم اللوبي الدفاعي وأريحيته مع القادة العسكريين، والنسبة الكبيرة من البحوث العلمية التي يمولها البنتاغون، والارتفاع الدراماتيكي في الحصة العسكرية للميزانية الفدرالية، حتى مع البلاد بشكل ظاهري في زمن السلم، وميل الكونغرس إلى قبول الطلبات العسكرية لإنفاق عسكري أكثر .

يجد الكاتب أن ما لم يستطع إيزنهاور وكتاب خطاباته توقعه بشكل خاص هو أن اليسار السياسي تلقى كلمات الوداع بحماس كبير، الذين كانوا يرونه غير ملمّ وأسير أصدقائه في لعبة الغولف . كما يشير أيضاً إلى المقالة الافتتاحية التي جاءت في “ذا نيشن” التي وجدت أن إيزنهاور طيلة السنوات الثماني له في الرئاسة لم يستطع أن يتحكم في المشكلات في عهده، ولكنه في أيامه الأخيرة ظهر كقائد ديمقراطي ورجل دولة في خطابه .

[**لماذا نقاتل؟*]

يشير الكاتب إلى أنه من أواخر 1980 إلى أوائل القرن الحادي والعشرين كان الحديث عن المجمع الصناعي-العسكري يتسم بالهدوء بشكل نسبي، لكن مع اندلاع الحروب الأمريكية على العراق وأفغانستان، تجدّد الاهتمام بالمجمّع الصناعي-العسكري، ويتحدث عن برنامج وثائقي مطّول عن انبعاث خطاب إيزنهاور الوداعي في 2005 تحت عنوان “لماذا نقاتل؟” أخرجه إيوجين جاريكي، الذي ركز على الإدمان الأمريكي على اقتصاد الحرب الدائمة، ومن أكثر ماهو معروف للأمريكيين على نطاق واسع هو أن المجمّع الصناعي-العسكري كان مسؤولاً إلى حدّ كبير عن الحرب على العراق في ،2003 ويشير الفيلم إلى حاجة المقاولين العسكريين إلى ابتكار وإظهار منتجاتهم لإبقاء العقود مستمرة، وأهمية النفط للأمن القومي، كما يوضح الاتصالات بين مزوّدي البنية التحتية العسكرية هاليبيرتون ونائب الرئيس ديك تشيني، ويتبعه بنقاش شامل عن خطاب إيزنهاور، ولقاءات مع ابنه جون وحفيدته سوزان، ومما قاله أحد المعلقين: “أعتقد أن إيزنهاور لابدّ أن يتململ في قبره” .

يشير الكاتب إلى أن صراعات معينة ناشئة عن حرب العراق جددت الاهتمام بالمجمّع الصناعي- العسكري وهي: دور تشيني وهاليبيرتون، مركز الاعتقال المثير للجدل في خليج غوانتنامو، والتعذيب الذي تمّ الكشف عنه في سجن أبوغريب، وخصخصة الأمن والقتال، والتجاوزات في الكلفة، إضافة إلى الحياة الأمريكية . كما ويبين أن من المؤشرات التي تدل على الاهتمام بخطاب إيزنهاور في عام 2010هو مشاهدة نسخة الفيديو على موقع اليوتيوب من قبل نصف مليون متصفح .

ويتساءل الكاتب هل هذا الاهتمام المتزايد والمتجدد بالمجمّع الصناعي-العسكري يعني أنه لايزال موجوداً، ولايزال يمارس نفوذاً لامبرر له، بعد خمسين سنة من الخطاب؟ ويرى أن المقياس الواضح للإجابة عن هذا السؤال، والتي كانت من إحدى مخاوف إيزنهاور الرئيسة: هي في الإنفاق العسكري العام . كما يشير إلى خيبة أمل أولئك الذين تأملوا بإنخفاض الإنفاق العسكري، ويبين أن بعض المعلقين خلص إلى أن النخبتين العسكرية والسياسة في الولايات المتحدة بالغتا وحتى صنعتا تهديدات على الأمن القومي في سبيل الإبقاء على مستويات عالية من الإنفاق العسكري . ويشير إلى أن روبيرت هيغز قدّر أنه في الفترة من 1948 حتى 1989 كان حجم الإنفاق العسكري بقيمة الدولار في 2005 يقارب 13 تريليون دولار . ويشير إلى أن الإنفاق العسكري في فترة أوباما هو أكثر من تريليون دولار في السنة، وهو أكثر بكثير من إنفاقها خلال الحرب الباردة، وفي حرب فيتنام مع مراعاة فروقات الدولار .

[**الإنفاق العسكري الأمريكي*]

يتحدث الكاتب عن التكاليف العسكرية الباهظة للولايات المتحدة، والتي أثرت وتؤثر على الاقتصاد الأمريكي، وحياة الأمريكيين على وجه العموم، كما يتناول بعض الفضائح المالية التي حدثت في سنوات الثمانينات من القرن الماضي، ويشير إلى بعض الجهود الإصلاحية في حجم الإنفاق العسكري، ويعرض آراء الكثير من النقاد حول المجمع الصناعي-العسكري، حيث وجد البعض منهم أن حجم وآثام المجمع الصناعي-العسكري في ازدياد مضطرد، وليس في تناقص . ويؤكّد الكاتب أنه تبيّن من الصعب جداً في العقود الأخيرة أن تقوم الحكومة بإجراءات من شأنها إغلاق بعض القواعد العسكرية، وكان ذلك من إحدى المظاهر الخبيثة للمجمّع الصناعي-العسكري، الذي يعد محصّناً إلى حدّما ضد الإصلاح الديمقراطي .

يرى الكاتب أن أيّ تغيير منظم يمكن أن يحدث بإحدى طريقتين: أولاً: على ممثلي إيزنهاور في المجمع الصناعي-العسكري أن يقرروا بينهم وبين أنفسهم أن يغيّروا أساليبهم، أو يجب أن يكون الإصلاح مفروضاً من الخارج، على افتراض أن هناك قوة شديدة في المجتمع الأمريكي خارج المجمع الصناعي-العسكري . ويرى أن السيناريو الأول يبدو غير محتمل، لأن المسؤولين عن الإنفاق العسكري لديهم حوافز غير كافية لتغيير أساليبهم في اقتناء الأدوات العسكرية (والتي لاتختلف في النهاية عن أساليب الديمقراطيات الأخرى بترسانات كبيرة)، ولايمكن القول إن التأسيس العسكري لايستطيع أن يرى فوائد محتملة للإصلاح .

برأي الكاتب عدم كفاءة المجمع الصناعي العسكري هو مصدر إحباط كبير لموظفي البنتاغون وصناع القرار . علاوة على ذلك، فإن نقص التغيير الكبير في حجم وقوة المجمع الصناعي-العسكري يجب أن لايخفي التخفيضات الحقيقية في بعض مراحل البحوث العسكرية . كما يرى أن العدد الإجمالي للأسلحة النووية في الترسانة النووية للولايات المتحدة انخفض اليوم مما هو عليه في ذروة الحرب الباردة، وذلك كنتيجة للمعاهدات التي تم إنجازها مع قادة الاتحاد السوفييتي، ومن أعقبهم من القادة في مرحلة ما بعد الشيوعية .

يشير إلى أن أمريكا خفّضت المراكز المهمة الفائضة لآلتها العسكرية العالمية، على سبيل المثال، إزالة الأسلحة النووية في الجزيرة الكوبية، وتخفيض عدد قواتها الهائل مابعد الحرب في ألمانيا، وخلال السنة الأولى من فترة إداراة أوباما، تحدث وزير الدفاع روبرت غيتس عن إعادة ترتيب الأوليات بخصوص الإنفاق العسكري، واندهش العديد من مراقبي الميزانية المخضرمين عندما استطاعت الإدارة إيقاف تمويل الطائرة المقاتلة إف 22 .

[**السلام العالمي*]

يرى الكاتب أن المجمع الصناعي-العسكري في الوقت الراهن يخلق مشكلات لايمكن أن تحلّ ببساطة بميزانيات مرشّدة أكثر، ويرى أن التعاريف المتصوّرة للمجمّع الصناعي-العسكري تتسلسل بشكل أوسع من التساؤل حول كميات الأسلحة التي تشتريها الولايات المتحدة والثمن الذي تشتري به . ويستشهد هنا بما قاله إيزنهاور في خطابه الأخير: “إن القيادة والهيبة الأمريكية لا تعتمدان فقط على تقدّمنا المادي وثرواتنا وقوتنا العسكرية، بل على كيفية استعمال قوتنا في سبيل السلام العالمي والإصلاح الإنساني .

يجد الكاتب أن حرب العراق سلطت الضوء على قضايا المسؤولية عن الكلفة العسكرية، وبرأيه، “كما في حروب سابقة، فإن فهم الأفعال العسكرية المحصنة غذّت إحساس التأثير اللامبرر الذي يمارسه المجمع الصناعي-العسكري” .

يبين الكاتب أفعال القوات الأمريكية والمقاولين العسكريين في العراق، الذين قاموا بانتهاك حرمة المدنيين وتعذيبهم وقتلهم واغتصابهم، وهذا ليس بجديد عن القوات الأمريكية في حروبها حسبما يذكر، لكن يجد أن المخاوف ازدادت بوجود الرقم الكبير للمقاولين الخاصين، الذين تأثيرهم المتنامي على أوساط السياسة الخارجية والجيش دفعهم إلى تسميتهم ب”الفرع الرابع من الحكومة” .

يشير أيضاً إلى أن أمريكا في العقود الأخيرة أصبحت تاجر السلاح الأكبر في العالم إلى حد بعيد، ويتحدث عن آراء المحلل السياسي ويليام هارتونغ-الذي عرضنا كتابه “أنبياء الحرب” بتاريخ 24/1/2011- حيث يجد أنه وثق هذا الارتفاع الهائل إضافة إلى الوسائل الإشكالية التي تتداخل مع السياسة الخارجية الأمريكية، والمتأثرة بشكل كبير جداً بأجندات مصنعي السلاح الخارجية .

كما يجد أن هناك نتائج هائلة لانتهاكات حقوق الإنسان، ودعم الأنظمة الفاسدة والتفاقم غير الضروري للصراع العالمي، والتي من الواضح أنها تضر بالصورة الأمريكية في الخارج وتؤثر على مصالحها . وبرأيه، هذه المشكلة تتجاوز أي سؤال عمن يدير البيت الأبيض . ويرى أن الهيمنة الأمريكية على سوق الأسلحة العالمية استمرّت على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008/،2009 وفي عام ،2009 لم توسّع الولايات المتحدة فقط مبيعاتها من الأسلحة بشكل كبير في الخارج (8 .37 مليون دولار)، بل زادت حصتها أكثر من ثلثي صفقات الأسلحة على مستوى العالم .

يجد الكاتب في النهاية أن هذه المشكلات المعاصرة تشكّل مجمّعاً صناعياً-عسكرياً متساوياً على الأقل مع المجمّع الذي حذّر منه إيزنهاور، ويؤكّد أن ما هو مطلوب هو الضغط السياسي مما اعتبره إيزنهاور “مواطنون يقظون واسعو الإطلاع”، وربما إحدى صور الغضب الشعبي في 2008 ظهرت في التركيز على قضايا مثل مكافآت التنفيذيين في وول ستريت، ويختم كتابه بمايلي: “لا يزال حاسماً إلى حد كبير هو القيادة الشجاعة التي سيبديها الزعماء السياسيون والاجتماعيون في قدرتهم على تعريف الانشقاقات الخطيرة في نظامنا، كما فعل إيزنهاور قبل نصف قرن من الزمن” .

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية | تأليف : جيمس ليدبيتر | عرض وترجمة : عبدالله ميزر*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 324 / 2178708

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع إصدارات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178708 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40