الاثنين 21 آذار (مارس) 2011

الحلم المستحيل

الاثنين 21 آذار (مارس) 2011 par د. حياة الحويك عطية

سواء كانت ليبيا بروفة والهدف النهائي سوريا، كما كتب أحد الصحافيين، أو كان العرض التراجيدي الليبي استعادة للتجربتين العراقية والسودانية، فإن المشهد العربي العام لا يحمل إلا الملامح التراجيدية .

ففي حين وضعت المعادلات العربية بشكل يجعل كل طرف يخشى من الآخر: الحاكم من شعبه والشعب من حاكمه، الجار من جاره والشقيق من شقيقه، وفي حين نجح الشرخ السني الشيعي في الحلول محل الشرخ الكبير لصراع الشرق مع الغرب، والعرب مع “إسرائيل”، لم يبق أمام المرء إلا وأن يتساءل إلى أين؟

سؤال إذا ما طرح بخصوص مسألة تاريخية، كان على الجواب أن يمتد على مسافة عقود من الزمن . فلنفترض أن مشروع الفوضى الخلاقة قد نجح في كل منطقة الشرق الأوسط، لنفترض أن كل دول المنطقة قد أصيبت بشكل أو بآخر بنوع من التفتت الداخلي، لنفترض أن من بقي مكانه بقي بفعل القوة، ومن حل محل غيره حل بفعل القوة، لنفترض أن المشروع نجح في هدفه النهائي بضرب سوريا، ومن ثم إيران، وتفككت دول المنطقة إلى كيانات على الطريقة العراقية، أو دويلات على الطريقة السودانية . فما الذي سيحصل بعدها؟ من هو الجبار الذي سيدّعي أن بإمكانه أن يحمي رأسه في هذه العاصفة؟ ومن هو القادر الذي سيدّعي أن بإمكانه أن يغسل الأحقاد من القلوب؟ ومن هو الذي سيتحمل مسؤولية هذا التفتيت الذي سيقضي على كل ما من شأنه أن يسمى وجوداً عربياً وإسلامياً؟ ومسؤولية أن تصبح “إسرائيل” الدولة الوحيدة القوية والمتماسكة في المنطقة؟

بعد العراق، كان من المفترض أن يفهم المسؤولون العرب السياق الجديد القديم، وأن يبادروا إلى مصالحة حقيقية وعميقة مع شعوبهم، عبر إطلاق الحريات ومكافحة الفساد وتوزيع الثروات، عبر تأمين العمل والضمانات الاجتماعية المؤمنة لحياة الناس . كان عليهم أن يفهموا أن إحساس المواطن بالذل نتيجة الاحتلالات، لا يمكن أن يتحمل إضافة إليه، هي معاناته من الفقر والظلم . إن خسارة الحق العام لا تحتمل أيضاً خسارة الحقوق الفردية . لكن الأنظمة فهمت، على عكس ذلك، أن لها الحق في أن تتقاضى ثمن سكوتها عن بيع العراق، إطلاق يدها في أمورها الداخلية، لكنها لم تدرك أن الذي استباح العراق، إنما هدم الجدار الاستنادي ليستبيح المنطقة كلها .

والآن أمامنا النموذج المصري الحضاري، ولكنه نموذج مهدد بالردة بعد تطورات ليبيا، ومثله التونسي . وأمامنا رياح عاتية تهب من كل حدب وصوب، لن ينفع معها الإصرار على إبقاء الحال لأنه من المحال، ولا نريد معها تغيير هذا الحال إلى ما هو أسوأ، أي إلى الاحتلال، مقنّعاً جاء أم مباشراً .

أمامنا نماذج من مسؤولين تمترسوا بالعناد فقادونا إلى الهلاك، بقوا أم غادروا، وفي الحالين خدمة للمخطط الأمريكي “الإسرائيلي” . وأمامنا نموذج نحلم به لحكم وإدارة تبادر إلى إنقاذ نفسها وشعبها، فهل لهذا الحلم المستحيل أن يتحول ممكناً؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165607

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165607 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010