السبت 19 آذار (مارس) 2011

“زيارة غزة” مناورة عباس الجديدة

السبت 19 آذار (مارس) 2011 par شاكر الجوهري

إبداء محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية استعداده لأن يذهب إلى غزة, ليس بأكثر من مناورة سياسية جديدة، يؤكد ذلك:

أولاً: أن غداً (صادف يوم أمس الخميس) قد جاء وانقضى, دون أن تتم الزيارة, رغم ترحيب اسماعيل هنية, رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة، بها.

ثانياً: أن حقيقة ما أقدم عليه عباس لم يكن ابداء استعداده لزيارة غزة, وإنما استجابة لدعوة وجهها له هنية.

وحين يتجاهل عباس الدعوة, ويتحدث عن مبادرة من جانبه, لا يكون هذا غير جزء من مناورة.

ثالثاً: أما أهم حلقات المناورة, فتتمثل في تحديد شرط للقيام بهذه الزيارة, وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية, تشرف على اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة..!

هذا الشرط هو جوهر المناورة..

لماذا..؟ وكيف..؟

ابتداءً يدرك عباس أن حركة “حماس” لا تستطيع أن تشارك في الإنتخابات الرئاسية أو البرلمانية في الضفة الغربية, وإن كانت تستطيع ذلك في قطاع غزة, وذلك للأسباب التالية:

أولاً: أن مشاركتها في الإنتخابات من شأنها أن تكشف القسم الذي لم يكشف حتى الآن من تنظيمها, الذي يفترض أن يكون قد عاد للعمل السري في الضفة الغربية.

ثانياً: أن كشف التنظيم السري يعرضه لملاحقة اجهزة سلطة رام الله, وكذلك لملاحقة قوات الإحتلال.. أي الإعتقال في سجون السلطة, أو الأسر في سجون الإحتلال.

ثالثاً: عدم وقف سلطة رام الله للتنسيق الأمني مع اسرائيل, بموجب المرحلة الأولى من مراحل خارطة الطريق, التي تلزم السلطة بنزع اسلحة المقاومة الفلسطينية, وتفكيك بنيتها التحتية.

رابعاً: أن عدد الناخبين في الضفة الغربية أكثر من الناخبين في قطاع غزة, وإذا تزاوجت هذه الحقيقة مع استعداد سلطة رام الله لتزوير الإنتخابات في هذه المرة, وهو ما غفلت عن فعله في انتخابات 2006 جراء عدم توقعها انتصار “حماس”, الذي فاجأها, كما فاجأ مصر مبارك, واسرائيل وأميركا.. الأطراف التي دفعت بإتجاه اجراء الإنتخابات بهدف تجديد شرعية سلطة عباس, وتفويضه بموجب ذلك بتقديم كل التنازلات المطلوبة منه اميركياً واسرائيلياً.

إلى ذلك, فإن اشتراط عباس أن تؤدي الزيارة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية, يمثل تبنياً لموقف حركة “حماس” من جهة, ومناورة عليها في ذات الآن.

هو تبن لموقف “حماس”, التي كانت تعلن أن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هو المدخل لتحقيق الوحدة الوطنية, بما يضمن لها المشاركة في السلطة والقرار الفلسطيني.

وهو مناورة للإلتفاف عليها, ليس فقط لأن المناورة تستهدف قطعاً تسليح سلطة عباس بما تفتقده حالياً من شرعية, جراء انتهاء ولاية رئيس السلطة منذ تاريخ 9/1/2009, وعدم حصول حكومة سلام فياض على ثقة المجلس التشريعي, ولكن كذلك لأن عباس يتنصل بذلك من تفعيل اتفاق القاهرة لعام 2005, الذي يقضي بإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية, عبر انتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد من 350 عضواً كحد أقصى.

للتذكير، لقد انتهت ولاية المجلس الوطني الفلسطيني منذ شباط/فبراير 1991، وكذلك المجلس المركزي، الذي القى عباس خطابه امامه، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، المنبثقان عن المجلس الوطني.

التنصل من اتفاق القاهرة يمثل في واقع الأمر ادارة ظهر لبقية فصائل منظمة التحرير, التي حشدها عباس في مواجهة “حماس”, وأملت هي أن يتم التوصل إلى اتفاق جماعي, يحول دون تقاسم “فتح” و “حماس” لقيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية من دونها.. لكن التقاسم النظري, الذي يلقي به عباس الآن لحركة “حماس”, كطعم, لن يكون غير مدخل لفخ انتخابات رئاسية تجدد شرعيته, دون أن يقدم أية ضمانات بنزاهتها, ليحمل “حماس” في هذه المرة المسؤولية عن عدم الإلتزام بنتائج الإنتخابات كما فعل هو عام 2006.

“حماس” بدورها تدرك كل ما سبق, لكنها لا تستطيع أن ترفض استجابة عباس لدعوتها بزيارة غزة, لا مطالبتها بتشكيل حكومة وطنية تكون مدخلاً للمصالحة الوطنية على طريق تقاسم القرار السياسي, من الناحية النظرية.

وبالتأكيد أن قبولها استقبال عباس في غزة, يهدف إلى تحميله مسؤولية فشل الزيارة, ولهذا فالأرجح أن لا تطأ قدماه أرض القطاع, خاصة وأنه سبق له أن اتهم “حماس” بالتخطيط لإغتياله.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2165440

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165440 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010