الاثنين 14 آذار (مارس) 2011

المحافظون القدامى على التخلف

الاثنين 14 آذار (مارس) 2011 par عبداللطيف الزبيدي

«المحافظون الجدد» مصطلح خادع بامتياز . فالمحافظ لا جديد له . والنسخة الأمريكية تحمل في طيّاتها هجاء للذات . بيرل، وولفويتز، تشيني وبولتن وصمات على جبين التاريخ السياسي . أمّا في الأمّة العربيّة، فلدينا باقة من المحافظين بإصرار على التخلف في جميع الميادين، استأثرت بهم أنظمة طبائع الاستبداد .

ثمّة فارق بين الطرفين . المحافظون الجدد في الولايات المتحدة يخدمون الأهداف التوسعية لبلدهم والصهيونية، أمّا المحافظون على التخلف في العالم العربي فهم يهدمون أوطانهم ويدمّرون مقدرات الأمّة . وهنا ندرك ألاّ فارق في الأهداف بين الطرفين .

التخلف السياسي هو ألاّ يرسّخ النظام دعائم أمنه القومي بشعب يعتز بهويته ويؤمن بسيادته على أرضه، وبسياسة خارجية لها مناعة مكتسبة . ومن يفعل غير هذا، يكن من المحافظين على مصالح الطامعين في الهيمنة .

التخلف الاقتصادي هو إهدار ثروات الشعوب . وهنا مفارقة في غاية الأهمية لا يستطيع رؤيتها قصار النظر في أنظمة طبائع الاستبداد . ولو نظرنا إليها بعين الآلة الحاسبة، لأذهلتنا الأرقام النجومية . تلك المفارقة هي أن الثروات الطبيعية في أيّ بلد لا تساوي شيئاً أمام الثروة اللامحدودة المتمثلة في الإنسان، إذا فتحت له أبواب الإبداع . مثلاً: الطبيعة لم تعط اليابان وكوريا الجنوبية ثروات طبيعية تذكر، في مجال الطاقة بالذات . فكيف حققتا العظمة الصناعية؟ الشعب الباكستاني يفوق نفوساً عدد اليابانيين، فأين الثرى من الثريا؟ مع الاعتذار للعلاّمة محمد إقبال .

طوال نصف قرن ونحن نتغنى بسلة الغذاء العربي، والتحوّل الديمقراطي في السودان . هو ذا التحلل الديمقراطي، الذي أدّى في نهاية مطاف التخلفيْن السياسي والاقتصادي إلى إهدار دم الأمن القومي، وتجفيف عروق الأمن الغذائي لأمّة بكاملها، لا لشعب فقط . لقد قيل: لو قامت في السودان ثورة زراعية على أسس علمية، لتغيرت المعادلة في العالم . فلماذا لم يدرك هذه الحقيقة المحافظون على التخلف؟

ما أظن أن أحداً من خبراء الاقتصاد في الغرب أو في العالم العربي، خطرت بباله هذه الطريقة الحسابية، التي لو أدركت أنظمة الاستبداد أبعادها لألقت ما لديها وتخلّت: عندما يحكم النظام الجائر أربعين سنة مثلاً، فإن علينا أن نضرب عدد السنين في عدد أيام السنة ثم في ثماني ساعات ثم في عدد أفراد الطاقة البشرية العاملة في البلد . تلك السنون الضائعة، هي نتيجة تراكم الحفاظ على التخلف .

ثروات بلدان الشرق الأقصى لم تنهبها تلك الشعوب من المستعمرات، وهي تصعد كالصاروخ . مستعمرات الأمس هي السائدة الرائدة غداً . فهل سنكون من بينها، أم سنظل محافظين على التخلف؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181715

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2181715 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40