الاثنين 14 آذار (مارس) 2011

“إسرائيل” ورهانات البلطجة

الاثنين 14 آذار (مارس) 2011 par أمجد عرار

«إسرائيل» في وضع لا تُحسد عليه . من يقرأ تصريحات سياسييها وتعليقات محلليها وإعلامييها على الورق، لا يحتاج إلى مخيّلة عميقة لكي يستطيع تخيّل حواجبهم المقطّبة وأيديهم الموضوعة على قلوبهم . من كان منهم يتحدّث من أنفه حين يتعلّق الأمر بالعرب، أصبح يطالب بالبحث عن وسيلة لشق طريق ما للتسوية معهم، مرّة للتحايل على عزلة “إسرائيل” عن العالم كمجتمع وهيئات وشعوب، وعن معظم حكومات الأرض التي ترى في “إسرائيل” التعبير الحقيقي عن “الدولة المارقة”، ومرة لأن زلزالاً ديمقراطياً يضرب النظام العربي الرسمي . ورغم أهمية كل بلد، فإن مصر قصّة أخرى وحكاية بطعم خاص، وما حدث فيها من تغيير ثوري، كان كافياً ليجعل قادة “إسرائيل” ونخبها يعيدون حساباتهم في السر والعلن، ويتحسّسون مشروعهم الذي ظنوا أنه يواصل اندفاعه على طريق معبّد بالهوان العربي ولن يحتاج إلى فرامل . لكنّهم يعضّون اليوم شفاههم وهم يرون حليفهم الذي حقق لهم ما لم يتوقّعوه في أحلامهم، وحوّل لهم القاهرة إلى صافرة انطلاق للعدوان على غزة وحصارها بالأقفال وجدار الفولاذ، ومنبر لتبرير العدوان على لبنان، تحوّل من ذخر استراتيجي (هكذا كانوا يصفونه)، إلى نظام مخلوع . وإذا كان وجوده في شرم الشيخ جعله على مرمى حجر من “إسرائيل”، إلا أنه خرج من دائرتها السياسية إلى غير رجعة، فلم يسجّل التاريخ أنّ نظاماً عاد إلى الحكم من بوابة البلطجة والفتنة الطائفية، وليخيطوا إذاً، بغير هذه المِسلّة .

كان ل “إسرائيل” وجود مرئي وخفي في تونس بن علي، لكنّها اليوم تفقد أية فرصة لدق مسمار في مكتب يحمل اسم “تجاري”، لأن هناك تونس جديدة وثورة لن تسمح للأنف الصهيوني أن يعكّر أريج ياسمينها، وستبقى ساهرة على مكتسباتها ومستقبلها، وتواصل كنس زبالة النظام القديم . هذا يعني أن الارض الإفريقية على العموم تميد تحت “إسرائيل”، ولن تطول الفترة التي يجد ليبرمان نفسه فيها غير قادر على نفش ريشه في إفريقيا، ويعبث بمنابع النيل لتعطيش مصر والسودان، ورعاية دسائس موساده هناك . لا غرابة، إذاً في تصميم “إسرائيل” على تكرار مصطلح “زلزال سياسي عربي” .

الزلزال الذي يحرّك الصفائح تحت قادة “إسرائيل” ليس سوى الديمقراطية الحقيقية القادرة على خلق فضاءات تسمح بتفجير طاقات الشعوب العربية وإفراز أنظمة سياسية تعبّر عنها في شتى المجالات . وفي هكذا حال، فإن تعويل “إسرائيل” على البلطجة اللصوصية لبقايا نظام منهار في تونس، مجرد عشم بائس، وإن تمنية نفسها بقدرة البلطجة الشوارعية في مصر، نفخ في قربة مثقوبة، وأن العبث الأمريكي المفضوح لحرف مسار التغيير في ليبيا، لن يصنع لليبرمان موطئ قدم جديد في الشمال العربي الإفريقي . وإذ تفقد “إسرائيل” أي أمل في دفء القطن المصري، فليس غريباً أن نسمع قادتها يستصرخون العالم حماية “أنصار الديمقراطية” في لبنان، لكنهم هنا أيضا لن يمروا، حتى لو حاول البعض أن يصوّر لهم الجعجعة طحناً، ويفرش لهم البساط الحريري ببلطجة الخطابات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2166017

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2166017 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010