الاثنين 14 آذار (مارس) 2011

أين الحل العربي؟

الاثنين 14 آذار (مارس) 2011 par د. حياة الحويك عطية

مرة أخرى تعود الأسطوانة المشروخة، الغرب يريد أن يتدخل لفرض “الديمقراطية”، ولكنه يريد من الدول العربية (والإفريقية هذه المرة) أن تطلب منه ذلك، كما يريد من الدول الثرية أن تمول تدخله العسكري، وتمكنه من السيطرة على منابع النفط الليبية . صحيفة “ليبر بلجيك” (بلجيكا الحرة) تدعو إلى ذلك صراحة في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي، وذلك بعد تحليل مفاده، أن التدخل من دون هذا الطلب سيجعل المعارضة الليبية في وضع أشبه بالمعارضة العراقية، بمعنى أنه سيجعل منها حتى لو تولت الحكم متهمة بالعمالة للغرب وبالتالي يحرم هذا الغرب من أي حليف ذي مصداقية على الساحة الليبية والعربية، على حد تعبير الصحيفة .

“ليبر بلجيك” ليست الوحيدة التي خصصت افتتاحيتها لليبيا، بل إن أكثرية الصحف الأوروبية فعلت ذلك خلال نهاية الأسبوع، بناء على خلفية التناقضات التي حكمت المواقف الأوروبية من عملية التدخل العسكري هذه . ففي حين بدا نيكولا ساركوزي أكثر الرؤساء حماسة للتدخل، وكأنه الماريشال العسكري الذي يريد قيادة حملة معاقبة الرجل الذي باعه مفاعلات نووية، قبل أشهر، بدا البريطانيون متفقين معه في هذه الحماسة، في حين عارضت ألمانيا وإيطاليا ذلك، وفضلتا اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية . وبعد جدل طويل توقع محللون أن تعمد الدول الأوروبية إلى عملية توزيع أدوار، بحيث تقود فرنسا وبريطانيا تدخلاً عسكرياً، في حين توكل إلى دول صغيرة من مثل اليونان محاولات وساطة مع القذافي .

ساركوزي وديفيد كاميرون اعتبرا أن التدخل العسكري لا يحتاج إلى قرار من الأمم المتحدة، بناء على مثال كوسوفو، ومن الواضح أن الرئيس الفرنسي يخوض معركته الشخصية مع القذافي، إضافة إلى المعركة الاستعمارية التي وصفها أحد المحللين بأنها نمط القرن التاسع عشر . ذلك أن الدوائر الفرنسية، المعارض منها والموالي، تتداول تهديد القذافي لساركوزي بفضح مساهمة الأول في تمويل الحملة الرئاسية للثاني وربما بتورط أكبر يعود إلى زيارة كارلا بروني لليبيا عائدة بالممرضات البلغاريات . هذا من جهة، ومن جهة ثانية، تتشابك مع الأولى، فإن خيار الحرب يؤدي إلى تمكن الرئيس الفرنسي من سحب بساط السياسة الخارجية من تحت أقدام وزير خارجيته الجديد آلان جوبيه، المعروف بمواقفه المختلفة كلياً عن مواقف الرئيس من العالم الثالث والعالم العربي .

ولا شك أن ساركوزي لا يمكن أن ينسى أن إزاحة جوبيه من الطريق الرئاسي، كانت العملية الرئيسية التي فتحت أمامه هو هذا الطريق . فلو لم يتم استصدار حكم بمنع جوبيه من الترشح لما كانت هناك أية فرصة لنيكولا ساركوزي للوصول إلى رئاسة حزب الوحدة الشعبية الحاكم ولا إلى قصر الاليزيه، خاصة مع الشعار الذي كان يرفعه جاك شيراك “كل شيء إلا ساركوزي”، وعليه حاول الرئيس السابق، أن يعوض إقصاء جوبيه الذي كان خليفته المعلن، بخليفة جوبيه دومينيك دو فيليان، لكن ابن المهاجر المجري تمكن من إزاحة الجميع، من دون أن يعني ذلك أنهم استسلموا له نهائياً . هذا عدا عن اليسار الذي يتهيأ للزحف على الاليزيه في الانتخابات المقبلة .

عملية قيادة تدخل في ليبيا، قد تضمن الأمور لساركوزي، خاصة إذا تمكنت فرنسا، بذلك، من انتزاع هيمنة نفطية حرمت منها في العراق بالمشاركة مع بريطانيا، من دون ألمانيا وإيطاليا .

تقاطعات مصالح كثيرة تلتقي مع أي شيء إلا مع المصلحة الليبية والعربية، ولكن، من يوقف ديكتاتوراً قرر حرق الأرض ومن عليها؟ ومن يستطيع أن يعطي ليبيا فرصة تفاوض وطني، مصالحة من أي نوع، تنقذها من الاحتلال؟

لقد فشل الحل العربي في مأزق العراق مرتين، وفشل في حل الخلاف الفلسطيني، فهل ستستطيع الجامعة العربية ان تعوض ذلك في ليبيا؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 70 / 2178225

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2178225 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40