الأحد 6 آذار (مارس) 2011

حانت لحظة انصاف اللاجئين الفلسطينيين في مصر

الأحد 6 آذار (مارس) 2011 par علي بدوان

تشير معظم الدراسات الموثقة إلى أن مصر استقبلت عام النكبة نحو ثمانية آلاف وخمسمئة لاجئ فلسطيني قدموا إليها من مناطق يافا واللد والرملة وقراها، فمع قيام العصابات الصهيونية بحصار مدينة يافا ومناطقها، ومعها مدن الرملة واللد، أخذت جموع أهالي يافا تتدافع إلى شاطئ البحر، الذي تركته العصابات الصهيونية ومعها بقايا قوات الانتداب دون أن تغلقه، مكتفية بمحاصرة المدينة على شكل حدوة حصان، واستخدمت هذه الجموع القوارب واللنشات، ونزلت بها إلى ماء البحر، متجهة إلى الجنوب، في اتجاه قطاع غزة، ومصر، يدفعها إلى ذلك الساحل الأمن، وقصر المسافة، نسبيا، ناهيك عن تحدر نسبة غير قليلة من أهالي يافا من مصر، ولعل في هذا كله ما يفسر وصول نسبة كبيرة من أهالي يافا إلى هاتين الجهتين، على نجح الباقون في الوصول إلى سورية ولبنان، والضفة الغربية، وتبقى بضع مئات في يافا نفسها.

لقد كانت مدينة بورسعيد أول موطئ قدم للاجئين الفلسطينيين صباح الأيام الأولى من النكبة حيث وضعتهم السلطات المصرية في تجمع خاص بهم يدعى «المزاريطة»، ووضعت آخرين منهم إلى تجمع «العباسية» الواقع في ضواحي القاهرة، إلى حين تم منح أغلبيتهم حق الإقامة في مصر. ثم سرعان ما قامت الحكومة المصرية مع بداية عام 1949 بنقل جزء كبير منهم إلى قطاع غزة، وإلى مخيم المغازي تحديداً، حيث بقي القطاع تحت الإدارة المصرية كما هو معروف.

والآن، تقدر أعداد اللاجئين الفلسطينيين في مصر مع بداية عام 2011 بحدود 84 ألف مواطن فلسطيني، منهم عدة آلاف موجودون في مصر بقصد الدراسة وهم من أبناء قطاع غزة على وجه التحديد، وبعضهم القليل من الضفة الغربية، حيث تعتبر مصر منطقة استقطاب للعناصر الفلسطينية الشابة القادمة من قطاع غزة بغية التعليم. كما يحظى بالإقامة في مصر وتحديداً في مدينتي القاهرة والإسكندرية عدة آلاف من أبناء حملة جوازات السفر المتنوعة الألوان والعناوين من «الأرستقراطية الفلسطينية الجديدة» من رحم بعض الفصائل والقوى الفلسطينية.

يتركز وجود اللاجئين الفلسطينيين، في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية بنسبة تقارب 76% من إجمالي الفلسطينيين في جمهورية مصر العربية، بينهم 52% في المئة في مدينة القاهرة، و7% في الجيزة، و17% في الإسكندرية. وبالتالي يقطن 94% منهم في المناطق الحضرية و6% منهم في المئة فقط في المناطق الريفية.
إن الشعب الفلسطيني، الذي اهتزت جوارحه وأحاسيسه، وتدفقت الدماء بحرارة في عروقه مع الوقائع اليومية التي سجلها الشعب التونسي، والتي سجلها أيضاً الشعب المصري في ميدان التحرير وعموم مصر، ينظر الآن متفائلاً تجاه الجديد القادم في الدور المصري المنشود تجاه القضية الفلسطينية، بمختلف عناوينها. كما ينظر متفائلاً من أجل حل بعض القضايا العالقة والمستعجلة والمتعلقة بفك الحصار عن قطاع غزة، وحل بعض الاستعصاءات المتعلقة بـ(اللاجئين الفلسطينيين في مصر) والتي كانت مصدر توتر وقلق، وإرهاق لبعض القطاعات من أبناء شعبنا الفلسطيني من الذين أقاموا في مصر أو حملوا وثائق السفر المصرية منذ النكبة، ومنهم من أبناء قطاع غزة المشتتين على قوس واسع من المعمورة ومازالوا يحملون وثيقة السفر المصرية.

فأوضاع الفلسطينيين في مصر تدهورت خلال العقود الثلاثة الماضية إلى حد بعيد، بعد أن تأثرت، تأثراً شديداً، بالشأن السياسي، وكلما توترت العلاقة بين قيادة منظمة التحرير والحكم المصري، انعكس ذلك سلباً، على أوضاع الفلسطينيين في البلاد. وحتى حين كانت المياه تعود إلى مجاريها بين الطرفين، فإن ما كان يصدر من تشريعات جائرة إبان فترة التوتر، يظل سارياً، وخصوصاً منها القرار الرئاسي الذي صدر في تموز 1978، من رئيس الجمهورية أنور السادات، تحت رقم 47 و48 لسنة 1978، وفيه إلغاء القرارات التي كانت تعامل الفلسطينيين معاملة المصريين، كما حظرت وزارة القوى العاملة عمل اللاجئين الفلسطينيين في مصر في الأعمال التجارية، والاستيراد والتصدير، إلا لمن كان متزوجاً بمصرية، منذ أكثر من خمس سنوات.

وفي الجانب المتعلق بالعمل الوظيفي بشقيه الخاص والعام، يلحظ صعوبة كبيرة في الموافقات الضرورية التي تسهل سبل العمل للمواطن الفلسطيني من المقيمين في مصر منذ عام 1948، وقد بان الأمر في الفترة التالية التي أعقبت توقيع ماسمي في حينه اتفاقية «الكيلو متر 101» بين أنور السادات و«إسرائيل» عام 1975، حيث نستطيع القول: إنه ومن العام المذكور سادت ومازالت حالة من غياب التسهيلات الملموسة تجاه الفلسطينيين المقيمين في مصر منذ عام النكبة، حيث عادت أمورهم للوراء قياساً بالفترة الناصرية، ولم ترتق أحوالهم إلى المساواة القانونية في حقوق العمل للاجئ الفلسطيني المقيم في مصر منذ عام النكبة، وذلك خلافاً لقرارات الجامعة العربية التي دعت للمساواة بين اللاجئ الفلسطيني ومواطني بلد اللجوء الذي لجأ إليه عام 1948.

ومن جانب آخر، إن غياب وكالة الأونروا عن تقديم العون للاجئين الفلسطينيين في مصر فاقم من مأساتهم هناك، حيث لا يجد الفلسطينيّون اللاجئون في مصر المساعدة التي تقدمها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين UNRWA، ولا هم أيضاً يتلقون حماية من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.

ويذكر في هذا الصدد أن مصر وقعت على بروتوكول معاملة اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية معاملة المواطن في بلد اللجوء، وصدقت على قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم (462 تاريخ 23/9/1952) الذي سمح للفلسطينيين بحق العمل والاستخدام في الأقطار العربية، أسوة بمواطني هذه الأقطار، وتعزز الأمر من خلال إصدار الجهات الرسمية المصرية سلسلة من القوانين التي سمحت للفلسطينيين بممارسة المهن وفقاً للمقاييس والأنظمة السارية على المصريين أنفسهم، ومنها القانون المصري رقم 66 لسنة 1962 الذي «صدر في 10 آذار 1962» والقاضي بتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مصر في وظائف الدولة والمؤسسات العامة، وتبع القرار المشار إليه، قراراً لوزير العمل المصري في «10أيار 1963» أعفى بموجبة الفلسطيني من الحصول على ترخيص عمل. وكنتيجة لهذه التشريعات، اندفع الطلبة الفلسطينيون، للدراسة في الجامعات المصرية التي خرجت الآلاف منهم في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وغالباً بالنسبة لاختصاصات الطب والهندسة، وقد بلغ متوسط أعدادهم في الجامعات المصرية بين أعوام 1955- 1975 عشرين ألف طالب جامعي فلسطيني سنوياً في مختلف الجامعات المصرية، التي لم تعد تقتصر على أبناء قطاع غزة من الفلسطينيين أو من أبناء اللاجئين الفلسطينيين من المقيمين في مصر، بل التحقت بهم أعداد من الطلبة من أبناء فلسطين من الضفة الغربية ومن أبناء اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية، وبنسبة أقل من اللاجئين المقيمين في لبنان.

أخيراً، إن اللاجئين الفلسطينيين في مصر يأملون من العهد الجديد القادم في مصر معالجة قضاياهم المختلفة، ومنها مسألة وثيقة السفر الممنوحة لهم لإعادة الاعتبار إليها باعتبارها موازية لجواز السفر المصري، حتى لا يحتاج حاملها إلى تأشيرة دخول إلى مصر، وحتى لا يحظر على حاملها دخول صاحبها بلدان بعينها، وأن تعود الأمور في مصر إلى سابق عهدها قبل عام 1975، انطلاقاً من بروتوكول معاملة اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية معاملة المواطن في بلد اللجوء، والذي صدقت عليه مصر وعلى قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم «462 تاريخ 23/9/1952»، ومن ثم معامله أبناء فلسطين معاملة المصريين، في شتى مستويات التعليم، وأن تسقط القيود على تملك الفلسطينيين وعملهم، وهو ما يلقاه اللاجئون الفلسطينيون في سورية من معاملة كريمة كما هي حال المواطن السوري، منذ عام النكبة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165876

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165876 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010