الاثنين 28 شباط (فبراير) 2011

أوباما ينضم إلى “الليكود”

الاثنين 28 شباط (فبراير) 2011 par د. فايز رشيد

باستعمال الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار العربي بإدانة الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن الرئيس أوباما يعلن عن نفسه وكأنه أحد أعضاء حزب الليكود .لم يكتف رأس الإدارة الأمريكية بهذا الموقف، فقد استعمل سياسة العصا الغليظة والجزرة المسمومة في اتصاله الهاتفي مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إذ هدده بقطع المساعدات المالية السنوية المقدّمة إلى السلطة .

الموقف الأمريكي البشع، يكشف حقيقة وجه الإدارة الأمريكية وانحيازها الأعمى للكيان، وزيف دعواتها إلى احترام حقوق الإنسان وإرادات الشعوب، ويكشف ازدواجية معاييرها السياسية . الولايات المتحدة تقف عارية في علاقتها بالدولة الصهيونية .لقد كشف أوباما بموقفه الأخير، حقيقة القناع المزيف الذي ارتداه في بداية فترته الرئاسية، حين اعتبر وقف الاستيطان “الإسرائيلي” في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما فيها القدس، شرطاً ضرورياً لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين . كما يكشف حقيقة نواياه تجاه العالم العربي بكافة دوله من المحيط إلى الخليج، ويفنّد خطابه المزيف الذي ألقاه في القاهرة، حيث بدا وكأنه الحريص على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية والإسلامية .

قرار الإدارة الأمريكية الحالية، أتى في سياق تصورات الولايات المتحدة والإدارات الأمريكية السابقة كلها وبلا استثناء، في الانحياز للكيان وتبني كامل مواقفه في الصراع مع الفلسطينيين والعرب .القرار لم يكن مفاجئاً لكل من يعرف حقيقة المواقف الأمريكية تجاه القضية العربية الأولى، أتى مفاجئاً للذين يعتقدون أن من الممكن وقوف الولايات المتحدة وسيطاً نزيهاً، في ما يتعلق بالتسوية مع “الإسرائيليين”، هو أتى مفاجئاً للذين اعتقدوا بجدية إدارة أوباما في إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة للفلسطينيين، والذين وضع رئيس سلطتهم هدف إقامة هذه الدولة، ديناً في عنق الرئيس الأمريكي .

لقد راهن كثيرون في العالم العربي ومن بينهم فلسطينيون بالطبع، على موضوعية الرئيس أوباما، نود أن نسأل هؤلاء: أما زلتم تراهنون عليه؟ نوجه هذا السؤال أيضاً للسلطة الفلسطينية التي راهنت على المفاوضات، وفقط المفاوضات، خياراً استراتيجياً لنيل الحقوق الوطنية الفلسطينية . نسأل هذا السؤال أيضاً لكل من يرى من العرب، أن 99% من أوراق حل الصراع العربي - الصهيوني هي بين يدي الولايات المتحدة .

لقد دعمت 14 دولة من أعضاء مجلس الأمن ال15 مشروع القرار العربي، ووقفت الولايات المتحدة فقط ضده، وهذا يؤشر إلى عبثية المراهنة على صدور قرار يدين الاستيطان من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ذلك أن الكثير من الدول تتأثر بالموقف الأمريكي الذي يمارس ابتزازاً عليها، وهو رهان خاسر، ويشير أيضاً إلى أنه حتى لو صدر القرار فلن يعني شيئاً على صعيد التطبيق .

لكل ذلك وكما أثبتت التجارب، فإن الذي يجبر الطرفين “الإسرائيلي” والأمريكي على الانصياع للحقوق الوطنية الفلسطينية هو نهج جديد غير المفاوضات، بل نهج سارت فيه الثورة الفلسطينية سنوات طويلة وأثبت جدواه، كما اختطته المقاومة اللبنانية وأثبت جدواه، في إجبار الاحتلال الصهيوني على الخروج مدحوراً في عتمة الليل من أرض الجنوب اللبناني . المقاومة أثبتت فعاليتها أيضاً في اضطرار الولايات المتحدة إلى الاندحار من فيتنام، واضطرار السفير الأمريكي إلى التعلق بحبال طائرة هليوكبتر فوق مبنى السفارة الأمريكية في سايغون كي يهرب إلى بلده . المقاومة أثبتت جدواها في النتائج الباهرة التي حققتها كافة فصائل حركة التحرر الوطني على صعيد العالم أجمع، في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينة . لا نقول كلاماً خارج إطار الزمن والتاريخ، إنها اللغة التي يفهمها كل من يقوم باحتلال أراضي الغير ويصادر حريته .

آن الآوان للسلطة الفلسطينية أن تعيد حساباتها، وأهمية إجراء المراجعة الشاملة لمرحلة أوسلو وما تلاها من مفاوضات عبثية امتدّت عشرين عاماً، أو من خلال أهمية ترتيب البيت الفلسطيني من ضرورة إنهاء الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية على برنامج الثوابت الفلسطينية، والعودة إلى المقاومة ، وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية .وانتهاج سياسة جديدة بعيدة كل البعد عن إجراء مفاوضات مع العدو الصهيوني، وعن المراهنة على مواقف عادلة ووساطة نزيهة للولايات المتحدة .

أما آن الأوان للتلاحم العضوي بين الخاص الوطني والعام القومي؟وذلك بالتصدي العربي للغطرسة الصهيونية، انطلاقاً من الشعور بالخطر “الإسرائيلي” ليس على المشروع الوطني الفلسطيني، وإنما على المشروع الوطني القومي العربي برمته، وعلى الأمن القومي العربي . التصدي العربي أيضاً هو مسألة مطلوبة من خلال اتباع نهج سياسي واستراتيجي جديدين في التعامل مع العدو الصهيوني: بسحب ما يسمى ب”مبادرة السلام العربية” عن الطاولة وبإعطاء عوامل الصراع العربي مع “إسرائيل”، ما تقتضيه من استحقاقات .

الطعنة الأخيرة التي وجهتها الإدارة الأمريكية لا تطال السلطة الفلسطينية فحسب، بل تتعدى ذلك إلى الشعب الفلسطيني وإلى العالم العربي بأسره، أمة وأنظمة، فهل نتعظ ونكون في مستوى التحدي؟ سؤال برسم الأجابة عنه .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 62 / 2165501

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165501 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010