السبت 26 شباط (فبراير) 2011

استكمال مهام حركة التحرر العربية

السبت 26 شباط (فبراير) 2011 par علي جرادات

أثبتت وقائع التاريخ العربي وشواهده أن مصر ليست الدولة العربية المركزية فقط، بل، هي مفتاح الأمة العربية ومعيار عافيتها أيضاً . لذلك، ومع احتساب اختلاف السرعة والخصوصية وطبيعة العصر، فإنه لا غرابة في أن تنعكس ثورة مصر على بقية الأقطار العربية، كما انعكست الثورة الفرنسية في زمانها على بقية البلدان الأوروبية . بل، ولا غرابة في أن يضع الحدث المصري التاريخي، وقبله التونسي، المنطقة العربية في أتون مرحلة انتقالية صراعية بين قديم يتهاوى وجديد يتوالد . أصبح واضحاً أن المحصلة النهائية لهذه المرحلة، باتت أقرب إلى إرادة الشعوب، منها إلى إرادة النظام الرسمي السائد .

عليه . وبلا مجازفة، يمكن القول: إن انتفاضات الشعوب العربية إنما تصنع حدثاً تاريخياً، يستكمل ما انقطع من مهام الثورة الوطنية الديمقراطية . فبعد نصف قرنٍ ويزيد على موجة الاستقلال الوطني، بما تخللها من نجاحات وإنجازات، لم تثمر في التحليل الأخير عن بناء دولة قومية، مثلما لم تحمِ فلسطين، بل وتعرض العراق للاحتلال المدمر، ووصل المشروع القطري إلى طريق مسدود في عدم قدرته على بناء دولة وطنية ديمقراطية ذات سيادة ومستقلة اقتصادياً .

وطبيعي أن يكون الشعب العربي الفلسطيني، (فاعلاً ومنفعلاً)، جزءاً صميمياً في الحدث التاريخي العربي الجاري، تقدم ذلك أم تأخر، باعتبار أن القضية الفلسطينية نواة مضمرة للتحرك العربي، دوماً، وفي كل الاتجاهات . فخصوصية الحالة الفلسطينية هنا قاعدة وليست استثناء، ذلك أن إحدى الوظائف الأساسية لكبح التغيير في الحالة العربية، واستمرار تبعيتها للمشروع الغربي بقيادة أمريكية، هي ضمان تفوق الكيان الصهيوني . بدليل ما يسود هذا الكيان وقادته من قلق وهلع، جراء ما تشهده الحالة العربية من حدث تاريخي، خاصة في مصر . واليوم، تقف الحالة الفلسطينية المثقلة بصلف الكيان الصهيوني وجرائمه خارجياً، وبتشوهات انقسامها الداخلي المدمر داخلياً، على عتبة انفجار انتفاضي شعبي . أظنه بات وشيكاً، خاصة مع ما تشهده الحالة العربية ومفتاحها المصري من انعطافة تاريخية، ما بعدها غير ما قبلها .

هنا يثور سؤال ما العمل حالياً في وجه كافة النخب القيادية الفلسطينية، وبخاصة في وجه قطبي الانقسام الداخلي، قيادتي “فتح” و”حماس”، اللتين ترتكبان خطيئة “التعاسة السياسية”، أعني “عدم استجابة الذهن إلى تحولات الواقع”، إن هما، قرأتا الحدث العربي التاريخي الجاري، قراءة ذاتية، عبر تمني كل واحدة منهما، أن تؤول المرحلة الانتقالية لهذا الحدث، وخاصة في شقه المصري، إلى تعزيز رؤيتها . فيما بات واضحاً ضمان أن تؤول هذه المرحلة الانتقالية إلى ولادة سلطات سياسية منتخبة من الشعوب، ومعبرة عن إرادتها في انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة . ولا أعتقد أن الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات أقل حاجة أو توقاً إلى هذا الخيار الديمقراطي، للحسم بصوته، وبما يعبر عن إرادته، في مسألتين متداخلتين:

الأولى: كيفية إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني، خاصة بعد وصول خيار التفاوض العبثي المدمر معه، إلى طريق مسدود، حتى بشهادة من اختط هذا الخيار، وقاده على مدار عقدين من الزمان .

الثانية: كيفية البت في شأن الانقسام الداخلي، بإعادته إلى إرادة الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، بعد ثبوت غياب إرادة قطبي هذا الانقسام عن إنهائه . رغم تعارض ذلك مع المصالح العليا للشعب الفلسطيني، الذي يريد الخلاص من هذا الانقسام المدمر فوراً وحالاً .

عليه، فإن على القيادات الفلسطينية، وخاصة قيادتي “فتح” و”حماس”، المبادرة دون تردد، إلى إجراء انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة لمجلس وطني جديد، في الوطن، وحيثما أمكن في الشتات، كمدخل لإعادة بناء وتوحيد وتجديد منظمة التحرير الفلسطينية . وإناطة البت في باقي ملفات الشأن الفلسطيني خارجياً وداخلياً، بهذا المجلس المنتخب . بما في ذلك ملف عضوية هذا المجلس في الأماكن التي يتعذر فيها إجراء الانتخابات . فمنظمة التحرير ميثاقاً وبرنامجاً وأدوات، كانت انعكاساً جدلياً لنهضة الحاضن القومي، ومفتاحه المصري بخاصة . وعلى القيادات الفلسطينية أن تستجيب لما يشهده هذا الحاضن من نهوض، لإعادة بناء المنظمة وتوحيدها وتجديدها وتثويرها . بعيداً عن سلطة أوسلو الوهمية وبرامجها وانتخاباتها وانقساماتها، التي جاءت ولادة ومآلاً ونتائج كارثية، انعكاساً جدلياً لمرحلة من انكسار في مشروع حركة التحرر العربية الوطني الديمقراطي . تأتي الانتفاضات الشعبية العربية الجارية لاستكمال ما انقطع من مهامها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165470

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165470 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010