السبت 26 شباط (فبراير) 2011

المطلب الأهم وقف المذبحة

السبت 26 شباط (فبراير) 2011 par د. عصام نعمان

أعلن معمر القذافي أنه سيقاتل الى آخر قطرة دم لسحق المحتجين المطالبين بإسقاط نظامه، وأنه سيطهر ليبيا بيتاً بيتاً وشبراً شبراً من الجرذان والمجانين ومتعاطي المخدرات .

ما من أحد يشك في جدية التهديد العلني السافر الذي اطلقه “قائد الجماهيرية” . فللرجل سجل حافل بسوابق لم يرتكبها قائد من طرازه في زمانه .

ثمة كوارث عدة ستنشأ عن تنفيذ التهديد غير المسبوق . غير أن أعظمها خطورة وتكلفة وذيولاً هي المذبحة الهائلة التي ستنجم عن ذلك . فالرجل الذي تعهد بالقتال الى آخر قطرة دم يعني ما يقول، لأن ليس لديه مكان آخر في العالم غير قلعة “باب العزيزية” في طرابلس ليلجأ إليه أو يحتمي به أو يتقاعد فيه . وإلى ان ينهي الثوار نظامه، قد تُسفك من الدماء مقادير تجعل من المذبحة المرتقبة الأكبر والأخطر والأكثر دموية في وطننا العربي .

هذا الخطر الرهيب الماثل يجب أن يحمل القوى الحية وذوي النيات الطيبة في الأمة وأنصار حقوق الإنسان في العالم على إعلاء المطلب الأهم في هذه الآونة العصيبة: وقف المذبحة بالسرعة القصوى .

الى المسوِّغ الإنساني الأول والغالب، ثمة أسباب ودوافع ومصالح تدعم الداعين إلى تقديم مطلب وقف المذبحة على غيره، أبرزها ثلاثة كان أوردها مراقبون وخبراء اقتصاديون في لندن:

- انعكاس الأزمة سلباً على أسواق المال الدولية على نحوٍ حقق معه الدولار الامريكي والين الياباني مكاسب مقابل العملات الرئيسة، وتراجع اليوان الصيني نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام .

- البطالة التي ستضرب نحو 2،2 مليون عربي، بينهم 1،5 مليون مصري يعملون في ليبيا ويضخون في اقتصادات بلدانهم نحو 2 مليار (بليون) دولار سنوياً، هذه البطالة التي قد تطول حتى عودة الاستقرار .

- خطر انقطاع صادرات النفط والغاز الليبية إلى الخارج لاسيما إلى أوروبا وأمريكا . ومع أن منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) تستطيع تعويض صادرات النفط الليبية، إلاّ أنه لا يمكن تعويض انقطاع صادرات الغاز بسهولة بسبب القلق من انتقال الاضطرابات إلى الجزائر، أقرب مصادر الغاز إلى أوروبا، ولأن صادرات الغاز من إيران الى تركيا وغيرها غير مستقرة بسبب العقوبات الدولية وامكانات الاضطرابات أيضاً .

حسناً فعل مجلس مندوبي دول الجامعة العربية بتعليق عضوية ليبيا فيها ودعوته الى تشكيل لجنة عربية مستقلة لتقصي حقائق الاحداث الجارية في الجماهيرية المنكوبة . كذلك أحسن مجلس الأمن في جلسته الطارئة الأولى بالتنديد باستخدام القوة ودعوته إلى محاسبة المسؤولين عن الهجمات على المدنيين، ومطالبتهم بالوقف الفوري للعنف . غير أن هذه المواقف العربية والدولية “الناعمة” لا تكفي لثني نظام القذافي عن استخدام العنف لسحق “المتمردين” .

لعل المدخل الأفضل والأفعل إلى معالجة الأزمة وقطع الطريق على المذبحة الشديدة الاحتمال هو في صدور قرار عن مجلس الأمن يقضي باعتبار الأحداث والحوادث التي تجري في ليبيا مهددة للأمن والسلام الدوليين ما يخوّل مجلس الأمن من جهة، ومن جهة أخرى الدول المجاورة لليبيا، وهي دول عربية وإسلامية في معظمها، اتخاذ التدابير اللازمة لوقف استخدام العنف واراقة الدماء وحماية المرافق العامة وتمكين الدول صاحبة المصلحة من تجميع أفراد جالياتها من العاملين في ليبيا ونقلهم إلى خارجها .

في هذا الإطار، ومن أجل تسريع عملية تطويق الأزمة وتفادي المذبحة، يقتضي استصدار قرار من مجلس الأمن بتأليف قوة طوارىء دولية، برية وجوية وبحرية، تمّولها الأمم المتحدة، من دول مصر وتونس والجزائر وسوريا وتركيا للاضطلاع بالمهام الآتية:

- فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا لمنع نظام القذافي من استخدام قوته الجوية ضد المتظاهرين والمحتجين الليبيين والمدن والأماكن والمرافق التي يلوذون بها أو يسيطرون عليها .

- تأمين خطوط نقل وانتقال برية وبحرية وجوية على طول السواحل الليبية من جهة الشرق (مصر) وصولاً الى بنغازي وجوارها، ومن جهة الغرب (تونس) وصولاً الى طرابلس العاصمة وجوارها وذلك لتأمين نقل الأشخاص والأغذية والأدوية والوقود إلى شتى مناطق البلاد .

- حماية المدن والمناطق الخارجة عن سيطرة نظام القذافي وذلك لمنع قوات النظام من مهاجمتها أو التنكيل بمجتمعاتها الأهلية .

- تأمين مرافق انتاج النفط والغاز وانتظام عمليات التصدير إلى الخارج .

- اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع التصرف بالموجودات الخارجية الليبية البالغة قيمتها نحو 80 مليار (بليون) دولار التي تديرها المؤسسة الليبية للاستثمار أو أبناء العقيد القذافي .

تنظيم تواصل سياسي وإداري بين ممثلي القوى الشعبية الثائرة على نظام القذافي لتأمين استعادة وحدة البلاد وضمان تحقيق الاهداف الآتية: توطيد الأمن والاستقرار ووضع الأسس اللازمة لمحاسبة المسؤولين عن الأعمال الإجرامية والسرقات والفساد، وإقامة حكومة ديمقراطية لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، وإقامة جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد يكون أساساً لإعادة بناء الدولة ولإجراء انتخابات في خلال فترة انتقالية أقصاها ستة أشهر .

لقد اضحت ثورة شعب ليبيا قضية إنسانية اضافة إلى كونها قضية عربية بامتياز . من هنا تنبع ضرورة مبادرة الدول العربية، لاسيما المجاورة منها، إلى الاضطلاع بدور رئيس في عملية إخراج ليبيا من أزمتها ومحنتها ووضعها على سكة الأمن والسلام والدولة المدنية الديمقراطية وحكم القانون والعدالة والتنمية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 57 / 2165937

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165937 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010