الثلاثاء 15 شباط (فبراير) 2011

مصر والجمهورية الثانية

الثلاثاء 15 شباط (فبراير) 2011 par سمير سعيد

بدأت مصر عهد الجمهورية الثانية التي سيتم تأسيسها بناءً على مطالب ثورة شباب مصر، ومعهم القطاعات الشعبية والسياسية كافة التي رسمت معالم أول ثورة شعبية خالصة تغير نظام الحكم في مصر منذ عهد محمد علي باشا .

ومع انتصار ثورة 25 يناير المصرية تبدأ المرحلة التالية، وهي الأهم والأخطر، حيث سترسم معالم الطريق الذي ستسير عليه الدولة المصرية . وما هو مطلوب الآن في الجمهورية الثانية هو الشروع في صياغة معالم النظام الجديد على أسس مدنية ديمقراطية بعيدة عن العسكرة، بصياغة دستور جديد يتناسب مع مكانة مصر ودورها، بعد حل مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية كافة، ورد حق التصويت للمصريين بالخارج، والعمل على إقامة نظام برلماني بدلاً من النظام الرئاسي بكل مساوئه التي أدت، على مدى عقود، إلى وصول الأوضاع من التأزم حتى انفجار الثورة، وذلك بالحد من الصلاحيات المطلقة لمؤسسة الرئاسة لمصلحة البرلمان .

كما ينبغي الفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، واستقلال المؤسسات الرقابية مع منحها بعض الصلاحيات، وأولى هذه المؤسسات هي الجهاز المركزي للمحاسبة الذي كشف على مدار السنوات الماضية العديد من قضايا الفساد المالي والإداري التي أهدرت فيها أموال الشعب، إلا أن تقارير هذا الجهاز رغم خطورتها كانت تتحول إلى ملفات أرشيفية، بعد ضجيج برلماني وإعلامي، وذلك لافتقاد الجهاز لأي صلاحيات أو سلطات، ليتحول إلى متنفس ليس إلا، يتم الترويج من خلاله على أن هناك رقابة في مصر على أداء الحكومة، بينما تغلق ملفاته باتصال هاتفي .

لقد آن الأوان للتحقيق في تقارير هذا الجهاز التي قدمها على مدى السنوات الماضية، وتفعيل الجهات الرقابية كافة لتكون عين الشعب على ثرواته ومقدراته، إلى جانب إلغاء المحاكم العسكرية التي أقيمت لاغتيال المعارضين سياسياً، وعودة الهيبة للمؤسسة القضائية المصرية، من خلال جعل أحكامها واجبة النفاد، بعد أن دأب النظام السابق على الضرب بأحكامها عرض الحائط .

والمطلوب من العهد الجديد إلغاء قانون الطوارئ، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتطهيرها من العناصر التي أساءت استخدام سلطاتها ضد الشعب، وإقامة جهاز أمني بديل ل”جهاز أمن الدولة” بعد حله، إذ يعد ذلك الجهاز امتداداً ل”القلم السياسي” الذي تأسس في عهد الاحتلال، وكان أحد الأسباب الرئيسة في تأزم الأمور في البلاد، بعد أن تحول إلى الآمر الناهي في كل صغيرة وكبيرة بسلطات مطلقة من دون رقابة أو محاسبة .

والمطلوب من العهد الجديد أيضاً فصل المؤسسة الدينية عن سلطة الدولة، وذلك باستعادة هذه المؤسسة استقلاليتها التي فقدتها منذ عهد محمد علي، ثم مع قانون الأزهر الجديد قبل خمسة عقود، على أن يكون منصب شيخ الأزهر بالانتخاب وليس بالتعيين، حتى يستعيد الأزهر دوره التنويري على مستوى العالمين العربي والإسلامي، وليخرج كفاءات قادرة على صد موجات التطرف التي ظهرت ونمت في المنطقة بفعل الاستبداد السياسي .

كل ما سبق مجرد عناوين رئيسة لما تحتاج إليه مصر لتستعيد دورها ومكانتها، وهو الآن ممكن إذا ما تم استثمار الظرف التاريخي الحالي الذي تعيشه البلاد، فالثورات لا تحدث كل يوم، وما دامت فرص التغيير متاحة فلابد من اغتنامها بالكامل .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165451

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165451 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010